إعتبر وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى أن “التواصل الموسيقي الثقافي بين الشرق والغرب، كان أفضل لشعوبهما من نوع آخر نشاز متمثل في زرع كيان عسكري احتلالي في قلب بلادنا هو إسرائيل”.
وقال: “شتان ما بين تبادل ثقافي بناء وغزو ممنهج للأرض، مزور للتاريخ، قاتل للحياة. لكننا متأكدون بأن الحق سينتصر والباطل سيزهق (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)، وستعود فلسطين لأهلها في زمن نرجوه قريبا بإذن الله”.
كلام الوزير المرتضى جاء في خلال رعايته أمس للأمسية الموسيقية التي أحيتها الأوركسترا الوطنية الايرانية بقيادة المايسترو بردياكيارس على مسرح قصر الأونيسكو، في حضور وزير الثقافة والارشاد الايراني الدكتور محمد مهدي اسماعيلي، السفير الايراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا، وعدد من الوزراء والنواب وشخصيات ديبلوماسية، سياسية، ثقافية دينية وممثلي السفارات الأجنبية والمراكز والمؤسسات الثقافية من سائر الأطياف.
استهل الحفل بالنشيدين اللبناني والايراني بصوت التينور غبريال عبد النور.
ثم كلمة عريف الحفل الاعلامي روني ألفا الذي قال: “سلام من جمهورية الستمئة كنيسة إلى جمهورية الثلثمئة مسجد وجامع ومرقد ومزار، سلام من جمهورية باسم الله الرحمن الرحيم، إلى جمهورية أبانا الذي في السماوات وسلام من ضريح الإمام في جنة الزهراء إلى ضريح القديس في عنايا. سلام من الفردوسي والشيرازي والنيشابوري إلى إيليا ابو ماضي، خليل مطران، جبران خليل جبران، جورج جرداق، عمر الأنسي، إلياس أبو شبكة وناصيف اليازجي”.
وقال ألفا: “ليس من قبيل صدفة استضافة “التعددية الثقافية بين المواطنة والإنتماء” في صرح كاثوليكي في لبنان ضمن “أيام الفجر الثقافية”، التعددية الثقافية، المنظومة المشتركة بين الإسلام والمسيحية التي دأبت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية بهمة المستشار عباس خامه يار على المناداة بها قلبا وقالبا، يواكبها معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الذي أعاد إحياء قصر الأونيسكو مركزا لحوار الثقافات والحضارات له جزيل الشكر والعرفان. شكرا على استعادة هذا القصر من ساكنيه بني رتابة وسبات. من صيانة القلاع إلى صيانة اللغة العربية إلى رفعة نقابة الممثلين إلى حماية المواقع الأثرية إلى احتضان الفرنكوفونية والفنون التشكيلية إلى تعزيز المكتبة الوطنية. أردد معكم عاشت الثقافة وعاش لبنان”.
المرتضى
وتطرق الوزير المرتضى في بداية كلمته الى “أهمية الموسيقى في تعزيز صفاءالنفوس”، وقال: “على وقع قرقعة السلاح في العالم، انفجارا لحروب من هنا وتهديدا بها من هناك، يكون من الضروري للشعوب أن تلجأ إلى فسحات سكينة تخلو فيها إلى حقيقتها الإنسانية الشفافة، مستعيدة مغزى إرادة الله في خلقه: أن يتعارفوا بعضهم ببعض، وأن يعرفوا الجمال الذي فيهم وحولهم، لكي يعمروا الكون بقيم الخير والمحبة والسلام. تندرج هذه الأمسية تحت العنوان الذي ذكرت. إنها واحة نأوي إليها من هجير الصخب الذي يستحوذ على حياتنا، كي ننصت إلى ما يهذب النفوس قبل أن يشنف المسامع. فإن الموسيقى قد تكون من بين الفنون الجميلة أوسعهن مدخلا لراحة وبابا لصفاء. إنها، كما يقال، لغة عالمية موحدة وموحدة، يفهمها أهل الأرض جميعا وفيها يلتقون”.
أضاف: “إن الموسيقى هي في الوقت نفسه تعبير حضاري عن الخصوصية التي تتميز بها أمة عن أخرى وشعب عن سواه. وفي هذا الخصوص يرى بعضهم ممن يتشبثون بنقاء التراث أن الفن الأوركسترالي نتاج غربي دخيل على موسيقانا الشرقية التي لم تعرفه في الأصل، وأننا نخوض فيها تأثرا بمخرجات الثقافة الغربية السائدة اليوم على غيرها من الثقافات. هذا نصف الحقيقة، أما نصفها الثاني فهو أن المحافظة على التراث كما هو، دون أي إضافة أو تطوير يؤدي إلى الجمود فالانطفاء. وأصحاب المواهب الأصيلون هم الذين يعرفون كيف يجددون في فنونهم الجميلة على أساس ذلك التراث الذي اتصل بهم. علما أن التأثير الموسيقي بين الشرق والغرب كان متبادلا ومتكافئا، لدرجة أن كثيرا من المؤلفين الموسيقيين الغربيين اتجهوا نحو الألحان الشرقية كمصدر لإثراء موسيقاهم، في ما يمكن أن نسميه حركة استشراق موسيقية”.
واستطرد وزير الثقافة: “أما في لبنان فقد بدأت حركة التواصل الموسيقي بين الشرق والغرب مع وديع صبرا ملحن النشيد الوطني اللبناني، واستمرت عبر أسماء لامعة مثل أنيس فليحان وبوغوص جلاليان وعبد الغني شعبان ووليد غلمية والأب يوسف خوري وتوفيق الباشا وصولا إلى الرحابنة وفيروز صاحبة الصوت الأثيري، من غير أن ننسى دور الكونسرفاتوار الوطني في تحديث الموسيقا اللبنانية وفي تثبيت هويتها الإبداعية الخاصة”.
وختم: “كان من الضروري أن أضيء على هذه المسألة، للقول إن هذا التواصل الموسيقي الثقافي بين الشرق والغرب، كان أفضل لشعوبهما من نوع آخر نشاز متمثل في زرع كيان عسكري احتلالي في قلب بلادنا هو إسرائيل. فشتان ما بين تبادل ثقافي بناء وغزو ممنهج للأرض، مزور للتاريخ، قاتل للحياة. لكننا متأكدون بأن الحق سينتصر والباطل سيزهق (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)، وستعود فلسطين لأهلها في زمن نرجوه قريبا بإذن الله.
أرحب بمعالي الوزير وبالأوركسترا الوطنية الإيرانية وأدعو إلى توطيد العلاقات الثقافية بين بلدينا على الصعد كافة، وأتمنى للجميع أمسية راقية”.
وقدمت الفرقة الموسيقية مقطوعات إيرانية بقيادة المايسترو برديا كيارس الذي أبدع مرة أخرى في قاعة الأونيسكو في الحفل الثاني للفرقة ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي، ليعتلي المايسترو اللبناني أندريه الحاج بعد ذلك المسرح، ويقود الفرقة في عزفها مقطوعة “بيروت ألمك هو ألمي” والتي كانت خطوة بادرت إليها إيران إعرابا عن تعاطفها مع الشعب اللبناني إثر انفجار مرفأ بيروت.
هكذا تبادل القائدان الأدوار، ليقدما جوهرة فنية أنزلت على قلب بيروت السكينة والفرح معا.