كتبت صحيفة “النهار” يقول: إذا كان الحدث اللافت الذي برز أمس تمثل في انجاز أمنى كبير عبر كشف قوى الامن الداخلي وضبط خلية إرهابية داعشية بما جنب لبنان التعرض مجددا لعمليات إرهابية انغماسية دامية، فان هذا الإنجاز بدلالاته وانعكاساته البالغة الأهمية على صورة قوى امنية وعسكرية لا تزال تعاكس صورة السياسيين ومؤسسات الدولة السياسية، لم يحجب أيضا معالم تطورات سياسية وانتخابية على جانب من الأهمية والخطورة. ذلك ان الموقف الذي اتخذه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في مواجهة الاندفاعات الأخيرة لـ”حزب الله ” لتخوين خصومه واشعال التوترات ذات العصبيات المهددة بفتن سياسية على الأقل، جاء ليثبت ان قوى عدة كانت تندرج ضمن تحالف 14 آذار سابقا عادت إلى خط المواجهة الحتمية مع الحزب الذي شاء اشعال الاحتدام السياسي والإعلامي على خلفية وسيلة مستهلكة ودائمة يتوسل عبرها سلاح التخوين. وبعدما انبرى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى الردود المتواصلة على الحزب، اتسم الموقف الذي أعلنه أمس الزعيم الجنبلاطي بأهمية مفصلية جديدة اذ بدا رفعاً لوتيرة المواجهة ولو ان جنبلاط شدد على اتباع السلوكيات السلمية ولكن الحازمة. جاء وصف جنبلاط لمشروع “المقاومة وحلفائها” بانه “الغائي” بما يعكس انطلاق المواجهة الانتخابية من بابها السياسي والسيادي العريض، علما ان كلام جنبلاط تزامن أيضا مع مطالعة سياسية مسهبة للرئيس #فؤاد السنيورة أمس في شرح موقفه من الانتخابات ودعوته السنّة خصوصا إلى عدم مقاطعته وذلك على أساس مواجهة نفوذ إيران وسطوة “حزب الله” في لبنان. بذلك تكون معالم المعركة الانتخابية بدأت تستعيد اقله من ناحية قوى تستعد لتحالفات قديمة – حديثة مثل الاشتراكي و”القوات” طابع المواجهة السيادية مع مشروع “محور الممانعة”.
ولعلّ المهم في دلالات كلام جنبلاط انه ساقه امام هيئة المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، اذ قال عن استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة “انها انتخابات سنحافظ فيها على التنوّع وعلى وحدة الصف، لكن أيضا في هذه الانتخابات هناك ملامح لإلغاء الدور الوطني والعربي الذي قامت به المختارة ورفاق الصف في اللقاء الديموقراطي. وهذا الامر سنواجهه بهدوء وحزم، ونعلم ان مشروع “المقاومة” وحلفائها هو إلغائي في الأساس ومصادَر لا يعترف بأحد ولا بالتراث ولا بالتاريخ ولا بالتضحيات، وهذا ما نشهده في كل اليوم. لكننا سنختار الطرق السلمية ولا مجال لنا الا الطرق السلمية والسياسية للمواجهة بدعمكم، وسنحترم كما سبق وذكرت التنوع”.
ومعلوم ان الحزب التقدمي الاشتراكي كان مهد لهذا الموقف ببيان أصدره اول من أمس ولفت فيه إلى “حملة مبرمجة يتعرض لها الحزب وتستهدف علاقتنا بالعمق العربي وانتمائنا إلى الخط السيادي والجمهور الوطني” معتبرا ان “خط كمال جنبلاط أزعج دائما ولا يزال يزعج أعداء السيادة والإصلاح”.
موقف السنيورة
اما الموقف الذي اعلنه الرئيس فؤاد السنيورة في مؤتمر صحافي امس فاتخذ بعدين واضحين: الأول ان السنيورة تمايز في تأكيد انخراطه في المناخ الانتخابي عن موقف الرئيس سعد الحريري وتيار “المستقبل” ولو انه حرص بقوة على تبرير موقف الحريري بتعليق العمل السياسي والانتخابي. والثاني إبرازه بقوة مماثلة لما يعتبره سلبيات مقاطعة السنّة للانتخابات وذهابه إلى اعلان درسه لترشحه شخصياً.
وهو دعا “اللبنانيين والمسلمين خصوصا أهل السنة والجماعة، إلى المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ترشيحا واقتراعا وإلى عدم المقاطعة او الاستنكاف لعدم اخلاء الساحة للنفوذ الايراني وللطارئين”. واعلن انه لا يزال يدرس موضوع ترشحه للنيابة. ورأى “أننا نواجه أزمة وطنية ولا نواجه أزمة طائفية أو مذهبية، وهي ليست أزمة فريق أو حزب، بل هي أزمة يتعرض لها لبنان، فالدولة اللبنانية أصبحت مرتهنة ولم تعد صاحبة القرار والنفوذ”، مضيفا “النفوذ الايراني يحول دون استعادة الدولة سلطتها وسيادتها ويمنع بناءها عبر اذرعه”، وقال انه “كان في مقدم المرجعيات اللبنانية التي عبرت عن مدى تفشي هذه الأزمة وتعمقها، الرئيس سعد الحريري الذي أشار إلى النفوذ الإيراني في الكلمة التي علق فيها عمله وعمل تياره السياسي، استنادا واستخلاصا للدروس المستفادة من تجربته الوطنية والسياسية في قيادة “تيار المستقبل” وحركة 14 آذار، وفي رئاسة الحكومة وفي المجلس النيابي، لكونه اصطدم بهذا النفوذ الإيراني المتعاظم الذي أصبح يحول ويمنع استعادة الدولة اللبنانية لدورها ولسلطتها في لبنان”.
ولكن اللافت انه عقب مؤتمر السنيورة، سارع أمين عام “تيار المستقبل” أحمد الحريري إلى التعليق عبر “تويتر” كاتبا: “موقفك وحده يمثلني”. وأرفقك تغريدته بصورة للرئيس سعد الحريري.
كشف الشبكة الداعشية
وسط هذه الأجواء جاء انجاز كشف الخلية الداعشية ليخترق المناخات السياسية ويسجل نقطة مضيئة إضافية لقوى الامن الداخلي بعد اكتشافها قبل فترة شبكة تعامل مع إسرائيل، الامر الذي جعل كثيرين يستغربون مجددا كيف يمكن ان تترافق هذه الإنجازات مع اقدام القاضية غادة عون على طلب مثول اللواء عماد عثمان امام قاضي التحقيق. وقد اعلن وزير الداخلية بسام مولوي في مؤتمر صحافي ان شعبة المعلومات في قوى الامن تمكنت من القاء القبض على جماعة ارهابية تكفيرية من جنسية فلسطينية تجند شباناً في لبنان لتنفيذ عمليات تفجيرية كبيرة بأحزمة ناسفة ومتفجرات تحتوي على قذائف صاروخية كانت لتوقع العديد من الضحايا. وهنأ مولوي قوى الأمن على الإنجاز الكبير والعمل الإستباقي النوعي لإحباط مخططات الشبكات التكفيرية كما توجه بالتهنئة إلى عميد شعبة المعلومات والمدير العام اللواء عماد عثمان، واعتبر ان “قوى الامن الداخلي هم أبطال هذه العملية، فجهودهم وانجازاتهم جنّبت لبنان واللبنانيين جرائم عمليات انغماسية كانت ستستهدف 3 مواقع لتجمعات مدنية”. كما شدد على “اهمية هذه القوى لأنها تؤمن الأمن للبنانيين”. إلى ذلك عرضت مديرية قوى الأمن عبر موقعها على “تويتر” خريطة تظهر الأماكن التي كانت تخطط الشبكة التكفيرية الإرهابية لتنفيذ عمليات انغماسية متزامنة فيها وهي: مجمع الكاظم حي ماضي – مجمع الليلكي – حسينية الناصر – الأوزاعي، إضافة إلى الأحزمة الناسفة والمتفجرات والأسلحة التي تم ضبطها مع الشبكة التكفيرية.
وقد وجه مجلس الوزراء بعد جلسته في السرايا “تنويها وتقديرا لقوى الامن الداخلي على الإنجاز الذي قامت به شعبة المعلومات ” كما نوه رئيس مجلس النواب نبيه بري ب”الإنجاز الذي حققته شعبة المعلومات في #قوى الأمن الداخلي بكشفها المزيد من الشبكات الإرهابية التي كانت تخطط لضرب وإستهداف الأمن والسلم الاهلي”. وكتب الرئيس ميشال سليمان في تغريدة “بعد تفكيك شبكات التجسس، قوى الامن الداخلي تحبط عمليات ارهابية خطيرة، الف تحية لشعبة المعلومات”.
كماغرّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قائلا “يُسجّل لقوى الأمن الداخلي نجاحها في كشف شبكة تكفيرية ارهابية كانت بصدد القيام بأعمال إجرامية في لبنان، على الرغم من الظروف المعيشية الصعبة التي يمرّ بها ضبّاطها وعناصرها. المطلوب في هذه المرحلة، عدم زجّ مؤسسة قوى الأمن الداخلي في الصراعات السياسية الشخصية بين المسؤولين فيما بينهم والذين من واجبهم الأول الحفاظ على مؤسسات الدولة وعدم تحويلها ملعباً يتقاذفون فيه كرات مصالحهم”.
حذف الرسالة!
في الموازاة، انشغلت الساحة الداخلية بملف ترسيم الحدود، اذ افادت معلومات أنه تم حذف الرسالة التي ارسلها لبنان بتاريخ ٢٨-١-٢٠٢٢ إلى الامم المتحدة التي تجعل المنطقة بين الخط ٢٣ والخط ٢٩ منطقة متنازع عليها وذلك عن الموقع الرسمي لقسم شؤون المحيطات وقانون البحار في الأمم المتحدة، وتمنت مصادر معنية ان يكون هناك خطأ فني يقضي باعادة نشرها خلال ساعات، وإلا من هو الذي اتخذ هذا القرار بازالة وثيقة رسمية لبنانية تحافظ على حقوق الشعب اللبناني في ثروته التي تقدر بمليارات الدولارات بين الخط ٢٣ والخط ٢٩؟
ولكن وزارة الخارجية نفت ليلا حذف الرسالة وأكدت ان الرسالة شكلت ردا ملائما على المزاعم الإسرائيلية ودفاعا عن حقوق لبنان في حدوده البحرية وثروته النفطية.