كتبت صحيفة “النهار” تقول: لعل التحرك الاحتجاجي الذي نفذه أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت مساء امس وأقفلوا من خلاله الحركة عند مستديرة العدلية في بيروت، اكتسب دلالتين رمزيتين بارزتين، أولاهما انه شكل تذكيراً بالشلل والحصار المتعمدين اللذين فرضتهما تسوية تعويم الحكومة على التحقيق وعلى المحقق العدلي في ملف الانفجار القاضي طارق البيطار، وثانيتهما ان التحرك تزامن مع محاولة متقدمة من داخل الحكومة لاعادة العبث بقانون المحاكمات الجزائية بما يمعن في اضعاف موقع قضائي أساسي هو موقع النائب العام التمييزي. وفي كل الأحوال فان الافاق الحكومية بدت ماضية نحو تلبد عشية جلستين لمجلس الوزراء الأولى ستعقد اليوم في السرايا وتتضمن جدول اعمال مثقلا بعشرات البنود المتنوعة فيما ستعقد الجلسة الأخرى الخميس في قصر بعبدا لانجاز إقرار مشروع الموازنة.
كما ان الأجواء الخارجية المتصلة بلبنان بدأت تكتسب دلالات بارزة لجهة تكثيف “الحضور” اللبناني في تحركات دولية وإقليمية. وعشية وصول الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين الى بيروت اليوم وتعليقاً على الضجة التي أحدثتها الرسالة التي ارسلها لبنان الى مجلس الامن رداً على الرسالة الاسرائيلية التي تعترض على دورة التراخيص اللبنانية في المنطقة الاقتصادية التابعة للبنان، قالت مصادر ديبلوماسية لبنانية لـ”النهار” ان “الرسالة كانت منسقة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي وان الاعلان عنها لا علاقة له بزيارة هوكشتاين وليس لها ارتباط بأي ملفات اخرى. وكل ما في الامر انها جاءت رداً على رسائل اسرائيلية سابقة. وقد لا يتطرق هوكشتاين الى مضمون هذه الرسالة في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين. وأتت في اطار الردود بين لبنان واسرائيل لا اكثر ولا اقل”.
وفي المقابل بدا بارزا ان يحضر الملف اللبناني بين الديبلوماسيتين الأميركية والسعودية. وقد أفادت السفارة الأميركية في بيروت ان القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى يائيل لامبرت التقت امس وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير لمناقشة القضايا الإقليمية، بما في ذلك لبنان، والتعاون لتعزيز الجهود المتعددة الأطراف من أجل حل دبلوماسي سلمي للصراع في اليمن.
كما ان السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا شددت امس على انه انه “يتعين اجراء الانتخابات البرلمانية في لبنان في موعدها في أيار”. وقالت شيا لوكالة رويترز”هناك اجماع في المجتمع الدولي على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها بصورة تتسم بالنزاهة والشفافية”. وقالت “لا مجال للمراوغة”.
اما في المشهد الداخلي فان التعقيدات التي تراكمت في الأيام الأخيرة حول مجموعة مسائل تتصل بالموازنة وبخطة التعافي الاقتصادي بدأت ترسم شكوكا متسعة حول امكان انجاز الموازنة هذا الأسبوع خصوصا مع تصاعد معالم تباينات داخل السلطة حول فصل الموازنة عن ملف الكهرباء. ثم ان الأجواء المتوترة والمربكة زادت ارتباكا مع اعلان جمعية المصارف مساء امس رفضها المطلق لخطة الحكومة لمعالجة الازمة المالية المطروحة على التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
البند 16 لا يمر
اما في ما خَص البند ١٦ المدرج على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم فمعلوم انه يلحظ اقتراح قانون يرمي الى إلغاء القانون رقم ٣٥٩ تاريخ ١٦/٨/٢٠٠١ المتعلق بتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية وإعادة العمل بقانون أصول المحاكمات الجزائية كما وُضع بالقانون رقم ٣٢٨ تاريخ ٢/٨/٢٠٠١، في ما يتعلق بصلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز. ووسط الظروف الملتبسة التي أثيرت حول هذا البند الذي عزي الى المحاولات المتعددة للعهد لتنحية القاضي بيطار، فهم ان رئاسة الحكومة تلقت منذ عام 2018 كتاباً من رئيس المجلس نبيه بري، يودع فيه ربطاً اقتراح القانون المشار اليه والمقدم من النائب زياد اسود، وبسبب تعذر انعقاد الجلسات الحكومية في شكل ثابت، تراكمت البنود، وبما ان الحكومة التي كانت احالت كتاب بري على المجلس الأعلى للقضاء وهو المرجع القضائي المختص، تلقت جواب المجلس الذي أبدى اعتراضه على الاقتراح، أدرجت البند لاتخاذ القرار في شأنه. وقللت مصادر عين التينة من أهمية البند مؤكدة انه سيتم تجاوزه في الجلسة الحكومية على قاعدة الأخذ برأي مجلس القضاء الأعلى اي رفضه.
الموازنة
وسط هذه الاجواء تتحدث المعطيات عن تباينات مرشحة للاختبار والتفاعل في ملف الموازنة في جلسة الخميس المقبل بما قد يؤخر انجاز إقرارها .
وقالت جمعية المصارف إنه لم يكن لها أي دور في صوغ خطة التعافي ولم تطّلع على نسخة رسمية منها. وقالت “إذا كان ما ورد فيها صحيحا، فإن هذا النهج الوارد لمعالجة الخسائر التي حدثت في القطاع المالي غير مقبول على الإطلاق، ولن يؤدي بالتأكيد إلى تعويض انهيار الاقتصاد”.
ولكن هذا الموقف اثار التباسا اذ نفى مصدر حكومي ان تكون الحكومة أنجزت الخطة لاطلاع الاخرين عليها وانها لا تزال مثار اخذ ورد مع صندوق النقد الدولي.