عقد “المنتدى الإقتصادي الإجتماعي” اجتماعه الدوري، وبحث في موازنة الدولة للعام 2022 الذي أعدته وزارة المالية ويناقشه مجلس الوزراء تمهيدا لإيداعه مجلس النواب.
ورأى المنتدى في بيان “أن الحكومة خرقت الدستور وقانون المحاسبة العمومية لجهة عدم إلتزامها بالمهل الدستورية والقانونية المحددة لإعداد وإقرار الموازنة وإيداعها السلطة التشريعية، وأيضا لجهة الإنفاق على القاعدة الإثني عشرية حيث يتوجب على الحكومة لإعتمادها هذه القاعدة أن تكون قد قدمت الى المجلس النيابي مشروع الموازنة في بداية العقد العادي لإنعقاده ولم يبت به نهائيا”.
ولفت الى أنه “يتوجب على الحكومة أن تقر قطوعات الحسابات وتودعها السلطة التشريعية مع مشروع الموازنة، ومن دون ذلك تكون الحكومة ومن بعدها السلطات المختصة تخرق الدستور وتخالف القوانين إذا أقرت الموازنة ونشرتها من دون قطوعات الحسابات”.
وأشار البيان الى “أن الموازنة يقتضي أن تكون الوسيلة المالية الرئيسية لتنفيذ خطة إصلاحية وتنموية شاملة والإداة الفعالة لإخراج لبنان من نفق الإنهيار الشامل الذي أوصلته إليه المنظومة السياسية الحاكمة حيث يعاني لبنان من تراجع حجم الإنتاج الوطني وحصة الفرد منه ، والعجز المستمر في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، والعجز المتفاقم في المالية العامة وإرتفاع حجم الدين العام ، والتضخم في الأسعار الذي وصل الى 700 في المائة ، وتدهور سعر صرف العملة الوطنية الذي لامس الـ 33 ألف ليرة مقابل كل دولار ، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن وتراجع الخدمات العامة الى حد إنعدامها، والتدهور المريع في الأوضاع الصحية والتعليمية وشؤون المجتمع كافة”.
أضاف البيان:”إن الشعب اللبناني الذي أصبحت غالبيته الساحقة فقيرة وبعضه جائع ، ونخبه الشبابية وأدمغته مهاجرة أو على طريق الهجرة، كان وما زال يطالب حكامه بموازنة للوطن استثنائية تعالج الإنهيار بدلا من موازنة سيئة تكرس مكاسب أهل السلطة وأصحاب رأس المال من مصارف وإحتكارات غذائية وصحية ومحروقات”.
وتابع:”إن مشروع موازنة العام 2022 هو مشروع الإمعان في الإفقار والتجويع والتضخم والإنكماش، ومشروع لتكريس المنظومة الفاسدة سياسيا وإقتصاديا وماليا”.
واعتبر البيان :”أن مشروع موازنة الدولة للعام 2022 هو مشروع الزيادة الهائلة في الضرائب والرسوم والمقدرة بـ 26 ألف مليار وحوالي 90 في المائة منها ضرائب غير مباشرة يتحمل وزرها الفقراء والمساكين وأصحاب الدخل المتوسط في حين لا تتجاوز الضرائب على أرباح الرأسماليين 3.7 في المائة ، علما أنه لأول مرة في تاريخ لبنان تزيد حصيلة الضريبة على الرواتب والأجور عن الضريبة على الأرباح، الأمرالذي سينعكس فروقات في المستوى المعيشي وزيادة حدة الصراع الإجتماعي والطبقي وتعميق واتساع حالات الفقر والبطالة”.
ورأ ى المنتدى في بيانه “أن هذه الموازنة من شأنها زيادة حجم الدين العام الى 103 آلاف مليار بالليرة اللبنانية وحوالي 44 مليار دولار بالعملة الأجنبية ، وزيادة عجز الموازنة بما لا يقل عن 15.5 ألف مليار ل.ل ، في حين كان يقتضي على الحكومة أن تلغي كل من عجز الموازنة والدين العام . كما تضمن مشروع الموازنة زيادة مفرطة تلامس الفضيحة في الإعتمادات المخصصة لدفع فوائد سندات الدين بالليرة اللبنانية حيث زادت بنسبة 115 في المائة والفوائد على سندات اليورو بوند زادت بنسبة 900 في المائة ، وهذا لا يعني إلا شفط أموال الفقراء لزيادة ثراء الطبقة الثرية الحاكمة ، ويرى المنتدى بأن الزيادة في الضرائب والرسوم ترافقت مع انخفاض حجم الإنفقاق الحكومي على الإستثمار في البنى التحتية ( كهرباء ، طرقات ، مواصلات … ) التي لم تتجاوز الإعتمادات المخصصة لها أكثر من 4 في المائة فقط”.
أضاف البيان :”أن ما تدعيه الحكومة من تحفيز للإستثمار بتضمين الموازنة حزمة من الإعفاءات الضريبية لا يجدي نفعا لأن الإستثمار بحاجة الى توفير الثقة بالسلطة وبالأوضاع العامة من استقرار سياسي وأمني ومالي ونقدي واستقلال السلطة القضائية.
ويرى المنتدى بأن مشروع الموازنة يتبنى سياسة حاكم مصرف لبنان النقدية فيكرس تعدد أسعار الصرف بحيث أن كل بند من بنود الإنفاق والإيراد تم احتسابه على أساس سعر صرف مختلف عن الآخر ، وبحيث تم اعتماد سعر صرف يلامس العشرين ألف ليرة لزيادة الرسوم الجمركية والضريبية في حين كان يقتضي على السلطة توحيد سعر الصرف وخفضه لتحقيق الإستقرار والتوازن الإقتصادي والإجتماعي”.
وأشار الى انه “لأول مرة في لبنان يرصد في الموازنة إحتياطي للنفقات يمثل 17 في المائة من الموازنة ويبلغ حوالي 9410 مليار ليرة ، وهذا يدل على أن في نية الحكومة إجراء خفض جديد على سعر صرف الليرة بحيث تصبح بعض الإعتمادات زهيدة القيمة بالعملة الأجنبية”.
ورأى المنتدى “أن تخصيص الحكومة مبلغ 1800 مليار ليرة لدعم المحروقات وهي مبالغ ستذهب بمعظمها الى مافيات الغاز والنفط والمولدات الكهربائية كما ذهبت سابقاتها، كان يقتضي من الحكومة أن تخصص هذا المبلغ بالإضافة الى سلفة الخزينة الى مؤسسة كهرباء لبنان لبناء معامل إنتاج مستدامة”.
وشدد عى وجوب “تصحيح رواتب وأجور القطاع العام باعتباره حقا مقدسا له بعدما استهلك إنهيار سعر صرف الليرة أكثر من 90 في المائئة من قدراتهم الشرائية، فتصحيح هذه الرواتب للعاملين كافة في القطاع العام في الأسلاك العسكرية والأمنية والمدنية والقضائية لا يمكن أن يكون حسنة أو صدقة أو مساعدة بل إنه دين على الدولة يجب أن توفيه”.
ورفض المنتدى “تضمين الموازنة أحكاما تشكل خرقا للدستور كتلك الأحكام التي تمنح وزير المالية حق التشريع الضريبي المخصص حصرا لمجلس النواب”، مستغربا “تضمين الموازنة أحكاما تشكل إعتداء على صلاحية السلطة النقدية في الإشراف وتحديد أسعارالصرف لليرة مقابل العملات الأجنبية ، فإذا كانت الحكومة عاجزة عن إقالة حاكم مصرف لبنان الذي ألحق الضرر الفادح بالمصرف المركزي والإقتصاد اللبناني فإنه لا يجوز لها المس باستقلالية المصرف المركزي المكرسة بقانون النقد والتسليف”.
ودعا “السلطة الحاكمة الى التراجع فورا عن مشروع موازنة العام 2022 وإعداد مشروع موازنة إستثنائية لمعالجة الظروف الإقتصادية بالغة الخطورة، ويدعو المنتدى الشعب اللبناني كافة للوقوف في وجه هذه السلطة وإجبارها على التراجع عن مشروعها التدميري لما تبقى من اقتصاد البلاد”.