كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: تلاحقت التطورات أمس على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية، على وقع التحضير للاضراب العام الذي ستبدأ اتحادات النقل البري تنفيذه اليوم لثلاثة ايام متتالية حيث ستقفل خلاله كل مفاصل الطرق، وسيتعطل النقل والانتقال داخل بيروت وبقية المدن وبين المناطق ما إستوجب اقفال المدارس والجامعات ومختلف المؤسسات، مع ما يترتب عليه من اقفال البلاد في الوقت الذي واصل سعر الدولار انخفاضه ويستمر التجار في رفع الاسعار كما لو ان سعر الدولار 40 الف ليرة وذلك من دون حسيب او رقيب، فيما تمعن المصارف في قضم اموال المودعين والموظفين وحتى صغار الكسبة عبر «هيركات» مقنع الى درجة انها افتقدت الى السيولة بالليرة فعاجلها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ببيان أجاز لها فيه شراء الليرة عبر بيع الدولار على منصة صيرفة. وهذا الواقع خرقته زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتركيا على رأس وفد وزاري قبل ان يستأنف مجلس الوزراء اليوم جلساته المخصصة لدرس مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2022. فيما سيتابع وزير خارجية الفاتيكان جولاته ولقاءاته التي بدأها أمس ناقلا رسالة دعم اهتمام بابوية بلبنان مؤكدا رغبة البابا فرنسيس بزيارة لبنان قريباً.
عاد ميقاتي والوفد الوزاري المرافق من انقرة ليل امس، على ان يترأس اليوم في السرايا الحكومية جلسة جديدة لمجلس الوزراء لاستكمال درس مشروع الموازنة تمهيداً لإحالته الى مجلس النواب. ويتوقع ان يستمع المجلس مجددا الى وزير الطاقة وليد فياض الذي وعد بتقديم مزيد من الايضاحات حول اسباب طلب سلفة الخزينة. وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»: «يبدو لنا حتى الآن ان هذه السلفة هي لتغطية رواتب وفيول فقط ولا تؤسس الى حل يوقِف الحاجة لإعطاء سلف من الخزينة».
واضافت المصادر: «اذا كانت الامور ستبقى هكذا استنزاف دائم و»مكانك راوح»، «بلاها هالـ 4 ساعات وخلّينا نوقف هالمصلحة»، وبدل من ان نرمي 525 مليار ليرة في البحر لماذا لا نفكر في وضع حلول جذرية حتى لو تطلّب الامر دفع مزيد من الاموال».
وعلمت «الجمهورية» ان وزير الطاقة ابلغ الى مجلس الوزراء أنه اذا لم تصرف له هذه السلفة فإنّ المعامل ستتوقف عن الانتاج وستقفل مؤسسة كهرباء لبنان.
موازنة لا بد منها
وحول الدولار الجمركي قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان «مقاربة هذا الامر منقوصة فلم تُعرض علينا دراسة محددة وسيناريوهات لرفع الدولار الجمركي تُحاكي المنصات المقترحة، وهناك عدد من المواد داخل الموازنة تعاني من المشكلة نفسها لكن إقرارها حتمي وبأسرع ما يمكن مع التقليل قدر الامكان من البنود المرهقة للمواطن».
واضافت المصادر: «عموما الموازنة بلا رؤية وبلا روح وتفتقد الى النفس التطلعي والاصلاحي لكن أشرّ منها أنه لا بد منها، لذلك فالتوجه هو الى انجازها قبل نهاية هذا الاسبوع لتحال الاسبوع المقبل الى لجنة المال والموازنة من اجل درسها». وقالت المصادر: «اذا مرّت الموازنة بانعكاس ايجابي «صفر» ومن دون ارتدادات سلبية يكون «بيتنا بالقلعة» فنحن نعلم اننا لا نستطيع الآن التأسيس لوضع مالي واقتصادي ونقدي والمطلوب هو تقطيع هذه الازمة بأقل ضرر».
في هذا السياق اشارت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية» الى احتمال تركها للمجلس الجديد الذي سينبثق من الانتخابات النيابية المقررة في منتصف ايار المقبل، في اعتبار انّ من الصعب مناقشتها وإقرارها في المجلس الحالي في ظل الحملات الانتخابية القائمة، اذ يعمد النواب الى استخدامها منصة لخدمة مصالحهم الانتخابية فيما المطلوب ان تناقش وتقر بعيداً من تلك الحملات التي تتصاعد يوما بعد يوم كلما اقترب موعد الانتخابات.
في أنقرة
وكان ميقاتي قد اكد خلال اجتماع عمل موسّع عقده مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مقر الرئاسة التركية بمشاركة أعضاء الوفدين الوزاريين التركي واللبناني، أنّ «لبنان يمرّ بأزمة تكاد تكون الأسوأ في العالم على كل الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية. ونحن بحاجة للدعم والعون في كل المجالات». وتوجّه الى إردوغان قائلاً: «في كل المحطات انتم تكونون الأوائل في مد يد العون للبنان ومساعدته خصوصاً في الأزمات المتتالية التي يمرّ فيها. نحن اليوم في أمسّ الحاجة للتعاون والمساعدة من قِبلكم، وإنّ محبتكم الشخصية للبنان وعلاقاتنا الشخصية الوطيدة ستفتح الكثير من الأبواب للتعاون والمساعدة».
على ان اردوغان اكّد في مستهل الاجتماع موقف بلاده الثابت الوقوف الى جانب لبنان، قائلاً: «نريد أن نصل الى كل شرائح المجتمع اللبناني من دون تمييز وفي كل المجالات، خصوصا على صعيد التجارة والصحة والأمن والطاقة، ولدينا امكانات كبيرة نريد ان نستخدمها مع لبنان».
وقال اردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع ميقاتي في ختام المحادثات: «تناولنا في اجتماعنا العلاقات الثنائية وخصوصا تطوير التواصل وتعزيز فرص التعاون. كما ناقشنا سبل المساهمة في دعم لبنان». وأضاف: «كذلك، ناقشنا الخطوات التي يمكننا اتخاذها لرفع نسبة التبادل التجاري الى مستويات أكبر مما تحقّق حتى الآن، ونولي اهمية لوضع اتفاق التجارة الحرة حيّز التنفيذ، واتفقنا على عقد اجتماع للجنة العليا المشتركة في تركيا في اقرب وقت. لقد أعربت عن استعداد شركاتنا لتنفيذ مشاريع مهمّة في مجال البنية التحتية بما فيها إعادة اعمار مرفأ بيروت». وأضاف: «إننا مصمّمون على زيادة مساعداتنا للبنان في الفترة المقبلة، وتعاوننا السياحي، وفي مجال التعليم، كما سنواصل المساهمة في قوات «اليونيفيل».
بدوره، قال ميقاتي: «تحدثنا عن العلاقات اللبنانية – التركية وموضوع النازحين وضرورة تضافر كل الجهود لعودتهم الى بلادهم. وثمّنت مواقف فخامة الرئيس لتوطيد علاقاتنا، وهي ستبقى متينة وقوية على الصعد كافة، وفي كل القضايا، وقد اتفقنا خلال اجتماعنا على إجراءات لتفعيل التعاون».
غالاغير
في غضون ذلك، انشغلت الاوساط السياسية بالزيارة التي بدأها امس وزير خارجية دولة الفاتيكان للعلاقات بين الدول المونسنيور ريتشارد بول غالاغير، الذي نقل من قداسة البابا فرنسيس الى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة محبة وتحذير من مخاطر ما يجري في لبنان والمنطقة ومخاوفه على مصير المسيحيين في المنطقة، كذلك نقل تحيات البابا فرنسيس الى رئيس الجمهورية ومن خلاله الى اللبنانيين، مؤكدا «متابعته بدقة لتطورات الأوضاع في هذا البلد»، قائلا «ان لبنان يستحق عناية استثنائية، لأن كل الشرق الأوسط يتطلع اليه كرسالة للمستقبل، من هنا وجوب الحفاظ على الهوية الوطنية لهذا البلد، الذي إذا ما تطورت الأوضاع فيه إيجاباً فإنّ الأمر سينعكس على المنطقة». وأضاف: «ان لبنان القوي والمتضامن يمكن ان يشكل مثالا لكل الشرق الأوسط، بمسيحييه ومسلميه وذلك في خدمة الخير العام للجميع، وهذه هي حقيقة دعوة لبنان. ونحن نأمل أن يلعب هذا الدور في المستقبل من جديد»، مشيرا الى «انه من السهل ان نقول ان لبنان رسالة، ولكن علينا العمل معا من اجل ان تصبح هذه الرسالة حقيقة ملموسة».
وإذ شدد غالاغير على «أن الحبر الأعظم البابا فرنسيس أعرب عن رغبته في زيارة لبنان»، قال: «قداسته سيأتي قريبا. ولكن علينا تحديد معنى كلمة قريبا»، متمنياً على عون «ان يقوم بزيارة الى الكرسي الرسولي».
ومن المقرر أن يمضي المونسنيور غلاغير نهاره اليوم ما بين بكركي حيث سيشارك في جزء من إجتماع مجلس المطارنة الموارنة الشهري الذي ينعقد كل اول يوم اربعاء من كل شهر، وجامعة الروح القدس في الكسليك حيث يعقد المؤتمر اللبناني ـ الدولي برعاية فاتيكانية تحت عنوان: «البابا يوحنا بولس الثاني ولبنان الرسالة»، بهدف الاضاءة على الجهود التي يبذلها الفاتيكان بإشراف مباشر من البابا فرنسيس من اجل اعادة الاعتبار للرسالة التي كان قد أطلقها البابا يوحنا بولس الثاني حول اعتباره لبنان «اكبر من وطن لا بل انه رسالة»، وذلك بمشاركة حشد كبير من الشخصيات اللبنانية والعربية والدولية.
وسيلتقي غلاغير في اليوم الأخير من زيارته اللبنانية كلاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب.
إضراب
من جهة ثانية تبدأ اتحادات ونقابات قطاع النقل البري اليوم اضرابا عاما لثلاثة ايام متتالية، واكدت في بيان لها انها لن تعلّقه «ما لم يقر مجلس الوزراء بنود الاتفاق المعقود مع رئيس الحكومة بتاريخ 26/10/2021». ونفت امس وجود اي محاولات لحل الازمة واتصالات من اجل تعليق الاضراب او إلغائه مؤكدة انها «ماضية بإصرار في تنفيذ التحرك على جميع الاراضي اللبنانية وعلى ابعد مستوى».
وأعلن وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي، في بيان، أنه بعد التواصل مع الجهات الأمنية المعنية، قرر إقفال الثانويات والمدارس والمعاهد والمدارس الفنية والجامعة اللبنانية والجامعات الرسمية والخاصة كافة اليوم، وذلك بسبب الاعلان عن التحرك المطلبي لدى العديد من القطاعات العمالية والوظيفية وبرنامج تسكير الطرق، وحفاظا على سلامة التلامذة والطلاب والهيئات الإدارية والتعليمية». ودعا الحلبي «المدارس والمؤسسات التربوية كافة إلى تكثيف الدروس بعد غد لتعويض الفاقد التعليمي».
واعلنت رئاسة الجامعة اللبنانية، في بيان، «تعليق الدروس الحضورية والامتحانات والاعمال الإدارية في كليات الجامعة ومعاهدها وفروعها كافة، على أن يستمر التدريس من بعد، كما تعلّق الأعمال الادارية في الإدارة المركزية، وذلك ليوم غد الاربعاء (اليوم) الواقع فيه 2 شباط 2022، مراعاة للأوضاع الراهنة».
وأعلن تجمّع الشركات المستوردة للنّفط (APIC) أنّه «تضامنًا مع تحرّك اتّحادات ونقابات قطاع النّقل البرّي في لبنان، وحفاظا على السّلامة العامة وعدم تنقّل صهاريج المحروقات على الطّرقات، ستتوقّف الشّركات المستوردة للنّفط عن تسليم المحروقات في مستودعاتها اليوم».
كذلك، أعلنت هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، في بيان، عن إقفال جميع مراكز المعاينة الميكانيكية في كافة الأراضي اللبنانية.
تحقيق أهداف «صيرفة»
وعلى الصعيدين المالي والمصرفي واجهت الاسواق امس أزمة شح السيولة بالليرة، حيث لوحظ ان الصرافين وشركات تحويل الاموال وحتى المصارف، كانت تفتقد الى بنكنوط بالليرة، فيما بدا الدولار الورقي متوافراً أكثر من العملة الوطنية.
هذه الأزمة المتعمدة، والتي مارسها مصرف لبنان في خطته الجديدة، من خلال سحب السيولة من الاسواق، مقابل بيع الدولار، تكشفت اهدافها من خلال البيان المقتضب والمكوّن من بضعة كلمات والذي اصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في فترة بعد الظهر. وجاء في البيان انه «يمكن للمصارف التي في حاجة الى سيولة نقدية بالليرة اللبنانية ان تحصل عليها مقابل بيع دولاراتها الورقية على سعر منصة Sayrafa وذلك عبر هذه المنصة».
وبهذا الاعلان يكون سلامة قد أعطى الضوء الاخضر لتحويل منصة صيرفة منصة شبه وحيدة في السوق، ونجح بالتالي، مؤقتا على الاقل، في إلغاء السوق السوداء الموازية، لأنه اصبح في الامكان تداول الدولار بيعاً وشراء عبر هذه المنصة، وهذه اول مرة يحصل فيها هذا الامر، اذ درجت المنصة منذ نشأتها على بيع الدولار فقط.
وبهذا الاعلان ايضا، وفي حال نجاحه في الصمود لفترة طويلة نسبياً، ستكون خطة تحويل منصة صيرفة منصة رسمية لتسعير الدولار في السوق الموازي قد نجحت بعد طول انتظار.
الى ذلك، اعلن مصرف لبنان في بيان، انّ حجم التداول على منصة Sayrafa بلغ امس 32 مليون دولار أميركي بمعدل 21,200 الف ليرة للدولار الواحد، وفقا لأسعار صرف العمليات التي نفذتها المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة.
وكان سعرُ صرف الدولار في السوق السوداء قد أقفل مساء امس ما بين 20200 و20300 ليرة للدولار الواحد، بعد أن سجّل عصراً تراجعاً ما بين 19600 و19700 ليرة.
كورونا
وفي المجال الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 7314 إصابة جديدة (7131 محلية و183 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 928522».
وكذلك سجل التقرير 15 حالة وفاة جديدة ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 9621.