كتبت صحيفة الديار تقول: البارز أمس اعلان ثنائي حركة أمل وحزب الله في بيان مشترك لهما عن «العودة للمشاركة في اعمال مجلس الوزراء من اجل اقرار الموازنة العامة للدولة، ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي».
وجاء هذا القرار ليخرق جدار الازمة الحكومية في اجواء تؤشر الى عودة العافية، وان كان تحت عنواني الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي، الى الحكومة لاستئناف ممارسة دورها ومسؤولياتها بنشاط كامل، لا سيما على صعيد التصدي للازمة الاقتصادية والمالية في البلاد.
وتقول مصادر مطلعة لـ «الديار» ان هذا القرار جاء في اعقاب مشاورات وتقويم دقيق للثنائي الشيعي، ومشاورات جرت بين الرئيسين بري وميقاتي في الاسبوعين الماضيين تركزت على المشاركة في جلسة الموازنة واهمية انجازها مع خطة التعافي من اجل العمل لمواجهة تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة وتحسين ظروف وتقدم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وتضيف المصادر ان هذه المشاورات جرت في اجواء ايجابية، مع تأكيد الرئيس بري على التمسك بتصويب مسار التحقيق في انفجار المرفأ وعدم تخلي الثنائي الوطني امل وحزب الله عن موقفه الثابت في هذا الشأن.
بيان حركة أمل وحزب الله
وعكس بيان الثنائي حركة امل وحزب الله هذا الموقف حيث أكد «الاستمرار في مواصلة العمل من اجل تصحيح المسار القضائي وتحقيق العدالة والانصاف، ومنع الظلم والتجني، ورفض التسييس والاستنساب المغرض».
وطالب السلطة التنفيذية بالتحرك «لازالة الموانع التي تعيق تشكيل لجنة تحقيق برلمانية وفق ما يفرضه الدستور لمعالجة الاعراض والظواهر غير القانونية التي تتعارض مع احكامه ونصوصه الواضحة وابعاد هذا الملف الانساني والوطني عن السياسة والمصالح السياسية».
واذ أشار «الى الانهيار الكبير في سعر الليرة وتراجع القطاع العام وانهيار المداخيل والقوة الشرائية»، اكد البيان على الاستجابة لحاجات المواطنين الشرفاء، لافتاً في الوقت نفسه الى ان قرار أمل وحزب الله هو «منع اتهامنا الباطل بالتعطيل ونحن الاكثر حرصاً على لبنان وشعبه وأمنه الاجتماعي».
وجدد البيان الاشارة الى «الخطوات غير الدستورية التي اعتمدها المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت والمخالفات القانونية الفادحة والاستنسابية والتسييس المفضوح وعدم احترام وحدة المعايير».
الموازنة للإنجاز قريباً
ووفقاً للمعلومات التي توافرت لـ «الديار» من مصادر وزارية مطلعة، فان اعداد الموازنة قطع شوطاً مهماً، وخصوصاً في ضوء سلسلة اجتماعات عقدها الرئيس ميقاتي خلال الايام الماضية بعيداً عن الاضواء مع وزير المال ووزراء ومسؤولين معنيين، ومشاورات مع الجهات المانحة.
واضافت المصادر ان رئيس الحكومة سيستكمل هذه الاجتماعات في الاسبوع المقبل، آملة في انجاز الموازنة بمندرجاتها: القانون والفذلكة والارقام لتكون جاهزة أمام مجلس الوزراء في أقرب وقت.
وحرصت المصادر على عدم تحديد موعد لانهاء الموازنة، لكنها لم تستبعد أن تكون جاهزة أمام مجلس الوزراء في غضون أسبوع أو عشرة أيام.
وحسب المعلومات فان الرئيس ميقاتي سيدعو فور جهوزها مجلس الوزراء الى الانعقاد، مشيرة في الوقت نفسه الى ان خطة التعافي الاقتصادي بدورها قطعت شوطاً كبيراً وان البحث مستمر في موضوع توزيع الخسائر بعد تحديد حجمها كما اعلن نائب رئيس الحكومة والتي بلغت حوالى 69 مليار دولار.
تصعيد باسيل ورد السراي الحكومية
من جهة أخرى، كان تصعيد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الأخير في وجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتحميله مسؤولية عدم انعقاد مجلس الوزراء قد اثار استغراب واستياء السراي الحكومية التي اعتبرت على لسان مصدر مقرب من رئيس الحكومة لـ «الديار» انه «مستغرب وفي غير محله، وان السيد باسيل يعرف جيدا ان المشكلة ليست عند دولة الرئيس، فليذهب ويتكلم مع حلفائه في هذا الموضوع. والرئيس ميقاتي لم يقصر في سعيه الى انعقاد مجلس الوزراء الأمس قبل اليوم، لكنه كما عبر مرارا فان الحل لن يكون بالتحدي والكسر لان ذلك سيصيب الحكومة في الصميم».
وعن الاسباب والاهداف التي وراء تصعيد باسيل قال المصدر «انها اهداف سياسية وانتخابية لاقحام الرئيس ميقاتي في خلق مشكلة بينه وبين الاطراف الاخرى (التي تتحفظ عن انعقاد مجلس الوزراء من دون حل قضية التحقيقات حول انفجار مرفأ بيروت)».
واضاف المصدر المقرب من رئيس الحكومة «ان ما قاله باسيل هو محاولة لاستخدام الحكومة وقودا لمعاركه السياسية، وهو يحاول ان يدفع لنقل المشكلة الى داخل الحكومة، مع العلم انه يعلم هو قبل غيره ان الرئيس ميقاتي لم يقصّر قط في السعي الى انعقاد مجلس الوزراء، لكنه يحرص في الوقت نفسه على عدم الدخول في أتون صراعات ومواجهات تنعكس على الحكومة ووجودها».
ترحيب ميقاتي بموقف الثنائي
أشار المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أمس، إلى أنّ «رئيس المجلس يرحّب بالبيان الصادر عن حركة أمل وحزب الله بشأن العودة الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، ما يتلاقى مع الدعوات المتكررة التي اطلقها ميقاتي لمشاركة الجميع في تحمل المسؤولية الوطنية خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به الوطن، وبما يحفظ الميثاقية الوطنية التي يشدد عليها رئيس المجلس».
ولفت في بيان، إلى أنّ «ميقاتي، وكما سبق وأعلن، سيدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد فور تسلّم مشروع قانون الموازنة من وزارة المال، وهو يثمن الجهود التي بذلها ويبذلها جميع الوزراء لتنفيذ ما ورد في البيان الوزاري ووضع خطة التعافي التي ستنطلق عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأنها. وقد اجرى دولته اتصالا برئيس الجمهورية ميشال عون وتشاور معه في الوضع».
خطة لضبط السوق
وفي الشأن المالي والنقدي بقي الدولار في خط الهبوط وتراوح، لا سيما بعد قرار امل وحزب الله، وسجل مساء انخفاضاً الى حدود الـ 25 الف ليرة، وسط معلومات تؤكد مضي الخطة في تحسين وضع الليرة وضبط فوضى السوق.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع ان الرئيس ميقاتي اخذ مؤخرا يركز على خطة تتعلق بالشق الاقتصادي والمالي والخدماتي، ساعياً الى فصل التجاذب السياسي عن هذا التوجه.
وقالت المصادر انه على عكس ما قيل او اوحى النائب باسيل، فان رئيس الحكومة على تواصل مستمر مع رئيس الجمهورية، وانه حريص على التعاون معه في هذا الاطار.
ونقلت عن اجواء ميقاتي ارتياحه النسبي للتطورات الاخيرة المتعلقة بخطة العمل هذه لا سيما منها:
1ـ الوثيقة الرسمية الاميركية التي نقلتها السفيرة شيا لرئيس الحكومة ومفادها تأكيد استثناء لبنان من قانون قيصر في شأن مد الغاز المصري للبنان عبر الاردن وسوريا.
2ـ فرملة صعود الدولار الصاروخي وتراجعه بعد اجتماع عقده الرئيس ميقاتي مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ أيام من خلال قرار المصرف الملحق لتعميم 161 بعدم وضع سقف لاستبدال المصارف الليرة بالعملة الورقية للدولار، وبالتالي تخفيض حجم اوراق الليرة لتحسين وضعها.
وكشفت مصادر وزارية لـ «الديار» في هذا المجال ان ميقاتي طلب من سلامة بعد تجاوز الدولار 33 الف ليرة اتخاذ اجراءات صارمة وحازمة للمساهمة في ضبط الفوضى في السوق، وتراجع الدولار، والعمل على وقف تردي انهيار الليرة.
واوضحت المصادر ان هذه الاجراءات يؤمل ان تستمر في محاولة لخلق نوع من الاستقرار في السوق، لافتة الى ان احراز المزيد من النجاح والتقدم يحتاج الى تحقيق قدر معين من الهدوء او التهدئة السياسية او على الاقل تخفيف حدة التوتر والاحتقان السياسيين في البلاد.
تخفيض الدولار الى العشرين؟
وفي هذا الاطار ايضا، كشفت مصادر مطلعة لـ «الديار» عن ان خطة ضبط سوق العملة وتحسين وضع الليرة نسبيا، اذا ما سارت الامور وفق الاهداف المرسومة لها، ترمي الى تثبيت سعر الدولار في المرحلة الثانية على ما بين 18 و20 الف ليرة، وهذا يترافق او يلي فورا تخفيض سعر منصة مصرف لبنان من 24 الف ليرة للدولار الى هذا الرقم.
دعم مصري
من جهة اخرى، علمت «الديار» من مصادر مطلعة ان الرئيس ميقاتي عاد من مصر باجواء ايجابية بعد ان سمع من الرئيس عبد الفتاح السيسي تأكيدات جديدة بعزم مصر على بذل كل ما يمكن ان يساعد لبنان، بما في ذلك تزويد لبنان بالغاز من اجل المساهمة في معالجة ازمة الكهرباء.
ولفتت المصادر الى ان الرئيس المصري وعد ميقاتي بتقديم مساعدات ذات طابع اجتماعي وانمائي للبنان، مشيرة الى ان الزيارة ساهمت في فتح تواصل مستمر بين الحكومتين اللبنانية والمصرية في هذا الاطار.
ورأت ان ما يقوم به رئيس الحكومة يرمي الى توسيع وتعزيز محاور التعاون بين لبنان والخارج، لا سيما مع فرنسا والاتحاد الاوروبي والدول العربية الى جانب التواصل والتعاون مع واشنطن، مشيرة الى ان هذا التعاون ليس على حساب العلاقات والتعاون مع الدول الصديقة الاخرى.
واضافت ان هذا المسعى من شأنه ان يعزز حضور لبنان وتحسين موقعه على جدول الاهتمامات العربية والدولية.
الوسيط الاميركي لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية
على صعيد آخر، ينتظر وصول كبير مستشاري الخارجية الاميركية للطاقة والوسيط في ملف ترسيم الحدود البحرية اموس هوكشتاين الى بيروت الاسبوع المقبل لاجراء جولة جديدة من المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين حول موضوع ترسيم الحدود البحرية وما يتصل بمسار التفاوض غير المباشر مع الكيان الاسرائيلي في هذا الشأن الى جانب موضوع جر الغاز المصري الى لبنان.
وعشية وصول المسؤول الاميركي، كشف مصدر مطلع لـ «الديار» عن ان السفيرة الاميركية دوروثي شيا بحثت اجواء الزيارة مع الرئيسين بري وميقاتي، موحية بان الوسيط هوكشتاين سيحضر الى بيروت من اجل تحريك هذا الملف الى الامام والدفع باتجاه احداث تقدم عملي باتجاه حل موضوع ترسيم الحدود البحرية.
وقال المصدر ان هناك معلومات غير مؤكدة عن ان الوسيط الاميركي مزود في زيارته الجديدة بتوجيهات لتشجيع الجانبين اللبناني والاسرائيلي على اعادة تحريك المفاوضات للوصول الى ما تراه الادارة الاميركية حلا وسطا يمكن ان يرضي الطرفين.
واشار المصدر الى ان هوكشتاين قد يحمل توجيهات جديدة في اطار فتح الباب امام اعادة الامور الى السكة في ما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز في البلوكات اللبنانية.
واوضح المصدر ان هذه الاجواء تترافق مع الاجواء الايجابية التي نقلتها السفيرة الاميركية دوروثي شيا للرئيس ميقاتي من خلال وثيقة رسمية حول استثناء لبنان في ما يخص جر الغاز المصري اليه من قانون قيصر الذي يفرض حصارا على سوريا.
وتوقع ان يتناول هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين هذا الموضوع ايضا، مشددا على ما نقلته شيا لرئيس الحكومة، ومؤكداً على ان الادارة الاميركية، كما عبرت سابقا، عازمة على مساعدة لبنان في موضوع تأمين الطاقة والتيار الكهربائي له.
الحريري لن يترشح؟
على صعيد آخر، وفي ظل توجه القوى والاطراف السياسية التدريجي وانخراطها في التحضير لاجواء المعركة الانتخابية في ايار المقبل، لم يزل موقف الرئيس سعد الحريري من الاستحقاق الانتخابي موضع تساؤلات وتكهنات، لا سيما بعد تأخر عودته الى بيروت لحسم هذا الأمر.
لكن اكثر من عضو في كتلة المستقبل اخذ مؤخراً يرجح عدم مشاركة الحريري شخصياً في الترشح، مشيرا في الوقت نفسه الى ان قرار مشاركة تيار المستقبل في الانتخابات غير محسوم بانتظار كلمة الفصل التي سيعلنها الحريري بعد عودته المرتقبة الى بيروت.
وقال مصدر نيابي في كتلة المستقبل لـ «الديار» امس «كان متوقعا ان يعود الشيخ سعد الى لبنان في الايام الاولى من العام الجديد، لكنه فضل تأخيرعودته لبعض الوقت، ونحن ننتظره لحسم الموقف من موضوع الانتخابات».
واضاف المصدر «قد تكون العودة الاسبوع المقبل لكن هذا الأمر غير مؤكد، وربما يكون قد ارجأ عودته التي كانت مرتقبة قبل اسبوع لاجراء مزيد من المشاورات وتقويم الموقف قبل ان يحسم موقفه».
واضاف المصدر «لقد سمعنا مؤخرا انه لا يرغب بالترشح شخصيا، وهذا الأمر يبدو مرجحا لكنه غير مؤكد. والأمر المؤكد ان الرئيس الحريري بعد عودته سيعلن قراره واسبابه بالتفصيل».
وألمح المصدر الى ان هناك اكثر من سبب لتأخر الرئيس الحريري في حسم موقفه، مشيرا الى ان خيار مشاركة المستقبل في المعركة الانتخابية بشكل منظم هو خيار مطروح، لكن ربما هناك بعض التفاصيل التي تحتاج الى البحث، ومنها موضوع التمويل لتأمين المستلزمات الطبيعية للمشاركة في الانتخابات.
وبانتظار عودة الحريري يسود جو قوي داخل التيار ويقوده الامين العام احمد الحريري للعمل من اجل عدم اخلاء الساحة، واهمية مشاركة تيار المستقبل في الاستحقاق الانتخابي بلوائح للتيار في مختلف المناطق.
وتقول مصادر في المستقبل ان هذا التوجه الغالب في صفوفه، لكن الكلمة الحسم تبقى للرئيس الحريري الذي يملك المعطيات الكاملة لسلوك خيار من الخيارات الثلاثة: مشاركة المستقبل ورئيسه شخصيا في المعركة، مشاركة المستقبل دون ترشح رئيسه، عدم المشاركة وترك الأمر للمبادرات الفردية.