كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: دلّت المعطيات والمواقف أمس الى انّ مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الحوارية متجهة الى الطي في حال لم يتوافر الاجماع على قبولها، وحتى الآن يبدو الانقسام حولها ملحوظاً خصوصا ان الرافضين او المستنكفين عن المشاركة فيها ينطلقون في مواقفهم من خلفيات داخلية تتصل بالنزاع السياسي السائد بينهم وبين رئيس الجمهورية والقوى الحليفة له، وكذلك ينطلقون من خلفيات تتصل بالموضوع الاقليمي، وكذلك بالعلاقة غير السوية السائدة في هذه المرحلة بين لبنان وبعض دول الخليج العربي التي لم يُعَد تطبيعها بعد رغم التواصل الذي حصل بين لبنان والرياض بفعل الوساطة الفرنسية الشهيرة.
انطلقت أمس المشاورات الثنائية التي يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون لاستطلاع رأي الافرقاء الذين يفترض مشاركتهم في طاولة الحوار من رؤساء كتل نيابية وقيادات سياسية في حال قرر في ختامها توجيه هذه الدعوة الى هذه الطاولة…
وأكدت مصادر متابعة لـ”الجمهورية” ان قرار الحوار او اللاحوار سيتخذ في ضوء هذه المشاورات. وقالت هذه المصادر ان عون يعتقد انه يقوم بما عليه في محاولة أخيرة له خلال العهد لعقد مؤتمر حوار للاتفاق حول نقاط مفصلية شديدة الاهمية تحدد مصير البلد، فإذا لم يتمكن من ذلك يكون قد أدى قسطه الى العلى، خصوصا ان البلد على ابواب انتخابات نيابية ستترافَق مع توترات وتشنجات سياسية ربما تساهم طاولة الحوار في التخفيف من حدتها.
ولحظت المصادر ان الاجواء لا تبدو مشجعة حتى الآن، فمن لبّوا الدعوة الى المشاورات الثنائية وابدوا رغبتهم بالمشاركة في الحوار يُعدّون من لون واحد، حتى ان اعتذار رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية عن المشاركة في الحوار شكل نكسة للفريق الواحد أولاً، وللتمثيل المسيحي ثانياً، بحيث ستصبح الطائفة المسيحية ممثلة على طاولة الحوار فقط بـ”التيار الوطني الحر” وحزب “الطاشناق” والحزب السوري القومي الاجتماعي بعد رفض “القوات اللبنانية” المشاركة واعتذار تيار “المردة”. تماماً كما سيكون عليه التمثيل الدرزي في حال ابلغ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط رسميا الى رئيس الجمهورية اعتذاره عن المشاركة في طاولة الحوار سواء هو شخصيا او نجله رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط (وهذا الاعتذار الجنبلاطي مرجّح). كذلك فإن التمثيل السني سيكون ضعيفا جدا بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري وتيار “المستقبل” عن المشاركة، فيما سيحضر ميقاتي الحوار بصفته رئيسا للحكومة وليس رئيس كتلة “الوسط” النيابية او كممثل لنادي رؤساء الحكومات السابقين… ثم ان هناك بين الذين يتم التشاور معهم من يرى ان الاولوية الان هي للوضع المعيشي والمالي والاقتصادي الكارثي وان اللبنانيين لا يأبهون بالبنود المطروحة على طاولة الحوار حيث تنصَبّ اهتماماتهم على تأمين ربطة الخبز ومقومات الصمود اليومية… وعليه فإن القرار النهائي بانعقاد طاولة الحوار من عدمه سيتخذه عون اليوم بعد اجرائه تقييماً لنتائج المشاورات يأخذ في الاعتبار كل هذه العوامل، بحسب معلومات “الجمهورية”.
عون يقرر اليوم او غداً
وعلى رغم المفاجأة التي تسبب بها موقف فرنجية عقب زيارته عون وتكريسه معادلة “نؤيّد طاولة الحوار ولا نحضرها”، فقد كانت اوساط قصر بعبدا ترصد جملة من المعطيات التي يمكن ان تؤدي الى تأجيل فكرة طاولة الحوار الى موعد آخر ما لم يقدم رئيس الجمهورية على إلغائها نهائيا.
وعليه فقد اكدت هذه المصادر لـ”الجمهورية” ان عون يرغب من خلال لقاءات الأمس واليوم الاستماع الى القيادات السياسية على خلفية رفضه معادلة “اسمع مني ولا تسمع عني”، وقد أنهى يومه الاول من المشاورات ويستكملها اليوم. وقالت انه سينتهي مساء اليوم او نهار غد الى الاعلان عن الخطوات اللاحقة، وربما سيعلن صرف النظر عن الفكرة نهائيا او تأجيلها الى موعد لاحق في حال طرأت معطيات جديدة قد تقود الى هذه المحطة الجديدة.
وكان عون قد التقى في اطار مشاوراته في شأن طاولة الحوار رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي اعلن بعد اللقاء تأييده الدعوة الى الحوار والموافقة على المشاركة فيه، وقال “ان البلد في زمن الشدة والضيق، هو أحوَج الى عدم الانقطاع عن الحوار. اما في زمن الرخاء، فالدعوة الى الحوار تكون دعوة عادية وضرورية، وفي زمن الضيق والشدة والضغط والمزايدات، عدم الانقطاع عن الحوار هو اكثر من ضرورة. لذلك اكدنا تلبيتنا للدعوة ومشاركتنا فيها، وندعو شركاءنا في الوطن الى التحلي بالعقل والحكمة والتخلي عن المزايدات، لأن هذا البلد هو بلدنا ونحن معنيون بالحفاظ عليه وعدم أخذه الى الهاوية، ومن يعمّره بعد الهاوية هو نحن وليس احد غيرنا، وكل غيرنا سيبقى خارج البلد ونبقى نحن، لأنّ المواطنين اللبنانيون فقط اسياد هذا البلد”.
بدوره أيّد رئيس “كتلة ضمانة الجبل” النائب طلال ارسلان الدعوة الى الحوار، قائلاً: “نحن سنشارك اذا تمت الدعوة اليه، واتمنى على الجميع ترك المواقف السياسية خارج اطار الطاولة، والحديث جديا لإيجاد حلول للمشكلات المالية والاجتماعية التي يعانيها المواطن”. واضاف: “انني لا ابرر لأي شخصية لبنانية الاستقالة من دورها الفاعل لضرورة ايجاد الحلول وتفعيل الحوار الوطني المستدام وغير المحصور بنقطة او نقطتين، في ظل الانهيار الاجتماعي والمالي الحاصل. ان الميثاقية اللبنانية والدستور والوضع اللبناني تحتّم مبدأ الحوار الدائم بين اللبنانيين”.
فرنجية
اما رئيس تيار المرده سليمان فرنجية فقال بعد اللقاء: “لبّينا دعوة فخامة الرئيس الشخصية للقاء، ومنذ اليوم الاول لانتخابه سبق ان قلنا انه عندما يدعونا فخامة الرئيس للقاء فنحن جاهزون، وابلغته بأننا سنبقى على هذا المبدأ حتى اليوم الاخير من عهده كي نعطي رأينا واذا اراد الاخذ به او سماعه فهذا يعود اليه. لكن ليس هناك من موقف شخصي مع فخامته، لا بل نلتقي معا في الموضوع الاستراتيجي”. وأضاف: “اما في موضوع الحوار، فهو يجب ان يكون بين فريقين برأيين مختلفين، اما ان يكون ضمن فريق واحد، فلا فائدة من الحوار للشكل فقط. لذلك، تمنينا لهم التوفيق، واي قرار يتخذه هذا الفريق الذي ندعمه، سنؤيده من دون تردّد لعلمنا انهم لن يتفقوا على امر نعارضه، لكن ان نحضر من اجل الحضور فقط فلا فائدة من ذلك. وبالتالي لن نشارك في الحوار”. واشار الى ان “حزب الله” لا يعمل الا للخير بيننا وبين التيار الوطني الحر، لكن لكل رأيه. ويجب معرفة ما اذا كان الوزير جبران باسيل يرضى بأن يتحالف مع الفاسدين”.
غريو تواصل جولتها
وما بين لقاءات التحضير لطاولة الحوار زارت السفير ة الفرنسية آن غريو قصر بعبدا حاملة رسالة فرنسية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد عودتها مطلع الأسبوع الماضي من باريس حيث أمضت عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، والتقت نهاية الأسبوع الماضي كلّاً من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي حيث اطلعتهما على نتائج لقاءاتها في باريس مؤكدة اهتمام الرئيس ايمانويل ماكرون بالوضع في لبنان.
وقالت معلومات رسمية ان غريو عرضت مع عون العلاقات الثنائية بين البلدين، والسبل التي يمكن لفرنسا ان تساعد من خلالها لبنان في الازمة التي يمرّ فيها، وتمكين الشعب اللبناني من تخطي المصاعب التي يواجهها. واضافت انها نقلت “رسالة دعم من فرنسا رئيساً وحكومة وشعباً الى لبنان وشعبه مفادها أن باريس تقف إلى جانبهما”. وأشارت الى ضرورة عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، والى اهمية تقدم المفاوضات المالية والاقتصادية لما فيه مصلحة لبنان، اضافة الى وجوب استمرار التحضيرات لإجراء الانتخابات النيابية في أجواء سليمة. كذلك رحّبت السفيرة الفرنسية بالدعوة الى الحوار التي وجهها عون، وتمنت ان يتمكن لبنان من العمل على تخطي كل الازمات التي يواجهها، من خلال تضامن اللبنانيين ووحدتهم.
مجلس الوزراء
وفي ما خص جلسة مجلس الوزراء التي اعلن الرئيس ميقاتي عزمه الدعوة اليها من قصر بعبدا في زيارته الاخيرة منذ ايام لمناقشة الموازنة، فقد كشفت مصادر الثنائي انه لم يجر معها اي اتصال بهذا الشأن وقالت لـ”الجمهورية”: لا رئيس الحكومة ولا اي طرف آخر تحدث معنا او سألنا عن موقفنا وما اذا كنا سنشارك، وما أثير لم يكن سوى زوبعة اعلامية”. ولدى سؤالها اذا كان ميقاتي ينتظر الانتهاء من انجاز مشروع قانون الموازنة قبل توجيه الدعوة الى مجلس الوزراء؟ قالت المصادر: “حتى بهذه النية لم يتحدث ميقاتي لا مع “حزب الله” ولا مع حركة “أمل”. ثم انه مَن قال ان مشروع قانون الموازنة أنجز، فهناك امورا كثيرة فيه تحتاج الى اجوبة عن اسئلة ابرزها على اي سعر للدولار يتم احتساب الارقام في الواردات والنفقات وهل السعر الرسمي سيبقى 1500 ليرة ام ان هناك نية لرفعه؟ وهل هناك توجه الى توحيد سعر الصرف؟. هذه عيّنة من اسئلة كثيرة وكبيرة تحتاج الى اجوبة وهذا برسم الحكومة، كما ان هناك لجانا لكل شيء، فأين لجنة مناقشة مشروع الموازنة؟ اما مجلس الوزراء فمعلوم انه فقط يناقش الصيغة النهائية للمشروع ويقرّه و”لنوصل إليها منصلّي عليها”.
صندوق النقد
على خط المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، اعلن المتحدث باسم الصندوق امس ان فريقا من الصندوق سيعقد اجتماعات عمل عن بُعد، مع السلطات اللبنانية في الاسبوع الاخير من كانون الثاني الجاري. وستركّز المناقشات، وفق المتحدث، على التحديات المتعددة التي تواجه لبنان، بما فيها تحديات الاقتصاد الكلي (macroeconomic) والمالية العامة والوضع المالي.
واكد المتحدث التزام الصندوق الحازم بمساعدة السلطات اللبنانية على انجاز استراتيجية اصلاحات يمكن من خلالها التصدي للتحديات الاقتصادية العميقة التي تواجه لبنان، مشددا على ضرورة توفر دعم سياسي كامل لهذه الخطة الاستراتيجية، على ان يكون متوفرا من قبل اي حكومة مقبلة.
وركّز المتحدث باسم صندوق النقد على ان الاصلاحات المطلوبة ينبغي ان تعيد هيكلة الاقتصاد الكلي وتؤمّن ثباته، واستمرارية (sustainability) ادارة الدين، وملاءة القطاع المالي، والعودة الى نمو مرتفع واكثر شمولاً.
ضخ دولارات اضافية
في اطار الاجراءات الاستثنائية التي يتم اتخاذها في محاولة يائسة للجم انهيار الليرة، وبعد اجتماع ترأسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وضمّ الى وزير المال يوسف الخليل، حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، قرر المجلس المركزي في مصرف لبنان، واستنادا الى التعميم 161، السماح للمصارف، وبالاضافة الى الكوتا المخصصة لكل مصرف، بشراء الدولارات الورقية من مصرف لبنان على سعر منصة “صيرفة”، بما يعني عملياً ان مصرف لبنان قرّر ضَخ مزيد من الدولارات في السوق في محاولة لإبطاء ارتفاع سعر العملة الخضراء. لكن مثل هذا التدبير يعني عمليا ان المركزي سيخسر المزيد من دولاراته، سواء التي يشتريها من السوق، او من الاحتياطي الموجود لديه. ومثل هذا التدبير هو ظرفي، ولا يمكن ان يستمر لوقت طويل لأن المركزي لا يستطيع ان يتحمّل استمرار النزف والخسائر لفترة طويلة.
بلبلة مالية وضريبية
وعلى وقع الارتفاع غير المسبوق لسعر الدولار الذي تجاوز الـ 33000 ليرة لبنانية في اوقات متفاوتة من نهار امس، سادت الأوساط المالية بلبلة كبيرة اثارت حالة من التخبط الرسمي الحكومي والنقدي عبرت عنه قرارات مالية وضريبية عشوائية رافقها صدور مجموعة جديدة من التعديلات على تعاميم مصرف لبنان.
تجميد احتساب الضرائب
وصدر مساء عن المكتب الإعلامي لوزير المال يوسف الخليل بيان جمّد فيه قراراً لمدير الواردات لؤي الحاج شحادة كان قد طلبَ فيه احتساب الرسوم لدى كتاب العدل نسبة الرسوم الضريبية على اي معاملة قياساً على سعر الدولار الأميركي وفق منصة صيرفة ابتداء من صباح أمس، قال فيه انه “وتأميناً للمصلحة العامة، وحرصاً منه على الأوضاع المعيشية للمواطنين اللبنانيين، يعلن وزير المالية يوسف الخليل تعليق العمل مؤقتاً بالمذكرة التي حملت الرقم 2/ص 2 الصادرة بتاريخ أمس 10 كانون الثاني 2022 الصادرة عن مدير الواردات، على أن يتم البحث بها ضمن خطة اقتصادية وضريبية متكاملة تلاقي تطلعات اللبنانيين وتخرجهم من أزمتهم الحالية”.
عون تمنع سلامة من السفر
الى ذلك تسربت أمس المذكرة التي أصدرتها مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون التي منعت بموجبها السفر بحرا وبرا وجوا بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك بناءً على شكوى مقدمة من الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”، ممثلة بالمحاميين هيثم عزو وبيار الجميل.
شيا تستنجد ببري
وعلمت “الجمهورية” ان السفيرة الأميركية دوروثي شيا أبلغت الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال زيارتها له امس، أنه نما اليها امس الأول ان اجراء قانونيا سيتخذ في حق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة “ونحن نعوّل على حكمتك وحزمك دولة الرئيس للحؤول دون التصرف بتهور ضد سلامة، خصوصاً ان المحافظة عليه ضرورية في هذه المرحلة الدقيقة”.
كورونا
على الصعيد الصحي أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي امس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 6665 إصابة جديدة (6441 محلية و224 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 787498. كذلك سجل التقرير 13 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 9311.