كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : قد يصح اعتبار هذا اليوم، العاشر من كانون الثاني 2022، بداية رسمية ولوجستية لماراثون #الانتخابات النيابية المحدد موعدها في الخامس عشر من أيار المقبل، ذلك انه يشكل بداية مهلة تقديم الترشيحات للانتخابات بين اليوم والخامس عشر من آذار المقبل. وبذلك، فان مناخ الانطلاق والاستعدادات العملية للانتخابات سيتخذ طابعاً اكثر سخونة بما يضيف الى الأجواء المشحونة سياسياً واجتماعياً التي تغرق فيها البلاد، “طبقة” جوية ستتصاعد سخونتها تباعاً كلما توغل العد العكسي نحو موعد الانتخابات. ولذا اكتسب اعلان رئيس حزب ”القوات اللبنانية” سمير جعجع “التعبئة الشاملة” في صفوف حزبه للمعركة الانتخابية طابعاً انتخابياً وسياسياً متقدماً خصوصاً ان جعجع ادرج معركة “القوات” في هذه الانتخابات في اطار المواجهة مع الذين يسعون الى تغيير هوية لبنان وتاريخه. ومن المتوقع ان تكر سبحة الترشيحات تباعاً على مستوى القوى الحزبية والسياسية التقليدية كما على مستوى “القوى المجتمعية” الأخرى التي تسابق هذه القوى في استعداداتها وتحضيراتها، علما انه لا يزال من المبكر رسم الصورة الشاملة للتحالفات قبل اكتمال بانوراما الترشيحات لكل من هذه القوى في مختلف المناطق.
ومع ذلك فان الحدث الداخلي لا يزال معقوداً حتى الان لتعقيدات المشهد السلطوي والحكومي والبرلماني بحيث يطل أسبوع جديد على مزيد من التراجعات في سيناريوات كانت تعد لتسويات او اختراقات سياسية، ولكنها كما يبدو باءت جميعها بالاخفاق. فلا ملامح نجاح لاي فرصة واقعية امام مبادرة رئيس الجمهورية #ميشال عون الى عقد طاولة الحوار، ولا ثمة ما يوفر لرئيس الوزراء نجيب ميقاتي من ضمانات لاندفاعه نحو عقد جلسة لمجلس الوزراء تمرر مشروع الموازنة من بين مخالب التشابكات والاشتباكات السياسية التي تشل مجلس الوزراء، ولن تكون رغبة رئيس مجلس النواب نبيه بري في اثبات تحفظه عن ”المضمون الرئاسي” الذي فرضته بعبدا في مرسوم فتح الدورة الاستثنائية للمجلس نزهة سهلة. لذا ستقدم البلاد على مجموعة كباشات واشتباكات سياسية جديدة مقرونة هذا الأسبوع بتوترات واضطرابات اجتماعية تبدأ اليوم بالوضع الشديد الالتباس والإرباك على صعيد فتح المدارس او الاستمرار في إقفالها، وتمر بالمزيد من الاضطرابات والتداعيات لتحليق سعر الدولار في السوق السوداء فوق سقف الثلاثين الف ليرة ، ثم تبلغ ذروتها مع ”خميس الغضب” الذي اعلنه اتحاد النقل البري مدعوما من الاتحاد العمالي العام والذي سيكون يوم قطع للطرق في مختلف المناطق.
وافيد امس ان الرئيس عون سيجري يومي الثلثاء والاربعاء المقبلين لقاءات ثنائية تمهيدية لطاولة الحوار الوطني التي يرغب بالدعوة لانعقادها قبل نهاية الشهر الجاري. وهو وضع لها جدول اعمال من بنود يراها دقيقة وحساسة وتحتاج موقفاً وطنياً موحداً لاسيما في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وأبرزها خطة التعافي المالي والتدقيق الجنائي اضافة الى اللامركزية الادارية والمالية الموسعة والاستراتيجية الدفاعية.
موقف بعبدا
وواجهت عون الذي استهل اللقاءات الثنائية مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على الفور معضلة التمثيل السني مع اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم المشاركة في هكذا حوار قبل الانتخابات النيابية، ومع تأكيد الرئيس ميقاتي انه يشارك بصفته الشخصية والرسمية كرئيس للحكومة وليس كممثل عن رؤساء الحكومات السنة. كما ان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لم يستجب للدعوة الرئاسية لا في حوار ثنائي ولا في حوار موسّع. واضيف الى جبهة الرفض موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان ابلغ بعبدا انه سيلبي دعوة رئيس الجمهورية الى لقاء ثنائي في حال تعافيه من رشح وزكام. وكانت له تغريدة مهدت بوضوح الى عدم رغبته بالمشاركة في الحوار وانه يرى ان اجتماع مجلس الوزراء دون اي شروط مسبقة هو افضل طريقة للخروج من دوامة التعطيل المدمرة “وتبتدئ ورشة العمل وفي مقدمها التفاوض مع صندوق النقد الدولي .هذا هو الحوار الاساس ولا بديل عنه”.
رغم هذه العقبات فهم ان رئيس الجمهورية لن يحسم قراره النهائي بشأن الدعوة او العدول عنها قبل انتهاء لقاءاته الثنائية المقررة منتصف هذا الاسبوع، وقبل اجرائه تقييماً لنتيجة مواقف القيادات ورؤساء الاحزاب التي دعاها للتشاور حول رغبته بالدعوة للحوار.
وتعتبر مصادر قصر بعبدا ان هناك مشاركة من مختلف الأطراف سنياً عبر الرئيس ميقاتي واذا كان هناك فريق سني اساسي غائباً فهناك فريق سني آخر يحضر من خلال “اللقاء التشاوري”، وحتى مسيحياً، اذا غابت “القوات اللبنانية” فهناك مشاركة مسيحية من المردة والارمن والقومي اضافة الى “التيار الوطني الحر”.
ويلبي رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية دعوة عون الى لقاء ثنائي غدا ليسمع منه وجهة نظره بشأن الحوار الا ان القرار بالمشاركة لم يحسم بعد، بحسب مصادر قريبة.
من وجهة نظر المصادر الرئاسية، لا يمكن اتهام رئيس الجمهورية بأنه يعمل لتعويم العهد قبل اشهر من انتهائه لا بل هو يسعى الى موقف انقاذي. واعتبرت ان الحملة المسبقة على اللامركزية الادارية المالية غير مبررة، مستغربة الكلام عن التقسيم في حين انها لامركزية مرتبطة بالدولة وبالسلطة المركزية.
وتقول ان من يحملون على هذا الطرح او قرأوا مشاريع واقتراحات القوانين الموجودة في المجلس النيابي والتي يصل عددها الى نحو 14 لما تعاطوا مع الموضوع بهذه الطريقة.
المسار الحكومي
اما على المسار الحكومي فاذا كانت الشكوك الكبيرة لا تزال تشوب امكان توجيه الرئيس ميقاتي الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء او جلسات تخصص لدرس الموازنة وإقرارها لدى تسلمه مشروع الموازنة بعد إنجازها في وزارة المال، فان المعطيات المتوافرة تفيد ان ميقاتي ، يزمع بجدية توجيه الدعوة من منطلق قناعته بإمكان تحييد ملف الموازنة الحيوي والاساسي في ظروف لبنان الضاغطة عن الملفات التي شلت جلسات مجلس الوزراء . ومع ذلك فان اوساطا سياسية متابعة للتعقيدات المتصاعدة داخل الحكومة والسلطة تعتقد ان الاختبار المتصل بالموازنة سيكون صعبا تحييده عن سائر التجاذبات والتباينات القائمة. بمعنى ان انعقاد جلسة او اكثر لدرس الموازنة وإقرارها في غياب مؤكد للوزراء الشيعة، حتى لو صح ما يتردد عن امكان حضور وزير المال، لن يكون بالسهولة التي تمرر استحقاقا مماثلا. ولذا ستكون الأيام المقبلة معبرا اضطراريا للعودة الى مشاورات الكواليس بين الرئيس ميقاتي وكل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري خصوصا لتلمس السبيل الممكن لتامين إقرار الموازنة من دون تفجير ازمة إضافية لن يكون في قدرة الحكومة تحمل تداعياتها.
وسط هذه الأجواء كان للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقف جديد مرتفع السقف من المجريات السياسية اذ اعتبر في عظة الاحد “انه اذا كانت قوى لبنانيّة معيّنة تُزمع أن تربط ماهيّة وجود لبنان بالصراعات الإقليميّة وولاءاتها الخارجيّة، فإنّها تخرج عن الإجماع وتُصيب وحدة لبنان في الصميم. جريمةٌ هي أن نقضي عليه ونشوّهه في هويته”. ودعا إلى “أن تسترجع الشرعيّةُ اللبنانيّةُ قرارَها الحرَّ الواضحَ والقويم، ووِحدةَ سلطتِها العسكريّة، وأن تنسحب من لعبة المحاور المدمّرة، وتحافظ على مؤسّساتها الدستوريّة بإجراء الانتخابات النيابيّة والرئاسيّة في مواعيدها”. واعلن انه “ليس من المقبول إطلاقًا أن يواصل عدد من القوى السياسيّة خلق أجواء تشنّج وتحدّ وخصام واستعداء واستقواء تثير الشكوك حيال الاستحقاقين. ومن غير المقبول بقاء مجلس الوزراء في حالة وقف التنفيذ، خصوصًا أنَّ أيَّ اتّفاق مع صندوق النقد الدولي يستلزم موافقة مجلس الوزراء مجتمعًا. إنها جريمة أن يستمر تجميد الحكومة لأسباب باتت واضحة”.