كتبت صحيفة النهار تقول: بدت كل السيناريوات التي رسمت مع مطلع الأسبوع لانفراج سياسي نسبي من شأنه أن ينهي الشلل المفروض على مجلس الوزراء عرضة للتبخر في نهاية الأسبوع أمام موجات جديدة من التوتر والتجاذبات بين أركان السلطة وخصوصاً بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب. وإذا كانت الشكوك الكبيرة لا تزال تشوب إمكان توجيه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء أو جلسات تخصّص لدرس الموازنة وإقرارها حال تلقيه مشروع الموازنة بعد إنجازها في وزارة المال فان المعطيات المتوافرة تفيد ان ميقاتي ، يزمع بجدية تامة توجيه الدعوة كما نقلت عنه أمس “النهار”، من منطلق قناعته بإمكان تحييد ملف الموازنة الحيوي والأساسي في ظروف لبنان الضاغطة عن الملفات التي شلّت جلسات مجلس الوزراء. ومع ذلك فإن أوساطاً سياسية متابعة للتعقيدات المتصاعدة داخل الحكومة والسلطة تعتقد أن الاختبار المتصل بالموازنة سيكون صعباً تحييده عن سائر التجاذبات والتباينات القائمة بمعنى أن انعقاد جلسة أو أكثر لدرس الموازنة وإقرارها في غياب مؤكّد للوزراء الشيعة، حتّى لو صح ما يتردد عن امكان حضور وزير المال، لن يكون بالسهولة التي تمرر استحقاقاً كهذا مرور الكرام.
ولذا ستكون الأيام المقبلة معبراً اضطرارياً للعودة إلى مشاورات الكواليس بين الرئيس ميقاتي وكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري خصوصاً لتلمس السبيل الممكن لتامين إقرار الموازنة من دون تفجير أزمة إضافية لن يكون في قدرة الحكومة تحمل تداعياتها.
ولعل ما يفاقم هذه التعقيدات أن المناخ السياسي يجنح نحو مزيد من الاستقطابات في ظل تضاؤل فرصة استجابة القوى السياسية والكتل النيابية للتحرّك الذي باشره العهد ساعياً إلى تنظيم طاولة حوار وطني في توقيت تلتقي الكثير من المواقف والتقديرات على النظر إليه على أنه توقيت خاطئ وفي غير ظرفه المنطقي إطلاقاً. وتستبعد المعطيات المتوافرة حيال هذا التحرّك أن تنجح اللقاءات التي يزمع رئيس الجمهورية عقدها مع رؤساء الكتل النيابية الأسبوع الطالع في إزالة التحفظات والشكوك حيال انعقاد طاولة حوار في هذا التوقيت على مسافة خمسة أشهر من الانتخابات النيابية وبرعاية رئيس لم يبق من ولايته سوى عشرة أشهر ناهيك عن الظروف التي تجتازها البلاد والتي كانت تفترض عقد حوار وطني منذ سنوات عدة وليس توقيته حسب الظروف الخاصة الضاغطة بالعهد على ما تشي به هذه المحاولة.
في أيّ حال وبعد الاتصال الذي جرى بين عون والرئيس سعد الحريري ومن ثم محطة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بعبدا الجمعة أفادت المعلومات أن عون سيجتمع بداية الأسبوع مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ثم رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط للبحث معهما في دعوته للحوار. وفي وقت لم يحدّد المردة موقفه بعد، برزت مواقف اشتراكية لا توحي بإيجابيات في هذا الصدد، أبرزها للنائب هادي أبو الحسن الذي أكّد اتصال رئيس الجمهورية برئيس الحزب وليد جنبلاط إلّا أنه اعتبر “أن الحوار كان يجب أن يكون في مطلع العهد وبعناوين تلامس الواقع ولا أعتقد أنه اليوم يشكل محاكاة لآلام اللبنانيين فليس هو الوقت اليوم للبحث في تعديل النظام السياسي في لبنان”. وحول موقف “الاشتراكي” من الحوار، قال: “الحوار من أجل الحوار لا قيمة له وإذا كان الهدف منه تعويم العهد فـ”مش شغلتنا نلمّع صورة حدا أو ننقذ حدا” وقد ولّى زمن المسايرة وجنبلاط لم يحدد موقفه بعد وسيعلنه في الوقت المناسب”.
كما كشف مسؤول العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية ” الوزير السابق ريشار قيومجيان أن “القوات ستقاطع الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون”، واعتبر أن “العناوين العريضة المطروحة للحوار لا يمكن مناقشتها الآن وإذا نوقشت فلن تؤدّي إلى أيّ نتيجة ونحن على أبواب انتخابات نيابية”.
في غضون ذلك بدأت تتصاعد إلى العلن تحضيرات القوى السياسية لخوض المعركة الانتخابية.
وأكّد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي في هذا السياق ان الانتخابات النيابية لا تزال تحتاج إلى مكونات عدّة، أبرزها هيئة الإشراف التي وضع الأسماء لها، وفق ما أكّد رافضاً التحدث مع السياسيين لمناقشة الاسماء، ومؤكّداً أنه سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم، “وإلّا، فلتبق الهيئة القديمة”. وأفاد أنه يعمل شخصياً لتأمين الكهرباء عبر مولدات خاصة إلى المدارس التي ستكون مراكز انتخابية، كما أنه عمل على تأمين اللوجستيات عبر هيئات المجتمع الدولي، وهو طلب تأمين 50 مليار ليرة لقوى الأمن لحفظ الامن والنظام وحماية المراكز الانتخابية، كما أن المبالغ التي ستصرف لرؤساء الأقلام ومساعديهم منصفة.
وعلى المستوى السياسي برز إعلان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “التعبئة الحزبية الشاملة من أجل خوض المعركة الانتخابية” وذلك في لقاء مع الكوادر الحزبية ضمن إطار “المجلس المركزي” في حزب “القوات”، حيث دعا إلى “إطلاق ليس فقط الماكينة الانتخابية في الحزب، إنما تحويل كل الهيئات الحزبية من منسقيات ومصالح وأجهزة ومكاتب الى ماكينة انتخابية مجيشة لصالح العملية الانتخابية كونها الوسيلة الوحيدة التي تحمل في طياتها العبور إلى الخلاص الوطني”. واعتبر في بيان، أن هذه “المعركة هي معركة إنقاذ لبنان من محاولة تغيير هويته وتاريخه، كما انها معركة اللبنانيين للتخلُّص من الواقع المزري الذي أوصلهم إليه تحالف “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” ومن معهما”، وأكّد أن “فرص النجاح كبيرة جداً بسبب التحوّل الكبير في مزاج الرأي العام الذي لمس خطورة وجود سلطة لا تعبأ سوى بمصالحها وأوصلت البلد إلى الانهيار”، ورأى انه “لا بد من أن تنتقل الأكثرية الجديدة إلى الجهة التي تريد إنقاذ لبنان وهي ليست “القوات اللبنانية” وحدها بل معها كل من يلتقي مع هذا الهدف وهذا الخط”.
ودعا جعجع “الناس إلى تحمُّل المسؤولية في هذه المعركة لأنّهم إذا تخاذلوا فهذا يعني أننا سنبقى في جهنّم التي نعيشها اليوم وسننزل إلى طوابق أكثر تحت الأرض على الأقل للسنوات الأربع المقبلة”، وشدّد على أن “هذه المعركة مصيرية وعلى هذا الأساس يجب أن نحضِّر لها بكل قوّتنا لأن هذه الانتخابات هي الطريق الأساسي لاستعادة لبنان من القعر الذي هو فيه وإنقاذه من جهنم التي وضعوه فيها”.
في المقابل، اعتبر عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق أن “المنهزمين في المنطقة يشنون هجمة سياسية وإعلامية على حزب الله في مغامرة خاسرة لتعويض خسائرهم”.
وقال: “إن شعار الاحتلال الإيراني دليل على قمة الإفلاس والحقد الأعمى، لأن أحقادهم أعمتهم عن إدراك ما يضرهم وما ينفعهم”. وأضاف: “لبنان الرسمي مطالب بالدفاع عن السيادة بوجه تدخلات وإساءات عدد من السفراء الذين يمعنون في مخالفة الأصول الديبلوماسية، ويبثّون سموم التفرقة بين اللبنانيين”. وقال إن “تدخل بعض السفارات في الشؤون الداخلية يشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي”.