كتبت صحيفة “النهار” تقول: قد يجوز القول إن رئيس الجمهورية ميشال عون أمسك العصا من وسطها، فلم يكسر “الحرم طبعا” مع حليفه “حزب الله” من دون أن يتخلى عن لمسة انتقاد له في التعطيل وتوتير العلاقات مع دول الخليج وفي دعوته إلى حوار متجدد ولكنه مجرب سابقاً وفاشل سلفاً حول الاستراتيجية الدفاعية. وبذلك أحبط أولئك الذين بالغوا في تصوراتهم وتوقعاتهم في أن تشكل كلمة عون مفصلاً حاسماً في علاقة العهد وتياره السياسي مع حليفه الشريك الأساسي في نهج التعطيل الذي أسهب في الحديث عنه. وإذا كان عون بدا راغباً في بداية الأيام الخمسة الأخيرة من السنة 2021 في امتحان قدرته بعد على إطلاق مبادرة لاحتواء أزمات الانهيار التاريخي الذي مزق البلاد خلال عهده من خلال اطلاق دعوته إلى الحوار حول مثلث من المحاور يتناول اللامركزية الإدارية والاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي المالي، فان المفارقة انه أوقع نفسه في التناقض الشديد لهذه الجهة، إذ انه اعلن أولاً وجهراً وعلناً دعوته إلى تغيير نظام الحكم مستبقا أي حوار محتمل، ثم انه حمل مجددا وبعنف على ما وصفه بالمنظومة السياسية والمالية وكأنه خارج عنها وثائر عليها او كأنه من صفوف المنتفضين فيما دعوته إلى الحوار تصب في خانة هذه المنظومة التي يتعامل معها تكرارا على قاعدة “ما خلونا”. ولكن ذلك لم يحجب دلالات التبرم الكبير الذي برز في كلمة عون لجهة تعطيل مجلس الوزراء، ولو انه عمم الانتقاد ووسعه في اتجاه مؤسسات أخرى سائلا “وأين لا يوجد تعطيل” ربما لتوسيع تحميل التبعات وعدم حصرها بالثنائي الشيعي المسؤول الأول عن شل مجلس الوزراء.
أبرز خلاصات كلمة رئيس الجمهورية التي وجهها تحت عنوان “رسالة مصارحة إلى اللبنانيين” تمثلت في قوله “لم ارغب في ان أزيد الأمور تعقيداً لكن بات من الضروري ان يكون الكلام أوضح ولان المخاطر تكبر وتهدد وحدة الوطن لم ولن استسلم امام الانهيار ولا أزال اعتبر الحل ممكناً من خلال وثيقة الوفاق الوطني واجراء المحاسبة وحماية أموال الناس واعادتها إلى المودعين”. وشدد على ان “الدفاع عن الوطن يتطلب تعاون الجيش والشعب والمقاومة والمسؤولية الأساسية هي للدولة التي تضع وحدها الاستراتيجية الدفاعية وتسهر على تنفيذها” واعتبر ان “التعطيل ضرب المجلس الدستوري واسقط خطة التعافي المالي وعطّل الحكومة وعرقل القوانين في مجلس النواب والتفكيك والانحلال نحرا القضاء”. وقال”في الوقت الذي تقترب فيه الحلول في المنطقة نرى الحل يبتعد في لبنان”.
وشدد على انه “من الضروري ان تجتمع الحكومة، فبأي شرع او منطق او دستور يتم تعطيلها”. ورأى انه “يجب ان نتعلّم من التجربة وان نعدّل نظام الحكم كي تصبح الدولة قابلة للحياة وعلى لبنان ان يبقى ملتقى حوار الثقافات، وليس ارض الصراعات”. وقال “لا اريد ان اخاصم احداً ولا تفكيك الوحدة في أي طائفة ولن اقبل ان أكون شاهداً على سقوط الدولة واختناق الناس وسأبقى اعمل حتى آخر يوم من ولايتي ومن حياتي لمنع ذلك”. واعلن “أرغب بأفضل العلاقات مع الدول العربية ودول الخليج ولكن ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع هذه الدول والتدخل في شؤون لا تعنينا؟” . ودعا إلى “حوار وطني عاجل من اجل التفاهم على ثلاث مسائل والعمل على إقرارها لاحقاً: اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي المالي” وأشار إلى انه “من السهل انتقاد رئيس الجمهورية مع ان صلاحياته محدودة جداً انما لا بد ان اسأل: لماذا لا تقال الحقيقة؟ لماذا يزوّرون الحقائق”.
وقبيل إلقاء عون كلمته نقل عن مصادر مطلعة انه حتى ساعات ما بعد الظهر لم يكن مضمون الكلمة قد انتهى بعد وان الاستشارات كانت تستكمل وسط توجهين يقول الاول بوجوب “بق البحصة” حيال ممارسات “حزب الله”، فيما كان الاتجاه الثاني ينصح بتجاهل ملف العلاقة مع الحزب والتركيز على الفريق الاخر الذي منع العهد من تنفيذ وعوده بالاصلاح والتغيير والقاء تبعات الانهيارات على العهود السابقة والسياسات المالية.
كما تردد ان لقاء عقد بين رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا في البياضة، لكن معلومات لاحقة نفت حصول اللقاء. ويشار إلى ان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله سيلقي كلمة مساء الاثنين المقبل في الذكرى الثانية لمقتل قائد “لواء القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني على يد القوات الأميركية.
وجاء التعليق الأول على كلمة عون من الرئيس ميشال سليمان الذي اعتبر ان “لا صدقية لاي حوار لا يبدأ من حيث انتهى الحوار الذي سبقه (التحييد)”.
وفي غضون ذلك بدا اثر وطأة الاتهامات التي وجهها التحالف لدعم الشرعية في اليمن إلى “حزب الله” بالتورط في حرب اليمن واضحا في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية والمغتربين عصراً ودانت فيه “بشدة الهجوم الارهابي الذي تعرضت له المملكة العربية السعودية بمحافظة صامطة بمنطقة جازان” واكدت الوزارة “وقوف لبنان الدائم حكومةً وشعباً إلى جانب المملكة العربية السعودية الشقيقة ضد كل ما يمس أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها، و تعرب عن أسفها لسقوط الضحايا والجرحى وتتقدم بأصدق التعازي لأهالي الضحايا والتمني بالشفاء العاجل للمصابين” .
مواعيد الانتخابات
وسط هذه المناخات المشدودة حسم أخيرا وعلى نحو رسمي موعد اجراء #الانتخابات النيابية التي تقرر إجراؤها في 15 أيار 2022 . ووقع امس وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإنتخاب أعضاء مجلس النواب، وفقا للمواعيد الآتية:
– اقتراع اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية، يوم الأحد الواقع فيه 15/5/2022.
– اقتراع الموظفين الذين سيشاركون بالعملية الإنتخابية، يوم الخميس الواقع فيه 12/5/2022.
– اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، يومي الجمعة الواقع فيه 6/5/2022 أو الأحد الواقع فيه 8/5/2022، وذلك بحسب مصادفة يوم العطلة الرسمية في الدول الجاري فيها الإقتراع.
وأعلن المكتب الاعلامي لمولوي أن توقيع مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة من قبل وزير الداخلية والبلديات وإحالته إلى رئاسة مجلس الوزراء، “يعكس جدية وزارة الداخلية والحكومة اللبنانية لإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، وذلك التزاماً بما جاء في بيانها الوزاري وما تعهدت به أمام المجتمعين المحلي والدولي، على أن تستكمل الإجراءات الآيلة لحصول هذا الاستحقاق بقرارات متتالية، منها فتح مهلة الترشيح بعد نشر المرسوم”.
لا وساطات
إلى ذلك نفى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم الكلام عن حصول تواصل مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في وساطة مع احدى الرئاسات بعيد صدور القرار في المجلس الدستوري. وأكد ردا على سؤال خلال جولة قام بها على أقسام مركز الأمن العام الذي افتتحه في الغبيري امس أن “هذه المعلومة غير صحيحة. حصل هذا الموضوع وكنت خارج لبنان”. وعما إذا كان له دور جديد أو وساطة جديدة، قال “أنا أهتم بالأمن العام والدليل اننا هنا اليوم. وفي السياسة يجب ان يكون هناك تواصل مباشر بين الافرقاء ولا أعتقد ان هناك أي وساطة مطروحة في الوقت الراهن”.