كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : إذا كانت دلالات اعلان #المجلس الدستوري عدم توصله الى قرار في شأن الطعن الذي قدمه امامه “تكتل لبنان القوي” في التعديلات التي اقرها #مجلس النواب على قانون الانتخاب لعام 2017 تقاس بردود الفعل الفورية، فلا شك ان ثورة الغضب المتفجرة التي عبر عنها رئيس التكتل النائب #جبران باسيل وإطلاقه النار الهجائية والحادة في اتجاه الحلفاء قبل الخصوم، كانت وحدها كافية لإيجاز الموقف الناجم عن هذا التطور. ذلك ان “لاقرار” المجلس الدستوري، الذي كانت “النهار” تفردت الأسبوع الماضي بايراد معطيات انه سيكون حصيلة اجتماعاته، وان كان من الناحية الشكلية يحمل صفة سلبية لم يتأخر رئيس المجلس نفسه القاضي #طنوس مشلب في وصفها بـ”السقطة”، فان هذه الحصيلة كشفت من الوجهة الأخرى عوامل إيجابية يصعب على مختلف القوى السياسية تجاهلها ومن ابرزها أولا ان لاقرار المجلس يثبت سقوط صفقة المقايضة “الشبح” التي تبرأ منها أطرافها وغسلوا أيديهم بعدما تمرد عليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وانكشفت بعد ذلك أهدافها السلطوية الانقلابية. اذ لو لم تسقط الصفقة لربما كانت المداخلات السياسية اقتحمت المجلس الدستوري وعاثت فيه فسادا وأخذته الى وجهة تدمر هيبته وصدقيته تماماً. ثم ان لاقرار المجلس أظهره، سواء عن حق او خطأ، بمظهر المعاند امام اللعب باستقلاليته، فكان عدم التوصل الى قرار افضل من قرار منحاز اذا كانت المفاضلة محصورة بينهما ولا مجال لقرار قضائي كامل حاسم في كل بنود الطعن. ومع سقوط الطعن بفعل عدم التوصل الى قرار، فان المكسب الأكبر يبدو في صون حق المغتربين اللبنانيين في الاقتراع لمجموع المقاعد النيابية الـ128 وهو الامر الذي اثار في المقابل ترحيبا حارا للغاية من جانب “القوات اللبنانية” وقوى وشخصيات أخرى، علما ان صورة الموقف بدت معبرة عن التفاعل الناري مع هذا التطور بين اكبر تيارين مسيحيين متخاصمين هما “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” .
إذن غداة اخفاق التسوية التي كان العمل جار على ابرامها بين العهد والتيار الوطني من جهة والثنائي الشيعي من جهة ثانية، بفعل رفض رئيس الحكومة تحمّل اوزارها، انعكس السقوط على الاجتماع النهائي للمجلس الدستوري وما صدر عنه في الطعن المقدم امامه في تعديلات قانون الانتخاب، من “تكتل لبنان القوي”، وبعد اجتماعه السابع والأخير برئاسة القاضي طنوس مشلب وحضور الأعضاء، لم يتوصل المجلس الدستوري الى قرار في شأنه لتعذر تأمين أكثرية 7 أعضاء، فاعتبر القانون المطعون به نافذا، وتم تنظيم المحضر لابلاغه إلى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، على أن ينشر في الجريدة الرسمية. ونفى مشلب ان يكون “أحد طلب منا شيئاً في السياسة” معتبرا “ان الصفقة التي تحصل تكون بين أصحابها ولا تصل إلى أبواب المجلس الدستوري والنقاش كان قانونيًّا”. ولكن مشلب اعترف انه “ليس راضياً عن عدم صدور قرار ولكن لم يكن بالإمكان أكثر ممّا كان وما حصل قد يكون سقطة في نقطة معيّنة للمجلس الدستوري”.
ونقل عن مصادر رئاسة الجمهورية أن ما حصل هو “سقطة للمجلس الدستوري”. وأكدت المصادر نفسها أن “رئيس الجمهورية لم يطلب شيئا وثمة قوى تعطل القضاء والمجلس الدستوري والسلطة الاجرائية والتدقيق الجنائي”.
هجوم باسيل
وبعد ساعات من اعلان المجلس الدستوري هذه النتيجة شن رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل حملة عنيفة للغاية في مؤتمر صحافي بعد اجتماع التكتل على ”المنظومة” التي لم يحدد أطرافها، ولكن بدا واضحا ان سهامه استهدفت الثنائي الشيعي خصوصا للمرة الأولى بهذه الحدة العلنية. وقال باسيل “اليوم تم اسقاط المجلس الدستوري وتعطيله لأن الطعن بقانون الانتخاب لم يسقط بل لم يصدر قرار في شأنه”، معتبرا أن “ما حصل هو ضرب للميثاقية وصلاحية رئيس الجمهورية في المادة 57 وسقوط اضافي للدستور الذي نحاول ان نحافظ عليه”. واعتبر أن “ما جرى هو نكسة للحق وليس للتيار الوطني الحر وهو أيضا نكسة للمنتشرين، وما حصل تم بقرار سياسي واضح من قبل منظومة متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس ميشال عون وعلى رأسها في المجلس الدستوري اليوم كان الثنائي الشيعي وهذا ما ستكون له مترتبات سياسية”. وأضاف “ما حدث هو سكوت عن جملة أمور منها التلاعب بالمهل واضافة مواد الى نص تشريعي تتعلق بصلاحية وزيرين هما العدل والخارجية بلا نقاش وتصويت، وهذا ضرب للنظام الداخلي للمجلس النيابي والمادة 66 من الدستور الى جانب المس بصلاحية الرئيس برد قانون وفق المادة 57”. وأكد أن “صلاحية الرئيس برد القانون هي اساسية ورفض الرد يحتاج الى اكثرية معززة هي 65 نائبا وفق المادة 57 من الدستور وهنا لا نقاش بالموضوع والرئيس بري سبق وصرح عام 1994 بهذا الامر”.
كما لم يوفر خصومه وتحديدا “القوات اللبنانية”، فقال “اقول لبعض الفرحين على اعتبار انهم حققوا انجازا اليوم بعدما كانوا عام 2017 تبنوا القانون الانتخابي اذا كان الامر صحيحا لماذا يحتفلون بالتعديل؟ هكذا فرحوا في 13 تشرين وباسقاط الارثوذكسي واليوم يعبرون عن فرحهم بضرب صلاحية اساسية لرئيس الجمهورية. باسيل أضاف: لم أقبل يوماً بربط موضوع الطعن بأي أمر آخر فهذا حق ولن ندفع ثمناً لنحصل عليه وأي كلام عن مقايضة مجرّد كذب… نقول للثنائي الشيعي الا مبرر لعدم انعقاد مجلس الوزراء وكذلك لرئيس الحكومة اذ لا يبدو ان هناك استعجالا لهذا الامر. ولا يظنن أحد أن المسرحية التي شاهدناها أمس في عين التينة “مرقت علينا”، “مش زابطة”. وقال “تلقيت اتصالاً وعرضاً اليوم قبيل صدور قرار المجلس الدستوري طرح علينا فيه أن نقبل بالتصويت مع المجلس الأعلى في مجلس النواب (وليس فقط الحضور) مقابل قبول الطعن فقلت لهم: طالما تعرفون الجواب لماذا تسألون؟ أوقفوا هذه الألاعيب”.
جعجع يهنئ المنتشرين
على الضفة الاخرى، رحب تكتل “الجمهورية القوية” بقرار المجلس واصدر رئيس حزب ”القوات اللبنانية” سمير جعجع، بيانا هنأ فيه لبنانيي الانتشار “لأنهم سيستطيعون ترجمة لبنانيتهم بأفضل شكل ممكن، بخلاف ما كان يخططه لهم آخرون. فلبنانيو الانتشار، وخلفا لمواطني أي بلد آخر في العالم، يعتبرون أنفسهم مواطنين لبنانيين قبل كل شيء آخر، لبنانيون أقحاح يعيشون في بلاد الانتشار لكنهم يحييون في لبنان، وقد ظهر ذلك واضحا جليا في نسبة التسجيل في الانتخابات المقبلة والتي تخطّت من بعيد كل التوقعات.هنيئا للبنانيي الانتشار ولنا جميعا في ما آلت إليه ألأمور.واضاف “أما بعد، وبعد ان أصبح قانون الانتخاب، الذي صوّت له المجلس النيابي مؤخرا، نافذا، فلم يبقَ على الحكومة، اجتمعت أم لم تجتمع، إلا تحديد الموعد النهائي للانتخابات، وتشكيل هيئة الإشراف عليها وبدء العد العكسي لإجرائها كما يجب”.وختم “يبقى على المواطن اللبناني أيضا الاستعداد كما يجب وتحكيم ضميره مليا للقيام بعملية التغيير المطلوبة من خلال صناديق الاقتراع”.
غوتيريس
وسط هذه الاجواء، واصل الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس جولاته في لبنان فيما ينهي زيارته صباح اليوم . وزارامس المقر العام لليونيفيل في الناقورة، حيث كان في استقباله القائد العام لليونيفيل ستيفانو دل كول وكبار الضباط الدوليين واطلع على مهام اليونيفيل وعملياتها، ثم جال بعدها على الخط الازرق. كما زارا معا استراحة صور حيث اجتمع غوتيريس مع ممثلين من المجتمع المدني بعيدا من الاعلام . ونفذ عدد من الناشطين اعتصاما امام بوابة استراحة صور احتجاجا على عدم مشاركتهم في اللقاء مع غوتيريس، معتبرين ان المشاركين في اللقاء يمثلون أنفسهم، وطالبوا بالاجتماع به لتقديم مطالبهم ومنها تنفيذ القرارين الدوليين 1701 و1559.
ومساء عقد غوتيريس مؤتمرا صحافيا في فندق موفنبيك اعتبر فيه “أن الشعب اللبناني يواجه تحديات عظيمة”، مكررا “تضامنه مع عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت كما ويجب تحقيق العدالة في هذا الملف عبر تحقيق شفاف”. وطالب الزعماء اللبنانيين “بالعمل على تحقيق الإصلاحات والالتزام بالشفافية”، مشيراً إلى أنه “لا بدّ من اجراء انتخابات نيابيّة حرّة ونزيهة لتكون فرصة للشعب لنقل أصواته”. وأشار إلى أن الأمم المتحدة قادرة على تقديم الدعم الفني لتنظيم انتخابات حرة وشفافة في لبنان. وقال “ان القادة اللبنانيين لا يملكون الحق بمعاقبة الشعب عبر استمرار خلافاتهم”. وأكد أن “المجتمع الدولي لن يستجيب في حال لم يلاحظ القيام بإصلاحات وهناك بعض الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها في لبنان ”وأضاف قائلاً: “نحتاج إلى توسيع دعم المجتمع الدولي وعلى اللبنانيين وضع بلدهم على طريق التعافي الاقتصادي وأكدت ضرورة البدء سريعا في مفاوضات صندوق النقد الدولي مع لبنان”. وأشار إلى أن “الأزمة الاقتصادية في لبنان هي أزمة عميقة ونحن نشهد أزمة تغذية، ومن الضروري استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ووضع خطة تعاف وتعبئة المجتمع الدولي ولكن على المسؤولين تحمّل المسؤولية”.
المجلس الأعلى
وليس بعيدا من الأجواء السياسية دعا رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع ظهر اليوم في قصر بعبدا لمناقشة الاوضاع العامة في البلاد من دون تحديد ماهيتها، وتجديد فترة التعبئة الصحية في ظل انتشار فيروس كورونا لاتخاذ الاجراءات المناسبة.