كتبت “النهار” تقول: هل تصح المعطيات التي تحدثت عن اتجاه الى اعلان وزير الاعلام #جورج قرداحي استقالته في الساعات المقبلة بالتزامن مع بدء جولة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على ثلاث دول خليجية وقبل وصوله تحديداً الى المملكة العربية السعودية؟
الواقع ان الحديث عن احتمال حصول هذه الخطوة، والتي كانت أشارت اليها مراسلة “النهار”في باريس رنده تقي الدين قبل أيام، رافقته معطيات عن تشدد فرنسي في طلب قيام الحكومة بخطوة حاسمة وتحديداً استقالة قرداحي لكي يكون بين يديّ الرئيس الفرنسي ما يفاتح به السعوديين للتخفيف من وطأة الازمة الديبلوماسية التي انفجرت بين لبنان ودول خليجية عدة، في مقدمها السعودية، عقب تداعيات التصريحات التي ادلى بها قرداحي. وتردد ان مشاورات كثيفة جرت في اليومين الماضيين لإقناع كل من “حزب الله” و”تيار المردة” خصوصاً باستقالة قرداحي، وان حلفاء الأخير تركوا له الحرية في اتخاذ القرار النهائي فيما رجحت المعطيات إقدامه على الاستقالة في مؤتمر صحافي يعقده في الاولى بعد ظهر اليوم في وزارة الاعلام، بعدما كان اجرى سلسلة اتصالات بحلفاء واصدقاء على مدى اليومين الماضيين واضعاً اياهم في صورة ما يجري.
وعلى أهمية الدلالات التي يكتسبها تصاعد الاهتمامات الفرنسية والفاتيكانية بالوضع في لبنان والتي تعكس بدورها تصاعد القلق المزدوج الفرنسي – الفاتيكاني على انزلاق لبنان نحو أوضاع تصعب السيطرة عليها نهائياً، بدا واضحاً انتظار الأوساط اللبنانية لمعطيات ووقائع جديدة قد تأتي من خلال هذه الاهتمامات. ولكن مصادر ديبلوماسية وسياسية معنية بترقب التحركات الخارجية المتصلة بالوضع في لبنان لم تبْدُ واثقة تماماً من ان تثمر جولة الرئيس ماكرون على الإمارات وقطر والمملكة العربية السعودية تبديلات كبيرة أقله في الأزمة الديبلوماسية لاعتبارات كثيرة أهمها وأبرزها يتصل بالخيبة الفرنسية التي كانت ظاهرة حيال التصلب السياسي السائد والمستمر في التعامل مع أزمة تعطيل الحكومة التي ولدت بشق النفس بعد تعطيل متماد أيضاً، الامر الذي عاشت فرنسا من خلال وساطة رئيسها كل تداعياته السلبية على ديبلوماسيتها. وفي ظل ذلك، تضيف هذه المصادر، لا يبدو ان هناك فعلاً في محيط الرئيس الفرنسي الآتي في جولته على الدول الخليجية الثلاث وسط اولويات مهمة في العلاقات الثنائية بين بلاده وهذه الدول، كما في الأولويات الإقليمية والدولية، تعويلاً بالحجم الذي يطرحه بعض الأوساط اللبنانية الرسمية والسياسية على وساطة ماكرون لدى السعودية، الا اذا حصلت استقالة قرداحي فعلاً، وعندها ينبغي رصد الحجم الحقيقي لهذه الاستقالة، وما اذا كانت ستكفي اقله لتخفيف التوتر لاأن المعالجة الكبيرة للأزمة لا تبدو متاحة حالياً وربما خلال ما تبقى من هذا العهد.
تمرير “مشبوه”!
واذا كان هذا الجانب من الازمة يتصل بتبديد الدعم الفرنسي كما الفاتيكاني للبنان على ايدي أطراف سياسيين، فان المصادر تحذّر من ان أزمة تعطيل جلسات مجلس الوزراء بدأت ترتب تزايد التداعيات السلبية والخطيرة على كل شيء، حتى على المشاريع الجاري الإعداد لها حكومياً ونيابياً في غياب انعقاد مجلس الوزراء. ولفتت في هذا السياق الى ان ما جرى في الجلسة المشتركة للجنتي المال والموازنة والإدارة والعدل الأربعاء الماضي لاستكمال درس مشروع “الكابيتال كونترول” شكّل جرس إنذار حيال مواجهة جديدة قد لا تتأخر في الانفجار بسبب غياب تحمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن الجانب المتعلق بها في هذا المشروع. وأشارت الى ان “إسقاط” مشروع مجهول المصدر يخالف مضمون الصيغة المشتركة التي وضعتها لجنتا المال والإدارة، وتوزيعه فجأة على النواب الحاضرين في الاجتماع، ونفي ممثل الحكومة نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي ان تكون الحكومة وراء وضع هذا المشروع، اثارت الريبة والتوجس مجدداً حيال استغلال جهات معينة فرصة التأزم لتمرير مشروع جديد يضع السلطة المطلقة في موضوع الكابيتال كونترول وما يعنيه من مصير للودائع تحت رحمة مصرف لبنان وجمعية المصارف وحدهما. وقالت ان الريبة ازدادت بعدما تبيّن ان ما ورد في المشروع لم يكن من وحي ملاحظات صندوق النقد الدولي كما تذرع البعض بذلك، ولذا طلب الشامي مهلة للعودة الى الحكومة وأمهله نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي فترة أسبوع، غير انه بعد ساعات قليلة من الجلسة جرى تحديد موعد للجان مجدداً اول الأسبوع المقبل، وكأن هناك نية لتمرير هذا المشروع بأسرع وقت، علماً ان معارضي المشروع يحذرون من ان مضمونه يتسبب بمزيد من الجور والظلم والتأكل على المودعين. وقد حذرت “رابطة المودعين” من ان النسخة المسرّبة لهذا المشروع هي أقرب الى إعدام مسلّط على رقاب المودعين من ولاة الدولة وسياساتها النقدية بهدف تمريره خلسة قبيل انتهاء دورة مجلس النواب تحت ذريعة شروط صندوق النقد الدولي “.
وتقول المصادر “هذه عينة واحدة من عشرات المواجهات التي تحصل والمرشحة للتفاعل السلبي لاحقاً طالما ممنوع إعادة احياء دورة المؤسسات الدستورية وفق الدستور والانتظام العام”.
البابا و#الراعي
ووسط هذه الأجواء بدا لافتا ان البابا فرنسيس اطلق اول مواقفه حول لبنان في مستهل زيارته امس لقبرص حيث عبر في لقاء مع الكنيسة المارونية فيها عن “قلق شديد” تجاه الأزمة في لبنان، كما برز انتقاد بطريركي جديد لاداء السلطة السياسية.
وفي اطار زيارته الرعائية الى جزيرة قبرص، زار الراعي رئيس أساقفة قبرص خريسوستوموس الثاني في نيقوسيا على رأس وفد جرى التطرق الى الوضع في لبنان حيث أكد الراعي “ان المشكلة الاساسية في لبنان سياسية تتبعها الازمات الاجتماعية والاقتصادية، ومكمن الحل ليس بين ايدينا، فالشعب بمكان والسياسة بمكان اخر، وبالتالي ما زلنا نؤمن ان وطننا هو بلد الحرية والانفتاح والتعايش والديمقراطية وكلنا رجاء أنه سينهض من كبوته”. كذلك، زار البطريرك الراعي والوفد المرافق الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس في المقر الرئاسي في نيقوسيا.
وبالتزامن مع ذلك استهل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب زيارته لروما بلقاء مع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين حيث تناول البحث الازمة التي يمر بها لبنان وكيفية حلّها “ودعم الفاتيكان المستمر للبنان حكومةً وشعباً مع التأكيد على ان يكون لبنان بمنأى عن الصراعات في المنطقة”. كما التقى بوحبيب وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بول ريتشارد غالاغر الذي اكد دعم الفاتيكان للبنان الذي سيزوره في الفصل الاول من العام المقبل.
وعشية زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لكل من الرياض والدوحة وابو ظبي، عقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعا مع سفيرة فرنسا آن غريو وعرض معها المستجدات السياسية وتطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة.