كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: فيما توقف السجال الحاد على جبهة بعبدا ـ عين التينة بفعل اتصالات ومساعٍ مؤثرة على الجانبين، ظلّت الأزمة الناشئة بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية ومعها بعض دول الخليج على غاربها، نتيجة غياب المعالجات العملية والفاعلة لها، ولم تنفع معها مواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المتلاحقة، والمشدّدة على حرص لبنان على أوثق العلاقات بينه وبين أشقائه العرب وعلى رأسهم السعودية. في وقت ذهب مصدر مسؤول الى وصف المواقف التي عبّر عنها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من الأزمة مع الرياض، على خلفية مطالبة البعض باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، لتكون مدخلاً للحل، بأنّها “مواقف سياسية” يمكن البناء عليها في قابل الأيام، لتحقيق التهدئة التي من شأنها التمهيد للمعالجات المطلوبة، والإنصراف الى ورشة العمل لوضع البلاد على سكة التعافي سياسياً ومالياً واقتصادياً ومعيشياً، قبل الإنغماس العملي في استحقاق الإنتخابات النيابية المقرّرة في أواخر آذار المقبل.
علمت “الجمهورية”، انّ اتصالات أجرتها جهات فاعلة وعلى مستويات عليا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أثمرت توقف السجال الحاد الذي دار “تويترياً” وعبر البيانات، بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، خصوصاً بعدما شهدت السوق المالية السوداء أمس ارتفاعاً في سعر الدولار على حساب قيمة العملة الوطنية، بما يهدّد اكثر فأكثر بتفاقم الازمة المالية والمعيشية، ويطيح كل المحاولات الحكومية والدولية لتحقيق الاصلاحات الموعودة لوقف الانهيار الذي تعيشه البلاد.
وفي هذه الأثناء، يواصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي محاولاته في غير اتجاه لتأمين عودة جلسات مجلس الوزراء الى الانعقاد، عبر تحقيق حلحلة في القضايا التي كانت سبب توقفها، وفي مقدّمها التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت وأحداث الطيونة، علماً انّ توجيهاته الى الوزراء بوجوب إنجاز الملفات الاساسية المتصلة بالإصلاحات الإنقاذية وبتسيير شؤون الناس ومعالجة ازمة الكهرباء لا تزال سارية، لتكون جاهزة للإقرار والتنفيذ فور عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد.
ميقاتي
واكّد ميقاتي خلال الاحتفال بالمئوية الثانية لنقابة المحامين في طرابلس أمس، أنّ “التحاور يقفُ عند حدود قناعاتٍ وطنيةٍ وشخصية لا يحيد عنها أبداً، وأبرزُها إستقلالية القضاء ومن خلاله حمايةُ الدستور والمؤسسات، وصون انتماءِ لبنانَ العربي والحفاظ على علاقاتِ الأخُوَّةِ مع الأشقّاء العرب، وفي مقدَّمِهم المملكةُ العربية السعودية”، مشدّداً على انّ “مفهومَ الدولة يقومُ على قاعدة أن يتخلّى الفردُ أو المجموعةُ طوعًا عن بعضِ ما هو حقٌّ له أو لها في الأصل، من أجلِ المصلحةِ العامة التي تُمثل بالضرورة”.
ودعا الى أن “تكون المئوية الثانية لنقابة محامي طرابلس مئويةَ النظامِ العام، والانتظامِ الكامل في نهجٍ سياسيٍّ واضح المعالم والمبادئ، يلتزم قواعدَ الديموقراطية الصحيحة وأُسُسَ بناءِ الدولة العصريّة ذات السلطة الواحدة التي لا ازدواجيةَ فيها. دولةٌ تجعلُ على رأسِ اهتمامَاتِها حمايةَ سيادةِ الوطن وضمانَ سلامةِ أرضِه وشعبِه ومؤسساته، واحترامَ القواعدِ والاستحقاقاتِ الدستورية، وصَوْنَ مصالحِ المواطنينَ المقيمين والمغتربين، والمحافظةَ على انتماءِ لبنانَ العربي، وبناءَ أفضلِ العلاقاتِ مع الأشقاءِ في المنطقة والأصدقاء في العالم. دولةٌ تكرِّسُ استقلالَ القضاء وتعملُ على توفير حاجات المرفق القضائي الماديةِ والمعنوية، لكي يتولّى إحقاق العدالة بإسم الشعبِ اللبناني، استنادًا إلى ضمائر القضاة ونصوص القانون فقط، ومن دونِ تدخُّلِ أحدٍ أيًّا كانت صفتُه وموقعه”.
نصرالله والسعودية
ومن جهته، أكّد الأمين العام لـ”حزب اللّه” السيّد حسن نصراللّه خلال اطلالة له في الإحتفال لمناسبة “يوم الشهيد” في الحزب: “نحن في “حزب الله” نتطلع الى قيام دولة مركزية وعادلة ولكل ابنائها وذات استقلال حقيقي. ومن أبسط تجليات السيادة والاستقلال هو رفض الإملاءات الخارجية”. واضاف: “ردّة فعل السعودية على تصريحات الوزير قرداحي مبالغ فيها جدا جداً”. وتوجّه الى “أصدقاء السعودية في لبنان”، قائلًا: “السعودية قدّمت نفسها صديقة؛ فهل هكذا يتعاطى الصديق مع صديقه؛ فإذا كان هناك مشكلة مع وزير الاعلام أو “حزب الله” فلتحصر ردود الفعل في حدود المشكلة. نحن أيّدنا موقف وزير الاعلام أن لا يستقيل ورفضنا أن يُقال”.
وسأل: “اليوم اذا استقال وزير أو أُقيل؛ فهل تُحلّ المشكلة ؟ من طالب وزير الاعلام أن يقدّم المصلحة الوطنية؛ فهل المصلحة الوطنية في استجابة في كل ما يطلبه الخارج؟ المطالب والشروط السعودية لا تنتهي في لبنان، وهل المصلحة الوطنية هي في الخضوع والإذلال؟ الأزمة التي افتعلتها السعودية هي جزء من المعركة مع المقاومة ومع مشروع المقاومة في لبنان، وهم خلال كل السنوات الماضية ومنذ عام 2006 والسعودية موجودة في هذه المعركة، ونحن نعرف التحريض السعودي في حرب تموز”. واعتبر “أنّ حجّة السعودية بافتعال أزمة مع لبنان بسبب هيمنة حزب الله، هذا افتراء كامل وكذب محض”.
انتخابات المغتربين
وعلى صعيد استحقاق الانتخابات النيابية، وفي خطوة لتوضيح التفسيرات الخاطئة التي رافقت تسجيل وزارة الخارجية ملاحظاتها على المِهل الإدارية التي اهتزت بفعل تقديم موعد هذا الاستحقاق شهراً ونصف شهر تقريباً من 8 ايار الى 27 آذار، عُقد أمس في وزارة الداخلية لقاء بين وزيري الداخلية والخارجية القاضي بسام مولوي وعبدالله بوحبيب، خُصّص للبحث في التحضيرات الجارية ومدى ملاءمتها للمِهل القديمة التي كانت قد رُسمت قبل تعديل موعد اجراء هذه الانتخابات.
وقالت مصادر اطلعت على مضمون الاجتماع لـ”الجمهورية”، انّ بوحبيب عبّر عن قلقه من تآكل المِهل نتيجة تقديم موعد الانتخابات، فهي مِهل حُدّدت سلفاً قياساً على الموعد القديم الذي كان مقرّراً في ايار المقبل، وقد لا يتسع الوقت لإجراء الترتيبات الخاصة المحدّدة في الأول من كانون الثاني المقبل بعد إقفال باب تسجيل أسماء المنتشرين الراغبين بممارسة حقهم من حيث يقيمون في مختلف دول العالم في 20 تشرين الثاني الجاري.
تفاهم على التمديد
وعليه، وعندما اكّد بوحبيب الحاجة الى مزيد من الوقت من أجل استكمال الترتيبات الادارية والتقنية المطلوبة لضمان إجراء الانتخابات المقرّرة في السفارات والقنصليات في أفضل الظروف المطلوبة، تمّ التفاهم على اعطائها مهلة إضافية لإتمام ما تنوي القيام به، بغية تسهيل العملية الانتخابية وضمان مشاركة المنتشرين في العالم. ولفت مولوي الى انّ هناك وقتاً كافياً، فإن تأخرت الخارجية لايام او اسابيع محدودة فلن تؤخّر عن اجراء العملية في مواعيدها، وهو ما ادّى الى التفاهم بينه وبين بوحبيب على المضي في الترتيبات المتخذة، وخصوصاً انّ أرقام المشاركين في الخارج بدأت تتجاوز الأرقام في انتخابات العام 2018، ولا بدّ من الاستعداد لما هو متوقع من نسبة عالية للمشاركة.
وقالت المصادر لـ”الجمهورية”، انّ الحديث عن وجهات نظر مختلفة قد ينعكس سلباً على مشاركة المنتشرين، لا أساس له من الصحة، وانّ التفاهم بين الوزيرين انهى مثل هذه السيناريوهات الوهمية التي نسجها البعض. وجاء تأكيد مولوي التزام الحكومة ببيانها الوزاري إجراء هذه الانتخابات، بمثابة تأكيد يشاركه اياه بوحبيب ايضاً من دون اي التباس. وهو ما تمّ التوصل اليه من خلال خطة العمل لضمان القيام بالتحضيرات اللازمة لتطبيق القانون وإجراء الانتخابات للمقيمين وغير المقيمين في مواعيدها القانونية. كذلك تمّ التفاهم على تعزيز خطوات التعاون بين الوزارتين، بالنظر الى استعدادات وزارة الخارجية والمغتربين للقيام باللازم ومواصلة الخطوات التي تقوم بها مع البعثات في الخارج.
دعم تركي
وفي مجال الاهتمام الدولي بالتطورات اللبنانية، علمت “الجمهورية”، انّ وزير خارجية تركيا مولود شاويش اوغلو سيزور لبنان الثلثاء المقبل آتياً من ايران، وعلى جدول اعماله لقاءات متعددة مع المسؤولين اللبنانيين الكبار. وتهدف الزيارة الى تأكيد الدعم التركي للحكومة اللبنانية وتجديد دعوة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى زيارة رسمية لانقرة.
اوروبا واللاجئون
وصل الى بيروت امس وفد من المفوضية الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي برئاسة نائب رئيستها السيد شينا مارغاريتيس على رأس وفد يضمّ عدداً من المسؤولين الكبار، للبحث في ما تسمّيه المفوضية ازمة نزوح السوريين واللبنانيين من بيلاروسيا الى دول الإتحاد الأوروبي. وسيجول الوفد برفقة سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف، ابتداء من صباح اليوم، على كل من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزيري الداخلية والخارجية، للبحث في الآلية التي تقترحها المفوضية لوقف النزوح السوري واللبناني في اتجاه الإتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أنّ الموقف اللبناني ينصح بترتيب العلاقات على الحدود بين بيلاروسيا ودول الاتحاد، فلبنان كما سوريا، الذي يشهد إقلاع طائرتين اسبوعياً من بيروت، وطائرة واحدة من سوريا الى بيلاروسيا، لا يمكنهما منع اللبنانيين والسوريين من ركوب الطائرة ولديهم سمات دخول الى بيلاروسيا، وإن انتقلوا منها بطريقة منظّمة الى دول الإتحاد بعد شهرين يقضونها في البلاد. ويدعو لبنان إلى الأخذ في الإعتبار انّ بيلاروسيا تحظى بتغطية دولة كبرى جعلتها في مواجهة حتمية بالنسبة الى الهجرة غير الشرعية مع دول الاتحاد الأوروبي، وربما تلقى دعماً خارجياً في هذا الاتجاه.
بين المحكمة والمرفأ
قضائياً، نفّذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت تحرّكاً أمس، بالتعاون مع مجموعة “نون”، أمام “بيت المحامي”، لإيصال رسالة بعدم استغلال القانون بطريقة غير شرعية وعدم اعطاء المجال للسياسيين للتدخّل في القضية.
كذلك، نفّذ أهالي عين الرمانة وقفة في محيط المحكمة العسكريّة، للمطالبة بمحاكمة عادلة للموقوفين بأحداث الطيونة. وافيد عن إخلاء سبيل 4 موقوفين من الريحانية.
وكذلك تجمّع العشرات من أبناء عرب خلدة وأهالي الموقوفين في أحداث خلدة أمام مقر المحكمة العسكرية تضامناً مع هؤلاء الموقوفين.
وأُلقيت كلمة تحدثت عن “اعتداء على حقوق الموقوفين من أبناء خلدة”. وأكّد المعتصمون أنّ “المحكمة العسكرية ليست ذات اختصاص”، وشدّدوا على” ضرورة تسليم الذين اعتدوا على أبناء عرب خلدة للعدالة”.
أسعار البنزين اليوم
على صعيد آخر وفي سابقة اولى من نوعها، فقد فرضت التدابير الجديدة التي أقرّها مصرف لبنان على الشركات المستوردة للبنزين لتأمين 10% من أسعار المشتقات النفطية من خارج المصرف، إعادة نظر بأسعار المحروقات بدءاً من اليوم. وهو ما نوقش في اجتماع استضافة وزير الطاقة أمس، امتد 4 ساعات، شارك فيه ممثلون عن الشركات المستوردة واصحاب المحطات وكبار المسؤولين من المديرية العامة للنفط، ادّى الى تفاهم مبدئي على إصدار جدول جديد لأسعار البنزين اليوم الجمعة.
وعلمت “الجمهورية”، انّ جدول اليوم سيرفع سعر صفيحة البنزين في أقل من 48 ساعة الى السعر الجديد بما بين 8 و10 آلاف ليرة لبنانية، وسيقترب سعر الصفيحة 95 اوكتان بما بين 316 الف ليرة و318 الفاً، بعدما أضيفت نسبة الـ 10% على سعر الصفيحة باستثناء الرسوم الجمركية وكلفة النقل وجعالة اصحاب المحطات المحدّدة بـ 16 الفاً.
واضافت المصادر، انّ الفارق في التسعيرة الجديدة مردّه الى عدم قدرة وزارة الطاقة على اقناع المستوردين بعدم تطبيق نسبة الزيادة على الرسوم الجمركية وكلفة النقل، بعدما اصرّ المستوردون على فرض هذه الزيادة على الرسوم الجمركية، وهو ما لم يقبل به اصحاب المحطات ومن دون ان تبتّ الوزارة والمديرية العامة للنفط بالخلاف بين الطرفين. فأصحاب الشركات يرغبون بتطبيق النسبة على مختلف مكونات اسعار الصفيحة، فيما يصرّ أصحاب المحطات على تطبيقها على الكلفة الحقيقية للصفيحة لحظة وصولها الى مستودعاتهم وقبل تسليمها الى اصحاب المحطات، وعدم شمولها الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة وكلفة النقل والجعالة بأي شكل من الأشكال، وهو ما جنت جراءه الشركات المستوردة ملايين الدولارات في المراحل السابقة.
وعلمت “الجمهورية”، انّه تقرّر ان يكون هناك جدولان لتركيبة الاسعار لصفيحة البنزين، يصدر الأول كل يوم ثلثاء والثاني كل يوم جمعة من كل اسبوع قياساً على التبدّل في اسعار الدولار الاميركي.
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس، حول مستجدات فيروس كورونا، تسجيل 914 إصابة جديدة (892 محلية و22 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ شباط 2020 الى 649696. كذلك سجّل التقرير 5 حالات وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 8566 حالة.