كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بغضّ طرف أميركي وقبّة باط إسرائيلية… أبحر المازوت الإيراني إلى مرفأ بانياس ومنه عبرت طلائع صهاريجه إلى الأراضي اللبنانية أمس تحت راية “حزب الله” واحتفاليات نثر الأرز والرشقات الرشاشة والصاروخية احتفاءً بالفتح الإيراني لبلاد الشام والأرز… وإذا كان سعير “جهنم” أوصل اللبنانيين إلى درك التسوّل والتوسل طلباً لمساعدة الخارج، يبقى أنّ دخول طهران بالذات على خط الإمدادات النفطية أضفى على الواقع اللبناني مشهداً متعدد الأبعاد، سياسياً وسيادياً واستراتيجياً، اقتاده مخفوراً للدوران في المدار الإيراني العابر للحدود في مواجهة العرب والغرب، بعدما أفرغت الأهازيج المرافقة لدخول الصهاريج الإيرانية الأراضي اللبنانية المازوت من مغازيه “الإغاثية”، فأتى وقعه كوقع “الإعلان الرسمي” عن سقوط العاصمة بيروت في قبضة إيران.
وأمام هذا المشهد الصارخ، التزم أركان السلطة “صمت القبور” فدفنوا الرؤوس في الرمال إزاء “عبور القوافل الإيرانية في وضح النهار الحدود اللبنانية غصباً عن الدولة واغتصاباً لسيادتها وأراضيها تحت حماية “حزب الله” مقابل انكفاء فاضح للأجهزة الرسمية عن الصورة”، وفق تعبير مصادر سياسية معارضة، معتبرةً أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون “أمّن الغطاء الرسمي للمازوت الإيراني بالتزامه الصمت الإيجابي تجاهه، فكان سكوته وتغاضيه عن الموضوع بمثابة علامة رضى واضحة أمام الداخل والخارج تكريساً للتموضع العوني الاستراتيجي في خندق واحد مع “حزب الله” والمحور الإيراني في المنطقة”.
وإمعاناً في تهميش دور الدولة ومسؤوليتها عما يجري على أراضيها، بدا مجلس الوزراء المنعقد في قصر بعبدا أمس “كالأطرش في زفة” الصهاريج الإيرانية، إذ خرج وزير الإعلام جورج قرداحي إثر انتهاء جلسة مناقشة وإقرار مسودة البيان الوزاري مؤكداً أنّ المجلس لم يتطرق إلى موضوع الصهاريج الإيرانية، مقابل تفرّد وزير الأشغال علي حمية باختزال موقف الحكومة من خلال تشديده عبر قناة “المنار” على أنّ هذا الموضوع يحظى بطابع “القرار السيادي”.
وتوازياً مع وصول الشحنة الأولى من الفيول المستبدل بالنفط العراقي الخام وإفراغ حمولتها بعد التثبت من مطابقتها للمواصفات المطلوبة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، أعطت المديرية العامة للنفط إذن تسليم البنزين إلى المحطات بناءً على جدول الأسعار الجديد الذي سيصدر اليوم. في حين أربك تأخر وزارة الطاقة في إصدار جدول أسعار المحروقات الذي كان مقرراً الأربعاء عملية تسعير المازوت في السوق اللبنانية، لا سيما بعد إشارة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى أنّ “الحزب” ينتظر هذه التسعيرة لتحديد تسعيرته الخاصة لبيع المازوت الإيراني “بأقل من التكلفة”، الأمر الذي دفع باتجاه إعلان وزارة الطاقة أمس موافقتها على تسعير طن المازوت بقيمة 540 دولاراً أميركياً على أن تتولى مديرية النفط عمليات التسليم بهذا السعر اعتباراً من اليوم.
أما في مستجدات قضية انفجار مرفأ بيروت، وبينما أرسل المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري مذكرة إحضار الرئيس حسان دياب إلى مديرية أمن الدولة “منعاً لتضارب المهمات في صفوف قوى الامن الداخلي بين قوة مكلفة إحضاره وأخرى مكلفة حمايته”، حسبما أوضحت مصادر مواكبة للقضية، برز بالتزامن إصدار المحقق العدلي القاضي طارق بيطار مذكرة توقيف غيابية بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس بعد رد “الدفوع الشكلية” المقدمة منه، وسرعان ما لاقى تواري فنيانوس دعماً سياسياً من رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، ومؤازرة مجلسية من الأمانة العامة لمجلس النواب التي بادرت إلى مراسلة النيابة العامة التمييزية، لحضها على تجاهل ورقة الإحضار الصادرة بحق فنيانوس، باعتباره “إجراءً لا يعود اختصاصه إلى القضاء العدلي إنما هو موضع ملاحقة أمام المجلس النيابي”.
في المقابل، وإذ عبّر أهالي ضحايا انفجار 4 آب خلال اعتصامهم أمس أمام قصر العدل عن تنديدهم بممارسات السلطة وأبدوا عزمهم القيام “بخطوات غير سلمية لأنّ السلمية أنهكتنا”، حرص البرلمان الأوروبي في القرار الذي اعتمده أمس بشأن الوضع في لبنان، على تضمينه بنداً متصلاً بالتحقيقات الجارية في انفجار مرفأ بيروت، أكد على مسؤولية “الفساد وشخصيات سياسية لبنانية” عن عرقلة وتعطيل التحقيق القضائي في الانفجار، مع التشديد، وفق التسريبات الأولية لمضمون القرار الأوروبي، على الحاجة إلى إيفاد “بعثة تقصي حقائق مستقلة” تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة، لكشف أسباب انفجار بيروت ومحاسبة المسببين “مباشرة أو بشكل غير مباشر”.
وفي الشق الخاص بالملف الحكومي، أبقى قرار البرلمان الأوروبي الذي جرى اعتماده بغالبية 575 صوتاً، خيار فرض “العقوبات” على الطاولة، كخيار أوروبي لا زال قائماً في مواجهة “أي عرقلة محتملة للعملية السياسية”، مؤكداً وجوب التزام القادة اللبنانيين “بتعهداتهم”، وعدم تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة “لأي سبب”.