رأت رئيسة “الهيئة اللبنانية للعقارات” أنديرا الزهيري في بيان، أن “مهزلة ايجارات الاماكن غير السكنية القديمة، لم تنته معضلتها، بل فاقمت من معاناة المالكين القدامى لغير السكني من الظلم والإهمال لحقوقهم المشروعة التي تخطت كل المعايير الإنسانية والدستورية المحقة، وأصبحت أسيرة للهرطقات والمحسوبيات، علما أن تلك الأماكن بطبيعتها تبغي الربح وتتعامل مع زبائنها بحسب سعر صرف الدولار في السوق السوداء، بينما بقيت بدلات إيجار تلك الأمكان رهينة المجانية والشبه المجانية”.
وذكرت “بقرار المجلس الدستوري الذي اعتبر أن التمديد مخالف للمساواة والعدالة الاجتماعية والأمان التشريعي. فكان أن انكب المشرع في تسريع بت قانون إيجار للأماكن غير السكنية، ليعيد تنظيم تلك العلاقة الشاذة التي شكلت ضربة دستورية صارخة في توازن الحقوق والواجبات والمنافسة المشروعة بين المواطنين وما زالت، ومن جهة أخرى ضربة اقتصادية، إذ ان المعيار الاجتماعي لتشرد العائلات غير متوافر هنا، وان ارتكاز أماكن الإيجارات غير السكنية على المنفعة الربحية والتجارية والاقتصادية”.
وأوضحت أن “بعض تلك الأماكن غير السكنية يقوم مستأجروها بإعادة تأجيرها من الباطن او ما تعرف بالايجارات الثانوية على أساس السعر الرائج، سواء كان بالعملة الوطنية او بعملة الدولار الأميركي، ويقوم بدفع لمالك العقار او لصاحب الوحدة المؤجرة بدلات على السعر القديم والزهيد، وكذلك ممن يتمسك من شاغلي تلك الوحدات ولو كانوا لا يمارسون عملا تجاريا، على أساس انتظار قبض الخلو، فإذ أن المشرع عمد إلى التمديد من سنة لسنة، حتى وصلنا الى تمديد عقود تلك الأماكن غير السكنية الى سنة إضافية أخرى 2022″، معتبرة أن “هذا التقصير يتفاقم ويبقي النزاع قائما بين المالك والمستأجر”.
كما ذكرت “بأعداد الوحدات المؤجرة للاماكن غير السكنية القديمة وهي 25901 وحدة، استنادا إلى إحصاءات رسمية صادرة عن وزارة المالية، مع الأخذ في الاعتبار عقود المناطق المتضررة من حادثة مرفأ بيروت المهدمة كليا أو جزئيا”.
واعتبرت أن “المهزلة الكبرى تكمن في وجود العديد من المؤسسات والهيئات الدولية التي تستأجر من اللبناني وفق الإيجار القديم، وتدفع بضع ليرات مقابل مكاسب شاسعة وحسب سعرالدولار في الأسواق السوداء”.
ولفتت إلى أن “الإحصاءات الرسمية أظهرت بشكل واضح الاعداد الحقيقية لوحدات الأماكن غير السكنية القديمة، إذ أن مجموعها الإجمالي في كل المحافظات بلغ 25901 وحدة، بينما عدد أماكن الإيجارات غير السكنية الجديدة 87,098 تشكل مجموع الايجارات الجديدة المحررة، وهنا تسقط كل ذريعة وكل سبب يحول دون إقرار قانون جديد يعنى باماكن الإيجارات غير السكنية القديمة، نظرا لعدد الوحدات غير السكنية القديمة أمام تلك الأماكن المحررة بعقود جديدة”، داعية إلى “الحد من المخالفة الدستورية وتحقيق العدالة لهذه الفئة من المالكين المصادرة حقوقهم منذ أعوام”.
وأشارت إلى أن “تقسيم هذه الأماكن موزع ضمن فئتين، فئة الأفراد وفئة غير الأفراد وتشمل (الدولة والهيئات الدولية وغير الدولية واللجان والمؤسسات الخيرية والشركات الاجنبية والسلك الديبلوماسي وغيرها). إذ أن الوحدات الشاغلة من قبل الدولة والمؤسسات العامة لا تتعدى الـ 680 وحدة غير سكنية في كل لبنان. وحسب تراتبية توزيع اعداد تلك الوحدات الخاضعة للايجارات غير السكنية، نجد ان محافظة جبل لبنان النسبة الأعلى في الإيجار غير السكني، بحيث بلغت 8129 وحدة قديمة أي 31.38% يليها محافظة الشمال وفيها 6442 أي ما نسبته 24.87%، ومحافظة بيروت في المرتبة الثالثة وبلغت الإيجارات القديمة فيها 4631 أي ما نسبته 17.88%، تليها محافظات زحلة الجنوب النبطية بعلبك وعكار”.
ورأت أن “استمرار الحال على ما هو عليه والتمديدات غير الدستورية ومخالفة قرار المجلس الدستوري، يزيد الوضع سوءا، اذ يساهم في تغييب مبدأ المنافسة المشروعة وتكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين على الصعد كافة، ويشكل إنتهاكا للدستور الذي نص على حماية الملكية الخاصة”، مشيرة إلى أن “تمديد هذه العقود على مدى سبعين عاما، خلق خللا بين المواطنين غير متساوين في الحقوق والواجبات، بما يتناقض ومبدأ عدم جواز استفادة جماعة من منفعة مبالغ فيها، وتعرض جماعة أخرى لضرر مبالغ فيه من قانون عام، كما أنه من غير المنطقي أن يحمل المالك أعباء، لقاء أعمال تجارية ومصرفية يستفيد منها أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات الدولية على حسابه”.
وختمت معتبرة أن “الدولة على امتداد تاريخها لم تصدر قانونا عادلا للإيجارات سواء تلك المتعلقة بالعقود السكنية وغير السكنية، ولا نستغرب عمل النواب على تمديدها سنة بعد سنة، مصادرا حقوق الملكية التي كفلها الدستور، ومتقاعسا عن إيجاد حلول حاسمة تحقق العدالة وتؤمن حقوق المواطنين”.