ألقت وزيرة الاعلام في حكومة تصريف الأعمال الدكتورة منال عبد الصمد نجد كلمة لبنان في الدورة الـ 51 لمجلس وزراء الإعلام العرب في القاهرة، قالت فيها:
“يطيب لي في مستهل كلمتي أن أتقدم بعميق الشكر والتقدير لمعالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وكل طاقم الامانة العامة على الأعداد والتنظيم المحكمين لاجتماعنا.
كما أتوجه بخالص التهاني لمعالي السيد حمزة بلول الأمين، وزير الثقافة والاعلام لجمهورية السودان الشقيقة، رئيس الدورة الحالية لمجلسنا الموقر متمنية له النجاح والتوفيق، وبالشكر والتقدير للأخ الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، وزير الاعلام المكلف في المملكة العربية السعودية الشقيقة رئاسته الموفقة للدورة السابقة لمجلس وزراء الإعلام العرب وما بذله من جهود قيمة في تعزيز العمل العربي المشترك.
نجتمع اليوم في ظل ظروف قاسية واستثنائية، سواء جائحة كورونا التي اثقلت مجتمعات العالم أجمع وفرضت قيودا على تنقلاتنا ونمط حياتنا، أو حالات التوتر التي تعيشها بعض دولنا العربية الشقيقة. نحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى التلاقي والتضامن والتعاون بروح المسؤولية التشاركية والجهود البناءة، لنؤكد أهمية دورنا كمجلس وزراء الإعلام العرب في الواقع الحقيقي لا الافتراضي على الساحة العربية والدولية.
لا شك أن الإعلام بمختلف أشكاله يشكل المنصة الأمثل للتواصل والتفاعل، وعندما يكون إعلامنا بخير، تكون أوطاننا بخير. من منطلق تعزيز الاعلام الإيجابي الذي يقوم على الموضوعية ونبذ كل دعاوى التحيز والتمييز والتعصب أيا كانت أشكاله ومحاربة الفكر المتطرف، تقدم المتغيرات الراهنة فرصاً يمكن الاستثمار فيها، لتحقيق مزيد من التقارب بين دولنا العربية الشقيقة، لتطوير العمل الإعلامي المشترك في هذا الاتجاه، لما فيه مصلحة مجتمعاتنا وشعوبنا.
من على هذا المنبر، أجدد تمسك الإعلام اللبناني بالمسؤولية الكاملة حيال قضايا أوطاننا العربية، وندعو ونؤكد على تمسكنا بتاريخنا وقيمنا وتقاليدنا المشتركة، والعمل على إبراز تميزها بافضل السبل.
أصحاب المعالي والسعادة،
أشارك مجلسكم الكريم اليوم، حاملة معي أوجاع بيروت التي تتألم منذ انفجار المرفأ في 4 آب 2020 ، والذي صنف من بين أقوى الإنفجارات التي شهدها التاريخ، وقد شكل مأساة هزت الضمائر الإنسانية في لبنان والعالم العربي والعالم أجمع. البلد الصغير، بين إخوته البلدان العربية، استضاف العدد الأكبر من اشقائه النازحين السوريين وفق قاعدة “بيت الضيق بيساع لألف صديق” إلى أن انفجرت الجغرافيا الضيقة بنا وبهم. أكثر من 50 مليار دولار رتب النزوح السوري على لبنان، الذي كان يئن أصلا تحت عبء دين عام، الأمر الذي ساعد في الإسراع في عملية الانزلاق نحو أزمة اقتصادية غير مسبوقة، لم تعد تنفع معها المسكنات وإنما الحلول الجذرية، ولن ننجو من مهالكها الآنية والمستقبلية إلا بتضامن عربي ودولي معنا.
إنه لأمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا في ظل كل ما جرى ويجري، أن يجدد العالم العربي ثقته بالإعلام اللبناني، الذي ما زال العنصر البشري فيه يشكل العمود الفقري رغم كل المحن التي استهدفته، باذلا جهودا جبارة في التطوير الإعلامي شكلا ومضمونا ومهنية وأداء.
فنحن نعول على دعمكم الثمين بتأييد ترشيح بيروت عاصمة للإعلام العربي لعام 2023، لإعطائها الفرصة للإضاءة على معاناتها نتيجة مرورها بظروف استثنائية، خلال العامين المنصرمين من جائحة كورونا وتداعياتها، إلى كارثة انفجار المرفأ الذي ألحق اضرارا جسيمة في البشر وفي الحجر. إضافة الى ما تتمتع به بيروت من مقومات حضارية وثقافية، ومساهماتها وإنجازاتها التاريخية في مجال الإعلام، وسعيها نحو التحديث والتطور.
كما، نتمنى على مجلسكم الكريم، وفي الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ، تبني طرح تخصيص “جائزة بيروت للإنسانية”، بالشراكة مع وزارة الإعلام اللبنانية، لأفضل عمل صحافي مكتوب أو إذاعي أو تلفزيوني أو إلكتروني أو حتى درامي، سواء لبناني أو عربي، وذلك من باب الدور المحوري للإعلام في نقل الأحداث ومتابعتها بشكل حثيث، وفي التوجيه والتوعية والمساهمة في تعزيز ثقافة الحوار والتفاعل وترسيخ مبادئ العدالة والإنسانية.
كان لبنان، ولا يزال، شريكا فاعلا وحاضرا دائما إلى جانب أشقائه العرب في مواجهة مختلف التحديات والأزمات، وكانت الدول العربية الشقيقة، وستبقى، خير السند الذي وقف دائما إلى جانبنا، في كل المحطات، وفي كل الظروف، عبر المبادرات الطيبة والمساعدات والجهود المشكورة لتعزيز اللحمة وإعادة الإعمار والتنمية في كافة القطاعات.
كل ما أتمناه للدول العربية الشقيقة ولشعوبنا الطيبة، هو المزيد من الإستقرار والإزدهار والخير والتقدم على كل الأصعدة، وخاصة على الصعيد الإعلامي بمواكبة التطورات التكنولوجية، لنقل قضايانا وهمومنا، وللإضاءة على إنجازاتنا ومشاريعنا وتطلعاتنا المستقبلية.
اسمحوا لي قبل أن أختم، أن أهنىء دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على انتخابها عن استحقاق جلي عضوا غير دائم في مجلس الأمن، ونحن على أتم اليقين بأنها ستمثل دولنا العربية خير تمثيل وتحمل قضايا أمتنا بجدية ودينامية لإيجاد حلول للتحديات التي تواجه منطقتنا.
ختاما، أتمنى أن يتكلل اجتماعنا هذا بالتوفيق والنجاح، والسلام عليكم”.