لأن المصائِب لا تأتي فرادى، يواجه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ضغوطاً إضافية عن تلكَ المتعلقة بمشاكل التشكيل والخلاف الكبير مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والنائب جبران باسيل، وهي ضغوط مرتبطة بـ«اقتتال» الإخوة على تركة الرئيس الراحل رفيق الحريري.
قبلَ عودته من دولة الإمارات الى لبنان، منذ أسبوعين، عرّج الحريري على باريس. لم تكُن الزيارة التي تضمّن جدول أعمالها لقاءات مع عدد من المسؤولين محصورة بالسياسة، بل إن أحد أسبابها هو الإدلاء بموقفه القانوني في الدعوى القضائية التي رفعتها ضده شقيقته هند الحريري، مطالبة برصيد سند مستحق بقيمة 75 مليون دولار. وعلمت «الأخبار» أن القضاء الفرنسي أصدرَ قبلَ أيام حكماً تنفيذياً يقضي بأن يدفع الحريري المبلغ لشقيقته.
الخلاف، بحسب مصادر مطلعة، ليس جديداً ويعود الى عام 2012. إذ إن الحريري الذي كانت شركة «سعودي أوجيه» (أعلنت إفلاسها أخيراً نتيجة الديون المتراكمة عليها) نصيبه من التركة، أعطى إخوته سندات مقابل حصصهم في الشركة، وكان يسدّدها على أقساط قبل أن يبدأ في التعثر. وفي عام 2011، لم تستطع هند الحريري صرف ثلاثة شيكات وقّعها شقيقها بقيمة 150 مليون دولار، ما اضطرها الى توجيه إنذار له وتهديده برفع دعوى قضائيّة. وقد سارع الحريري، يومها، إلى طرح حصّته في «البنك العربي» للبيع لتغطية الشيكات المرتجعة، تفادياً لمزيد من الإحراج الذي تسبّبت به أزمة السيولة وتراجع الأعمال، وخصوصاً مع أفراد عائلته، في وقت كانت فيه عملية توزيع الإرث مستمرة.
غير أن مقربين من العائلة أشاروا إلى أن الدعوى «ليست قديمة» على عكس ما يشاع، وقد تحركّت «منذ حوالى عامين لأن الحريري لم يستجب لمطالبات شقيقته بدفع ما يتوجّب عليه لقاء حصتها في سعودي أوجيه». وأوضح هؤلاء أن «الحريري سبق أن سدّد قيمة السندات لشقيقه بهاء عام 2008، بينما رفع شقيقه الآخر، فهد، دعوى قضائية في باريس ضده وربحها قبل عامين، ملزماً إياه بدفع نحو 70 مليون دولار». وفي رأي المقربين، فإن هذا الأمر «ربما دفع بهند إلى اتباع المسار نفسه، باعتبار أن لا سبيل لتحصيل أموالها إلا من خلال قرار قضائي». واستغرب هؤلاء أن تصِل الأمور بين الشقيقين الى هذا الحد، «إذ من المعروف أن العلاقة متينة بين سعد وهند، ولطالما ردّد الحريري بأنّ شقيقته وشقيقه أيمن تساهلا معه في أمر دفع السندات أكثر من بقيّة الإخوة، لا بل إن أيمن لم يتمكّن حتى الآن من تحصيل ثمن حصته في أوجيه».