لقد دعا دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري إلى جلسة نيابية يوم الاثنين المقبل في 29 آذار 2021، ونظن أن موضوع الجلسة هو تفعيل حكومة تصريف الأعمال لكي تقوم بعملها كحكومة غير مستقيلة أو ربما شبه مستقيلة. وخوفي أن يقوم المجلس بتقييد صلاحيات الحكومة بدل إطلاقها… لماذا أقول ذلك؟
أولاً، لأنها حكومة يتيمة لا نواب لها يدافعون عنها داخل البرلمان، رغم شعبيتها الواسعة الممتدة على طول الوطن وعرضه خارج القيد الطائفي وداخل حدود النزاهة والوطنية والاستقامة. وهي مُعَرَّضة يوم الاثنين لأن يمارس نوابٌ كثيرون عنترياتهم عليها داخل الجلسة.
ثانياً، لأن الكثيرين من حماة الفساد في المجلس سيحاولون إظهار بطولاتِهِم الورقية في الجلسة، وسيُنَظِّرون علينا وعلى الحكومة وكأنهم جهابذة الحكم وفطاحل التشريع وحُرَّاسُ مصلحة الوطن والمواطن، ونحن في خِضَمِّ ما صنعت أياديهم نراهم بعكس ما يَدَّعُون.
ثالثاً، لأن بعض الجهات الفاسدة الـمُمَثَّلة في المجلس، ستحاول الانتقام من الحكومة لأنها لم تستطِع النيلَ منها في الجلسة المفتعلة لمحاسبتها بعد انفجار المرفأ، يوم أفلتوا عليها رواد الفجور وإعلامَ الشِقاقِ والنِفاق للنيل منها بكلِّ أنواع الافتراء والتَجَنَّي.
بناءً عليه، سيحاول الكثيرون من هؤلاء النواب تقييد عمل الحكومة في ما يخص التدقيق الجنائي واسترجاع الأموال المنهوبة والـمُهَرَّبَة إلى الخارج… وسيطرحُ الكثيرون مجالات مُحَدَّدَة من الصلاحيات التي تُعطى للحكومة دون غيرها. ومنهم ما زال يحاول ملء الماء بالسَلَّة المثقوبة، بتعليق آمالٍ مغشوشة بحكومةٍ حريرية ملغومة.
كل هذا سيؤدي إلى عرقلة حكومة الرئيس دياب بدل إطلاق عملها. ونحن بصراحة بتنا نضيق ذرعاً بهذا المجلس وبالكثير من نوابه الذين لم يُفلِحوا لا بالتشريع ولا بالمراقبة ولا بالمحاسبة ولا بالسهر على مصلحة المواطنين الذين انتخبوهم.
بعد البيان الذي أصدرَهُ الرئيس حسان دياب اليوم حول مسألة دستورية تفعيل حكومة تصريف الأعمال، نرجو منه أن يُصدِرَ بياناً جديداً، بالتوافق مع فخامة الرئيس عون والجهات الفاعلة، يضع فيه النقاط على الحروف، ويقول كلمته الفصل للمجلس؛ أن المطلوب هو صلاحيات حكومة كاملة مُكَمَّلة كما ينص الدستور، وليس صلاحيات نصف حكومة أو حكومة محدودة الحركة. فالشعب يا دولة الرئيس يُصلِّي منذ سبعة أشهر لكي تعود أنت رئيساً للحكومة بكامل صلاحياتك وليس بصلاحياتٍ منقوصة.
من ناحية أخرى، أتمنى على دولة الرئيس الدكتور حسان دياب أن يضغط باتجاه تبديل بعض الوزراء الذين سارعوا إلى الاستقالة عندما أوحى إليهم مُرشِدوهم قبل استقالة الحكومة، وتبديل الفاشلين منهم وأولئك “الفاتحين على حسابهم” في الوزارات وفي الهمز واللمز مع زعمائهم وكهنةِ معابِدِهِم، وأن يكون له الرأي الأساس في ذلك مع فخامة الرئيس ميشال عون، وفق الآلية الدستورية، ويأخذ رأي الفرقاء الآخرين، حتى تيار المستقبل وحتى الرئيس سعد الحريري الـمُفترض فيه أن يتعاون كحريص على وطنه “لبنان أولاً” الذي يردد شعاره دائماً، ولكن دون أن يفرِضوا عليه أشخاصاً يسعون إلى إفشالِ حكومته.