عقد “تحالف حرية الرأي والتعبير في لبنان” مؤتمراً صحافياً في Station Beirut – سن الفيل “رداً على حملات الافتراء الإعلامي وحملات التضليل الممنهجة، التي طالت مؤسسات إعلامية وحقوقية مستقلّة عدّة”، وفنّد فيه “تلك الافتراءات وهدفها، خصوصاً تلك التي بثّتها مؤخراً قناة “أم تي في” سواء عبر تقارير إخبارية أو عبر برنامج “صار الوقت”.
واعتبر المشاركون أنّ “هذه الحملات هدفها قلب السرديات وتضليل الرأي العام من خلال التشكيك في مصداقية هذه الوسائل وتقويض دورها وتأثيرها على مسار الإصلاح والمحاسبة ومشروع بناء الدولة”.
وأعلنت خلال المؤتمر مؤسّسات “درج” و”ميغافون” و”المفكرة القانونية” و”تجمّع نقابة الصحافة البديلة”، “البدء بمسار قضائي ضدّ قناة “إم تي في” التي تجاوزت في تقاريرها كلّ المعايير المهنية والأخلاقية لجهة بث الأكاذيب والافتراءات”.
“مؤسسة سمير قصير”
تحدّث في المؤتمر جاد شحرور عن “مؤسسة سمير قصير” فقال إنّه “في لحظةٍ يُفترض أن نحتشد فيها جميعًا لمواجهة الأزمة الاقتصادية العميقة التي يعانيها وطننا، نُفاجأ مجدّدًا بمحاولات تُمعن في إلهاء الرأي العام، عبر استهدافٍ مباشر لحرية الصحافة، وتشويه صورة المنصّات الإعلامية المستقلّة”.
وأضاف: “اليوم، نتحدث عن هجوم ممنهج ضدّ الإعلام المستقلّ، وحملة تشويه إعلامي وتلفزيوني رقمية منظّمة ومنسّقة. ففي غضون 24 ساعة فقط من تقديم الإخبار، انطلقت حملة ممنهجة على عشرات الحسابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تكرّر الاتهامات نفسها، بالعبارات نفسها، بالوسوم نفسها “hashtags” في توقيتٍ مريب لا يمكن عزله عن الإخبار نفسه”.
وأشار إلى أنّ مؤسسة سمير قصير “قامت بتحليل بيانات هذه الحملة، وتوصّلت إلى أنّ جزءًا كبيرًا من هذه الحسابات مشبوه، قليل المتابعين، ويُظهر نشاطًا غير طبيعي، مع تكرارٍ في الصور الشخصية، وانعدامٍ لأي محتوى شخصي حقيقي. الخطاب نفسه تكرّر بشكل حرفي: “منصات تعمل لأجندات خارجية”، “الإعلام الممول”، “مدعومة من سفارات أو منظمات مشبوهة”، “سوروس”. وهو خطاب يتقاطع بشكل شبه تام مع مضمون الإخبار القضائي، ما يعزّز فرضية وجود تنسيق مسبق بين الجهات المقدّمة للإخبار والجهات المُحرّكة لهذه الحملة الرقمية”.
وأضاف:”إنّ ما يجري لا يمكن وصفه إلّا بمحاولة واضحة لإسكات الإعلام الحر، وتكميم الأفواه المستقلّة، وتشتيت الأنظار عن الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان”.
وختم: “نقف اليوم دفاعًا عن حق الناس في المعرفة، وعن كرامة الكلمة الحرة، وعن مستقبل إعلام لا يخضع للترهيب أو التخوين”.
“هيومن رايتس ووتش”
ثمّ تحدّث رمزي قيس من منظمة “هيومن رايتس ووتش” وقال إنّه “على الرغم من التغييرات السياسية الأخيرة في لبنان، بما في ذلك بعض التغييرات الإيجابية، لا يزال بعض أصحاب النفوذ يستغلّون مؤسسات الدولة لتحقيق مصالحهم الخاصة، على حساب حرّية التعبير، وحرّية الصحافة، والعدالة، والشفافية، والمساءلة”.
وتابع: “اليوم، يواجه الصحافيون اللبنانيون، والمؤسّسات الإعلامية، ومجموعات المجتمع المدني حملة تتجلّى في الاستخدام المتكرر من قبل أصحاب النفوذ للقوانين الجزائية التي تجرّم القدح والذم والتحقير، إلى جانب اتهامات غامضة أخرى، ضدّ كلّ من ينتقد، أو يوثّق، أو يكشف عن شبهات فساد، أو اختلاس أموال، أو سوء إدارة مالية، أو يسلّط الضوء على مسؤولية بعض الأفراد عن تدهور الوضع الاقتصادي بالبلد”.
وأضاف قيس: “ان قوانين القدح والذم والتحقير في لبنان أصبحت أداة لإسكات كلّ من يجرؤ على الحديث عن الفساد. لم تُستخدم هذه القوانين لاستهداف الصحافيين والنشطاء فحسب، بل لفرض الصمت على الخطاب المشروع والضروري لضمان بقاء مجتمع حيوي وديمقراطي”.
وتابع:”مع تقدّم لبنان نحو مرحلة جديدة، فإنّنا نحثّ السلطات اللبنانية، بمن فيها رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الإعلام، والبرلمان الحالي، على الالتزام العلني بحماية الحق في حرّية التعبير. وتدعو “هيومن رايتس ووتش” البرلمان اللبناني إلى إلغاء مواد التشهير الجنائي في قانون العقوبات، واستبدالها بنصوص مدنية تضمن ألّا تُستخدم القوانين لقمع الخطاب تحت وطأة عقوبات قانونية قاسية”.
“درج”
وكانت كلمة لديانا مقلّد من منصة “درج” قالت فيها:”بفضل عملنا الصحافي المهني نال “درج” اعترافًا دوليًا ومؤسّساتيًا، ويخضع في تمويله وآلياته للمساءلة القانونية والشفافية، سواء أمام السلطات الرقابية اللبنانية أو الجهات المانحة المستقلة. وخلال الأزمة المالية اللبنانية ساهمت تحقيقاتنا في فضح الانتهاكات المصرفية والسياسات التي أدّت إلى حجز أموال أكثر من مليون ونصف مليون مودع لبناني. على خلفية هذا الدور الرقابي الصريح، بات “درج” هدفًا لهجمات متكرّرة تتّخذ شكلًا تحريضيًا علنيًا، حملات رقمية منظمة، وادّعاءات مفبركة”.
وأضافت:”لأنّنا نعتبر أنّ الأكاذيب التي يتمّ نشرها تتقصّد تضليل الرأي العام في قضايا كبرى تهمّ جميع اللبنانيين، قررنا التقدّم بدعوى قضائية ضدّ قناة “إم تي في” وكلّ من يساهم في نشر الأكاذيب والأضاليل التي لا هدف لها سوى تشويه الحقائق أمام الرأي العام ومنع مسار المحاسبة”.
وأكدت أن منصة “درج” جاهزة للكشف عن حساباتها المصرفية والمالية وحسابات مؤسسيها للقضاء”، واشارت إلى ان “السؤال هو للمؤسسات الإعلامية المشبوهة الأجندة والمشبوهة مصادر التمويل، فهل يجرؤون على الكشف عن مصادر تمويلهم؟”.
وقالت إنّه “ليس غريبًا أنّ المنطق يقع فيه لوبي الممانعة ولوبي المصارف وكان هذا بارزًا في استخدام قناة “إم تي في” لعبارات من نوع “حذاء ميشال المر جابكن نوّاب” وهو منطق سبق واستخدمه إعلام الممانعة بالحديث عن حزب الله وأمينه العام. فالحذاء المدجّج بالسلاح والترهيب الذي سبق أن وسم خطاب حزب الله والممانعة يقابله اليوم حذاء مملوء بمال قذر في إعلام المصارف”.
“ميغافون”
كما تحدثت المحامية ديالا شحادة ممثلة منصة “ميغافون” فوصفت الحملة التي تتعرّض لها المنصة بأنّها “ليست خلافًا بين وسائل إعلام، بل حملة سياسية مموّهة تديرها قوى مصرفية وسياسية عبر أدوات إعلامية وحسابات وهمية، بهدف ضرب أي مناخ إصلاحي يهدد مصالحها”.
وأشارت إلى أنّ “الحملة لا تقتصر على التشويه والتخوين، بل تسعى لتحويل ميغافون إلى عبرة لكلّ من يتجرّأ على مساءلة لوبي المصارف، من خلال الضغط على القضاء وفتح ملفات مفبركة لتقويض دور الإعلام المستقل”.
وأوضحت أنّ “قرار اللجوء إلى القضاء جاء رغم التحفّظ عليه، بعد أن تحوّل الاستهداف إلى عملية “اغتيال إعلامي” في حق أفراد ومؤسسات، مستخدمًا خطابًا قمعيًا يستحضر أدبيات الأنظمة الشمولية”، واشارت إلى “المعركة ليست شخصية ولا بين ميغافون و”إم تي في” بل هي محاولة طرفٍ وراثة موقع الحاكم باسم مرحلة جديدة”.
“المفكرة القانونية”
من جهتها اعتبرت المحامية غيدة فرنجية من “المفكرة القانونية” أنّ “خطورة الحملة لا تنحصر بكونها محاولة لاغتيالنا معنويًا كمنظمات وأفراد معنيين بالإصلاح والمحاسبة، ولكن تطال أيضًا الدولة والمجتمع ككل”.
وأشارت إلى أنه “نظرّا لهذه الخطورة نحن نعتمد الشفافية حول مصادر الهبات التي نتلقاها وننشر ميزانيتنا وتقاريرنا المالية السنوية على موقعنا الإلكتروني ونصرّح عنها للدولة”، وسألت: “هل “إم تي في” تقدّم حسابًا استثماريًا إلى وزارة الإعلام كما يلزمها القانون؟”.
وأضافت: “بصفتنا مؤسسة إعلامية حقوقية ومتخصّصة ومستقلة عن الأحزاب الحاكمة وعن لوبي المصارف، سياساتنا التحريرية تخضع لقناعاتنا ولمفهومنا للصالح العام، وتتمتع باستقلالية تامة من دون تدخل من قبل الجهات المانحة، ومنها مؤسسة المجتمع المفتوح”، كما سألت: “هل الـ “إم تي في” وغيرها من المؤسسات المشاركة في هذه الحملة تتمتع بالاستقلالية نفسها في سياساتها التحريرية تجاه مموّليها؟”
واعتبرت فرنجية أنّ “دفاعنا عن الدولة وشفافيتنا واستقلاليتنا ليست شعارات، إنّما هي مبادئ مُثبتة بأفعالنا وجهودنا القانونية والإعلامية والبحثية على مدى 15 سنة وبالتعاون مع العديد من الشركاء، من ضمنهم أعضاء “تحالف حرية التعبير” المجتمعين اليوم، وبالتالي، تقدّمت اليوم المفكرة القانونية بدعوى قضائية ضدّ قناة “إم تي في” والإعلاميين مارسيل غانم وجو معلوف أمام محكمة المطبوعات كونها المرجع المختص في قضايا الإعلام”.
“تجمّع نقابة الصحافة البديلة”
ووصفت الصحافية إلسي مفرج من “تجمّع نقابة الصحافة البديلة” الحملة بأنّها “هجوم ممنهج على الإعلام المستقل، بهدف واضح هو إسكات الصحافيين، ترويعهم، وترويع غيرهم، كي تصبح أي محاولة لفتح ملف فساد أو محاسبة المافيا التي يديرها بعض المصرفيين مشروع اغتيال معنوي”.
وأضافت أنّ “المؤسّسات التي تلعب دور الأداة في هذا الهجوم، لا تستخدم منابرها للدفاع عن الناس أو لكشف الحقيقة للأسف، بل للابتزاز السياسي. وحين يصبح الإعلام منصّة للتهديد والتشهير، نكون أمام تحريض وانتهاك فاضح لأخلاقيات المهنة”.
وأضافت: “تقدّمنا بدعوى أمام محكمة المطبوعات ضدّ محطة الـMTV، على خلفية التحريض، والافتراء، والتعدّي على الحقوق المدنية. ونرفض اللجوء للادّعاء بالقدح والذم، لإيماننا بضرورة إلغاء هذا الجرم من قانون العقوبات، والاكتفاء بالملاحقة المدنية”.
ودعت القضاء إلى “التحقيق في مصادر تمويل المؤسسات المشاركة في الحملة وفي الأساليب المعتمدة من قبل مافيا بعض المصرفيين للضغط على الإعلام، بالترغيب أو بالتهديد”. ودعت “الزملاء الصحافيين والصحافيات إلى تحكيم الضمير، والتمسّك بالمعايير المهنية، ورفض كل أشكال الابتزاز السياسي الإعلامي”.
يذكر أن “تحالف حرية الرأي والتعبير يضمّ هيئات مجتمع مدني ومنظمات دولية ومؤسسات إعلامية مستقلة ويعنى بتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير. أما المؤسسات المنضوية تحت هذا التحالف فهي: هيومن رايتس ووتش، العفو الدولية، مؤسسة سمير قصير، المفكرة القانونية، درج، ميغافون، رصيف ٢٢، تجمع نقابة الصحافة البديلة، مهارات، نواة للمبادرات القانونية، منظمة “سمكس” للحريات الرقمية، المركز اللبناني لحقوق الانسان، منا لحقوق الإنسان، حلم، الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات “لادي”، ألف، منظمة إعلام للسلام و . ICJ.
