Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

ابراهيم ترأس قداس عيد البشارة في كنيسة الكلية الشرقية – زحلة

ترأس رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم صلاة الغروب والقداس الإلهي عشية عيد البشارة، في كنيسة سيدة البشارة في الكليّة الشرقية في زحلة وعيد الكلّية الشرقية، بمشاركة رئيس الكلّية الأب الدكتور شربل أوبا والآباء الدكتور جاورجيوس شبوع وايلي البلعة وخدمته جوقة من طلاب الكلّية، في حضور الأب ايلياس ابراهيم وحشد من المؤمنين.

وألقى ابراهيم عظة هنأ فيها المحتفلين بالعيد، وتحدث عن معانيه، وقال: “الكهنة هم قلب الكنيسة النابض، ونحن في هذه الكلّية الشرقية التي لم تخرّج فقط تلامذة للمجتمع لكن ايضاً خرّجت دعوات كثيرة، ونحن اليوم نقف في هذه الليلة المباركة، ليلة عيد البشارة، في هذا الصرح العريق، الكلية الشرقية في زحلة، حيث تلتقي المعرفة بالإيمان، والعلم بالروحانية، والتراث المسيحي بالحضور الحيّ في قلب هذا الشرق الجريح. إنّ هذه الكلّيّة، التي أسّسها الأرشمندريت يعقوب رياشي في زمن الرئيس العام الايكونوموس يوسف كفوري الراهب الشويري عام 1898، لم تكن مجرّد مؤسسة تعليمية، بل كانت وما تزال منارةً للعلم والإيمان، خرّجت أجيالاً حملوا مشعل الحقيقة في دروب الحياة، وأثّرت في حياة الكنيسة والمجتمع اللبناني والمشرقي بأسره. خريجو هذه الكلية منتشرون في كل بقاع الأرض. هم سفراء زحلة، معقل الثقافة، للعالم أجمع. أبناء وبنات سيدة البشارة شفيعة الكلية التي نحتفل بعيدها اليوم، عيد البشارة. فلنتأمل معا إذاً بمعاني هذا العيد الذي جمعنا في هذه الأمسية المباركة.”

أضاف: “إنّ عيد البشارة هو لحظة مفصلية في التاريخ الإلهيّ والإنسانيّ، حيث بدأ سرّ التجسّد يتحقّق. ففي لحظةٍ مشحونةٍ بالسكون الإلهيّ، جاء الملاك جبرائيل إلى العذراء مريم، يحمل بشارةً لم تسمع الأرض بمثلها من قبل: “السلامُ عليكِ يا ممتلئة نعمة، الربُّ معكِ، مباركةٌ أنتِ في النساء!” (لوقا 1: 28). هذه الكلمات ليست مجرد تحية، بل إعلانٌ إلهيّ غيّر مجرى التاريخ. فالذي قال “ليكن نور” (تكوين 1: 3) في بدء الخليقة، عاد ليقول لمريم: “الروح القدس يحلّ عليكِ، وقوة العلي تظلّلكِ” (لوقا 1: 35)، ليبدأ عهدٌ جديدٌ تُولد فيه الخليقة من جديد.”

وتابع: “لقد كان لاهوتيو الكنيسة، مثل القديس توما الأكويني، ينظرون إلى البشارة على أنها لحظة تلاقي بين الطبيعة والنعمة، حيث لم يُلغِ الله حرية الإنسان، بل دعاه إلى المشاركة في مشروع الخلاص. فمريم لم تكن مجرّد آلة تنفيذ لمشيئة الله، بل أجابت عن وعي وإيمان: “هاءنذا أمة للرب، ليكن لي بحسب قولك” (لوقا 1: 38). وهنا يتجلّى سرّ الحبّ الإلهي الذي لا يفرض نفسه بالقوة، بل يُعلن ذاته بمحبة متواضعة تنتظر جواب الإنسان الحرّ. إذا نظرنا إلى البشارة من منظور فلسفي، نجد أنها تعكس فكرة اللقاء بين المحدود واللامحدود، بين الزمن والأزل، بين التراب والروح. وكما قال أحد الفلاسفة في كتابه أنا وأنت، فإن اللقاء الحقيقي مع الآخر، سواء كان إنساناً أو الله ذاته، يغيّر الكيان ويمنح الوجود معنى جديداً. فمريم لم تتلقَّ رسالةً فقط، بل دخلت في علاقةٍ حيّةٍ مع الله، علاقة ملؤها الثقة والتسليم والحبّ. إن هذه الكلية ربت أجيالاً على روحانية التلاقي. روحانية ال نحن التي تروض الأنا في خدمة المجتمع والكنيسة. هذا هو المعنى الأساسي لعيد البشارة.”

وقال: “إنّ هذه الكلية العريقة ليست مجرّد مكان للدراسة الأكاديمية، بل هي امتدادٌ لروح البشارة، حيث تُعلَّم الأجيال كيف يكون العلم خدمةً للحقيقة، والإيمان انفتاحًا على سرّ الله. وكما حملت مريم في أحشائها “الكلمة”، كذلك يحمل طلابها اليوم رسالة الإيمان والثقافة إلى عالم يحتاج إلى نور الحقيقة أكثر من أيّ وقتٍ مضى. في عالمٍ يموج بالاضطراب والشكّ والخوف، تبقى البشارة نداء رجاء. فكما حلّ الروح القدس على مريم ليجعل المستحيل ممكناً، يستطيع الله اليوم أن يخلق من ضعفنا قوة، ومن يأسنا رجاء، ومن جراحاتنا خلاصًا. لكنّ السؤال يبقى: هل نحن مستعدون لنقول مع مريم: “ليكن لي بحسب قولك”؟

وختم: “فلنطلب من الربّ، بشفاعة سيدتنا العذراء، أن يجعل قلوبنا منفتحة على عمل نعمته، وأن نكون كنيسة مبشِّرة تحمل إلى العالم فرح الخلاص، تماماً كما حملته مريم بفرح وسخاء.”

في نهاية القداس، بارك ابراهيم القرابين والخمر والزيت.