وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة لهذا الأسبوع مباشرة عبر أثير الإذاعة اللبنانية، معتبرا أن “الله تعالى قد من على خلقه بكرامة النبوة، وخص النبي الأعظم محمد) بأكبر رحماته، وصدره صوتا له في بريته، وعنوانا لحجته بخلقه وناسه، ليكون ميزان حقه ودليل عدله. بعثه والناس على شر دين وشر عادة، خباطون بفتنة، جماعون على باطل، يدينون لصنم، عاكفون على وثن، قد استهوتهم الأهواء واستخفّتهم الجاهلية، وغلبهم الإثم والعطب، وتمكن منهم الطغيان والفساد فصدع بهم يأمرهم بمحاسن الأخلاق، وأدب الأنبياء، وعون الضعفاء، ونصرة المظلومين، وإعطاء المحرومين، وإغاثة المكروبين، ونبذ العنف والظلم والأحقاد والأباطيل. دعاهم للتوحيد، ودلهم على الحق والإنصاف، وأخذهم بالعدل والنبل، وشيد أركان الدين وأغاث المعذبين والمستضعفين، ودل على نفسه وربّه بالرحمة التي وسعت كل شيء. فكان دينه كرامة الإنسان، وصونه، وعونه، وتأمين حقوقه بغض النظر عن دين هذا الإنسان وملته ومن يعبد ولمن ينتمي، لأن الله سبحانه وتعالى حين مجد رسوله الأعظم في ساحة الملكوت، نادى به رحمة لكل الخلائق ثم بعثه على الرحمة الشاملة للناس كافة، فقال (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)”… مشيرا إلى أنه “نفس المبدأ الذي جاء به الأنبياء ونزلت به الرسالات واجتمعت عليه المواثيق والموازين، ففي تعاليم السيد المسيح:”طوبى لمن رحم الضعفاء، وأعانهم، ولم يظلم، واستقام ومنع الأذى عن الناس، وحقّ الحق، وأبطل الباطل”. سواء كان ذلك بفرد أو جماعة أو وطن”… مؤكداً أنه “المطلب الرئيس لكل حر في هذا البلد، وهو الذي دفعنا للإصرار على تأكيد صيغة المواطنة، كأساس للعدالة الوطنية والاجتماعية، ولوظيفة الدولة، ومنطق الحكم والسلطة، لأن الظلم حرام، سواء كان بلباس طائفي أو إقطاعي أو صيغة دستورية أو منظومة سياسية، فالبلد الآن في أسوأ حالاته وسط أزمات وطنية وطواحين طائفية، والذي نخشى ما نخشاه أن تتحول إلى أزمة هويات وخيارات وجودية”.
وأشار سماحته إلى “أن غايتنا القصوى الآن هي الاتفاق على حكومة طوارئ وطنية كضرورة ماسة لمنع اشتعال البلد، وعودة المتاريس. وهنا أعود وأؤكد وأحذر بشدة من العزل السياسي، لأن العزل السياسي أخطر من أي عدوان خارجي، ومن يعتقد أن بإمكانه إنقاذ البلد عن طريق كسر الشريك الآخر هو مخطئ وواهم. لذلك، نشدد على الحلول السياسية كمدخل ضروري لأي إنقاذ مالي ونقدي واجتماعي، لأن ترك البلد على هذا النحو من النزف المالي السياسي والبطون الفارغة والغضب الشعبي والشارع السياسي واحتكار الأسواق وتجارة الجوع ولعبة الخوف وحواجز الطائفية والخصومة على حافة الخيط الرفيع أمر خطير للغاية، وتداعياته أخطر بكثير”.
وطالب المفتي قبلان، السياسيين ب”النزول على الأرض، والاطلاع على أوضاع الناس ومشاركتهم ظروفهم الصعبة وليروا بأم العين طوابير الجوعى، وكوابيس الفقر ونيران الأزمة المعيشية التي تطحن الناس. نعم، المطلوب دولة على الأرض وليس وراء المكاتب، المطلوب زعامات وطنية تتواجد مع الناس وفي الشوارع، وليس في القصور، وخلف الجدران. المطلوب ممن استفاد من السياسة والمال العام أن يدفع الآن لأن البلد ينزف، البلد ينهار نتيجة سياساتهم. المطلوب منع المافيات المالية والتجارية من لعبة النهب، والسلب، والاحتكار والتسعيرات الخيالية، المطلوب قضاء حر وقرار حر، وسياسات اجتماعية ولو بالحد الأدنى. باختصار مفيد، إن وضعية البلد بحاجة إلى حكومة طوارئ في أسرع وقت وإلا فنحن ذاهبون إلى الانفجار الكبير”.
ووجه المفتي قبلان خطابه للطبقة السياسية، بالقول:”كفى مماطلة وتسويفا، فلعبة التحدي مدمرة، كذلك لعبة الشارع، التي ستأخذ البلد إلى فوضى عارمة قد لا يكون لها نهاية، لأن تحريك الشارع أمر سهل، إلا أن السيطرة على حريقه أمر صعب. وفي هذا السياق، علينا أن نحذر من الآتي، لأن ظروف الناس صعبة، ووضعية البلد مهددة بشدة إن لم نصل سريعا إلى اتفاق سياسي حول حكومة طوارئ وطنية. والذي يعتقد أن نيران فوضى البلد لن تصل إليه هو أيضا مخطئ، وقصة شوارع وأتباع وجماهير. نحن على يقين أنها ستتحول إلى نقمة على من يعيش الرفاهية والتخمة فيما ناسه يعيشون الجوع والذل والقهر والتسول في الشوارع”… مضيفا “الناس أيها الساسة جوعى، والبلد منهار، والانتظار ثقيل، والليرة انتهت، والأسواق بيد قلة والإغاثة الدولية معدومة، وما نحن فيه أشبه بجمر تحت الرماد، قد يشتعل في أي لحظة وتداعياته مصيرية، بعدما سيطر الفقر على أكثر من 80% من شعبنا وناسنا، والجوع لا طائفية فيه ولا مذاهب، وبالتالي ممنوع تحويل الجوع إلى متاريس طائفية”.
وطالب ب”توحيد المطالب كأساس لقيام جبهة وطنية، لأن التقسيم بالطائفية والمناطقية يعني الانتحار وتحويل بقية السلطة إلى حواجز وإقطاع، وهذا ما نحذّر منه، فأوقفوا عملية تدمير البلد بلعبة الشوارع والاحتكار والدولار التي لا تخدم إلا من يرى البلد فريسة وليس وطنا”.
كما توجه المفتي قبلان “إلى إخواننا المسيحيين وبالخصوص الى الشباب وأصحاب الطاقات منهم وشركائنا في الوطن والعيش المشترك والتاريخ الحي لأقول لكم إياكم والهجرة فإن الهجرة مقبرة الوطن، ونهاية البلد، فضلا عن أنها إفناء للتاريخ والذاكرة، ولمهد الآباء والأجداد فنحن وإياكم عائلة واحدة وجسد واحد وروح واحدة وعيشنا مشترك وماضينا واحد رغم تفاصيله المؤلمة وحاضرنا واحد رغم مآسيه، ولا قيمة للمسلم دون شريكه المسيحي، كما لا قيمة للوطن إذا هجره أهله، خاصة أن هناك من يريد تحويل لبنان إلى بلد نزوح وتوطين، عن طريق فتح أبواب العالم أمام مواطني لبنان، خاصة المسيحيين، فاحذروا من فخ الهجرة لأنها أخطر أسباب نهاية لبنان النموذج والوطن القائم بجناحيه المسلم والمسيحي”.
اللواء ابراهيم
من جهة ثانية ، استقبل المفتي قبلان في مكتبه في دار الإفتاء الجعفري المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم, وعقد اجتماع في حضور المفتي الشيخ عباس زغيب.
وأوضح المكتب الاعلامي في دار الافتاء، “ان اللواء ابراهيم أطلع سماحته على آخر المستجدات في المساعي التي يجريها لجهة تقريب وجهات النظر بين المسؤولين عن تأليف الحكومة. وكان تأكيد على ضرورة تكثيف الجهود لبلوغ عملية التأليف في أقرب وقت ممكن، لأن البلد لم يعد يحتمل كل هذا التحلل بمؤسسات الدولة ولا كل هذا الضيق الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي. كما لا يجوز أن يكون أي منصب أو أي مركز في الدولة أهم من مصير البلد”.
وأكد المفتي قبلان على “ضرورة تنازل الأطراف السياسية المعنية بعملية تشكيل الحكومة وتقديم كل التسهيلات من أجل ولادتها قبل حدوث الانفجار الكبير”.
المفتي قبلان استقبل اللواء ابراهيم ووجه رسالة الجمعة: لتكثيف الجهود لبلوغ عملية التأليف في أقرب وقت ممكن لأن البلد لم يعد يحتمل
ما هو رد فعلك؟
أحببته0
أحزنني0
أضحكني0
مُمل0
أغضبني0