كتبت صحيفة “الجمهورية”: اكتملت سلّة التعيينات العسكرية والأمنية وسيقرّها مجلس الوزراء كاملة غداً، لينطلق لاحقاً إلى إقرار ما تبقّى من تعيينات في مختلف الإدارات والمؤسسات، في موازاة البدء بالورشة الإصلاحية الموعودة، وكذلك في موازاة تحصين الوضع الداخلي إزاء التطورات السورية والإقليمية عموماً، والضغط لوقف الخروقات الإسرائيلية اليومية لوقف إطلاق النار واستكمال الانسحاب الإسرائيلي مما تبقّى من أراضٍ محتلة، تنفيذاً للقرار الدولي 1701. في الوقت الذي أعلنت واشنطن أمس، عن رعايتها مفاوضات ستبدأ الشهر المقبل بين لبنان وإسرائيل، لمعالجة النقاط الحدودية المتنازع عليها بينهما.
إذا لم تحصل مفاجآت، من المفترض أن تقرّ جلسة مجلس الوزراء غداً «وجبة» التعيينات الأمنية والعسكرية بعد الاتفاق على جميع الأسماء وفق المعلومات المتداولة أمس.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ التعيينات غداً الخميس، إذا تمّت، ستشكّل رسالة إيجابية إلى الداخل والخارج في شأن بدء الدولة رحلة الإصلاح والإنقاذ، انطلاقاً من المراكز القيادية الأساسية المعنية بحماية الأمن والاستقرار اللذين يشكّلان ممراً إلزامياً لتحصين أي إنجازات لاحقة في مجالات أخرى.
وأضافت المصادر، أنّ إقرار التعيينات سيعطي زخماً لمسار العهد والحكومة، وسيطلق دينامية إعادة استنهاض مؤسسات الدولة بعد كل ما أصابها من اهتراء وترهل. وأشارت إلى أنّه يجب استكمال الدفعة الأولى من التعيينات بدفعة أخرى إدارية، على قاعدة اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، خصوصاً في حاكمية مصرف لبنان التي تنطوي على حساسية استثنائية، كونها على تماس مباشر مع الوضع المالي وحقوق المودعين، وبالتالي فإنّ من سيشغلها يجب أن يكون موضع ثقة.
سلّة التعيينات
وعشية جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد عند العاشرة صباح غد الخميس، أُنجز الاتفاق على سلة التعيينات العسكرية والأمنية بين الرؤساء الثلاثة. وعلمت «الجمهورية» أنّها أتت على الشكل التالي:
ـ قائد الجيش العميد رودولف هيكل يتولّى حاليًا منصب مدير العمليات في الجيش اللبناني، وتولّى في السابق مهمّة قيادة منطقة جنوب الليطاني، سيتمّ ترفيعه إلى رتبة لواء مع مرسوم التعيين.
ـ مدير عام قوى الأمن الداخلي: العميد رائد عبدالله، رئيس المكتب الفني في فرع المعلومات حالياً، يرقّى إلى رتبة لواء في مرسوم التعيين.
ـ مدير عام جهاز أمن الدولة: العضو في لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية العميد إدغار لاوندس بعد ترفيعه إلى رتبة لواء.
ـ مدير عام الأمن العام: تمّ الاتفاق على نقل نائب مدير أمن الدولة العميد حسن شقير إلى المديرية العامة للأمن العام ليتولاها كحل وسط بين رئيس الجمهورية الذي كان يرغب بتعيين العميد محمد الأمين، ورئيس مجلس النواب الذي اقترح العميد مرشد الحاج سليمان، على ان يتولّى سليمان منصب نائب المدير العام لأمن الدولة، علماً انّ تعيين المدير ونائب المدير يتمّان بمرسوم واحد، كون مجلس قيادة أمن الدولة يتألف من الاثنين فقط ويتخذ قراراته بإجماع الاثنين.
واكّد مصدر حكومي رفيع لـ«الجمهورية»، انّ الاتفاق أتى بعد أخذ وردّ، وليس بعد خلاف كبير كما تمّ تصوير الأمر في بعض وسائل الإعلام، فالجميع كان منفتحاً على النقاش والتفاوض، وستأتي سلّة التعيينات من ضمن جدول الأعمال في بند ورد تحت عبارة تعيينات مختلفة تشمل كذلك تعيين 3 أعضاء في المجلس العسكري، العضوان الكاثوليكي … والأرثوذكسي والعضو الشيعي رياض علام نائب مدير المخابرات الحالي.
مصرف لبنان
وعلمت «الجمهورية»، انّه بعد الانتهاء من التعيينات الأمنية سيبدأ البحث فوراً في تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وسيكون في الجلسة التي تلي جلسة الغد، مع مؤشرات إلى حصول اتفاق على الاسم، والاسم الأوفر حظاً هو كريم سعيد شقيق النائب السابق فارس سعيد وهو عضو مجلس إدارة في بنك الإمارات ولبنان الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارته فاروج نيركيزيان، كذلك هو مؤسس وشريك إداري في شركة Growthgate Capital العاملة في الإمارات.
الملف الجنوبي
على صعيد آخر، حملت تطورات الملف الجنوبي إشارات متضاربة، إذ بينما أطلق العدو الاسرائيلي أربعة أسرى مدنيين لبنانيين كـ«بادرة حسن نية حيال الرئيس اللبناني»، وفق ما أفاد به مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، استمر الاحتلال من جهة أخرى في إبداء سوء النية من خلال مواصلة الاعتداءات على الأراضي اللبنانية وانتهاك السيادة.
ولاحظت اوساط على صلة بالواقع الجنوبي، انّه وبينما كانت لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار تنعقد في الناقورة، وبينما كان رئيس اللجنة الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز يلتقي رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في قصر بعبدا، شنّت المسيّرات الإسرائيلية ثلاث غارات على مناطق في الجنوب ما أدّى إلى سقوط شهيدين.
ونبّهت الاوساط إلى أنّ سلوك تل أبيب يوحي بأنّها تريد أن تواصل حرّية الحركة والاعتداء في لبنان، بالترافق مع تفعيل نشاط لجنة المراقبة والمساعي الديبلوماسية لاستكمال انسحاب الاحتلال من الجنوب، ومعالجة المسائل الخلافية المتصلة بالخط الحدودي، وكأنّ الكيان الاسرائيلي يسعى إلى ان تتمّ المفاوضات مع الجانب اللبناني تحت الضغط.
إطلاق أسرى
وأعلنت سفارتا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا و«اليونيفيل» في بيان مشترك، أنّ «لجنة آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية انعقدت اليوم (أمس) للمرّة السادسة في الناقورة، حيث استضافت «اليونيفيل» الاجتماع برئاسة الولايات المتحدة، وانضمّت إليه فرنسا والجيش اللبناني وقوات الدفاع الإسرائيلية». وأشار البيان إلى أنّ «الحضور بحث في سبل المضي قدماً في التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم في 26 تشرين الثاني 2024، والخطوات التالية لمعالجة القضايا العالقة بين إسرائيل ولبنان. وبعد الاجتماع، وبناءً على طلب الولايات المتحدة، أعادت إسرائيل إلى لبنان خمسة مواطنين لبنانيين كانوا محتجزين لديها. وسوف تواصل اللجنة عقد اجتماعات منتظمة لتحقيق التنفيذ الكامل لوقف الأعمال العدائية».
إتفاق لبناني ـ إسرائيلي
وفي هذه الاثناء، نقل موقع «أكسيوس» امس، عن مسؤول أميركي في البيت الابيض لم يكشف عن هويته القول، إنّ إسرائيل ولبنان اتفقا على بدء مفاوضات لحل النزاعات المتعلقة بحدودهما البرية. وأضاف هذا المسؤول، أنّه في إطار التفاهم بين الطرفين، أطلقت إسرائيل خمسة لبنانيين أسرتهم قواتها العسكرية خلال الحرب الاخيرة. وقال: «إنّ إدارة ترامب تقوم بوساطة بين إسرائيل ولبنان منذ أسابيع عدة في محاولة لتعزيز وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات التالية». وذكر أنّه «خلال المفاوضات، عرضت إسرائيل بادرة حسن نية بالإفراج عن 5 مواطنين لبنانيين كان الجيش الإسرائيلي قد أسرهم خلال القتال العام الماضي، من بينهم عضو في «حزب الله». وكجزء من الاتفاق بين الطرفين، سيتمّ إنشاء مجموعات عمل ثلاثية للتفاوض حول ثلاث قضايا: النزاعات الحدودية البرية بين إسرائيل ولبنان، وقضية الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل، وشروط انسحاب إسرائيل من 5 نقاط متبقية في جنوب لبنان»، بحسب ما قال مسؤول في البيت الأبيض للموقع، مضيفاً: «سيقود مجموعات العمل ديبلوماسيون من الولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان. ونأمل في أن تبدأ هذه المفاوضات في وقت مبكر من الشهر المقبل».
وقال: «محادثات عسكرية اختتمت اليوم (أمس) في الناقورة، وبعد ذلك تمّ إطلاق خمسة أسرى لبنانيين من إسرائيل إلى لبنان». وتابع: «لا يزال جميع المعنيين ملتزمين بالحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار والتنفيذ الكامل لكل بنوده. ونحن نتطلع إلى عقد مجموعات العمل هذه التي يقودها ديبلوماسيون لحل المسائل العالقة سريعاً بالتعاون مع شركائنا الدوليين».
بادرة «حسن نية»
في هذه الاثناء، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان، أنّ «الدولة العبرية ستفرج عن خمسة لبنانيين اعتقلتهم خلال الحرب مع حزب الله»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية». وجاء في البيان: «بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وكبادرة حسن نية حيال الرئيس اللبناني الجديد (جوزاف عون)، قرّرت إسرائيل الإفراج عن خمسة معتقلين لبنانيين. إنّ القرار جاء بعد انعقاد اجتماع في وقت سابق اليوم (أمس) في بلدة الناقورة اللبنانية على الحدود، ضمّ ممثلين عن الجيش الإسرائيلي والولايات المتحدة وفرنسا ولبنان. واضاف البيان: «خلال الاجتماع، تمّ الاتفاق على إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة تهدف إلى استقرار المنطقة»، مشيراً إلى «أنّ هذه المجموعات ستركّز على حلّ النزاعات المتعلقة بوجود القوات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية والمناطق المتنازع عليها على طول الحدود، بالإضافة إلى قضايا أخرى».
اورتاغوس
بدورها، اكّدت المبعوثة الأميركية مورغان اورتاغوس مساء أمس، أنّه تمّ إجراء محادثات عسكرية في الناقورة، أسفرت عن إطلاق 5 أسرى لبنانيين. وقالت: «نحاول إرساء مستقبل جديد للبنان بقيادة الرئيس جوزاف عون»، مؤكّدة «أنّ الولايات المتحدة تواصل دعم لبنان في مسيرته نحو الاستقرار والتنمية»، ومشدّدة على «أنّ عملية إعادة الإعمار في لبنان ستكون تحت إشراف الدولة اللبنانية فقط، وليست من اختصاص أي فصيل أو جماعة مثل حزب الله».
إطفاء البؤر
وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، إنّ الاتفاق المفاجئ بين لبنان وإسرائيل يترجم إرادة أميركية قوية لإنهاء النزاعات المفتوحة في لبنان كما في سوريا وغزة والضفة الغربية، التزاماً بنهج دونالد ترامب الساعي إلى إطفاء البؤر الملتهبة وفتح الطرق الديبلوماسية لإنجاز الصفقات. وفي هذا السياق أيضاً، تضطلع المملكة العربية السعودية بدور في احتضان المفاوضات بين واشنطن وموسكو وكييف لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية.
وأدرجت المصادر في هذا السياق أيضاً الاتفاق الذي تمّ، من دون مقدمات، يوم الاثنين، بين الرئيس السوري أحمد الشرع و«قوات سوريا الديموقراطية» («قسد») والقاضي بانضواء هذه القوات في مؤسسات الدولة السورية، والذي أعقبه أمس اتفاق بين الحكومة السورية ووجهاء الطائفة الدرزية، ما يشكّل مدخلاً لدخول الدولة السورية إلى السويداء.
وكذلك، كان لافتاً تعبير حركة «حماس» عن تفاؤلها بأنّ الجولة الثانية من المفاوضات التي تتوسط فيها واشنطن، حول غزة وملف الرهائن، باتت على وشك النجاح. ورأت المصادر أنّ كل هذه المؤشرات توحي بأنّ اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان سيشهد خطوات عملانية ملموسة، خلال المفاوضات وبنتيجتها، وخصوصاً لجهة التزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها والانسحاب الكامل من لبنان.
اللجنة الخماسية
في هذه الاجواء، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس سفراء «اللجنة الخماسية»: السعودي وليد البخاري، الاميركي ليزا جونسون، الفرنسي هيرفي ماغرو، القطري الشيخ سعود بن عبدالرحمن بن فيصل آل ثاني، المصري علاء موسى في حضور المستشار الإعلامي لرئيس المجلس علي حمدان، وتمّ خلال اللقاء عرض لتطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة أسرائيل خرقها لبنود وقف إطلاق النار والقرار 1701.
وبعد اللقاء قال موسى: «لقاؤنا مع الرئيس بري تناول مواضيع كثيرة على رأسها التحدّيات المقبلة في لبنان والخطوات التي ستتخذها الحكومة تلبيةً لما ورد في خطاب قَسَم فخامة الرئيس عون وفي بيانها الوزاري. ودولة الرئيس بري كان واضحاً بأنّه حريص كلياً على تطبيق كل هذه الخطوات في اسرع وقت، لأنّها تمسّ الحياة اليومية للمواطن اللبناني مباشرة».
وأضاف انّ البحث تناول ايضاً «أوضاع الجنوب وضرورة إتمام الإنسحاب الاسرائيلي الكامل من جنوب لبنان، واكّد دولته انّ الجانب اللبناني أوفى بالتزاماته وبالتالي ينتظر من الجانب الآخر الوفاء ما هو ملتزم به، بضمان إخواننا في أعضاء اللجنة الفنية التي تشرف على تنفيذ وقف الأعمال العدائية، ودولة الرئيس بري أيضاً كان واضحاً وصريحاً بأنّ ما يحدث بالجنوب يؤثر على لبنان كلياً. ونحن نتفق معه على ذلك. وهو استمع من خلال أعضاء اللجنة انّ هناك عملاً جدّياً وتوجّهاً داخل اللجنة الفنية للإسراع والانتهاء من الخطوات اللازمة والإنسحاب الكامل».
وأشار إلى أنّ البحث تناول ايضاً ملف إعادة الاعمار في الجنوب «وتوافقنا على لقاءات في المقبل من الأيام لمزيد من البحث في أمور قد تكون عالقة أو هي في حاجة الى تدارس وتبادل وجهات النظر».
