تناول الوزير السابق رائد خوري في تصريح، “وضع خطة ماكينزي اليوم ولماذا لم تطبق وما هي إيجابياتها وكيف يمكنها أن تنشل لبنان من أعباء أزماته، فقال: “في العام 2017 عندما كنت وزيراً للإقتصاد استغربت عدم وجود خطة إقتصادية، إذ ليس هناك بلد في العالم ليس لديه خطة للمستقبل على مدى خمس أو عشر او عشرين سنة”، معتبراً أن “أي بلد ليس لديه خطة لا يمكنه أن يحقق إنجازات لأن الإستثمارات لا تأتي إلى أي بلد لا يوجد فيه خطة وإلى دولة ليس لديها رؤية واستقراراً في سياساتها الإقتصادية والمالية”.
اضاف: “عندها قررت الاستعانة بمستشارين دوليين لديهم خبرة وقاموا بدراسات في دول تشبه إقتصادنا وحجم وظروف بلدنا، كالسنغافور، وعملنا معهم على فترة ستة أشهر ووصلنا إلى نتيجة جيدة بحيث أدركنا أين قوة لبنان إقتصاديا وبأي قطاعات وعملنا مع الوزارات المعنية والاحزاب اللبنانية الذين وافقوا وشاركوا في الخطة مؤكدا ان خطة ماكينزي مبنية على الواقع”.
وإذ نصح خوري الحكومة الجديدة بـ”اعتماد خطة ماكينزي الجاهزة ولديها خبرات داخلية وخارجية”، قال: “إذا أرادوا يمكنهم إدخال التعديلات عليها”، ورأى أن “هذه الخطة ما زالت صالحة بنسبة 90 بالمئة لأنها درست عمق مقومات الإقتصاد اللبناني الذي لا يتغير”.
وفي اواخر العام 2017 وافق مجلس الوزراء على خطة وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري حينها إبرام عقد مع شركة ماكينزي الاستشارية بغية وضع إطار عملي لرؤية لبنان الإقتصادية لخمس سنوات ومع هذه الخطة بات للبنان خطة تطبيقية لأول مرة. وبطلب من الحكومة اللبنانية، أعدّت شركة “ماكينزي أند كومباني” دراسة قطاعية حول الاقتصاد اللبناني، تضمّنت رؤية وخطّة متطورة تحدّد مستقبل لبنان الاقتصادي للسنوات الخمس المقبلة (2020-2025) وتشمل ستة قطاعات أساسية.
أولًا – القطاع الزراعي:
من المعلوم أن هذا القطاع يعيش معاناة سببها صغر مساحة الأراضي الزراعية في لبنان وارتفاع أسعارها، ونقص التمويل، وارتفاع تكلفة الزراعة بشكلٍ عام. وقد انخفضت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي خلال العقدَين الماضيَين من 12 في المئة إلى أقل من 4 في المئة حاليًا، وباتت قيمة الصادرات الزراعية لا تفوق الـ 400 مليون دولار.
من هنا، أوصت دراسة ماكينزي بضرورة تحسين القطاع الزراعي وتعزيزه لمواجهة هذه التحديات، وذلك من خلال الانتقال إلى زراعات ذات قيمة أعلى، واعتماد التكنولوجيا. كما تقترح الدراسة زراعة الحشيشة لأغراض طبية، والتي باستطاعتها تأمين إيرادات سنوية تقارب المليار دولار.
ثانيًا – القطاع الصناعي:
انخفضت حصة هذا القطاع من الناتج المحلي من 18 في المئة إلى 10 في المئة، وهو يواجه تحديات تعود إلى ضعف القدرة التنافسية، وارتفاع تكلفة الإنتاج وعدم وجود مناطق صناعية، وضعف مهارات اليد العاملة، ولا تتجاوز قيمة الصادرات الصناعية اللبنانية سنويًا الـ 2،5 مليار دولار. وقد أوصت ماكينزي بالتركيز على ثلاثة قطاعات مستقبلية وهي: الصناعات الغذائية، صناعة الأدوية، صناعة العطور ومستحضرات التجميل.
ثالثًا – القطاع السياحي:
يشكّل نحو 5 في المئة من الناتج المحلي، ويواجه تحديات تعود إلى رداءة البنى التحتية، وأسعار تذاكر السفر ومحدودية الغرف الفندقية. لذلك توصي ماكينزي بتعزيز سياحة الأعمال والاستشفاء والسياحة الدينية والثقافية.
رابعًا – قطاع اقتصاد المعرفة:
يمثّل هذا القطاع حاليًا نحو 1،5 في المئة من الناتج المحلي، ويؤمّن نحو 8000 فرصة عمل، ولكنّه يواجه تحدّيات جمّة تعود إلى التسويق والتمويل والأبحاث والقوانين وانخفاض عدد براءات الاختراع وتدنّي مستوى البنى التحتية ( خدمات الإنترنت ). ويُعدّ اقتصاد المعرفة من الاقتصادات الواعدة في الاقتصاد الوطني، ويمكنه أن يؤدي دورًا مهمًا في الاقتصاد المستقبلي.
خامسًا – قطاع الخدمات المالية:
وهو يشمل القطاع المصرفي وقطاع التأمين وأسواق رأس المال، وتوصي دراسة ماكينزي بتطوير خدماته لتصبح خدمات مالية رقمية.
سادسًا – قطاع الانتشار:
توصي دراسة ماكينزي بتعزيز التواصل مع المغتربين، والاستفادة من شبكة المنتشرين في الخارج، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الانتشار، لجذب الاستثمارات إلى لبنان.
و كانت الدولة اللبنانية قد أقرت عام 2020 قانونًا يضمن تنظيم زراعة القنب الهندي لأسباب طبية، بناء على توصية “خطة ماكينزي” على اعتبار أن ذلك سيوفر مئات ملايين الدولارات للخزينة. إلا أن القانون ما زال يقبع في الأدراج الوزارية ولم يدخل حيز التنفيذ بعد. وبرغم نفاذ القانون، لم تُعين حتى الآن هيئة ناظمة لإدارة القطاع.
