حاضر نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد عن “حقوق السجين بين الواقع والقانون”، بدعوة من برنامج تطوير ودعم السجون برئاسة الليون مديرة معهد حقوق الإنسان في النقابة دوللي فرح، عبر تطبيق Zoom في حضور وصل حتى 165 مشاركا، منهم: أمين سر مجلس نقابة المحامين يوسف الدويهي، مدير مركز حقوق السجين محمد صبلوح، أعضاء المعهد والمراكز واللجان في النقابة، محامين ومحامين متدرجين، المدير الدولي السابق الليون سليم موسان، حاكم المنطقة الليونزية 351 الليون الدكتور جان كلود سعادة، والحكام السابقين: الليون نبيل الروس، الليون مارسيل سلامة، الليون نبيل نصور، والنائب الأول للحاكم الليون عايدة قعوار، والنائب الثاني الليون بطرس عون، أمين سر وأمين مال مجلس الحاكم، رؤساء وأعضاء أندية الليونز، عدد من القادة الأمنيين وآمري السجون، ممثلين عن هيئات المجتمع المدني، الصليب الأحمر الدولي، مركز ريستارت، IRC، المركز اللبناني لحقوق الإنسان، المرشدية العامة للسجون، الجمعية الأرثوذكسية لرعاية المساجين، أندية الروتاري، ممثلين عن جامعات القديس يوسف، بيروت العربية واللبنانية كلية الحقوق فرع جل الديب،
سعادة
بعد كلمة ترحيبية لفرح، تحدث سعادة فقال: “في ظل إنعدام القانون وغياب الشروط الصحية ونقص الخدمات في السجون، أصبحت السجون في لبنان مؤسسات عقابية فقط، وليست إصلاحية لإعادة تأهيل المساجين للحياة الإجتماعية الجديدة، لدرجة أننا أصبحنا في لبنان نقول للأسف بأن السجون اللبنانية مصنع للمجرمين والمنحرفين، ولكننا في طبيعتنا لا نتخلى عن الأمل، ونطمح لأن تصبح السجون ضمن أولويات المعنيين من خلال وضع خطط وسياسات وتشريعات قضائية وإدارية وخاصة مالية لإصلاحها ومعالجة إنتهاكات حقوق الإنسان فيها”.
فرح
وكانت كلمة لفرح قالت فيها: “إن حرية الشخص هي أثمن الحقوق لدى جميع البشر، ولكن هناك بعض الظروف تقرر السلطات القضائية فيها بأنه من الضرورة سلب بعض الأشخاص ذلك الحق لفترة من الزمن، نتيجة للأفعال التي إتهموا بها وحكم عليهم بالسجن فيها، فيطلق عليهم مسمى السجناء وتصبح مهمة سلطات السجون هي أن يتم ذلك بشكل لا يكون مقيدا أكثر مما هو عليه بالضرورة، ولا تكمن وظيفة سلطات السجون في فرض قيود إضافية على من هم في عهدتها. فمن مجموعة المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء: “يعامل جميع السجناء بالاحترام اللازم لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر”.
وختمت: “يقال أنه ما من أحد يستطيع أن يتعرف على أمة ما بحق، إلا بعد دخوله الى سجونها، فلا ينبغي الحكم على أمة ما من طريقة معاملتها لأنبل مواطنيها بل من معاملتها لأدناهم منزلة، لذلك سؤالنا اليوم هو: أين نحن من حقوق السجين في لبنان؟ يحدثنا عن ذلك النقيب محمد المراد، الذي تحولت نقابة المحامين في عهده الى خلية نحل لم يعق عملها ونشاطها الظروف الراهنة ولا سيما جائحة كورونا”.
المراد
ثم إستهل النقيب المراد محاضرته قائلا: “السؤال الأول الذي يطرحه السجين وأهله وكل إنسان تعنيه الكرامة الإنسانية اليوم، هل السجون في لبنان لإدارة عقابية، أم لإدارة إصلاحية تأهيلية، هل هي للتشفي والإنتقام من الإنسان أم للمحافظة على كرامة الإنسان، فلا شك بأن هذا السؤال الكبير يطرح نفسه يوميا في لبنان فيما يتعلق بواقع السجين بين واقع وتطبيق”.
وعن الواقع القانوني والتشريعي لموضوع السجون في لبنان قال المراد: “لقد بدأ موضوع السجون من خلال تشريع يتعلق بالمرسوم 17315 بتاريخ 28/08/1964، والذي أعطى في البداية صلاحية إدارة السجون لوزارة العدل، إلا أنه ربط مسألة الإدارة والتعيينات فيه الى مرسوم يصدر لاحقا وللأسف لم يصدر هذا المرسوم حتى الآن، فهذا المرسوم الذي لم يطبق للأسف من حيث ربط الإدارة بوزارة العدل، فرض أمرا واقعا في التعاطي مع السجون والمساجين من حيث القوانين المرعية الإجراء، ليصدر بعدها المرسوم 14310 والذي أعطى لوزارة الداخلية هذه الإدارة، ومن ثم صدر مرسوم 6236 بتاريخ 17/12/1995، المتعلق بالسجون التابعة لوزارة الدفاع وقيادة الجيش، أردت من هذه النبذة أن أؤكد أن الواقع القانوني التشريعي في لبنان فيما يتعلق بالسجون ليس بخير على الإطلاق، فقد أولي أمر إدارة السجون الى جهات غير متخصصة في إدارته الداخلية، في حين إغفال تام لدور ثلاث وزارات: التربية، الصحة، الشؤون الإجتماعية، فالحقيقة المرة أن التوصيف الإداري الواقعي لهذه السجون مأساوي ومذري ومسيء للانسان وكرامة الإنسان”.
وتابع: “لبنان ملتزم المعاهدات والمواثيق الدولية والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة بقواعد نيلسون مانديلا التي أتت على ذكر قواعد واضحة وصارمة بالنسبة للسجون وإدارتها من حيث الإنسان وكرامته وصحته وبيئته وواقعه، لكنه بعيد جدا عن هذه المعايير من الناحية التشريعية والقانونية، ولا نزال غرباء كل الغربة عن إلتماس حقيقيٍ لهذه القواعد والمعايير في التطبيق بالنسبة لمعاملة السجناء والتعاطي معهم داخل السجون، فبقدر ما نكون غرباء عن تحقيق ذلك، بقدر ما نكون أقرباء لمعاملة السجين على قاعدة التشفي والإنتقام بدلا من الإصلاح والتأهيل”.
ثم عرض المراد أهم الإشكاليات والمخالفات على صعيد السجون في لبنان، ومنها:
– عدم التصنيف بالنسبة للجرائم في السجون.
– الواقع الصحي الاليم في ظل غياب تام لوزارة الصحة في هذا المجال، وعدم تأمين أطباء إختصاصيين لمعالجة السجناء.
– كيفية التعامل الداخلي مع السجناء وحقوقهم في الحصول على بعض الحاجات، والرتابة القاتلة في تأمين حاجاتهم أو إصلاحها، والتي تنعكس سلبا على صحتهم ونفسيتهم، وقد ظهرت جليا عبر إطلاق الصرخات المتتالية خلال الإعتصامات داخل السجون، والتي يصار الى كبتها دون أي معالجة حقيقية من قبل الإدارة.
– إكتظاظ السجون، وهذه أزمة الأزمات في سجون لبنان التي تحتوي على ثلاثة أضعاف سعتها القصوى، وهناك قسم كبير من هذه الإشكالية يتعلق بتسريع المحاكمات، والبت بالملفات القضائية، وإخلاءات السبيل، فهذا الواقع إذا ما استمر على ما هو عليه، لن نكون بمأمن في قادمات الأشهر والسنين”.
وأضاف: “لقد كان هناك محاولة في وزارة الداخلية بالتعاون مع الكثير من المؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان، لوضع خطة سميت بالخطة الوطنية للسجون، والتي تناولت معظم الجوانب التي ذكرتها سابقا، وهنا نتساءل وإياكم أين أصبحت هذه الخطة؟ فللأسف إن هذه الخطة لم تقاربها وزارة الداخلية منذ ذاك التاريخ حتى اليوم بأي عنوان من العناوين الأساسية التي يجب معالجتها والخلل الحاصل فيها”.
وعلى صعيد نقابات المهن الحرة، أوضح المراد: “لقد قمنا بخطة مزدوجة خلال أزمة كورونا، والتي تم من خلالها تغطية مختلف السجون على المستوى الصحي والتدابير الوقائية من الفيروس، بالإضافة الى الخطة القضائية القانونية الأمنية والتي إستطعنا من خلالها إطلاق سراح أكثر من 700 موقوف في محافظتي الشمال وعكار خلال فترة ثلاثة أشهر، من خلال الخطة المشتركة في ما بين القضاء والمحاماة والأمن، بمواكبة من لجنة طوارئ السجون في نقابة المحامين في طرابلس، بالإضافة الى دور مركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية في النقابة، الذي قام بتقديم جميع المساعدات القانونية منذ سنة ونصف، من خلال تكليف مسؤولٍ لمحامين في سبيل الإسهام بالتخفيف من الإكتظاظ داخل السجون، وجميع المحاولات التي ذكرت جيدة لكنها لا تكفي، فلولا إندفاع المؤسسات والجمعيات المحلية والدولية والهيئات المعنية بحقوق الإنسان بإتجاه معالجة السجون بالإضافة الى الخطط القانونية لنقابتي المحامين، لكان الوضع أكثر سوءا وأكثر مأساة، فبهذا الكم من المهتمين بهذه القيمة الإنسانية، نستطيع معا كنقابات ومؤسسات وهيئات أن نسهم إسهاما فعالا في ما لو وضعت خطة واضحة لعملية الإصلاح الحقيقي لواقع السجون والإنصاف الحقيقي لواقع السجناء”.
وختم: “نحن بحاجة الى خطة وطنية شاملة تبدأ من التشريع وتوحيد المراسيم في قانون واحد يتلمس جميع هذه التناقضات، وأهم إنجاز يمكن أن يتم اليوم هو توحيد الجهود من الناحية التشريعية والقانونية لإصدار قانون ينص صراحة على مواءمة القواعد القانونية الواردة فيه مع المعايير الدولية والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، لنكون قد قمنا من خلاله بمدخل لعملية المعالجة، ولا بد أن يتضمن هذا القانون نموذجا موحدا لأبنية السجون بمواصفات موحدة ضمن معايير علمية هندسية فنية، وبينما يصدر هذا القانون لا بد من أن تكون هناك خطة لوزارة الدفاع إضافة الى الخطة التي وضعتها وزارة الداخلية لمعالجة هذا الموضوع، لنقترب ولو 10 في المئة من القواعد والمعايير المعتمدة دوليا بالتعامل مع الإنسان وكرامته والحق الإنساني، فما يحصل داخل السجون لا يقارب الحد الأدنى من المعايير الأخلاقية والإنسانية، فواقع السجون والسجناء مأسوي لدرجة أنه يدمع القلب قبل العين”.
وكانت مداخلات، وجه فيها العديد من المشاركين أسئلة الى المحاضر الذي أوضح بنتيجتها الكثير من المسائل.
المراد: لقانون تتواءم قواعده مع المعايير الدولية لمعاملة السجناء
ما هو رد فعلك؟
أحببته0
أحزنني0
أضحكني0
مُمل0
أغضبني0