Les actualités les plus importantes et les plus récentes du monde en français

الراعي: ليعد المعنيّون بتعطيل تأليف الحكومة إلى ما جاء في خطاب القسم فلا احترام للدستور بل مخالفة تلو المخالفة ولا احترام لميثاق العيش المشترك

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد “دخول المسيح إلى الهيكل” في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور السفير جورج خوري، قنصل جمهورية موريتانيا إيلي، رئيس حزب البيئة العالمي ضومط كامل، رئيس مؤسسة البطريرك صفير الإجتماعية الدكتور الياس صفير، عائلة المرحومة نبيهة سمعان غوش،وحشد من الفعاليات والمؤمنين.

بعد الإنجيل المقدس ورتبة تبريك الشموع القى البطريرك الراعي عظة بعنوان:”نورا ينجلي للشعوب” قال فيها: “يسوع ابن أربعين يومًا يقدّمه أبوه إلى الهيكل، ويقبله سمعان الشيخ بين ذراعيه، وكان قد أتى في تلك الساعة إلى الهيكل بوحي من الروح القدس، وقال: “يا ربّ، الآن تطلق عبدك بسلام، بحسب كلمتك، لأنّ عينيّ أبصرتا خلاصك، ذاك الذي أعددته أمام جميع الأمم، “نورًا ينجلي للشعوب” (لو 2: 28-32). في هذا عيد دخول الربّ إلى الهيكل، تقام رتبة تبريك الشموع، التي ترمز إلى نور المسيح بشخصه وكلامه وأفعاله وآياته. فتؤخذ الشموع إلى بيوت المؤمنين بركةً وتذكيرًا بأن يعكسوا نور المسيح في حياتهم وتصرّفاتهم وأفعالهم. وقد أصبح هذا العيد منذ سنة 1997 يوم المكرّسين والمكرّسات. فنصلّي من أجل الدعوات الرهبانيّة المقدّسة الرجاليّة والنسائيّة وثباتها، ومن أجل أن يعكس المكرّسون والمكرّسات وجه المسيح بنوره على حياتهم. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا للاحتفال معًا في هذه الليتورجيا الإلهيّة التي نستمدّ فيها نور المسيح يقود خطواتنا. وأوجّه تحيّة خاصّة لعائلة المرحومة نبيهة سمعان غوش زوجة عزيزنا الياس يوسف عازار. فنحيّيه مع أولاده وسائر ذويهم وأنسبائهم. وقد ودّعناها معهم منذ شهرين. وننوّه بابنها المحامي جوزف صاحب الحضور المدنيّ والكنسيّ. فكان الرئيس السابق لبلديّة حيّاطة، ورئيس رابطة الأخويّات السابق في لبنان. نذكر في هذا القدّاس الإلهيّ المرحومة نبيهة، راجين لها الراحة الأبديّة، ولأسرتها العزاء الإلهيّ. عيد دخول الطفل بسوع، إبن الأربعين يومًا، إلى الهيكل، كان في الشريعة القديمة يُقدّم كلّ فاتح رحم إلى الله. ويُفتدى الطفل بتقدمة الفدية، وهي إن كانت العائلة غنيّة تقدّم حملًا، وإن كانت فقيرة تقدّم فرخي حمام أو فرجي يمام (راجع لو 2: 23-24). وهذا ما فعله يوسف ومريم الفقيران، وهما يعترفان بانتماء طفلهما إلى الله القادر وحده أن يهب الحياة. فبالخضوع والطاعة للشريعة أتمّا كلّ شيء. والطفل يسوع، الإله المتجسّد، هو طاهر نقيّ بريء من كلّ عيب. الطهارة في يسوع طبيعيّة، وفي مريم أمّه الطهارة ملازمة لها بسبب أمومتها وسموّها على سائر الناس”.

وتابع: “دخول الطفل يسوع إلى الهيكل هو لقاؤه وسمعان الشيخ، الذي كان عائشًا في الشوق وانتظار الخلاص المسيحانيّ. وقد عرف بوحي من الروح القدس أنّه لن يموت قبل رؤية المسيح الربّ. أتى في ذاك اليوم، بوحي من الروح القدس إلى الهيكل. ولـمّا قدّم أبوا يسوع الطفل إلى سمعان، هتف وبوحي من الروح، والطفل بين ذراعيه: الآن يا ربّ تطلق عبدك بسلام، بحسب كلمتك، لأنّ عينيّ أبصرتا خلاصك، ذاك الذي أعددته أمام جميع الأمم، نورًا ينجلي للشعوب” (لو 2: 27-32). نور المسيح هو لنا نحن، لكلّ واحد وواحدة منّا، ليخرجنا من ظلمات الحياة: ظلمات الخطيئة والشرّ، ظلمات الحروب والنزاعات، ظلمات القتل والموت، ظلمات الظلم والاستبداد، ظلمات جهل المسيح وإنجيله الخلاصيّ.  ثمّ كان كلام نبويّ لسمعان الشيخ موجّه إلى مريم: “أمّا أنتِ، فيجوز بنفسك رمح، لتنجلي مضمرات قلوب الكثيرين” (لو 2: 35). إنّها نبوءة عن شراكة مريم بآلام المسيح الخلاصيّة لفداء البشر. فسقطت هذه النبوءة في قلب مريم التي راحت تتأمّل فيها وفقًا لحالات ابنها يسوع وما تحمّل من آلام نفسيّة وجسديّة، حتى وقفت عند قدميه مصلوبًا، وما زالت تتأمّل في نبوءة سمعان: كيف العالم حقد وابنها حبّ، كيف العالم ظلمة وابنها نور، كيف العالم مال ولذّة وابنها فقر وحرمان. كيف العالم كذب واحتيال وتجنٍّ وابنها حقيقة ووفاء وصدق” (راجع الأب يونان عبيد: يسوع موعد حبّ، ص 89-92). هذا العيد الذي نبارك فيه الشمع رمز النور، وبخاصّة نور المسيح، نور الحقيقة والعدالة، نور المحبّة والحريّة، يدعونا جميعًا للخروج من ظلمات الأنانيّة والحسابات الخاصّة. فهذه تعطّل العيش المشترك الرغيد والواضح الذي يميّز النظام السياسيّ في لبنان. هذا العيش المشترك منظّم في الدستور والميثاق الوطنيّ المتجدّد في وثيقة الوفاق الوطنيّ الصادرة عن اتفاق الطائف سنة 1989 أي منذ ست وثلاثين سنة. فلأنّ هذه الوثيقة لم تُطبّق في حينه بكامل نصّها وروحها، بدأت الحياة السياسيّة تتعثّر وتتراجع، وما زالت حتى يومنا. فلا احترام للدستور، بل مخالفة تلو المخالفة، ولا احترام لميثاق العيش المشترك ولوثيقة الوفاق الوطنيّ، فدبّت الفوضى في الحكم والحكومة”.

أضاف: “كيف يمكننا أن نواجه حاجاتنا الوطنيّة مع السعي إلى المطالبة الضيّقة بالحصص البغيضة التي لا علاقة لها بالميثاق والدستور، بل هي نقيض لهما. فليعد المعنيّون بتعطيل تأليف الحكومة إلى ما جاء في خطاب القسم: “إنّها أزمة حكم وحكّام وعدم تطبيق الأنظمة أو سوء تطبيقها وتفسيرها وصياغتها. نحن في أزمة حكم يفترض فيها تغيير الأداء السياسي في رؤيتنا لحفظ أمننا وحدودنا، وفي سياساتنا الاقتصادية، وفي تخطيطنا لرعاية شؤوننا الاجتماعية، وفي مفهوم الديمقراطية وفي حكم الاكثرية وحقوق الأقليات، وفي صورة لبنان في الخارج وعلاقاتنا بالاغتراب، وفي فلسفة المحاسبة والرقابة وفي مركزية الدولة والانماء غير المتوازن وفي محاربة البطالة وفي مكافحة الفقر”.

وختم الراعي: ” فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، لكي يقودنا الله إلى نور المسيح، فنعيش في نور الحقيقة والمحبّة، ونرفع التسبيح والشكر للثالوث القدّوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

بعد القداس استقبل البطريرك الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية.