وبرز حرص سلام في بيانه على تقديم إعادة الإعمار كأولوية اساسية معلناً أنها “ليست مجرد وعد بل إلتزام”، وقرن ذلك بالتشديد الموازي على “التنفيذ الكامل للقرار 1701 وكل بنود إتفاق وقف إطلاق النار، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من الأراضي اللبنانية”. وقال “إن هذا يقتضي العمل أيضاً على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية، كما جاء حرفياً ونص عليه إتفاق الطائف”. ولفت إلى “أن الأساس في الإصلاحات السياسية هو العمل على تنفيذ أحكام الطائف التي لم تنفذ بعد، وعلى تصحيح ما نفذ منه خلافاً لنصه أو روحه، وعلى سد ثغراته. وهذا لا يتحقق من دون العمل على تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة، ومن دون سلطة قضائية مستقلة ومؤسسات أمنية فاعلة”. ورداً على بعض الهواجس التي أثيرت بالأمس، قال: “إنني بفطرتي وتكويني وممارستي السياسية لست من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة. ولست من أهل الاستبعاد بل من أهل التفاهم والشراكة الوطنية. ويداي الإثنتان ممدودتان إلى الجميع للإنطلاق سوياً في مهمة الإنقاذ والإصلاح وإعادة الإعمار”. وتوجه إلى الشباب بالقول “إن لبنان الذي سنعمل لأجله هو لبنان الذي يحتضنكم لتعيشوا فيه بأمان”.
الرئيس المكلف سلام، جال على رؤساء الحكومات السابقين والتقى تباعاً الرؤساء نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، تمام سلام، ويجري الاستشارات النيابية غير الملزمة اليوم للكتل النيابية وغداً للنواب المستقلين في مبنى مجلس النواب. وأوضح سلام أنه سيستمع إلى النواب اليوم “وعندما يكون لدي تصور فساشاركه مع الإعلام للرأي العام ونحن في عهد جديد ونريد له انطلاقة سريعة”.
واكتسبت زيارة وفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى للرئيس عون أمس دلالة مهمة لجهة احتواء الموقف السلبي الذي أطلقه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من بعبدا. وأكد عون أمام الوفد أن “لدينا اليوم فرص كبيرة جداً علينا استغلالها معاً، ولا وقت لتضييعه”. وشدد على “وجوب عدم وضع أية عراقيل في وجه تشكيل الحكومة لأنه يجب استغلال هذه الفرص وإرسال رسائل إيجابية إلى الخارج، بأن لبنان قادر على أن يحكم نفسه وعلى تنفيذ إعادة الإعمار بشفافية، وعلى بناء دولة ننادي بها جميعا”. واعتبر “أنه لا يمكن لمكوّن أن ينكسر وغيره ألا ينكسر، فإذا انكسر مكوّن، ينكسر لبنان بأسره. وما حصل بالأمس هو عملية ديموقراطية أوصلت إلى نتيجة معينة، وهناك مراحل أخرى. ربما نضطر مرات إلى التراجع خطوة الى الوراء، ولكن هناك مصلحة عامة هي الأهم”. وشدد على أن “ليس مسموحاً أن تحمل فئة واحدة عبء الصراع مع إسرائيل، بل يتشارك جميع اللبنانيين في تحمل عبء هذا الصراع”.
ماكرون إلى بيروت
وفي المواكبة الدولية للتطورات اللبنانية، يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت يوم الجمعة المقبل، وفي اليوم التالي، يصل الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، لتقديم التهاني للرئيس عون، والوقوف على حاجات لبنان للمساعدة في المرحلة المقبلة. وتوجهت فرنسا أمس “بأسمى التهاني إلى السيد نواف سلام لمناسبة تعيينه في منصب رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية عقب المشاورات البرلمانية التي أقيمت في 13 كانون الثاني”. ورأت وزارة الخارجية أن “هذا التعيين، عقب انتخاب الرئيس جوزف عون الأسبوع المنصرم، يمثّل فسحة أمل جديدة للبنان واللبنانيين”، وأملت في” تأليف حكومة قوية قادرة على توحيد لبنان في أوجه تنوّعه كافّة في أسرع وقت من أجل إجراء الإصلاحات الضرورية لإنعاش لبنان، وبغية إتاحة عودة الازدهار للبنانيين وإرساء الأمن وحفظ السيادة في لبنان في جميع أرجاء أراضيه”.
وفي السياق، أشار وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى “تراجع حزب الله إلى شمال نهر الليطاني”، لافتاً إلى أنّ “إيران فقدت القدرة على إمداد الحزب بالأسلحة”. وقال في مؤتمر صحافي عن الوضع في الشرق الأوسط: “حزب الله خسر وأصبح من الماضي وهجماته أضرّت باللبنانيين والإسرائيليين”.
بدوره، أكّد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي “أننا مستعدون للمساهمة في دعم الجيش اللبناني إلى أبعد الحدود”، مضيفًا، “على المجتمع الدولي اغتنام فرصة تضاؤل قدرات حزب الله في لبنان”.
ويشار إلى أن حديث وزير الخارجية البريطاني جاء بعد أيام، من نشر وثيقة من خلال وكالة “رويترز” أشارت إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستحول 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان الذي ينفذ وقفاً لإطلاق النار مع إسرائيل.