نظم صالون أبو رضا الثقافي والملتقى اللبناني لصون الأسرة والقيم، في دارة المرحوم الحاج أبو رضا في بلدة الوردانية، ندوة فكرية، بعنوان : “دور رجال الدين في حماية القيم والأسرية في لبنان”، وحضر فيها كل من ممثل البطريركية المارونية المونسنيور عبده أبو كسم، وممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ البروفيسور محمد حجازي، فيما أدار الندوة الصحافي سمير منصور، وحضرها المونسنيور جوزف القزي ممثلا راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار، علي عيسى ممثلا النائب بلال عبدالله، اللواء ابراهيم بصبوص، قضاة ومشايخ ونخبة من أبناء اقليم الخروب ورؤساء بلديات واساتذة جامعات ومدراء مدارس وممثلون عن الأحزاب والأندية والجمعيات ومخاتير وشخصيات.
الحاج
بداية تحدث صاحب الدعوة مدير صالون أبو رضا الثقافي علي الحاج فرحب بالحضور، وقال:”نحن ابناء الشوف، أبناء الكرم، وأبناء البوصلة الرئيسية للوطن الحقيقي، الذي نسعى له جميعا، فاذا نظرنا الى هذا النموذج الموجود من سنة وشيعة ومسيحيين ودروز، هذا هو لبنان الذي نسعى اليه، لبنان الذي سعى اليه الامام القائد السيد موسى الصدر، والزعيم الوطني الكبير كمال جنبلاط والرئيس الشهيد رفيق الحريري، هذا البلد الذي نصبو اليه كما أراده غبطة البطريرك صفير وقبله البطريرك خريش وما قبلهم.
وأضاف: نريد اقليم الخروب في كسروان والجنوب وفي بلدة الرئيس نبيه بري، وبلدة السيد حسن نصرالله في البازوربة، ونريده في المختارة وفي كل بلدة، هذا دوركم والدور الاكبر لكم ان نترك السياسة للسياسيين والمقاومة الشريفة لاصحاب السواعد السمراء الذين يسطرون افضل ملاحم البطولة من غزة الى العراق الى اليمن الى لبنان.”
وختم” نريد منكم خلق مناعة ثقافية في مجتمعنا.”
منصور
ثم أدار الندوة الصحافي سمير منصور فاستهلها بالقول:” في زمن الوحشية الاسرائيلية المستمرة منذ اكثر من 7 عاما، والجيش الاكثر توحشا في العالم، وفي زمن قتل الاطفال والنساء وهدم المستشفيات والمساكن على رؤوس ساكنيها، في غزة وفي جنوبنا الصامد، كم نحن بحاجة لان نطرح هذا السؤال ليس فقط عن دور رجال الدين في حماية القيم الأسرية، بل عن دور كل مؤسسة في حماية حقوق الانسان، في عالم ينحاز الى القاتل ضد الضحية، وإلى الباطل ضد الحق، وإلى محتل الارض ضد اصحابها وضد المقاومين من اجل تحريرها.”
أضاف “وفي زمن اكبر تفجير في العالم بعد هيروشيما وناغازاكي انفجار بيروت الذي دمر مرفأها، واطار نصفها قتلا وتدميرا.”
واردف: جميع اللبنانيين ضد العدو الصهيوني من مسيحيين ودروز وسنة وشيعة، وكما قال الرئيس بري: نحن شيعة بالهوية ولكن سنيين الهوى ولبنانيي الانتماء، فلبنان يجمعنا . نطلب منكم كرجال دين التوعية، لان البورصة والمراهنات تغزو شبابنا واولادنا، نريد منكم تقوية المناعة الثقافية.”
أبو الكسم
ثم ألقى المونسنيور أبو الكسم كلمة، أعرب فيها عن سروره لهذا اللقاء في دارة الراحل الحاج أبو رضا، ثم تحدث عن الملتقى اللبناني لصون الأسرة والقيم، الذي يمثل المرجعيات الروحية الأساسية في لبنان، ليكون مرجعية لرسمية لمواجهة كل التحديات التي تواجه العائلة في لبنان..
ولفت الى اننا نواجه ، وأكد أبو الكسم ان المرجعيات الدينية في لبنان، تصدّت لضغوطات ومحاولات تشريع “المثلية الجنسية ” التي تتكاثر في لبنان، تحت ستار كرامة الإنسان، لافتا الى رفض فكرة تشريع الإجهاض، التي هي جريمة قتل، بالإضافة الى مواجهة محاولات التفكيك الأسري (الجندرة) لإختيار الفرد الجنس الذي يريده، مؤكدا العمل على حماية العائلة من الآفات التي تهدم الأسرة ( العنف الأسري وتجارة البشر وعمالة الأطفال..) .
وشدد أبو الكسم على أن حماية العائلة، تعني حماية الوطن، معتبرا “ان لبنان بدأ يتفكك، حيث لا رئيس جمهورية، والمؤسسات تنهار.. والبلد يئن تحت الأزمات إدرات مقفلة وفساد مستشري..، داعيا الى حماية المدرسة التي هي شريكة العائلة في التربية ..
وأضاف “نحن نعمل على حماية العائلة، ومواجهة هذا الخطر الكبير الذي يضرب لبنان، بالتعاون مع جمعيات تهتم بالأسرة والأطفال، وقد تدخلنا في المنهج التربوي الذي يعده المركز التربوي للبحوث لكي لا تمرر الفقرات التي يمس بالقيم الإنسانية والأخلاقية، كما حاولوا تمريرها في الحقيبة التربوية..”
وتحدث ابو كسم، عن الدور الروحي لرجال الدين في مواجهة التحديات، المؤتمنين على حفظ القيم الروحية والأخلاقية في مجتمعنا، مؤكدا انه “لا يمكننا أن نصلي وترك الشبيبة تتجه نحو المخدرات والجنس والعنف والإجرام..”، لافتا الى “ان هذه القيم يمتاز فيها لبنان، الذي يتكون من 18 طائفة ورسالة، وكلها تهدف الى تمجيد الله تعالى والى خير الإنسان وكرامته”، وهذا ما أكده البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته للبنان انه بلد الرسالة .
وشدد ابو كسم على تحصين وحماية العائلة وحفظ القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية والدينية النابعة من كتبنا السماوية، والتي تدعو الى السلام والمحبة والتلاقي والقيام بأعمال خيرة والابتعاد عن اشكال الفساد، مؤكدا ان” دورنا الوقوف الى جانب الفقراء والمعوزين والمحتاجين، لتأمين الممكن لحفظ كرامتهم بغياب دولة مهملة لا يهمها الإنسان ولا كرامته، بل همها تتحقيق المكاسب السياسية والمالية ..”
وأضاف ” ان المشكلة الأخرى هي مشكلة الشباب، معتبرا ان هجرة شبيبتنا، هي هجرة لبنانية وليست هجرة مسيحية أو اسلامية، بل هي هجرة شاملة.. مبديا الأسف ان لبنان الذي كان سويسرا الشرق اصبح اليوم في المرتبة الأخيرة من الإنماء وتأمين مقومات الحياة، من كهرباء ومياه .. مثنيا على دور الشباب اللبناني خارج البلاد، بينما نحن نخسر طاقاتنا وشبيبتنا، داعيا الدولة الى القيام بخطوات لتشجيع الشباب للعودة الى وطنهم وإعادة بناء لبنان .
وشدد أبو كسم ان إعادة بناء لبنان، يتطلب إرادة سياسية، وتكاتف جميع طاقاتنا، معتبرا انه حتى الساعة ليس هناك أي قرار بهذا الشأن .
وأكد ان رجال الدين مؤتمنين على تأمين التواصل بين كل الناس، مشددا على أهمية أن نكون في حالة حوار دائم إنفتاحي وتواصلي، لنكون المثل لشعبنا، مشيرا الى ان الكنيسة في لبنان والعالم هي أم الحوار، التي تدعو الى الإنفتاح والتلاقي والحوار وبناء ثقافة السلام واللقاء.”
وقال: ” نحن خصصنا يوما للسلام العالمي، يوما للحوار العالمي، يوما للقاء الأديان لبناء ثقافة اللقاء، وفي هذا الإطار وقع البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر والشيخ السيستاني وثيقة الأخوة والتعاون بين الأديان.. ”
وختم بالقول:” الكنيسة تتحاور مع الجميع في لبنان، المطلوب اليوم من الكنيسة وكل الأحزاب التي تتحاور مع حزب الله وغيره، الذهاب الى حوار جدي وصريح لتقريب المفاهيم من بعضها البعض ونؤسس لثوابت وطنية تبني مستقبل البلد..”
حجازي
ثم تحدث الشيخ محمد حجازي فشكر الحاج على هذا اللقاء، ثم تناول الإهتمامات الدينية لدى العائلات اللبنانية، معتبرا الإنتماء الديني لدى العائلات اللبنانية من الطوائف كافة، هو انتماء ديني وليس انتماءا سياسيا .
وأضاف “ان الخلفية الدينية الروحية لأبناء لبنان، هي خلفية أساسية ومنطلق أساسي للكثير من النشاطات الإنسانية والإجتماعية . والامام موسى الصدر اكد على هذا الموضوع من خلال الإنتماء السياسي ودور رجال الدين، عندما قال: نحن لسنا قادة سياسيين، انما نحن رجال دين خبراء في القضايا الدينية ونهتم بالقضايا الإجتماعية الى جانب إهتمامنا بالوجبات الدينيية .
وأكد على العلاقة الوثيقة بين التاريخ والأسرة، لافتا الى قوة في الحضور الديني والروحي في لبنان، معددا الأسباب والتي منها ان لبنان يعد موطئا للشرائع السماوية كافة ضمن منطقة بلاد الشام ومنطقة الشرق الأوسط التي هي مهبط الوحي الرسالات السماوية .. ولفت الى وجود الكثير في مناطقنا، وخصوصا في جبل عامل، مقامات تنسب الى أنبياء بني اسرائيل القدماء، فهذه المنطقة كانت تعج بالحضور الروحي ..
وتوقف الشيخ حجازي عند تاريخ حضورية الأنبياء في المنطقة في جبل لبنان وصيدا والجنوب وغيره من المناطق، لافتا الى مؤشرات ودلالات كبيرة في هذا الأمر . وأشار الى كثرة دور العبادة من كنائس ومساجد وخلوات، 3907 دار عبادة، موزعين على 18 طائفة في لبنان، 2405 كنيسة، 1502 مسجد.. واشار الى ان عدد دور العبادة في لبنان يزيد على عدد المدارس والجامعات التي عددها 3315، 18 %، فدور العبادة أكثر بكثير من دور التعليم، معتبرا ان هذا الامر لم يأتي من فراغ، انما من عمق الانتماء للرسالات السماوية، معتبرا ان لبنان له ميزة عالمية على هذا المستوى .
وأشار الشيخ حجازي بحسب مراكز الدراسات، الى ان 88 % من اللبنانيين ملتزمين دينيا.. وأكد اننا أقرب الى التمسك بالمبادئ الدينية من طرح أي بديل آخر، ومنها ( عقد الزواج المدني).
كما لفت الى ان أسماء العديد من العائلات ومن مختلف الطوائف، ملقبة بأسماء دينية( شمس الدين وخير الدين والبابا وخوري والشمعة ومطران وشربل والحاج..) مشيرا الى ان انه كان هناك حرص من الأجيال السابقة في التاريخ القديم بالانتماء الى الهوية الدينية قبل الانتماء الى الهوية السياسية..”
وأكد على رفض مشاريع الشذوذ والمثلية والإنحرافات الفكرية والعقائدية وكل ما يمس بهذه القيم، لافتا الى اننا نحنا في صد هذه المشاريع، لأن العائلات اللبنانية تمتلك خزانا كبيرا من القيم والمبادئ.. مشددا على الحرص على التعليم الديني والتربية الدينية..
وأكد ان الشراكة الروحية لازالت قوية في لبنان، منددا بالحملات التي تستهدف فصل الناس عن رجال الدين، منوها بالروحية التي تتمتع بها العائلات والمتشابكة مع الدين .
وقال: نحن أبناء الحوار، ولا نريد لبنان إلا واحدا موحد .. منوها بروحية الحوار بسبب التربية الدينية، مؤكدا ان لبنان هو بنك القيم الروحية والدينية والأخلاقية للعالم أجمع ..
بعدها كانت مداخلات من الحضور .