أصدرت محكمة الجنايات في الشمال برئاسة القاضي داني شبلي وعضوية المستشارين القاضيين لطيف نصر وطارق صادق، على مشارف ختام السنة القضائية، العديد من الاحكام النهائية التي قضت بتجريم متهمين بجرائم قتل واتجار بالمخدرات وتأليف عصابات للسرقة والاتجار بالبشر والاعتداءات الجنسية على قاصرين.
وفي السياق، كان لافتا الحكم الذي صدر بتاريخ 11/7/2024، والذي قضى بتجريم المتهم ن.ر. بجنايات المواد 503/2 و505/1و2 و509/1و2 معطوفة على المادة 511 من قانون العقوبات، لإقدامه على مجامعة أطفاله الثلاثة، البالغين من العمر، 9 و11 و12 سنة، وارتكابه الافعال المنافية للحشمة بهم، لمرات متعددة، وعلى امتداد سنة من الزمن، بعدما تركتهم والدتهم معه، للعمل والمبيت في مكان آخر، مبررا أفعاله الجرمية بسبب وحيد هو خلافه مع زوجته، ورغبته بالانتقام منها، وقد طلب من المحكمة منحه الاسباب التخفيفية، فجاءه الجواب ضمن حيثيات الحكم الذي أنزل به عقوبة الاشغال الشاقة مدة 68 عاما، وقد ورد فيها :
“أما بعد، وحيث يطلب المتهم من المحكمة منحه الاسباب التخفيفية، بعدما أشار في التحقيق معه، الى ان ما ارتكبه في حق أولاده القاصرين، ن. البالغة من العمر ثلاثة عشر عاما، وخ. البالغ اثني عشر عاما، وع. البالغ تسعة أعوام، سببه الخلاف القائم بينه وبين زوجته المدعية المسقطة ي. أ.
وحيث ان اجتهاد المحكمة قد استقر على اعتبار ان مقتضيات العدالة، تستند الى أن مفهوم العقاب المنزل بمن يرتكب جرما معينا، لا يشكل إنتقاما من هذا الاخير، أو ثأرا للمصلحة العامة التي أضر بها، كما لا يؤلف رادعا لمن يمكن أن تسول له نفسه مخالفة القانون، أو ناظما للحقوق العامة والخاصة، الناجمة عن الفعل الجرمي فحسب، وإنما يهدف الى إصلاح سيرة هذا الشخص، وتقويم مسيرته في الحياة، وذلك تبريرا لإعمال سلطتها التقديرية في منح المحكوم عليه، الاسباب المخففة،
غير انه في المقابل، فإن الاطفال الذين يأتون الى الحياة، ثمرة للحب وللتفاهم بين الزوجين، لا يمكن ان يتحولوا بفعل خلاف بين هذين الاخيرين، ساحة لتصفية الحساب بينهما،
كما ان معاينة رمز الامان الذي يمثله الوالد – رب العائلة، والذي يسرع الاولاد للإختباء في كنفه، عند كل خطر أو خوف، وقد انقلب مع الضحايا الثلاثة، الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم ثلاثة عشر عاما، وتحول الى كائن متوحش، أقفل باب المنزل، وانقض مرارا وتكرارا على ضحاياه، فسحب الطفل عمران من تحت السرير حيث اختبأ، ليجامعه، وضرب الطفل خالد وهو يجامعه، وأحست الطفلة نور بيديه الخشنتين على جسمها البريء، في حين قام الوالد بكم فاهها بيده، وهو يغتصبها،
وهل للمرء ان يتخيل شعور طفل لم يفقه الحياة بعد، وهو يشاهد والده منقضا بعنف على شقيقته الصغيرة، فكتم صوته وأقفل عينيه متمنيا ان يكون مستغرقا في حلم أو حتى في كابوس، ليستفيق بعد وقت قصير، على الوالد نفسه، ينقض عليه، ويجامعه غير آبه بألمه ودهشته ودموعه الصامتة،
وهل للمرء ان يتأمل كيف حاول الطفل ان يبعد عنه كائنا يفوقه قوة وضخامة، والذهول الذي أصابه بعد ان شاهد وشعر برمز أمانه، بوالده، وهو يتحول الى مغتصب سببت له وحشيته، الكثير من الآلام والاوجاع، ودفعته الى محاولة الهرب، التي أفشلها إقفال باب، أو نباح كلب، أو خوف على شقيق أو شقيقة،
وحيث، أمام كل ما تقدم، وأمام ما تفرضه مقتضيات العدالة الانسانية التي اعتمدها قانون العقوبات، نهجا وغاية،وصرخة المطالبة بالحق، التي أطلقها كل من ن. وخ. وع. أثناء إدلائهم بإفاداتهم في التحقيق الاولي، وعلى الرغم من إسقاط الحق الذي نظمته والدتهم، ترى المحكمة الانتصار، لطلب الاطفال – الضحايا الثلاثة، وبالتالي الانتصار للعدالة التي لا تقوم قرارات هيئة المحكمة، إلا على أساسها، ومن ثم رد طلب المتهم الرامي الى منحه الاسباب التخفيفية، وبالتالي إنزال العقاب الذي أقره القانون للأفعال التي أقدم واعترف المتهم المذكور، بإقدامه عليها”.چ