كتبت صحيفة النهار تقول: عاد لبنان ليتأرجح بقوة بين الاحتمالات القصية للحرب أو التسوية في ظل الغموض الذي ساد المفاوضات الجارية في شأن إطلاق الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. ومع أنّ الوضع الميداني في الجنوب بدا كأنّه استعاد في اليومين الأخيرين وتيرته العادية من المواجهات فإنّ ذلك لم يحجب بقاء الحذر الشديد متحكماً بالوضع المفتوح في أي لحظة على احتدامات كبيرة من مثل تلك التي حصلت في منتصف الأسبوع. ولكن ما جرى على صعيد المفاوضات المتصلة بحرب غزة والتنسيق الذي واكبها بين حركة “حماس” وحلفائها وفي مقدمهم “حزب الله” وكذلك التطورات التي برزت في الخلافات بين السلطة السياسية والجيش في إسرائيل، كل هذا دفع بأوساط لبنانية معنية إلى ترجيح كفة استبعاد أي تدهور ميداني أو حربي كبير على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية في المدى الفاصل عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة في الثلث الأخير من تموز الحالي. واستدلت الأوساط على استبعاد أي تحرك عسكري إسرائيلي كبير تجاه لبنان قبل زيارة نتنياهو لواشنطن بأنّ المعطيات الإعلامية الإسرائيلية التي برزت في الساعات الأخيرة تحدثت أيضاً عن ترجيح استمرار المفاوضات الجديدة التي بدأت حول تسوية في غزة لشهر كامل أيضاً.
ومع ذلك حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من خطر تحول المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل إلى حرب شاملة، مشدداً على ضرورة التوصل إلى “حل سياسي”. جاء ذلك في بيان على لسان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بالتزامن مع تصاعد حدّة القصف المتبادل بين “حزب الله” وإسرائيل. وقال البيان، إنّ “الأمم المتحدة” تشعر بقلق عميق إزاء تزايد كثافة تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، ما يزيد من خطر نشوب حرب واسعة النطاق”.
وأضاف أنّه “يمكن، بل ويجب، تجنب التصعيد، ونكرّر أنّ خطر سوء التقدير الذي يؤدي إلى حريق مفاجئ وواسع النطاق خطر حقيقي”، مشدداً على أنّ “الحل السياسي والديبلوماسي هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق للمضي قدماً”.
وحافظ الوضع الميداني أمس على نسبة عالية من السخونة مع عودة إسرائيل إلى الاغتيالات في صفوف “حزب الله” إذ استهدفت مسيرة إسرائيلية مساء أمس سيارة رابيد على طريق عام بلدة شعت – بعلبك في البقاع الشمالي وقتل فيها عنصر في “حزب الله” هو ميثم العطار من شعت الذي وصف بانه مختص بالمسيرات.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي كثف غاراته التي استهدفت القرى الجنوبية، فشن غارة على مدينة بنت جبيل ما أدّى إلى سقوط 4 جرحى، كما شنّ غارة على أطراف شبعا ما أدّى إلى إصابة مواطنة، واستهدفت الغارات أطراف طير حرفا، عيتا الشعب، ميس الجبل وراشيا الفخار.
بينما نفذ “حزب الله” سلسلة عمليات ليل الجمعة السبت أهمها استهداف كريات شمونة ما أدى إلى إصابة جنديين إسرائيليين.
وأعلن “حزب الله” أنّه “شن هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على مربض المدفعية التابع للكتيبة 403 التابع للفرقة 91 في بيت هلل الذي اعتدى بالأمس على قراناً وأهلنا وأصابت أهدافها بدقة مما أدّى إلى اشتعال النيران فيه”.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: “إننا أسقطنا هدفاً جوياً مشبوهاً تمام الساعة 08:14 صباحاً”.
وأضاف إنّه تم “رصد سقوط هدفين جويين مشبوهين في منطقة مفتوحة بمنطقة بيت هلل”.
على الصعيد الداخلي وفي غياب أي حركة سياسية بارزة دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان القوى السياسية والمعنيين بإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلى “أن يتحاوروا ويتشاوروا ويقدموا تنازلات متبادلة لمصلحة وطنهم وللنهوض بالدولة ومؤسساتها، ليعيش المواطنون بأمن وأمان وسلام في رحاب دولة قوية عادلة، وإلّا فإنّ الدمار والخراب سيقضي على ما تبقى من هيكل الدولة”.
وقال في رسالة السنة الهجرية الجديدة: “كل يوم تأخير في إنجاز الاستحقاق الرئاسي سيدفع فيه الوطن والمواطن ثمن هذه الحالة المزرية التي نعيشها أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحتى أخلاقياً. وهذا الأمر مسؤولية يتحملها المعرقلون، واستمرار التناكف والتعنت والعناد والتحديات المتبادلة والتصلب في المواقف أمر خطير ينذر بانهيار الوطن على الجميع وعندها لا ينفع الندم” .
وتابع: “كفى ساستنا خصومات. عليهم أن يكونوا يداً وصفاً واحداً، متمسكين بالدستور واتفاق الطائف وبالثوابت والمصالح العليا وبالوحدة الوطنية في مواجهة الأخطار المحدقة بلبنان”.
وحذر من “المتربصين بالأمن الوطني والاجتماعي الذين يروجون الأضاليل والأكاذيب والترهات لإشعال الفتن والتنازع والتناحر بين اللبنانيين”.
بدوره وفي المناسبة نفسها قال شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ ساميّ أبو المنى: “كما في كل ذكرى وعيد ومناسبة، فإننا نستذكر حال القوم وواقع البلاد عندنا، فنذكر لعل الذكرى تنفع والتذكير يوقظ الضمائر، ونرفع الصوت لعل آذان المسؤولين تسمع وعيونهم تبصر وضمائرهم تتيقظ، ألا يعيشون ما يعيشه الشعب من خوف على المستقبل وقلق على المصير؟ ألا يتوجسون من انهيار الهيكل على ساكنيه في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث واعتداءات إسرائيلية متمادية؟ ألا يعلمون أن التنافر يبدد الآمال وأن التفاهم يولد الإنجازات؟ فإلى متى الانتظار؟ وهل يبنى الوطن بغير دستور يحترم ونظام يتبع؟ أم هل تدار الدولة بغير رأس منظم وقلب يتسع للجميع؟ ألسنا اليوم أحوج ما نكون لاتخاذ المبادرة والبدء بالتشاور الجدي والحوار الصادق والصريح لانتخاب رئيس للجمهورية قبل تفاقم الأمور وحصول ما هو أسوأ في ظل ما نشهده يوميا من تصعيد حربي عدواني واستباحة إسرائيلية لجنوب لبنان الصامد؟ وهل فقدنا القدرة على تفاهم داخلي يأخذ في الاعتبار التوازنات المطلوبة، وأصبحنا رهينة لتفاهم خارجي منتظر يراعي التوازنات بين الدول ويحل العقد المستعصية في المنطقة؟”