احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بالذبيحة الإلهية في كنيسة القلبين الأقدسين في زحلة ،لمناسبة عيد قلب يسوع، في مشاركة النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم، والآباء: ديمتري فياض، جاورجيوس شبوع، ادمون بخاش، ايلياس ابراهيم وايلي البلعة، في حضور رئيسة ثانوية القلبين الأقدسين الأم سميرة اسمر وجمهور كبير من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس ألقى للمطران ابراهيم عظة تحدث فيها عن قلب يسوع وقال:” أيتها الأخوات والإخوة في المسيح، في ليلة عيد قلب يسوع الأقدس، نُدعى للتمعن في الدلالات العميقة للقلب، سواء في سياق إيماننا أو في المجالات الأوسع للفلسفة والروحانية وعلم النفس. إن قلب يسوع الأقدس يرمز ليس فقط إلى الحب الخالد الذي لا يقاس والرحمة اللامحدودة لمخلصنا، بل يخدم أيضًا كاستعارة قوية للدور المركزي للقلب في حياتنا المسيحية، من الناحية الفلسفية، لطالما اعتُبرَ القلبُ أكثر من مجرد عضو جسدي؛ إنه مقرُّ الحكمة والفهم. في العديد من الثقافات القديمة، بما في ذلك تلك التي أثرت في الفكر المسيحي المبكر، كان يُعتقد أن القلب هو مركز التجربة والمعرفة الإنسانية”.
واضاف” تُعزز الكتابات المقدسة هذه الفكرة. في سفر الأمثال 4:23 يقال، ” مِنْ كُلِّ تكبُّرٍ احفَظْ قلبَكَ، لأنَّ مِنهُ يَنابـيعَ الحياةِ.”. هذه الآية تشير إلى أن القلب هو ينبوع الحياة، المصدر الذي تنبثق منه أفكارنا وأفعالنا ونوايانا. لذلك، يعني حفظ القلب تنمية الحكمة والتمييز، وموافقة رغباتنا الداخلية مع الإرادة الإلهية، والسعي نحو الحق والعدالة في كل ما نقوم به”.
وتابع “من الناحية الروحية، يمثل القلب محور علاقتنا مع الله. إن التعبد لقلب يسوع الأقدس هو تعبير قوي عن هذه العلاقة، يذكرنا بحب المسيح اللانهائي واستعداده لتحمل المعاناة من أجل خلاصنا. في الأناجيل، يتحدث يسوع كثيرًا عن القلب. في متى 22:37 يأمر، “أحبب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل ذهنك”. هذا الحب الشامل يلف كل جانب من جوانب كياننا، مع القلب في الوسط. يشجعنا التعبد لقلب يسوع الأقدس على الاستجابة لحب يسوع بقلوبنا، وفتح أنفسنا لنعمته، والسماح لحبه بتحويلنا من الداخل. القلب، لذلك، يصبح مكان اللقاء في داخلنا بين البشري والإلهي. هنا نشعر بحضور الله، ونستجيب بحب وتفان. إن قلب يسوع الأقدس هو تذكار لحب يسوع الشخصي، الحميم، والمتاح لكل واحد منا”.
واضاف: “من الناحية النفسية، يرتبط القلب غالبًا بحياتنا العاطفية. هنا نشعر بالفرح، والحزن، والحب، والألم. إن قلب يسوع الأقدس، المثقوب والمتوهج، يتحدث عن أعماق التجربة العاطفية للمسيح، وبالتالي تجربتنا نحن. في فهمنا النفسي، يمثل القلب المكان الذي نعالج فيه مشاعرنا ونتعامل معها. هنا نجد الشفاء والنمو. يدعونا يسوع إلى أن نقدم له قلوبنا المكسورة والجريحة، لنجد العزاء في حبه، ونتجدد بنعمته. في متى 11:28-30 يقول يسوع، “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم”. هذه الدعوة للراحة في قلب يسوع هي دعوة إلى الكمال النفسي، لنجد السلام والهدوء في حضنه المحب”.
وقال:” القلب في الحياة المسيحية، هو الينبوع: كمسيحيين، نحن مدعوون لتنمية قلب يعكس قلب يسوع الأقدس؛ قلب مليء بالحب، الرحمة، والعطف. هذا يتطلب عملية مستمرة من التحول، السماح للروح القدس بتحويل قلوبنا، إزالة القسوة واستبدالها بقلب من لحم (حزقيال 36:26).
يجب أن نسعى إلى حب بلا شروط: كما يحبنا يسوع بلا شروط، نحن مدعوون إلى حب الآخرين بلا شروط وبلا تحفّظ. حب غير أناني، حب مضحي وشامل. إن قلب يسوع الأقدس هو رمز لرحمة المسيح العميقة. نحن مدعوون لنكون رحماء تجاه من يعاني، وأن نكون مصدرًا للراحة والدعم. إن قلب يسوع هو قلب يغفر. يجب أن نسعى للمصالحة مع من أخطأنا إليه وأن نكون سريعين في الغفران لمن أخطأ إلينا. قلب يسوع وديع ومتواضع. نحن مدعوون للعيش بتواضع، معترفين باعتمادنا على الله وحاجتنا إلى نعمته. إن قلب يسوع الأقدس هو قلب تألم من أجل خلاصنا. نحن مدعوون لاحتضان معاناتنا بالأمل، واثقين في خطة الله وانتصاره النهائي على الخطيئة والموت”.
وختم المطران ابراهيم ” أيها الأحباء، في الختام أود أن أشكر الأم الرئيسة سميرة الأسمر الفاضلة والأخوات الراهبات المحترمات على دعوتهن لي وللآباء الكهنة لنشهد من جديد على عطية حُبهن لهذه المدينة المميزة زحلة وعلى تاريخ طويل من العراقة والإشعاع الفكري والروحي والتربوي والاجتماعي في هذه المدرسة التي تحولت الى قلب دائم النبض يعكس حب الرب يسوع وحكمته ورحمته. آمين.”
وفي نهاية القداس، أقيمت رتبة تبريك القرابين وجرى تطواف بأيقونة قلب يسوع في ألأحياء المجاورة للكنيسة.
