كتبت صحيفة “الجمهورية”: الاهتمام المتجدد بالاستحقاق الرئاسي عبر حراك الحزب التقدمي الاشتركي و«اللقاء الديموقراطي» في اتجاه القيادات والكتل السياسية والنيابية بناء على مبادرة الرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط، يسير جنباً الى جنب مع الاهتمام الاميركي ـ الفرنسي بالوضع في الجنوب لمنع اسرائيل من تنفيذ تهديداتها بشن عدوان واسع تخشى واشنطن وباريس من ان يتسبّب بحرب شاملة في المنطقة. وقد نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين ان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حذّرت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة من فكرة «حرب محدودة» في لبنان.
إنتهى الأسبوع الأول للحراك الاشتراكي على ايجابيات تلمّسها أعضاء «اللقاء الديموقراطي» الذين توزّعوا على الكتل النيابية في مسعى جدي ديناميكي لتقريب المسافات تجاه خريطة طريق الحل للانسداد الرئاسي، اي حوار ثم انتخاب، وقد بَدت معظم الكتل الكبرى متجاوبة باستثناء «القوات اللبنانية» التي بقيت على موقفها الرافض للحوار كمُسمّى والمتجاوب مع فكرة التشاور السياسي غير المرتبط بأي آلية محددة في اعتبار انّ فلسفة التشاور ممكنة وغير لازمة…
وقال مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية» ان المسعى الجنبلاطي سيستكمل الأسبوع المقبل في اتجاه «القوات اللبنانية» ومَن تبقّى من قوى المعارضة، في اعتبار ان معظم الكتل الأخرى أبدت موافقة أو مرونة أو عدم عرقلة. وبالتالي، فإنّ الهدف يصبّ في المرحلة الأولى على تأمين النصاب لحضور الجلسات مع إبقاء باب التشاور مفتوحا عند إقفال الدورات الانتخابية الأربع وتعذر الانتخاب»…
وكشف المصدر ان المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية تراقب عن كثب مسعى الحزب التقدمي الاشتراكي، وقد وعدت بأن تساهم وتتحرك إفرادياً لتقديم المساعدة إذا اقتضى الأمر، محذّراً من انه قد تكون محاولة «الاشتراكي» هي الأخيرة قبل ان يدخل الاستحقاق الرئاسي مجددا في سبات عميق».
جولة «الديموقراطي»
وكان تكتل «اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط قد واصل جولاته امس على الكتل النيابية، فيما افادت معلومات ان الجانب القطري في اللجنة الخماسية يواصل اتصالاته منفرداً بهدف تليين المواقف وتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية لإنجاز التوافق على انتخاب رئيس الجمهورية، لكنه لم يحقق اي تقدم بعد على رغم الحديث عن ليونة لدى بعض الاطراف في المعارضة بإستثناء «القوات اللبنانية».
وقد عاد وفد «القوات اللبنانية» من الدوحة، وسط معلومات عن محاولة قطرية لجمع عضو الوفد النائب ملحم الرياشي بالنائب علي حسن خليل المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن الرياشي نفى حصول اي لقاء وقال: «لم نكن في المكان نفسه».
وفي اطار جولته، التقى جنبلاط عضو «التكتل الوطني المستقل» النائب طوني سليمان فرنجية في دارته بالأشرفية، في حضور النواب: وائل أبو فاعور، بلال عبدالله وراجي السعد، أمين السر العام في «التقدمي» ظافر ناصر، ومستشار النائب جنبلاط حسام حرب. وبعد اللقاء، قال عبدالله: اللقاء مع «التكتل الوطني المستقل» كان ضمن الجولة التي نقوم بها لإيجاد خرق في جدار الاستحقاق الرئاسي، وأجرينا جولة أفق واسعة وناقشنا المسائل كافة بروح وطنية عالية. ووضعنا «التكتل الوطني المستقل» في أجواء لقاءاتنا وإلى أين وصلنا وما هي نقاط الخلاف وأين يمكن تقريب وجهات النظر». وشدّد عبدالله على أنّ «الهدف الأساسي من تحرّكنا هو أن نُنجز التسوية الداخلية اللبنانية حفاظاً على البلد ونحن يجب أن نُساعد أنفسنا كلبنانيين».
بدوره، قال النائب طوني فرنجيّة: «لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام الشلل الذي يشهده لبنان، ونؤكّد أنّنا منفتحون على أيّ حوار بنّاء بعيداً عن المصالح الضيّقة للبعض ولا مجال إلا بالحوار». واضاف: «علينا العمل على إيجاد حلول داخلية بعيداً عن الحلول الخارجية، ويدنا ممدودة لكلّ مبادرة تحفظ المصلحة الوطنية على أمل أن تحمل مبادرة «اللقاء الديمقراطي» حلولاً». وقال: «إذا تعذّر وصول سليمان فرنجيّة أو انسحب من السباق الرئاسي، وهذا غير مطروح حتى الآن، فإنّ الغالبية النيابية قادرة على إيصال رئيس ولكن ليس هذا ما نسعى إليه».
وكان عبد الله قد زار امس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقال بعد اللقاء: ناقشتُ مع دولته الاوضاع العامة والمسعى الذي يقوم به «اللقاء الديموقراطي» باتجاه الكتل النيابية لإيجاد خرق في موضوع رئاسة الجمهورية.
لهذه الأسباب ألغيت زيارة بكفيا
ولوحظ عصر أمس ان الوفد الإشتراكي أرجأ زيارته الى بكفيا في اللحظات الاخيرة التي سبقت الموعد مع قيادة حزب الكتائب. وإزاء بعض الشائعات التي راجت عن إشكال غامض فرضَ التأجيل، أجمعت مصادر الطرفين على التأكيد لـ«الجمهورية» ان للقاء مع النائب طوني فرنجية طال بما لم يكن متوقعاً، الامر الذي حال بسبب ضيق الوقت من دون التوجّه الى بكفيا في الموعد المحدد قبل اضطرار الوفد الى المشاركة في حفل تكريم الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في جامعة البلمند، فأُرجىء اللقاء في اتصال هاتفي مباشر الى الاثنين المقبل لا اكثر ولا اقل.
«القوات»
وكانت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية» قد قالت في بيان اعتبرت فيه انّ القول انّ «القوات اللبنانية» ترفض الحوار والتوافق المسبق على انتخاب رئيس للجمهورية غير صحيح إطلاقًا، لأنها منفتحة دائمًا على الحوار والتشاور والأمثلة تعدّ ولا تحصى، وآخرها إنضاج التمديد العسكري والتوصيات النيابية في قضية الوجود السوري غير الشرعي، كما أنّ «القوات» تقدّمت بعدّة صيغ تشاورية لإنهاء الاستعصاء الرئاسي، ولكن الفريق الممانع متمسِّك بصيغة واحدة يشكل اعتمادها نَسفًا للآلية الانتخابية الواردة في الدستور، ويلغي الانتخابات وينسف نصوص الدستور لجهة التوازن بين الرئاسات عن طريق تحويل دور إحدى الرئاسات إلى دور الوصي على الرئاستين الأولى والثالثة. فـ»القوات اللبنانية» منفتحة على التشاور ضمن الأطر الطبيعية، ولكنها ضد طاولة الحوار الرسمية رفضًا لإدخال عُرف يتعارض كلّيًّا مع الدستور».
خفض التصعيد
وفي هذه الأجواء وصفت مراجع ديبلوماسية لبنانية عبر «الجمهورية» التهديدات الاسرائيلية بأنها «باتت روتينية وتقليدية، وقد اعتدنا عليها منذ السابع من تشرين الأول العام الماضي تاريخ بدء عملية «طوفان الاقصى» وما تلاها من حرب «الإلهاء والإسناد».
ولفتت هذه المراجع إلى انّ القوى الدولية الساعية إلى «خفض التصعيد» تدرك خلفيات التهديدات الإسرائيلية المبنية تارة على قراءة خاصة بإسرائيل وأخرى كرد فعل لحجم الازمة الداخلية التي تعيشها، وهذه التهديدات هي موضع متابعة عبر كل القنوات الديبلوماسية الصديقة وتلك التي تعهّدت بالسعي الى ترتيب الأجواء المؤدية إلى «اليوم التالي» في قطاع غزة وفلسطين بعدما تعاظمت الحملات الدولية الداعية الى «حل الدولتين» الفلسطينية والاسرائيلية كحل دائم وشامل، وهو مطلب لبناني مضت عقود عدة على الدعوة الى اعتماده.
وعلى هامش هذه القراءة للمواقف الاسرائيلية، لفتت المراجع إلى ان الحملات الديبلوماسية اللبنانية قد نجحت في كثير من المحطات المهمة في تجنيب لبنان مخاطر الخطط الاسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة. وهو قرار يحظى بإجماع القوى الدولية الضامنة للقوى التي تخوض النزاع بمختلف وجوهه والساحات التي تحولت مسرحا له».
واعتبرت المراجع «ان مثل هذه القراءة للتهديدات الاسرائيلية والتحذيرات الدولية واضحة لدينا، وقد سبق للبنان ان وضع جميع الموفدين الدوليين والامميين في حقيقة الموقف اللبناني الذي لم يتبدل منذ اليوم الاول. وقد سبق لنا ان رفعنا مجموعة من الدعاوى امام مجلس الامن الدولي، وانّ النظر فيها بات أمراً ملحاً، وانّ رفض لبنان للحرب له ما يبرّره ولا بد من ان يتجاوب العالم مع مطالبنا بلجم التهديدات الإسرائيلية وتوفير الضمانات التي تُجنّب هذا البلد نتائجها المتهورة إذا أقدمت اسرائيل على توسيع نطاق الحرب».
تحذير أميركي
وكانت الولايات المتحدة الاميركية قد حذرت اسرائيل اكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة من فكرة «الحرب المحدودة» في لبنان، خشية دفع إيران للتدخل، ما قد يؤدي إلى خروج الصراع عن السيطرة».
وقال موقع «أكسيوس» الإخباري نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين: «هناك قلق متزايد في الجيش الإسرائيلي من أن الوضع في لبنان وصل إلى نقطة تحول». وهو امر لن يحول دون «سعي الولايات المتحدة وفرنسا الى إيجاد حل دبلوماسي لتقليل التوترات على الحدود بين «حزب الله» وإسرائيل، لكنهما لم يحرزا تقدماً بعد».
وأشار الموقع إلى أنّ «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتقد أنه سيكون من المستحيل استعادة الهدوء إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية من دون وقف إطلاق النار في غزة». وأضاف أنّ «واشنطن حذرت إسرائيل من «أنّ الغزو البري للبنان، حتى لو كان فقط في المناطق القريبة من الحدود، من المرجّح أن يدفع إيران للتدخل».
ولفت الموقع إلى أن «أحد السيناريوهات التي طرحتها الإدارة الاميركية مع إسرائيل أن «لبنان قد يغمره مسلحون من الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق وحتى اليمن، الذين قد يرغبون في الانضمام إلى القتال».
ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي أن “اجتماع مجلس الحرب لم يتخذ قراراً في شأن لبنان، لكن الجيش الإسرائيلي قدّم خيارات عدة لتوسيع القتال، بما في ذلك غزو بريّ يهدف إلى دفع فرقة الرضوان التابعة للحزب بعيداً من الحدود”. وأضاف المسؤول الإسرائيلي أنه “منذ 7 تشرين الأول كانت التوجيهات التي أصدرها القادة السياسيون للجيش الإسرائيلي تتلخّص في التركيز على هزيمة حركة «حماس» في غزة وتجنّب الحرب في لبنان”، محذّراً من أن “تغيير هذه السياسة قد يخلّف عواقب بعيدة المدى”.
واستطرد أن الحرب مع “الحزب” أو عملية محدودة في لبنان “من شأنها أن تخلّف عواقب وخيمة على إسرائيل، وبعد أن تتسبب في خسائر في الأرواح واستنزاف الموارد، من المرجّح أن تُسفر عن اتفاق مماثل لذلك الذي يجري السعي إليه حالياً بين إسرائيل ولبنان”، مضيفاً “نحن بحاجة إلى فهم هذا قبل اتخاذ القرارات”.
صواريخ أرض جو في الجنوب
وفيما تواصل العدوان الاسرائيلي امس على قرى الجنوب، حصل تطور نوعي في المواجهة حيث أطلقت المقاومة للمرة الاولى صاروخ ارض ـ جو تجاه الطيران الحربي الاسرائيلي الذي شَن غارات عدة وغارات وهمية واخترق جدار الصوت فوق مناطق الجنوب، ما أجبره على الانكفاء والتراجع.
واعلنت «المقاومة الإسلامية»، في بيان، ان «مجاهديها اطلقوا صواريخ دفاع جوي على طائرات العدو الحربية التي كانت تعتدي على سمائنا وخرقت جدار الصوت في محاولة لإرعاب الأطفال والمدنيين، مما أجبرها على التراجع الى خلف الحدود».
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية «انّ «حزب الله» نشر مقطع فيديو يُظهر فيه تدمير قاذفة دفاع جوي، وهذه حادثة غير عادية وخطيرة. ومن الواضح أن القبة الحديدية لم تعد تنفعنا في مواجهة صواريخ حزب الله».
واعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية ان حرائق الشمال التهمت 22 ألف دونم على الأقل من الأراضي. ونقلت صحيفة «معاريف» عن رئيس بلدية كريات شمونة قوله: ان نتنياهو يقوم بالدعاية الانتخابية بدلاً من الانشغال بتحقيق النصر المطلق».
فيما نقلت «معاريف» عن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قوله إنه «علينا دخول لبنان وتدمير «حزب الله» ونحن قادرون على ذلك».
وقال قائد «القيادة الشمالية» لجيش الاحتلال الإسرائيلي: «أكملنا استعداداتنا لشن هجوم في الشمال، وقواتنا قادرة على مواجهة أي مهمة ضد حزب الله».
وصباح أمس، قال رئيس «المعسكر الوطني» الوزير في «مجلس الحرب» الإسرائيليّ بيني غانتس لرؤساء بلديات المستوطنات الشمالية: «إستعدوا لقتال ولأيام أكثر صعوبة يمكن أن تصل بنا إلى الحرب». فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: «الحكومة اللبنانية لا تريد اندلاع حرب واسعة وعليها الضغط على حزب الله».