شيّع “حزب الله” وجمهور المقاومة في بلدة عيترون الجنوبية “الشهيد السعيد على طريق القدس” بلال أمين مراد (ناصر)، بمسيرة حاشدة انطلقت من أمام منزله، شارك فيها النائبان حسن فضل الله وحسين جشي، ومسؤول منطقة جبل عامل الأولى في “حزب الله” عبدالله ناصر وعلماء دين وشخصيات وفعاليات وعوائل شهداء وحشد من جمهور المقاومة.
وجابت مسيرة التشييع شوارع بلدة عيترون على مرأى عدد من مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، يتقدمها سيارات الإسعاف التابعة للهيئة الصحية الإسلامية والفرق الكشفية، وردد المشاركون اللطميات الحسينية والزينبية، وأطلقوا الهتافات والصرخات المنددة بأميركا وإسرائيل.
وأقيمت مراسم تكريمية على وقع عزف موسيقى كشافة الإمام المهدي، وتولت ثلة من المجاهدين حمل النعش الذي لُفَّ بعلم “الحزب”، وبعد أن وضعت أكاليل من الزهر أمام نعش الشهيد، أدت فرقة عسكرية من المقاومة العهد والقسم للشهداء بالمضي على درب الجهاد والمقاومة، ثم أقيمت الصلاة، لتنطلق المسيرة مجدداً تجاه روضة الشهداء، حيث ووري الجثمان في الثرى إلى جانب رفاق الدرب.
وتخللت المراسم كلمة للنائب فضل الله قال فيها: “يا بلال، ها قد وصلت، وأنت الذي كنت هنا تزرع الأرض حَبّاً وحُبّاً وعطاءً، وتزرع في عقول تلامذتك وعياً وعلماً وثقافةً وجهاداً، حتى سقيت هذه الأرض من فيض دمك وعطائك، فارتقيت شهيداً في الخامس والعشرين من أيار، عندما كان هذا التاريخ لنا هنا في عيترون وفي كل قرى الحدود، موعداً للتحرير على يد المقاومة وعلى يد أهل المقاومة، وكان عمرك آنذاك 13 سنة، لكنك تربيت مع أب ومع أم، وأنا ممن يعرف هذا البيت وممن يعرف هذا الأب المعلم والمربي، تربيت في بيت على ثقافة المقاومة، وعلى ثقافة التمسك بالأرض، والتعلق بهذه القرية وبهذا الوطن الحبيب، وكنت في مطلع فتوّتِك تنتقل من ميدان إلى ميدان حتى انتميت الى هذه المقاومة وكنت واحداً من مجاهديها ومن معلميها، فهكذا هي المقاومة ولّادة جيلاً بعد جيل، وعهداً بعد عهد وتاريخاً بعد تاريخ”.
أضاف: “مهما قتل هذا العدو ومهما اغتال من المعلمين ومن الكفاءات والطاقات الكوادر، فإنّ هذه الأرض ستنجب مزيداً ومزيداً من المقاومين، ولنا في بلال واحد من النماذج الذين كانوا في زمن آخر في مطلع العمر عندما وقع التحرير وكانوا في 2006، وفي هذه الحرب كانوا من روّادها ومن مجاهديها ممن ثبتوا وصبروا وقاتلوا وبقوا هنا”.
وتابع: “ثمانية أشهر يا بلال وأنت تقاتل حتى تحقق لك ما أردت وما أحببت، ألا وهي شهادة في سبيل الله على طريق القدس، فهؤلاء الشهداء يبنون لبلدنا المستقبل الحقيقي ويؤسسون لمرحلة جديدة، ومن عيترون من على الحدود، من البلدة الصامدة الصابرة المضحّية بأبنائها وبشهدائها، نقول لهذا العدو، كلما طال أمد الحرب وطال استنزافك، كلما كانت الهزيمة قاسيةً عليك أكثر، وصحيح أننا نقدم التضحيات، وأن في غزة وفلسطين تدمير ومجازر وقتل، وأن في جنوبنا الحبيب أثمان وتضحيات، ولكن إطالة أمد هذه الحرب من العدو ستضعضعه أكثر، وستفكك قوة الردع عنده أكثر، وستبني لنا للمستقبل إن شاء الله بلداً قوياً عزيزاً”.
وختم: “علينا ألا نفكر بهذه اللحظة فقط، بل في المستقبل كما فكّر الذين انطلقوا في البدايات، فحرروا لنا الأرض عام 2000، وحموا لنا الأرض عام 2006، والذين يزرعون دمهم اليوم في هذه الأرض، يحمون لنا مستقبل أطفالنا كي لا يتجرأ العدو مرة أخرى على احتلال هذه الأرض، ولن تحتل هذه الأرض مرة أخرى إن شاء الله”.