أبدى الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قلقه من “انعكاسات تطورات المنطقة على لبنان” مناديا “بالتوافق والحوار بين اللبنانيين للخروج من أزمة الفراغ في رئاسة الجمهورية”. وقال في حديث لجريدة “الشرق” القطرية إن “التسوية الداخلية هي الأساس بين الأطراف اللبنانية”، محذرا من “بقاء لبنان بدون رئيس جمهورية”.
وسئل جنبلاط بداية عن الدوحة وكيف وجدها بعد آخر زيارة في العام 2008، فقال: “الدوحة تغيرت كثيرا وأصبحت أكثر نهضة وعمرانا وازدهارا وجمالا ونشاطا. آخر مرة زرت الدوحة كان عام 2008 عندما جمعتنا في مؤتمر الحوار الوطني اللبناني”.
أضاف: “أذكر عندما جمعتنا الحكومة القطرية في فندق “الشيراتون” آنذاك أيام الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أخبرونا في بداية المحادثات ان الدبلوماسية تعتمد أسلوبا مختلفا في التعامل مع الملف اللبناني حيث قام الأمير الوالد والشيخ حمد بن جاسم بإجراء اتصالات مباشرة وغير مباشرة. وأذكر أن الأمير الوالد استدعاني وسألني كيف ترى الحل من وجهة نظرك قلت له لكم جيران هم الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولنا جيران وهي سوريا ولكم علاقات مشتركة مع الجارين لعلكم تجدون حلا مشتركا معهم وتنقلون الحل الى لبنان وهذا ما حدث. وقد نجح اتفاق الدوحة ودام أكثر من عشر سنوات”.
وتابع: “الدوحة جامعة للبنانيين والتاريخ اثبت ذلك، ففي العام 2008 وبعد توتر شديد سياسي وعسكري نجحت الدوحة بجمع اللبنانيين بمؤتمر حوار وطني أثمر اتفاقا واستقرارا لعدة سنوات”.
وسئل عن الملفات التي يحملها معه في لقاءاته في الدوحة، أجاب: “استعرضت مع سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تطورات الاوضاع على الساحة الفلسطينية والحرب على غزة والأوضاع المتفاقمة في الضفة الغربية وتصاعد الاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان، كما تطرقنا إلى مجريات الامور على الساحة اللبنانية وأزمة الفراغ الرئاسي وسبل الخروج من الأزمة التي يمر بها لبنان.
ولابد من الاعراب عن التقدير الكبير والثناء على الجهود والدور التي تقوم به قطر من خلال المبادرات المستمرّة لوقف إطلاق النار في غزة والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، كما اشيد بمساعي دولة قطر في اطار اللجنة الخماسية لمساعدة لبنان على تجاوز أزمته الرئاسية.
وكنت التقيت معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وهو شخص ملم جدا بتفاصيل الملف اللبناني وتشعباته والتغيرات التي طرأت على العالم العربي منذ العام 2008. وباستثناء قطر ودول الخليج فقد تغير كل شيء للأسوأ على المستوى العربي. وقد تباحثنا بتطورات الأوضاع في لبنان وغزة والجهود المبذولة في هذا المجال”.
وعن العلاقة بين الدوحة وبيروت، قال: “العلاقة بين قطر ولبنان جيدة وممتازة والدوحة تبذل ما بوسعها لمساعدة لبنان وانقاذه. ولكن على البعض في لبنان ان يخرج نفسه من القوقعة التي أسر نفسه بها وكأن التاريخ وقف عنده. علما أن الأمور تتطور بسرعة والمخاطر التي تحيط بلبنان كبيرة جدا لذلك انادي دائما بالتسوية الداخلية لمواجهة الاخطار المحدقة بلبنان”.
وسئل: في ظل هذه الاخطار هل أصبح مصير لبنان في سباق مع الزمن؟ فأجاب جنبلاط: “لا يمكن أن يبقى لبنان في هذه الحالة التي أصبحت فيها كل المناصب الأساسية بالوكالة، لا يمكن أن يبقى لبنان بدون رئيس جمهورية”.
وقيل له: لكن مضى أكثر من عام ولبنان بدون رئيس جمهورية، فقال: “صحيح، وقبل ذلك بقينا أكثر من عامين بدون رئيس جمهورية، لكن لم يكن آنذاك حرب في غزة وحرب في الجنوب، المخاطر المحدقة الأكبر على غزة وعلى الجنوب وربما على بعض المناطق العربية”.
وردا على سؤال عن خشيته من أن يدخل لبنان بحرب مباشرة، ومن أن تتوسع الحرب، قال: “نحن الآن في حرب. وكل شيء ممكن وفق النوايا العدوانية الإسرائيلية. كل شيء ممكن”.
وتابع: “الحد الأدنى للجاهزية تتطلب وجود توافق داخلي لبناني على الصمود. حتى لو كانت الآراء مختلفة في لبنان تحت شعار تعددية الآراء حتى لوكان هناك فريق من اللبنانيين يعادي حزب الله لكن في النهاية الوطن في خطر”.
وسئل: هل إقدام حزب الله على فتح جبهة في ظل الفراغ الرئاسي في صالح لبنان؟
أجاب: “لم تعد القضية في صالح لبنان او في غير صالحه. حزب الله موجود في لبنان وهو جزء من منظومة إقليمية ترعاها الجمهورية الإسلامية وهو يعتبر نفسه عن حق او غير حق جبهة الممانعة. هناك في لبنان من يرفض تسمية جبهة الممانعة ويقول لا نريد ان ندخل في هذه الحرب وانا أقول حزب الله موجود ويدافع عن لبنان حتى لو كان البعض يرفض هذه التسمية لكنه يدافع عنا”.
وردا على سؤال عما إذا كان هذا الأمر يشكل رابطا جذريا بين لبنان وفلسطين وبالتالي يصعب حل ازمة لبنان بمعزل عن قضية فلسطين، قال: “كيف يمكن الفصل بين الازمتين والقضيتين! كيف نفصل لبنان عن المحيط! المحيط المهيمن محيط الامر الواقع والذي جعلنا جزءا من المنظومة الإيرانية. فما هي الوسيلة للخروج وما هو السبيل لفصل الأزمة اللبنانية عن فلسطين. ليس لدي جواب”.
وعن طرح الحياد الإيجابي كمخرج، قال: “الحياد الإيجابي! يطرحون شعارات كبيرة في لبنان وينسون قراءة التاريخ. الحياد الإيجابي نظرية خرج بها اجتماع فندوم الذي جمع الكبار ناصر وسوكارنو ونهرو عام 1955 وهي ان يكونوا نقطة وسطية بين الشرق والغرب وقد دامت هذه النظرية بعض الوقت بسبب وجود توازن عالمي يقوم على الاتحاد السوفياتي وحلف الناتو. وهناك نظرية أخرى خرجت من لبنان وهي سويسرا حيث كان يطلق على لبنان سويسرا الشرق. لكن سويسرا في حقيقة الامر حتى وصلت الى الحياد كان هناك مؤتمر فيينا 1825 حيث توافق كل الذين كانوا الى جانب سويسرا بأن يحيدوا سويسرا عن الصراع وهكذا كان. فلندخل على سبيل المثال بمؤتمر عربي خاص بلبنان فمن يقنع الجيران من سوريا إلى ايران الى العدو الإسرائيلي بتحييد لبنان عن الصراع. وهذا طبعا مستحيل”.
وسئل: قبل الحديث عن التوافق الخارجي على تحييد لبنان، ماذا عن توافق اللبنانيين انفسهم لايجاد حل لأزمتهم؟
قال: “الجواب ببساطة عام 2008 بمساعدة قطر توصلنا الى حل. وبالتالي آجلا أم عاجلا ومهما كانت الظروف لا بد من مساعدة خارجية”.
وسئل: نفهم من ذلك ان لبنان يجب ان ينتظر حلا خارجيا في كل أزمة؟ فأجاب: “لأن في لبنان صراعات إقليمية”.
أضاف: “لنبسط الأمور. أحد أسباب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 عندما وصلت إسرائيل الى بيروت كان الفلسطيني موجودا على الأرض اللبنانية وكان فريق من اللبنانيين يعتبر انهم يحاربون الغرباء ونحن كنا كأحزاب وطنية ويسارية مع الغرباء أي مع المقاومة الفلسطينية. وانتهى الاجتياح باتفاق الموفد الأمريكي فيليب حبيب بإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان حيث خرج ياسر عرفات ومعه قادة منظمة التحرير بالسفينة من لبنان.. وبالتالي خرج الغرباء من لبنان كما يسميهم بعض اللبنانيين. اما اليوم فان الذين يمتلكون القوة والسلاح ليسوا غرباء. انهم لبنانيون بالرغم من ان دعمهم إيراني. حزب الله ليس جسما غريبا في لبنان. هذا هو النقاش الأساسي الذي يجب ان نتطرق اليه. حزب الله ليس بغريب. حزب الله يمثل شريحة من لبنان”.
وردا على سؤال عن الحل الجذري مع تفاقم الصراع في المنطقة، قال: “بصراحة، أزمة المنطقة طويلة جدا امام جسم معادٍ امام الصهيونية التي لم تعترف بتاريخها وادبياتها بالهوية الفلسطينية ولن تعترف. واذا كان احد لايزال ينادي بحل الدولتين. عمليا الدولة التي يراد اقامتها على 20 % من ارض فلسطين لم يبق منها شيء. المستوطنات تتواصل مع بعضها البعض هناك 800 الف مستوطن إسرائيلي في الضفة والقدس وربما سنرى محاولات لتهجير فلسطيني الضفة الى شرق الأردن والعالم العربي”.
وتابع: “حل الدولتين انتهى. كان هذا الحل حلما لياسر عرفات لكنه عندما وقع على اتفاق أوسلو لم ينتبه ولم يناقش بشأن التسوية النهائية وبالتحديد حول المستوطنات وحول القدس”.
وعن دعوة القمة العربية الى مؤتمر سلام، قال: “سلام على أي أساس؟ على أساس إمكانية ما يسمى الدولة الثانية دولة فلسطين. لكني أرى انه ليس هناك إمكانية لقيام دولة فلسطينية بالمنظور الصهيوني وهذا هو الغرب كل الغرب لا يكترث لفلسطين ولا يريد فلسطين، الغرب يكتفي بخطوات خجولة جدا وتقديم مساعدات إنسانية من اجل الشعب الفلسطيني بغزة”.
سئل: هناك من يرى ان مشكلة لبنان هي في الأطراف اللبنانية التي تتبع سياسيا لدول وقوى خارجية فكيف السبيل لحل هذه المعضلة؟
أجاب: “غالب الأوقات هذا الأمر يعود بنا الى الانتخابات الرئاسية الثانية التي جرت بعد الرئيس بشارة الخوري: كان هناك أجواء دولية للإتيان بكميل شمعون وكان والدي كمال جنبلاط آنذاك حليفا مع كميل شمعون واجتمعوا معه مجموعة نواب واسقطوا بشارة الخوري وهو بالمناسبة اول رئيس وآخر رئيس جمهورية يوافق على الاستقالة في لبنان وجيء بكميل شمعون رئيسا للجمهورية. لكن هناك أيضا صراع خارجي في لبنان بين فرنسا وبريطانيا. بعد ثورة 58 كان قادة كبار أمثال كمال جنبلاط وصائب سلام ورشيد كرامي سليمان فرنجية كانوا في مواجهة حلف بغداد ثم كان هناك اتفاق دولي وتسوية بين عبد الناصر وامريكا وجيء بفؤاد شهاب رئيسا للجمهورية وعاش لبنان حتى هزيمة العرب عام 67 عصر استقرار. وهكذا كان لبنان في محطاته، يحتاج دائما الى سند عربي مصحوبا بسند دولي. اليوم السند العربي موجود الى حد ما عبر اللجنة الخماسية حيث تتمثل قطر والسعودية ومصر يبقى عضوان اجنبيان هما فرنسا واميركا”.
علامة استفهام
أما عن العاملين الأميركي والفرنسي، فقال جنبلاط: “هناك علامة استفهام على العامل الأميركي ولكن على الصعيد الفرنسي كنت قبل أيام في باريس والتقيت بالرئيس ماكرون الذي ابلغني انه يحاول ان يفصل الازمة اللبنانية والحرب والدمار في الجنوب وآلاف المهجرين من الجنوب. يحاول ان يفصل بين هؤلاء وبين غزة. ويبقى السؤال موجها للأميركيين. وأشك بنوايا الأميركيين وربما يكونون العنصر المعطل والمعرقل لكل شيء. كيف وهم يدعمون العدوان الإسرائيلي على غزة بكل شيء وأيضا على لبنان وعلى العالم العربي بأسره وذلك برفضهم مبدأ الدولة الفلسطينية”.
سئل: اتفاق الطائف كان ثمرة تسوية سعودية سورية أمريكية. وجود الدول الفاعلة في اللجنة الخماسية الا يكفي لإنتاج تسوية؟
أجاب: “كلا غير كاف. توجد دولة تحكم، تحاول ان تحكم العالم بالحروب من روسيا وصولا الى فلسطين”.
وردا على سؤال عما إذا كان يقترح تطعيم اللجنة الخماسية بأعضاء جدد، قال: “أنا لا أقترح أنا أبدي وجهة نظر. وأبدي رأيي”.
وتابع: “ما وصلت إليه اللجنة الخماسية غير كاف لإحداث التوافق بين الفرقاء في لبنان وانا لا اقترح أنا فقط أعطي رأيي. إذ تحدثنا من باب الواقعية إضافة إيران إلى اللجنة يمكن أن يساعد الى الوصول لاتفاق وانتخاب رئيس جمهورية، لكن الحرب الضروس القائمة بالوساطة بين إيران وأمريكا وإسرائيل من ورائها تحول دون أن تقبل واشنطن بدخول طهران في اللجنة الخماسية التي قد تصبح سداسية”.
وعن التقاطه أي إشارة إلى قرب موعد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، قال: “لا أستشرف هذا الموعد وأظن أن الحرب طويلة ومستمرة على الأقل ستدوم إلى مشارف انتخابات أمريكا وقد تتجاوز هذا الموعد. وإذا اتفقنا نحن الفرقاء اللبنانيين على أن الحرب طويلة، ولابد من حل مرحلي بانتخاب رئيس الجمهورية فهذا سيكون جيدا”.
أضاف: “شخصيا أحاور الجميع وتيمور الذي يرأس الحزب يتكلم مع الجميع أيضا. والسؤال هو لماذا الغير لا يريد الحوار.
الحل بالحوار. وما من أحد يستطيع أن يملي رأيه على الآخر، التسوية الداخلية هي الأساس. هذه قناعة ربما عندي انا وعند الرئيس نبيه بري.. بينما للأسف لا تتوفر هذه القناعة بأهمية الحوار الداخلي عند بقية الأطراف اللبنانية. بالنسبة لنا في أوج الحروب عامي 83 و84 كنا نتحاور مع الشيخ أمين الجميل ولكن البقية غير مقتنعين بالحوار”.
وسئل: يبدو أن المشكل يتجاوز الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية الى خلافات عميقة بين الفرقاء؟
أجاب: “هناك شخصيات كثيرة توافقية وتستطيع أن تتحمل مسؤوليات رئاسة البلاد، لكن الخلافات الداخلية وغياب الحوار هو ما يصعب اختيار رئيس الجمهورية حيث يتم رفض الأسماء المقترحة من قبل الفرقاء في كل مرة لنعود إلى نقطة البداية، فاذا رشحت القوات اللبنانية شخصا يرفضه الوزير باسيل واذا رشح باسيل شخصا ترفضه القوات واذا رشح حزب الله شخصا ترفضه المعارضة.
ولذلك فان جوهر مشكلة انتخابات رئاسة الجمهورية غياب القناعات بالحوار وبالتالي غياب الحوار”.
وعن انعكاسات حرب غزة على الإقليم بصفة عامة وعلى لبنان بصفة خاصة إذا ما طالت، قال: “في المدى المنظور تعمل إسرائيل على التدمير المنهجي لكل المؤسسات والأبنية والمرافق والمستشفيات حتى تحويل غزة صحراء.. وسأقول وجهة نظر متشائمة لكنها واقعية من يظن أنه سيأتي لاحقا من يقوم بإعادة اعمار غزة مجددا فهو واهم ولا يستند على وقائع قد يبقى بعض من سكان غزة فهم الأكثر تمسكا في ارضهم رغم التضحيات لكن أغلبية أهل غزة يحشرون في زاوية ويفرضون عليهم الانتقال من منطقة الى منطقة وفي كل يوم نسمع انتقال 500 الف من أهل غزة من مكان إلى اخر من رفح الجنوبية إلى رفح الشمالية أو الى خارج غزة وكأنهم يحضرونهم نفسيا إلى التهجير الذي قد يكون التهجير الأكبر في تاريخ فلسطين بعد التهجير الأول في عام 1948”.
وردا على سؤال عن رأيه بمن يلقي اللوم على المقاومة في هذه الحرب وفي هذا الدمار، قال: “أنا ضد هذا المنطق، كيف نلقي اللوم على من يريد الحرية والعيش الكريم والذي يعيش اليوم في غزة منذ أكثر من 55 عاما في قفص ويعيش تحت الاحتلال منذ76 عاما أي شعب تريده أن يبقى تحت الاحتلال هذه الفترة من الزمن مع التنكيل اليومي والقتل اليومي والحبس اليومي ومصادرة الأراضي اليومي، أي شعب يتحمل هذه المعاناة وفي نفس الوقت هناك تخلٍ دولي عن قضية فلسطين. موقفنا من عدالة القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير ننصر الشعب المظلوم الذي يريد حريته وأرضه”.
وعما إذا كان يخشى أن تنتقل الحرب بعد غزة إلى الضفة، قال: “طبعا، وهذا قلته أيضا لأن الفكر الصهيوني لم يقم في أي لحظة من اللحظات التاريخية بالاعتراف بالهوية الفلسطينية، هوية الذين يملكون الأرض منذ آلاف السنين. نرى يوميا اجتياحا لغزة وقابلت مؤخرا هوكشتاين الذي يدير المحادثات في قضية جنوب لبنان وإسرائيل والمكلف بالمحادثات مع الرئيس بري وقال لي لن يكون هناك وقف إطلاق النار في غزة ولبنان وهناك اشارات بأن الحرب مستمرة وقد تطول وقد يأتي دورنا”.
لبنان في خطر
سئل: هل سيكون لبنان الهدف القادم بعد غزة؟
أجاب: “كيف نستطيع أن نعلم مع الإدارة الأميركية المتواطئة مع إسرائيل؟ ولا أعتقد انها تحسب حساب لبنان من بعيد هناك ربما البعض من اللوبي اللبناني له علاقات مع بعض من المستشارين الثانويين لبايدن، لكن معركة بايدن الحقيقية هي معركة كسب الأصوات وأي سياسي في أميركا هو تحت سيطرة وقبضة الآلة الصهيونية المعروفة باسم ايباك”.
وعن التحركات في الساحة الأميركية الرافضة للحرب في غزة خاصة في الجامعات وفي منظمات المجتمع، وعما إذا كان يمكن أن تغير موقف الإدارة الأميركية، قال: “لم تؤثر بعد هذه المظاهرات على أصحاب القرار في البيت الأبيض، في عام 1970 عندما انتهت الحرب الفيتنامية كان ذلك نتيجة للمظاهرات لكن نتيجة الخسائر الاميركية حيث وصل عدد الضحايا الأميركيين إلى 60 ألف قتيل وهذا ما أثر على القرار الأميركي”.
وعن رفع جنوب أفريقيا قضية في محكمة العدل الدولية لمحاكمة الكيان الإسرائيلي، قال: “أين العالم العربي من هذا المسار؟ في مفهوم السياسة الواقعية ضمن الظروف الدولية الحالية مبادرة جنوب إفريقيا مفيدة لكن بالنهاية قرار المحكمة يساوي بين المحتل والجاني ومغتصب الأرض ومالكها. ولكن ضمن الظروف السياسية قرار المحكمة مقبول”.
ملف النازحين
وسئل عن مبادرة الحزب التقدمي الاشتراكي في ملف النازحين السوريين، فقال: “نعم طرح اللقاء الديمقراطي برئاسة تيمور جنبلاط، المبادرة التي تقضي بتصنيف اللاجئين بين اللاجئ الإنساني، اللاجئ السياسي، اللاجئ الاقتصادي، وبين المواطن السوري العادي الذي يسكن في ربوع لبنان. هناك اعداد كبيرة من اللاجئين قد تصل إلى مليون او أكثر وليس لدينا إحصاءات حيث توقف الإحصاء عام 2015 ونحن بحاجة الى معرفة الأرقام والمعطيات الصحيحة لإيجاد حلول لهذا الملف الراهن وإيجاد حلول والتنسيق مع مفوضية اللاجئين لتحسين ظروف إقامتهم والوصول لحلول إنسانية”.
أضاف: “نعود إلى الخلافات الداخلية وعدم الاتفاق بين الفرقاء في لبنان على هذا الملف. هناك من رفض منذ البداية إقامة مخيمات للنازحين وكنا أول من طرح قيام مخيمات في بداية الأزمة والحرب الأهلية السورية. هناك عمال سوريون يساهمون في اقتصاد لبنان وهناك لاجئون هربوا بعد دمار منازلهم وانا ضد ترحيل اللاجئين السوريين تعسفيا بل مع تحسين ظروفهم. ويستحيل ان يتم طرد النازحين تعسفيا وبشكل عشوائي”.
وعن دور قطر، قال: “كان لدي محادثات مثمرة مع معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، تطرقنا الى دور قطر في الوساط. وقطر دولة فاعلة في اللجنة الخماسية ولديها موقف داعم باستمرار للبنان وسنرى ما يمكنها القيام به لجهة توسيع دورها”.
وتابع: “مبادرة قطر بدعم الجيش اللبناني ممتازة ونثمن هذا الدعم وقد طلبت خلال محادثاتي مع معالي رئيس الوزراء بتوسيع المساعدة القطرية إلى مؤسسات الأمن الداخلي التي تلعب دور جد إيجابيا في لبنان وان كان هناك بعض المشاكل ويهمنا دعم المؤسسات الأمنية من قوى امن وجهاز معلومات وأمن عام والمحافظة على استمراريتها واستقرارها”.
ولفت الى ان “قطر تقف على مسافة واحدة وتستطيع ان تتعامل وتتحاور مع جميع القوى بدون استثناء. وهذه ميزة تنفرد بها”.
وسئل: مع كل هذه الرؤى والخلافات تعتقدون أن لبنان سيستمر طويلا في حالة عدم الاستقرار؟
أجاب: “وفقا لحسابات بعض الأفرقاء بلبنان مـنهم من يريدون انتظار نهاية الحرب في غزة كي يعودوا إلى بحث القضايا الداخلية لكن الحرب مستمرة وطويلة لذلك من الأفضل لهؤلاء دون ذكر الأسماء، أن نجتمع ونتحاور وأن نحل هذه المعضلة المهمة جدا التي تتمثل في انتخاب رئيس جمهورية من ثم تعود الدولة لتمسك بزمام أمرها، ونواجه مستقبلا بشكل موحد لما فيه فائدة البلاد”.
وسئل: “حتى الاتفاقيات التي حددت خلال السنوات القليلة الماضية من الطائف إلى الدوحة قدمت حلولا وقتية تخرج لبنان من أزمته لعمر زمني محدد ثم يحدث التفجير مجددا، لماذا برأيك يستمر هذا الوضع؟
أجاب: “هذا الوضع مستمر في لبنان للأسف لأن بلدنا يعاني من تجاذبات عربية وإقليمية ودولية كبيرة ومتداخلة بصفة معقدة. ولا يمكن أن تفصل لبنان عن هذا التأثير الإقليمي بسهولة نظرا لعدة أسباب، بالإضافة الى عدم رغبة الفرقاء اللبنانيين على الحوار لحل المشاكل القائمة”.
وعن عدم تغيير موقفه من القضية الفلسطينية، ختم قائلا: “ولماذا نغير هذا الثابت! قضية فلسطين قضية حق وعدالة وستبقى هذه القضية الثابت الدائم في سياستنا”.