كتبت صحيفة “النهار”: أحاط الغموض بالاحتمالات التي ستترتب على إعادة الزخم الى التحرك الفرنسي في شأن ازمة الفراغ الرئاسي خصوصاً أن المعطيات التي توافرت عن خلفية الزيارة السادسة التي سيقوم بها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت الثلاثاء المقبل بينت تداخلا لا شك فيه بين الجهود الفرنسية في ملف الرئاسة والورقة الفرنسية المتصلة بالوضع المتفجر على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل.
هذا الترابط كما عدم نضج أي اتجاه للملف الرئاسي عقب بيان سفراء المجموعة الخمسة الذين سيلتقيهم لودريان كما سيلتقي رئيسي مجلس النواب والحكومة ورؤساء الكتل النيابية، يضعان مهمته في مهب اختبار مجهول – معلوم لجهة “مغامرة” باريس تكراراً في متاهات الاستحقاق الرئاسي فيما يمعن فريق لبناني معروف بالمضي نحو تعطيل كل الجهود الديبلوماسية.
وفي هذا السياق افادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت الثلاثاء المقبل تأتي بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حيث تناول موضوع الملف الرئاسي اللبناني معه.
وتعول باريس على انخراط اكبر للمملكة العربية السعودية في الملف الرئاسي اللبناني علماً أن ماكرون يتولى شخصياً التنسيق مع ولي العهد من اجل ذلك. فالجانب الفرنسي مدرك لوزن المملكة في المنطقة ويتمنى ألا يُترك لبنان للهيمنة الإيرانية إذ أن فرنسا تعتبر أن السعودية حليفة استراتيجية لها وتتمنى العمل مع هذا الحليف لدفع انتخاب رئيس والتأثير على اصدقائها في لبنان لكي يتم هذا الانتخاب بأقرب وقت.
وتأتي زيارة لودريان الى لبنان أيضا قبل وصول الرئيس الأميركي جو بايدن الى فرنسا في 6 حزيران المقبل حيث اكد الرئيس ماكرون امام ضيوف لبنانيين وفرنسيين أنه سيتناول موضوع لبنان في مقدم المواضيع مع ضيفه الأميركي من ناحية منع تصعيد الحرب الإسرائيلية على لبنان وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. وبالنسبة للورقة الفرنسية لمنع تصعيد الحرب الإسرائيلية على لبنان ترى باريس أن ربط “حزب الله” انتهاء حرب غزة بقبول وقف اطلاق النار والورقة الفرنسية هو بمثابة رفض للاقتراح الفرنسي بعدم التصعيد وأنه يضع لبنان في خطر وأن من مسؤولية رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب أن يضغطا من اجل اقناع الحزب بتنفيذ القرار 1701 الذي لا تلتزمه لا إسرائيل ولا “حزب الله”. فعلى “حزب الله” أن يسحب سلاحه الثقيل لمسافة عشرة كيلومترات من الخط الأزرق على أن تتوقف إسرائيل في المقابل عن قصفها العنيف على الجنوب اللبناني خصوصاً وأن هنالك حوالى مئة الف نازح من كلا الجهتين الإسرائيلية واللبنانية بسبب هذا القصف.
ثم انه حسب الورقة يجب إعادة تشكيل آلية اليونيفيل الثلاثية بين القوات الإسرائيلية والجيش اللبناني لضمان نوع من مراقبة وقف اطلاق النار ثم التوصل الى استكمال تنفيذ الـ1701 بوقف الطيران الإسرائيلي من الدخول الى الأجواء اللبنانية ونشر الجيش اللبناني على الحدود في الجنوب. وحتى الآن القصف مستمر بين “حزب الله” وإسرائيل ولم توافق الحكومة اللبنانية ولا الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ القرار 1701، وسلم رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الجواب على الورقة الفرنسية الى رئيس المجلس نبيه بري الذي لدى اتصال الرئيس الفرنسي به لحضّه على قبول هذه الورقة لمنع التصعيد قال إنه ينقص الورقة الفرنسية التحدث عن انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا في ما اعتبرته باريس “ديبلوماسية التعجيز” خصوصاً وأن قضية مزارع شبعا لم يطرحها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين.
وترى باريس ان العائق الأساسي هو رفض “حزب الله” اي التزام بتنفيذ هذا القرار قبل توقف حرب غزة، وتحذر باريس السلطات اللبنانية من أنه لا يجب ربط مصير لبنان بصراع ليس صراعاً لبنانياً، فباريس مدركة أن إسرائيل قلقة جداً إزاء ما يحدث في شمال بلدها وانه لا يمكنها البقاء من دون القيام باي خطوة. وباريس مدركة قلق الإسرائيليين مما يحدث في الشمال من نزوح ولن تبقى مكتوفة وتطالب الإسرائيليين بعدم التصعيد في لبنان كي لا يفتحوا جبهة ثانية او ثالثة. وترى باريس انه من مسؤولية رئيسي الحكومة والبرلمان تطبيق القرار 1701 ومنع التصعيد.
جنبلاط وقطر
وفي سياق ديبلوماسي متصل بآفاق التحركات الرئاسية توج رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط زيارته للدوحة بلقاء أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يرافقه رئيس “اللقاء الديموقراطي” والحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط ونورا جنبلاط وعضو” اللقاء الديموقراطي” النائب هادي ابو الحسن، في حضور سفيرة لبنان في دولة قطر فرح بري. وأفادت المعلومات انه “جرى البحث في أوضاع المنطقة، كما جرى عرض الوضع على الساحة الفلسطينية والحرب على غزة والأوضاع المتفاقمة في الضفة الغربية والإعتداءات الاسرائيلية على الجنوب بالإضافة إلى الأوضاع اللبنانية والأزمة التي يمر بها لبنان. وأثنى جنبلاط على الجهود والدور الذي تقوم به دولة قطر من خلال المبادرات المستمرة لوقف إطلاق النار في غزة والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، كما ثمن دورها في إطار اللجنة الخماسية لمساعدة لبنان على تجاوز الأزمة الرئاسية”.
تهديدات نتنياهو
أما على مسرح المواجهات الميدانية في الجنوب، فسُجل أمس احتدام واسع فيما هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من مقر القيادة الشمالية بقوله، “مصممون على إعادة الأمن والسكان إلى الشمال”. وأضاف، “لدينا خطط تفصيلية ومهمة وحتى مفاجئة”. وقتل عنصر في “حزب الله” في وقت مبكر صباحاً بعدما استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارته على طريق كفردجال -النبطية، كما اصيب 3 تلامذة كانوا لحظة الغارة داخل “فان” مدرسي متوجهين الى مدرستهم. ولاحقاً، نعى “حزب الله” “محمد علي ناصر فران من بلدة النبطية وأعلن الجيش الإسرائيلي “اننا استهدفنا محمد علي ناصر فران المسؤول عن صناعة وسائل قتالية تابعة لـ”حزب الله” في جنوب لبنان”.
واعلن الحزب انه في إطار الرد على هذا الإغتيال في كفردجّال قصف مقر قيادة الفرقة 91 المُستحدث في قاعدة إيليت بعشرات صواريخ الكاتيوشا”. كما أعلن انه “رداً على الاغتيال في كفردجال وإصابة الأطفال وترويعهم”، قصف مقر قيادة كتيبة السهل التابعة للواء 769 في قاعدة بيت هيلل بعشرات صواريخ الكاتيوشا”. كما استهدف التجهيزات التجسسية في موقع المطلة. وعلى الحدود تعرضت أطراف بلدة عيترون لقصف مدفعي متقطع وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قوات الدفاع الجوي اعترضت ودمّرت 30 صاروخاً أطلقت من لبنان باتجاه الجليل الأعلى. وأغارت مسيّرة بصاروخ على بستان زراعي في منطقة حامول عند اطراف بلدة الناقورة. ونفذ الطيران الحربي غارات وهمية في اجواء قرى وبلدات قضاء صور مطلقاً جدار الصوت وعلى دفعتين.