كتبت صحيفة “النهار”: الى أين ستؤدي التداعيات والتحركات الاخذة في التصاعد حيال ملف النازحين السوريين في لبنان، واي افق ستبلغه، وهل ستتمكن وسط انقسامات سياسية عميقة من ان تفرض اجندة لبنانية وطنية موحدة وجامعة على المجتمع الدولي ولا سيما منه الأوروبي المتهم بالتآمر لتوطين وإبقاء النازحين السوريين في لبنان تجنبا لإغراقهم بلدانا أوروبية بموجات النزوح ؟
الواقع ان هذه التساؤلات طرحت نفسها في ظل السخونة العالية التي بدأت تطبع حمى اتساع التحركات والأنشطة والمواقف المتصلة بأزمة النزوح السوري في لبنان والتي أخذت ذروة تصاعدها في الساعات الأخيرة، وسط انخراط بكركي على مستوى غير مسبوق في تنظيم خلوة وزارية ونيابية وروحية مع خبراء انكبوا على وضع تصور وتوصيات عملية في هذا الملف فيما صعدت القوى المسيحية الكبرى من تحركاتها حيال هذا الملف. وفيما سجل تطور بارز تمثل في شروع المديرية العامة للأمن العام امس في تنفيذ سلسلة الإجراءات والتدابير المتشددة حيال الوجود غير الشرعي للنازحين السوريين في مختلف المناطق بات يمكن استقراء المشهد المقبل لتطورات هذا الملف من زاوية انه بات من الصعب على السلطة ومكوناتها وكل المعنيين داخليا وخارجيا تجاهل “صعود” النبض المسيحي خصوصا حيال هذا الملف ولو انه ملف وطني بامتياز عابر لكل المناطق والطوائف والشرائح الاجتماعية في لبنان. وتبعاً لهذه الحساسية الاخذة في التبلور فان التعبئة الواسعة التي أثارتها حركة القوى المسيحية الأساسية ولا سيما منها “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” ومن ثم بكركي نفسها، ترددت أصداؤها في أروقة واشنطن ونيويورك حيث يجول وفد نيابي معارض حاملا ملفي الجنوب والنازحين السوريين. ولذا بدت التعبئة الداخلية في ملف النازحين السوريين كأنها كادت تطغى على التطورات الميدانية البالغة الخطورة في الجنوب والتي شهدت امس أيضا تصعيدا كبيرا وعنيفا. وتبعا لذلك ستنشد الأنظار اكثر فاكثر نحو جلسة المناقشة العامة لملف الهبة الأوروبية وملف النازحين السوريين التي دعي اليها مجلس النواب في الخامس عشر من أيار الحالي. وستتخذ هذه الجلسة طابعا حدثيا غير اعتيادي هذه المرة نظرا الى الحساسية العالية التي ستتحكم بالمناقشات وسط تشابك التوترات السياسية والإقبال الكثيف المتوقع على المشاركة في الجلسة بعدد قياسي من النواب سيقال عنه فورا : لماذا لا يكون هذا الحضور نموذجا تلقائيا وفوريا لانتخاب رئيس للجمهورية وعدم الخروج من المجلس قبل انتخابه في معركة مفتوحة ؟
خلوة بكركي وتحركات
في السياق، عقدت امس في الصرح البطريركي في بكركي الطاولة المقفلة لمناقشة ملف النازحين السوريين في لبنان، بدعوة من المركز الماروني للابحاث والتوثيق، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة وزراء الداخلية بسام مولوي ممثلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والخارجية عبدالله بو حبيب، والشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، والتربية عباس الحلبي، والمهجرين عصام شرف الدين، والعدل هنري الخوري، وقائد الجيش العماد جوزف عون، والنائب نعمة افرام، وممثلين عن قادة الاجهزة الامنية وعدد من المحافظين، ورئيس المركز الماروني المطران سمير مظلوم، واعضاء اللجان الاستشارية والقانونية والدستورية في الصرح، وعدد من المختصين في ملف النزوح السوري. وأوضح مولوي أن “الهبة الأوروبية لم تبت بعد كلياً”، وقال: “ستسمعون قريباً بقافلة عودة طوعية للسوريين إلى بلدهم نعمل عليها وسندافع عن لبنان ونطبق الإجراءات اللازمة والتعاميم نُفّذت بنسب متفاوتة بين البلديات ولن نقبل ببقاء السوريين غير الشرعيين” . وقال وزير المهجرين عصام شرف الدين: “الثلاثاء عند السادسة صباحاً تنطلق أول قافلة سوريين إلى بلدهم وتقلّ ألفي سوري”.
وأفاد البيان الصادر عن الاجتماع المغلق انه “خصص للقاء البطريرك وأعضاء لجان المركز للاستماع والتباحث مع عدد من السادة الوزراء المختصين والمحافظين وقائد الجيش والمدراء العامين المدنيين والامنيين في الدولة اللبنانية؛ ويتوقع ان يلي هذا الاجتماع لقاء ثان مع منظمات الأمم المتحدة المختصة وعدد من سفراء منظمات ودول مؤثرة، تمهيدا لإصدار “وثيقة موقف” من بكركي في موضوع النازحين السوريين في لبنان وسبل عودتهم الكريمة الى وطنهم. وتطرقت المناقشات وفق البرنامج المحدد الى ثلاثة محاور رئيسية: أولا، عرض الوقائع والأرقام في الديموغرافيا، والمخاطر والأعباء الاقتصادية والاجتماعية؛ ثانيا، خطط عودة النازحين الى سوريا والعوائق وسبل تجاوزها؛ وثالثا، التدابير المرحلية لإدارة النزوح السوري في مختلف المجالات”.
بالتزامن مع ذلك رفع نواب كتلة “الجمهورية القوية” مذكرة الى المفوض السامي لشؤون اللاجئين، بعدما زاروه في الجناح بعد الظهر، تتطرق الى الوجود السوري حيث تؤكد ان “لبنان غير مهيأ أن يكون بلد لجوء”وشرح الوفد موقف “القوات” من قضية الوجود السوري غير الشرعي في لبنان “الذي لا يعدو كونه بلد عبور وليس بلد لجوء”. وطالب الوفد من خلال الكتاب المفوضية “بوقف الممارسات كافة التي تتعارض مع مذكرة التفاهم مع لبنان ولا سيّما المساعي الهادفة إلى إبقاء السوريين المتواجدين في لبنان بشكل غير شرعي ومخالف لقوانين البلد”.
واكد رئيس حزب “القوات” سمير جعجع مساء في حديث تلفزيوني بان “الأجهزة الأمنية كافة مُطالبة بالتحرك الآن لان عدد اللاجئين السوريين كبير جداً، والأمن العام اللبناني قادر على التحرك، وإذا كان بحاجة لأي مساعدة فليُعلن ذلك”.وقال: “سنشارك في جلسة مجلس النواب الأربعاء لنستفهم من الرئيس نبيه بري عن تفاصيل هذه الهبة إن كانت لإبقاء النازحين السوريين في لبنان أو مساعدات للبنان للقيام بالإصلاحات”. وأضاف: “جلسة الأربعاء ليست تشريعية إنما موضوع طارئ لذا يجب المشاركة ومضطر رئيس الحكومة أن يوضح خلال هذه الجلسة خلفيات الهبة الأوروبية”.
بدوره زار وفد من نواب “تكتل لبنان القوي” رئيس مجلس النواب نبيه بري وتناول اللقاء ملف النازحين السوريين واكد ان التكتل سيشارك في جلسة مجلس النواب الاربعاء. وبعد الظهر نظم “التيار الوطني الحر” اعتصاما امام مبنى الإسكوا وطالب المعتصمون بتحقيق إعادة النازحين السوريين الى بلدهم واكدوا رفضهم لكل المحاولات الخارجية لتصفية قضية النزوح السوري على ارض لبنان .
وفي التحركات الداخلية البارزة التقى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط امس السفير السعودي وليد بخاري في كليمنصو بحضور رئيس الحزب الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور وتناول اللقاء مجمل الأوضاع في لبنان والمنطقة .
الجنوب
على صعيد الوضع الميداني في الجنوب اقترب الوضع المتدهور من حافة انفجار خطير مع اقدام إسرائيل على اغتيال ثلاثة من كوادر “الرضوان” والرد العنيف ل”حزب الله” على مقر قيادي أساسي في الجليل . فصباح امس وفي عملية امنية، استهدف الطيران الإسرائيلي المسيّر سيارة من نوع “رابيد”، على طريق بافليه ارزون. وأطلقت مسيرة أكثر من صاروخ في اتجاه السيارة قبل أن تتمكّن من إصابتها. وتوجّهت فرق الإسعاف إلى المكان، حيث عملت على نقل من كانوا داخل السيارة. لاحقا، أفاد الدفاع المدني ان الاستهداف “أسفر عن سقوط أربعة شهداء، حيث قام العناصر بسحب جثامينهم وتولّت جهات أخرى نقلهم الى المستشفى”. ولفتت المعلومات الى ان ثلاثة عناصر من قوة “الرضوان” التابعة ل”حزب الله” كانوا داخل السيارة التي استهدفتها مسيرة إسرائيلية على طريق بلدة بافليه قضاء صور.ونعى حزب الله ” لاحقا كلا من علي أحمد حمزة وأحمد حسن معتوق وأحمد حمدان .
ونفذت لاحقا غارات إسرائيلية على عيتا الشعب ووطى الخيام وطاول قصف مدفعي اطراف الناقورة. كما استهدف قصف مدفعي أطراف بلدتي كفرحمام وراشيا الفخار.
في المقابل، اعلن “حزب الله” انه “في اطار الرد على اغتيال المجاهدين في بلدة بافليه شن هجوما جويا بمسيرات انقضاضية استهدفت القيادة العسكرية لإدارة قوات العدو في مستوطنة كفرجلعادي ومحيطها واصابت غرفة عملياتها بشكل مباشر وأوقعت ضباطها وجنودها بين قتيل وجريح” . كما اعلن “استهداف إحدى المنظومات الفنية المستحدثة التي تم تثبيتها مؤخرًا في موقع راميا بالأسلحة المناسبة وأصابوها إصابة مباشرة ما أدى إلى تدميرها”. واستهدف “مركزا قياديا مستحدثا للعدو في مستعمرة نطوعة”. وإذ سجل سقوط صاروخ في مستوطنة شلومي الحدودية شمال إسرائيل تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط 500 كيلوغرام من المواد المتفجرة في شلومي جراء صاروخ بركان .