ردّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في مؤتمر صحافي، على الخطوة الأوروبية بمنح هبة للبنان بالتشديد على “رفض سياسة الاتحاد الأوروبي بإبقاء النازحين السوريين في لبنان والتأكيد أن لبنان ليس للبيع أو الإيجار”، محدداً المشكلة اللبنانية الأساسية ب”انصياع المسؤولين للسياسات الخارجية ولو كانت على حساب المصلحة الوطنية”، ومعلناً عن “سلسلة تحركات للتيار الوطني الحر على المستويات النيابية والشعبية لمواجهة معضلة النزوح”.
وسأل: “لماذا يتم شكر أوروبا في وقت هناك خوف حقيقي على وجودنا وكياننا”، معتبرا أن “هناك شكراً للسياسات الخارجية التي تدمرنا وهناك انصياع تام لها وتنفيذ لها ولو كان على حساب مصلحة لبنان”.
وقال: “رئيسة المفوضية الاوروبية، وبالخطوة الاخيرة ،بشرتنا أن النازحين السوريين سيبقون في لبنان على الأقل لأربع سنوات اضافية، لأنها وعدتنا بالمقابل بـمليار يورو على اربع سنوات، يعني ستدفع لنا 250 مليون يورو عن كل عام لبقاء 2.2 نازح، وكأنها استأجرت لبنان وشعبه بـ250 مليون يورو في السنة، يعني وبتفسير آخر كأن إيجار المتر المربع في العام 250 ليرة لبنانية، وكأن اجرة كل لبناني بالنهار هي 14 الف ليرة وكلفة قبوله بهذا النزوح، فإلى هذا الحد ثمننا ضئيل وهلقد رخاص نحنا؟”.
وتابع: “هذا اذا التزمت المفوضية بدفع المبلغ كاملاً، واذا لم يكن هذا المبلغ هو من ضمن المساهمة السنوية للاتحاد الاوروبي في برنامج دعم النازحين بلبنان LCRP ووصلت مساهمة الاتحاد الاوروبي فيه الى 2.6 مليار دولار على 11 سنة اي بمعدل 235 مليون دولار بالسنة”.
وشدد على أنه “يجب ان نرى اذا كان ما ستقدمه المفوضية هو اضافة الى هذا المبلغ وحتى لو كان كذلك نرى أن نسبة المساهمة السنوية انخفضت، هذا من دون ان نرى عمل اللبناني الاضافي لتلبية طلبات الاتحاد الاوروبي كمهمة الجيش اللبناني وتتركز على اقفال الشاطئ اللبناني أمام النازحين السوريين حتى لا يهاجروا “. وأشار إلى “موقف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي أكد أن لبنان يقدر للاتحاد الاوروبي موقفه الجديد بدعم المؤسسات العسكرية والامنية لتتمكن من ضبط الحدود البحرية والبرية والقيام بواجباتها بمنع الهجرة غير الشرعية من لبنان واليه. وأبعد من ذلك، تحدث ميقاتي عن اتفاق أو دخول لبنان في القانون الاوروبي لهجرة موسمية وذلك حتى يتمكن اللبنانيون من العمل بدول أوروبية، وحقيقة هذا القانون هو أن الدول الاوروبية بحاجة لليد العاملة الاجنبية وستمنح تأشيرات دخول لأراضيها لفترة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد برضى الدول المضيفة لسد النقص باليد العاملة بقطاعات محددة، يعني وبمعنى آخر تهجير مقنع وتدريجي للبنانيين تحت مسمى الهجرة الموسمية، التي يمكن أن تؤدي الى هجرة دائمة”.
وتساءل باسيل عن سبب حدوث كل ذلك، ليعود ويلفت الى أنه “وببساطة قبرص تعاني من هجرة متزايدة من النازحين السوريين باتجاهها، وهي بالمئات وليست بالالاف، وهذا ما دفعها الى ان ترتعب وخصوصا أن مساحتها تبلغ 9250 كلمترا مربعا، مشيراً إلى أنها أعادت الى لبنان 107 أشخاص من السوريين الذي هاجروا اليها، وقام مستشار الأمن القومي ومدير المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيسى بزيارتنا وطلب مني المساعدة وعدم التعرض أو الاعتراض والتفهم للموضوع”. وذكّر: “زار لبنان أيضا رئيس جمهورية قبرص نيكوس كريستودوليدس بهذا الخصوص ودق جرس الانذار لدى الاتحاد الاوروبي بأن قبرص ستسقط وأوروبا ستخسر إحدى نجماتها السبعة وعشرين اذا ارتفع عدد النازحين السوريين من مئات والاف الى عشرات الالاف”، معتبرا أنه “نتيجة هذه الصرخة القبرصية المحقّة تم التحضير لحزمة مساعدة للبنان هي مليار يورو على أربع سنوات حتى يمنع لبنان النازحين السوريين من أن يتوجهوا الى قبرص”.
وشدد على أن “قبرص تستحق أن يدفع الاتحاد الاوروبي مليار يورو وأكثر لانقاذها وهذا مفهوم”، لافتا الى أن “الرئيس القبرصي حتما سيقوم بمصلحة قبرص ورئيسة المفوضية الاوروبية ستقوم بما هو لمصلحة أوروبا، ولكن لبنان والمسؤولين فيه يقومون بمصلحة لبنان أو قبرص وأوروبا؟”.
وتابع باسيل: “زارتنا رئيسة المفوضية تحت عنوان “أوروبا تكافح هجرة السوريين الى أوروبا”‘ وبالتالي هي تقول على لبنان ابقاء السوريين لديه، وفي الوقت نفسه، أوروبا ستفتح باب الهجرة للشعب اللبناني، أي أنها ستقوم بإغراق الارض اللبنانية بغير اللبنانيين، وستفتح باب الهجرة للبنانيين، أي استبدال الشعب اللبناني بالنازحين السوريين وتغيير هوية الشعب والارض، الذي سيؤدي بعد أعوام عدة الى زوال لبنان من الوجود، وهذا حديثنا نفسه نكرره منذ العام 2011 عندما دخل ثلاثة آلاف نازح سوري الى لبنان. يمكنكم شراء بعض المسؤولين في لبنان، ولكن لن تستطيعوا لا شراء الارض ولا الشعب”.
وعلق على الكلام عن مقاربة جديدة للاتحاد الأوروبي وللمجتمع الدولي، متحدثا عن الايجابيات، ومشيرا الى أنه “ولأول مرة هناك كلام عن حوافز لعودة طوعية لبعض النازحين، اضافة الى القبول بالتمييز بين النازح الاقتصادي والنازح الأمني والسياسي”. ولفت في المقابل إلى السلبيات الظاهرة مؤكداً أن “الاتحاد الاوروبي لا يزال يرفض العودة الشاملة للنازحين السوريين والاتحاد الاوروبي يريدنا ان نكون حرس حدود وحماة لأراضيه”.
وأكد أن “المشكلة تكمن في انصياع المسؤولين للسياسات الخارجية”، وتوجه الى المسؤولين اللبنانيين بجملة أسئلة على سبيل الاستفسار وأولهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وتساءل: “كيف توزع الاموال للمليار يورو وما هي حصة الدعم لبرنامج العودة لسوريا؟ هل صحيح أن الاتفاق يتضمن استرجاع نازحين من قبرص؟ ولا أحد يمكن أن يقول إن هذا الامر غير ممكن لأن قائد الجيش جوزيف عون وبقرار شخصي اعاد 107 نازحين من قبرص للبنان، فكيف إذا كان بقرار حكومي؟ وإذا صح هذا الامر فهل يتضمن الاتفاق السوريين والفلسطينيين الذين يمكن أن يحضروا من فلسطين وسوريا مباشرة لقبرص وتتم اعادتهم الى لبنان؟ كيف يمكن أن نعرف كيف سيصل السوريون الى قبرص وكيف سيتم ردهم؟ لبنان سيصبح بلدا متلقيا شرعيا للنازحين من بلد ثالث”.
وقال: “لبنان ليس بحاجة للأموال التي تستعمل لابقاء النازح في لبنان، نحن فقط بحاجة الى قرار سياسي لبناني باعادتهم، واوروبا تحركت باتجاه لبنان نتيجة هجرة المئات ، فكيف بالالاف؟ لو ان لبنان غض النظر عن هجرة الالاف الى أوروبا لكانت المفوضية الاوروبية تحركت فورا ولبت طلبات لبنان، فهل يعقل أن يقبل لبنان بمليار يورو على أربع سنوات؟ على لبنان السماح بالهجرة عبر البحر وعندها سيدفع الاوروبيون المليارات للعودة عوضا عن المليار للبقاء ويخصصون تلك الاموال لاعادة السوريين الى بلدهم وخصوصا أن الاتحاد الاوروبي اعترف بوجود العديد من المناطق الآمنة في سوريا”.
أضاف: “على الحكومة والمسؤولين أن يضربوا بيد من حديد وعندها نرى كيف تنصاع أوروبا للبنان، والمطلوب من البلديات اليوم أن تطبق الاجراءات المتخذة من وزارة الداخلية وأن تتبع التوصيات التي وضعناها كتيار وطني حر مع البلديات بمؤتمر التيار عن النزوح، وفي البترون سنقدم نموذجا جيدا من خلال مؤتمر للتيار والمخاتير بالتعاون مع الجميع في البترون وسنخرج بتوصيات وسنبدأ بتنفيذها”.
وتابع: “على الحكومة أن تطبق خطة العودة المقرة من الحكومة السابقة وعليها أن تأخذ الاجراءات القانونية لكل مخالف للقوانين اللبنانية وأن يقفل الجيش الحدود البرية مع سوريا، كذلك على مجلس النواب اصدار قانون يلزم الحكومة بترحيل كل شخص سوري موجود على الاراضي اللبنانية بصورة غير شرعية”.
وأعلن أن تكتل “لبنان القوي” سيتقدم ب”اقتراح قانون الزامي لترحيل كل شخص مخالف للقوانين ويسكن في لبنان”، متمنيا “لو ينتهي رئيس لجنة الادارة الادارة والعدل جورج عدوان وكل اللجان من درس القوانين التي قدمها التكتل بخصوص النزوح ابتداء من سنة 2018″، وداعيا الحكومة السورية الى “توفير أماكن لاستقبال النازحين السوريين وعلى الاتحاد الاوروبي ومفوضية اللاجئين أن تموّل عودة النازحين خصوصا النازحين الاقتصاديين وأن تفكّ الحصار عن سوريا لاعادة اعمارها وتستطيع سوريا استقبال شعبها”.
واعتبر باسيل أن “على التيار الوطني الحر أن يخوض هذه المواجهة بكل الوسائل المشروعة، والدعوة موجهة للجميع للاتحاد وكسر هذه المؤامرة”، معلنا “اننا سنشكل وفداً نيابياً لشرح موقفنا لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وسنقوم بزيارة سفارة الاتحاد الاوروبي للاستفسار وتسليم مذكرة خطية ولمقر الاتحاد الاوروبي في بروكسيل وللبرلمان الاوروبي في ستراسبورغ، كذلك علينا التحضير لتحركات بلدية شبابية مناطقية شعبية بدءاً من الاتحاد الاوروبي لتوجيه الرسالة المطلوبة”.