كتبت صحيفة الجمهورية تقول:
فيما لم يُسجّل امس اي جديد على جبهة الاستحقاق الرئاسي، سُجّل على الجبهة الجنوبية المتلهبة، تلقّي لبنان الورقة الفرنسية المعدلة حول تطبيق القرار الدولي 1701، وذلك عبر السفارة الفرنسية، فيما كان وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في تل ابيب مجتمعاً مع نظيره الاسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال: «إذا لم ينسحب «حزب الله» من الحدود فإننا نقترب من حرب شاملة».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ القراءة الاولية لنص الورقة الفرنسية المعدّلة اظهرت انّها اخذت ببعض الملاحظات اللبنانية واهملت أُخرى او لم تأخذ بها، وهي الآن تخضع للمراجعة ويتمّ تنسيق الردّ عليها بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على ان يسلّم هذا الردّ الى الجانب الفرنسي خلال الساعات المقبلة.
وكان وزير الخارجية الفرنسي التقى نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تل أبيب، التي وصل اليها آتياً من الرياض، بعدما كان زار لبنان الاحد الفائت ضمن جولة في الشرق الأوسط، تهدف الى وقف الحرب الإسرائيلية على غزة والتصعيد عند الحدود مع لبنان.
وقال سيجورنيه بعد اللقاء: «أكّدت موقفنا بإطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار (في غزة) وخفض التصعيد في لبنان. وشاركنا اليوم مع إسرائيل مقترحات قدّمت للبنان لتهدئة التوتر مع حزب الله». واضاف: «أنّ أساس المقترحات التي قُدّمت للبنان وإسرائيل هو ضمان تنفيذ القرار 1701».
ونقلت قناة «الحدث» عن مصدر ديبلوماسي فرنسي قوله، انّ الورقة الفرنسية للتهدئة بلبنان تتضمن وقف الأعمال العدائية في مرحلة اولى وعودة النازحين في المرحلة الثانية.
وذكرت «الحدث» انّ كاتس، أبلغ الى سيجورنيه انّه «إذا لم ينسحب «حزب الله» فسيتمّ إنشاء منطقة أمنية عازلة تسيطر عليها إسرائيل». مضيفاً: «إذا لم ينسحب «حزب الله» فإسرائيل ستعمل ضدّه في كل لبنان». وملوّحاً بأنّه «إذا لم ينسحب «حزب الله» من الحدود فإننا نقترب من حرب شاملة».
وفي اطار التحركات الديبلوماسية، نسبت «وكالة الأنباء المركزية» الى اوساط غربية مطلعة قولها، انّ زيارة الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين للبنان تتقرّر في ضوء نتائج زيارة وزير الخارجية انتوني بلينكن لإسرائيل اليوم. ولم تستبعد الأوساط ان يجتمع بلينكن مع وزير خارجية فرنسا في تل ابيب. وآنذاك، سيوضع ملف لبنان على طاولة البحث.
الوضع الميداني
ميدانياً، تواصلت الاعتداءات الاسرائيلية على قرى الجنوب ليل امس الاول وطوال نهار امس، حيث أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على بلدات العديسة ويارون وعيتا الشعب، فيما تعرّضت قرى يارين والضهيرة والبستان واطراف علما الشعب وكفرحمام واطراف الحي الجنوبي لمدينة الخيام لقصف مدفعي اسرائيلي.
واعلنت «المقاومة الاسلامية» انّه «بعد رصد ومتابعة لحركة دبابة ميركافا إسرائيلية كانت تعتدي على أهلنا وقرانا وتتحصّن داخل موقع المطلة، باغتها مجاهدو المقاومة عند الساعة 02:10 من بعد ظهر الثلاثاء، واستهدفوها بالصواريخ الموجّهة ما أدّى إلى إصابتها وتدميرها وسقوط أفراد طاقمها بين قتيل وجريح». كذلك استهدفوا ايضاً «تموضعاً لجنود العدو الإسرائيلي خلف الشادر العسكري داخل موقع المطلة بالصواريخ الموجّهة وأصابوه إصابة مباشرة وأوقعوا أفراده بين قتيل وجريح».
وبثت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّه «تمّ إطلاق 6 صواريخ مضادة للدروع من لبنان تجاه المطلة، حيث وقعت أضرار في المباني وتجري المزيد من عمليات البحث». واكّدت وسائل الاعلام اسرائيلية تعرّض المباني في مستعمرة المطلة لأربعة صواريخ على الأقل الحقت اضراراً بها. ونشرت صوراً للمنازل التي اصيبت في المستوطنة.
وبعد الظهر، استهدف المقاومون موقع «الرادار» في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية واصابوه إصابة مباشرة.
وكانت الغارات الجوية الاسرائيلية استهدفت ليل امس الاول كفركلا والخيام، فيما تعرّضت أطراف الناقورة وعلما الشعب وجبل اللبونة لقصف مدفعي من العيارات الثقيلة. وردّت المقاومة باستهداف تموضع للجنود في مستعمرة «دوفيف» وآخر في مستعمرة «أفيفيم».
اليونيسف تحذّر
إلى ذلك حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من «الأثر الكبير، الذي يخلّفه التصعيد المستمر، في جنوب لبنان، بين «حزب الله» وإسرائيل، على الأطفال الذين بات الآلاف منهم خارج المدارس.
وأعرب ممثل «اليونيسف» في لبنان إدوارد بيجبيدر، في تقرير بعنوان «محاصرون في مرمى النيران»، عن القلق العميق تُجاه الأطفال والأسر، الذين أُجبروا على ترك منازلهم، وإزاء الأثر طويل الأمد الذي يتركه العنف على سلامة الأطفال وصحتهم وتعليمهم». ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية الأطفال والمدنيين. وأشار إلى وجوب مضاعفة الجهود، للتأكّد من أنّ كلّ طفل، في لبنان، يذهب إلى المدرسة ويتعلّم وأنّه في منأى عن الأذى الجسديّ والنفسيّ ولديه الفرصة في النمو والمساهمة بفعالية في المجتمع.
ملف النازحين
ومن جهة ثانية، وقبل يومين على زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فاندرلاين للبنان غداً للبحث في ملف النازحين السوريين، ظل هذا الملف يتصدّر جزءاً اساسياً من الجهد الرسمي والسياسي، حيث كان امس مدار بحث في اجتماع وزاري في السراي الحكومي، وبين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبين الامين العام للمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري نصري خوري الموجود في بيروت.
واوضح خوري لـ«الجمهورية»، انّ «اللقاء مع الرئيس ميقاتي تناول كل الامور المشتركة بين لبنان وسوريا عموماً»، وقال: «جرى نقاش عام وعرض لبعض الافكار حول عودة النازحين، وننتظر ما سيحققه لبنان من نتائج مع دول الاتحاد الاوروبي لتسهيل عودة النازحين السوريين، والخطوات المطلوبة منها ولا تقوم بها كدعمهم في بلدهم. بينما سوريا اتخذت كل الخطوات الممكنة، وهي ترحّب بمن سيعود وجاهزة لإستقبالهم خلافاً لما يتردّد. لكن يبدو انّ المشكلة عند الطرف الاوروبي والاميركي غير الراغب في عودتهم».
ورداً على سؤال حول العامل الاقتصادي الذي يؤخّر عودة النازحين؟ قال خوري: «انّ الوضع الاقتصادي في سوريا صعب نتيجة الحصار والعقوبات الغربية المفروضة على الدولة والشعب. وليس لأي سبب آخر، وعندما يرفع الحصار والعقوبات يتغيّر الوضع بالتأكيد».
وعن موضوع ضبط الحدود لمنع تسلل النازحين؟ قال خوري: «المطلوب إجراءات من طرفي لبنان وسوريا، لكن امكانات البلدين محدودة لضبط الحدود الواسعة».
وعمّا اذا كان هناك تحضير لزيارة اي وزير او مسؤول لبناني لسوريا قريباً، قال خوري: «حتى الآن لا شيء قريباً».
وفي السياق، رأس ميقاتي اجتماعاً في السراي الحكومي، شارك فيه وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، وزير البيئة ناصر ياسين والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء الركن محمد المصطفى.
وبعد الاجتماع قال حجار: «اجتمعنا كلجنة وزارية مصغّرة لمتابعة تطورات الحرب في الجنوب، وبحثنا في شأن ما نقدّمه حالياً للنازحين من مساعدات حتى ولو كانت ضئيلة، وطريقة تقديم هذه المساعدات ان كان على صعيد المواد الغذائية او الإيواء او الدعم المادي . كذلك بحثنا في ما يمكن تقديمه للجنوبيين من دعم لتخفيف الأعباء، وهذا الامر سيطرح لاحقاً في الموضوع البلدي وبعض الفواتير الثابتة التي يتحمّلها الجنوبي وخصوصاً القاطنون ما بعد الليطاني. وبحثنا ايضاً في ما تقوم به وزارتا الصحة والشؤون الاجتماعية حالياً لمواكبة اوضاع الناس». واضاف: «بحثنا في سبل متابعة الحكومة لعملية مسح الاضرار في حال حصل وقف لاطلاق النار، على ان نعقد اجتماعات لاحقة لعرض السيناريوهات المحتملة . ثم بحثنا في الوضع على المستويين الصحي والغذائي وكيفية تأمين المحروقات والمياه والاوكسيجين وغيرها، وذلك في حال حصول تدهور في الاوضاع، وسنبقي اجتماعاتنا مفتوحة لمتابعة الاوضاع وما يعني الوضع في الجنوب».
الاستحقاق ومواقف
وفيما غاب أمس عن المشهد السياسي اي نشاط يتصل بالاستحقاق الرئاسي، أكّد عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني في حديث اذاعي أمس، أنّ «مبادرة الكتلة الرئاسية «مستمرة في انتظار التسوية الداخلية – الخارجية لانتخاب رئيس للجمهورية»، مشيرا إلى انّ «هناك نقاطاً ايجابية تدفع تلك المبادرة في الاستمرار». واعتبر أنّ «الموضوع المعرقل لانتخاب رئيس، هو الدعوة إلى الحوار ومن ثمّ إلى جلسة انتخابية»، لافتاً إلى أنّ «رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يقبل بأن يدعو تكتل «الاعتدال الوطني» إلى الحوار»، مشيراً أن «كلاً يقوم بدوره».
وفي هذا السياق، دعا تكتل «لبنان القوي» إلى «فصل الاستحقاق الرئاسي عن الحرب الدائرة والذهاب الى اعتماد كل الوسائل المتاحة لانتخاب رئيس للجمهورية سواء بالتوافق او بالانتخاب»
وقال التكتل بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل انّه «تابع المساعي القائمة لوقف اطلاق النار في غزة». ودعا في المقابل الى «اقرار وقف لاطلاق النار في الجنوب انسجاماً مع موقف التكتل بفصل الجنوب عن غزة وعدم السماح لانطلاق أي اعمال عسكرية منه». ورفض التكتل اي «تفلّت للسلاح في لبنان من اي جهة اتى».
وطالب التكتل «رئيس لجنة الادارة والعدل بأن يضع على جدول اعماله القانون الذي تقدّم به التكتل عام 2018 بشأن ضبط حركة الدخول والخروج للنازحين، ويدعو اللجان النيابية لإقرار كل اقتراحات القوانين التي تقدّم بها التكتل لحل أزمة النازحين السوريين بهدف تسريع عودتهم الى بلادهم».
وقال وزير الإعلام زياد مكاري، في حديث متلفز أنّ «الورقة الفرنسية متعلّقة بالقرار 1701 حول اتفاق جدّي لإعادة الاستقرار على الحدود الجنوبية، مبنيّة على نقاط اساسية مرتبطة بالاراضي المتنازع عليها والمحتلة والوضع الامني والعسكري وعدة أمور اخرى». وأوضح أنّ «أميركا، وبطبيعة الحال، لها علاقة بتطبيق القرار 1701»، وقال: «ما يخيفني أن يتمّ الحديث عن قرار التطبيق من جهة واحدة، على أمل أن لا تكون الأولوية لمصالح اسرائيل».
وفي الملف الرئاسي، اعتبر مكاري أنّ «نظرية انسحاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية أم لا هي نظرية خاطئة، إذ أنّ الذهاب إلى الحوار فقط في حال انسحابه لم يعد حوارًا، ومن يقرّر انسحاب فرنجية أم لا هو فرنجية نفسه»، داعيًا الفريق الآخر إلى» الاتفاق على مرشح». واعتبر أنّ «موضوع ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور أصبح خارجًا والترشيح لم يكن جدّيًا بل فقط لإخراج فرنجية من السباق».
وعن النزوح السوري، قال مكاري: «قبرص اعتبرت أنّها بأزمة وجودية ودّقت جرس الانذار عند دخول 2500 نازح سوري، ومهمّة كل بلد أو منظمة اعادة النازحين الى وطنهم الام». وسأل: «كيف نحمي حدود غيرنا والبحر في حين يجب قبل كل شيء حماية حدودنا البرية؟».
وكشف عن «أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رفض المساعدات في حال ستكون موجّهة للنازحين». وقال: «الموقف الرسمي السوري واضح، لكن للموضوع تعقيدات كبيرة، ومنه رفع الحصار عن سوريا، وهذا ما يمكن لاوروبا المساعدة به، وعلى القضاء والبلديات والقوى الامنية والدولة العمل لتطبيق القانون اللبناني على الجميع، فالحل داخلي يتزامن مع حل سياسي».
بكركي و«حزب الله»
من جهة ثانية، عُقد في منزل النائب فريد الخازن وبحضوره، لقاء بين وليد غياض ممثّلاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ووفدٍ من «حزب الله» برئاسة الحاج محمد سعيد الخنسا وعضويّة الدكتور مصطفى علي والدكتور عبدالله زيعور.
وتناول البحث في اللقاء ثلاثة ملفات: رئاسة الجمهوريّة، النازحون السوريّون والأحداث في الجنوب. وتمّ الاتّفاق على ضرورة استمرار التواصل والحوار.