كتبت صحيفة النهار تقول: مع أن عامل المصادفة جعل اللقاء الموسع في معراب أمس يتزامن مع اندفاعة متجددة للديبلوماسيين الفرنسية والأميركية في اتجاه هدف مركزي واحد يتمحور حول محاولة تبريد الوضع الميداني على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومنع تفاقمه إلى حرب واسعة، فإن هذا التزامن اكتسب دلالات مهمّة وبارزة لجهة اقتران التحرك الخارجي لوقف انزلاق لبنان نحو الحرب بأرضية داخلية لبنان تنزع عن المتحكمين بمصير الجنوب مشروعية التصرف بقرار السلم والحرب عبر الأحادية المطلقة التي يمارسها “حزب الله” . لذا انحسرت كل الأولويات في المشهد الداخلي لمصلحة تقدم ملف التهدئة جنوباً عبر الوساطتين الفرنسية والأميركية وترقّب ما قد تحملانهما من تطورات ونتائج أفضل من التحركات السابقة لهما، كما احتل لقاء معراب الصدارة في التطورات الداخلية إذ شكّل صوتاً اعتراضياً على المضي في أخطار تعريض لبنان لحرب مدمّرة والمناداة بتنفيذ القرار 1701 بكامل بنوده.
وفي التحرك الفرنسي ينتظر أن يجري اليوم وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الذي وصل مساء أمس إلى بيروت جولة لقاءات مع كل من رئيسي الحكومة ومجلس النواب ووزير الخارجية وقائد الجيش تتمحور حول المقترحات الفرنسية الواردة في الورقة الفرنسية بعدما أدخلت عليها تعديلات عقب محادثات الرئيس نجيب ميقاتي في باريس الأسبوع الماضي، وستكون للوزير سيجورنيه محطة إعلامية في نهاية جولته إذ سيتحدث عنها في لقاء صحافي في قصر الصنوبر في السادسة مساء اليوم الأحد.
أمّا في ما يتصل بالتحرك الجديد لكبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة وموفده إلى إسرائيل ولبنان آيموس هوكشتاين، فإن أي معلومات دقيقة لم تتوافر بعد عمّا إذا كان هوكشتاين الذي يزور إسرائيل سيتوجّه بعدها إلى لبنان أم سيرجئ ذلك إلى موعد لاحق.
في ظل هذه الأجواء، شكلت توصيات ومقررات لقاء معراب أرضية لافتة لمواجهة الاستمرار في الأحادية التي يتحكم بها “محور الممانعة” وتحديداً “حزب الله” إذ رفع صوت القوى المعارضة السيادية منادياً بالتطبيق الفوري للقرار 1701 باعتباره الطريق الاسرع الكفيل بايصال لبنان الى بر الامان. وفي اللقاء التضامني تحت عنوان “1701 دفاعاً عن لبنان” الذي شاركت فيه اكثر من 100 شخصية، عرض رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع للواقع الناشئ منذ اندلاع المواجهات في الجنوب ولفت إلى أن “هناك مجموعة تمسك بالسلطة في لبنان ترفض المعالجات وتعمل عكسنا، ومؤخرًا طرأت مشكلة جديدة وهي العمليات العكسرية جنوب لبنان التي بدأت بقرار من “حزب الله” وحده”. وإذ قال إن “لا يحق له أن يُدخل شعب لبنان بهذه الحرب” مستغرباً “كيف يطلب الحزب الحوار حول الرئاسة ولا يناقش اللبنانيين في مسألة جرهم إلى حرب”، وتابع “الحزب يقول إن العمليات العكسرية هدفها مساندة غزة لكن كل ما يحصل جنوب لبنان لم تستفد غزة منه بأي شيء بل تسبب فقط بالخراب للبنان”.
واعتبر جعجع أن القضية الفلسطينية من أهم القضايا في المنطقة ومن والوجب دعمها، لكن هذا الدعم القضية يختلف عن المتاجرة بها، متمنيًا أن “نستيقظ يومًا ونرى المقاومة تحتل تل أبيب لكن هذا ليس الواقع”. ونبه الى أن “الأمور تتجه نحو الأعظم ولا نستطيع أن نبقى متفرجين على ما يحصل وحسب التقارير والمعلومات من الممكن أن تتطور الأمور جنوبًا إلى وضع “لا تحمد عقباه”. ورأى أن “حكومة تصريف الأعمال كاملة المواصفات وهي مسؤولة عما يحصل جنوب لبنان، مضيفاً “الحزب” يبرر وجوده بالدفاع عن لبنان، لكن تبين العكس وانه غير قادر عن الدفاع، بعد الدمار الحاصل جنوبًا”، مشيرا إلى أن “بقاء “الحزب” يمكن أن يعرض حدودنا الجنوبية للاختراق ومناطقنا الجنوبية للخطر”. وقال: كل المعطيات تقول إنه بحال انتشر الجيش اللبناني بكل النقاط المتواجد بها “الحزب” في جنوب لبنان ينتهي الخطر، فماذا تنتظر الحكومة للتحرك”؟ وختم “شعب الجنوب يدفع ثمن وجود ذراع عسكرية إيرانية على حدود إسرائيل”.
وبعد المناقشات المغلقة أعلن اللقاء التضامني في معراب توصياته عبر “إطلاق صرخة بوجه العابثين بأمننا ومن يحمي المجرمين”. وفي مقرراته، دعا إلى “مواجهة سطوة السلاح واستعادة الدولة المخطوفة”. وشدّد على أنّ “السلاح خارج مؤسسات الدولة هو تهديد للسيادة اللبنانية واعتداء صارخ على أمن الشعب اللبناني ويستلزم الشروع بسحبه فوراً”. ودعا البيان، الحكومة إلى “تطبيق القرار 1701 وإصدار الأوامر فوراً لنشر الجيش اللبناني تحت خطّ الليطاني جنوباً وعلى الحدود كاملةً وإلى تعزيز الرقابة على كامل الحدود مع سوريا وإلى تنفيذ اتفاقية عودة اللاجئين إلى بلادهم”.
على الصعيد الميداني، تواصل التصعيد في الغارات والعمليات وأعلن الجيش الإسرائيلي أن مقاتلات إسرائيلية قصفت منشأة عسكرية تابعة لـ”حزب الله” في الريحان ومبنى عسكرياً في كفركلا كما شنّت غارات على أطراف بلدة القوزح وبلدة بيت ليف، فيما تعرضت بليدا وميس الجبل لقصف مدفعي إسرائيلي وتعرّض محيط مستشفى ميس الجبل الحكومي لقصف مدفعي إسرائيلي عنيف وتجددت الغارات مساء على أطراف حولا وصربين حيث دمر منزل سقطت فيه إصابات بعضها في حالة خطيرة وهم: محمد خليل هزيمة، بيلسان سليمان أحمد، سارة محمد هزيمة، نور محمد هزيمة، موسى محمد هزيمة، سليمان محمد الأحمد، خلود غسان الراعي هزيمة، راما محمد هزيمة، آمنة أمين شويخ، رضا علي هزيمة، روزيت مسلماني.
في المقابل، أعلن “حزب الله” عن سلسلة عمليات شملت استهداف موقع حبوشيت ومقر قيادة لواء حرمون في ثكنة معاليه غولاني بعشرات صواريخ الكاتيوشا وتموضعات مستحدثة للجنود الاسرائيليين غرب مستعمرة شوميرا وهجوما مركبا بالمسيرات الانقضاضية والصواريخ الموجهة على مقر القيادة العسكرية في مستوطنة المنارة وتموضع قوات الكتيبة 51 التابع للواء غولاني.