كتبت صحيفة النهار تقول: وسط استمرار الوتيرة التصعيدية في المواجهات الميدانية على الجبهة الجنوبية بين إسرائيل و”حزب الله” بدا طبيعياً أن تطرح تساؤلات عما تراها ستحدث الحركة المتجددة لفرنسا في اتجاه الأزمات البنانية ولا سيما منها أزمة انفجار الجبهة الجنوبية من جهة، وأزمة استعصاء انتخاب رئيس للجمهورية ينهي الفراغ الرئاسي من جهة أخرى. ذلك أن معالم تجديد التحرك الفرنسي اتخذت ذروتها مع البيان الذي أصدره الإليزيه مساء الجمعة الماضي عقب اجتماعات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون، والذي تضمّن تعهدات لافتة للرئيس الفرنسي بالمضي نحو حلين محوريين في لبنان هما الوضع المتفجر على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل وحض المسؤولين اللبنانيين على الاستجابة لإلحاح انتخاب رئيس للجمهورية. وإذا كان يمكن اعتبار النتيجة العملية الأكثر قابلية للترجمة العملية هي اندفاع فرنسا في عملية دعم الجيش اللبناني فإن نتائج التحرك الفرنسي في شقي الداخل والجنوب لا تزال غامضة وتحتاج إلى مزيد من الترقب والانتظار لمعرفة ما إذا كان التحرك الفرنسي سيحظى فعلاً، وبسرعة، بدعم قوي من واشنطن والشركاء الآخرين، وطبيعة المتغيرات التي يفترض أن تكون حفزت فرنسا على إعادة إنعاش مبادراتها سواء المتعلقة بالجنوب اللبناني أو الداخل، علماً أنّ ثمة معطيات ثابتة مثيرة للقلق تشير إلى أن المسبب الأول والأساسي لهذا التحرك المتجدد يعود إلى المعلومات الدقيقة للغاية التي تملكها باريس عن نيات إسرائيل التصعيدية الواسعة ضد لبنان في حال عاند “حزب الله” جوهر الورقة الفرنسية القائم على انسحاب “حرب الله” من الخط الحدودي وإعادة تنفيذ مندرجات القرار 1701.
واستمرت أمس معالم الحركة الفرنسية، إذ وزعت السفارة الفرنسية بياناً مشتركاً لرئيس أركان الجيوش الفرنسية وقائد الجيش اللبناني ورئيس أركان الدفاع الايطالي جاء فيه: “استقبل رئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال تييري بوركارد في 19 نيسان نظيريه قائد الجيش اللبناني جوزف عون ورئيس أركان الدفاع الإيطالي الادميرال جيوسيبي كافو دراغوني وبعد حفل التكريم العسكري، تناول اللقاء التوترات الإقليمية التي تواجه لبنان، وأكدوا مجددا أهمية العمل الجماعي بهدف وقف التصعيد على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل وفقاً لما جاء في القرار 1701″.
وتم التأكيد على الدور الأساسي لليونيفيل باعتبارها عاملاً للسلام والأمن وحماية المدنيين في المنطقة، بالتعاون الوثيق مع الجيش اللبناني السيد على كل أراضيه، وتم التأكيد على دعم الجيش اللبناني الضامن للاستقرار الوطني وعلى التزام فرنسا وإيطاليا باستقرار وسيادة لبنان التي تبقى أولوية”.
ولكن الوضع الميداني شهد تصعيداً متجدداً بعد هدوء حذر عند ساعات الصباح الأولى، اذ عاود الطيران الحربي الإسرائيلي خرق الأجواء اللبنانية مستهدفاً بلدة عيتا الشعب. وشنت الطائرات الحربية الاسرائيلية غارة على بلدة كفركلا الجنوبية، وسط معلومات عن إصابة شخص. واستهدف القصف المدفعي الإسرائيلي محيط بلدة كفرشوبا. ولاحقاً أفيد عن مقتل 3 عناصر من “حزب الله” نعاهم الحزب رسمياً في غارة استهدفت بلدة الجبين. ودوّت صفارات الإنذار في مستوطنات عديدة بالجليل الأعلى، فيما أفادت القناة 12 الإسرائيلية عن سقوط صاروخين أطلقا من لبنان في منطقة مفتوحة بالجليل الأعلى من دون وقوع إصابات.
إلى ذلك، أعلن “حزب الله” في سلسلة بيانات أن عناصره استهدفت مواقع حدب يارين وانتشاراً للجنود الإسرائيليين في جبل عداثر بالأسلحة الصاروخية، بالإضافة إلى التجهيزات التجسسية في موقع الراهب بالأسلحة المناسبة وأصابوها إصابة مباشرة. كما أعلن أنه استهدف بعد الظهر انتشاراً للجنود شرق مستعمرة “إيفن مناحم” وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة وانتشاراً للجنود في محيطه.
في المشهد الرئاسي، لم يطرأ أي جديد عقب الجولة الأخيرة للجنة السفراء الخماسية باستثناء تصريح جديد للسفير المصري علاء موسى أكد فيه أن “منطلق تحركنا كان الاشارات الايجابية التي تلقيناها من مختلف الفرقاء حول القبول بفكرة الحوار والمرحلة الثانية هي الدخول بالبحث بآلية هذا الحوار وغيرها من التفاصيل”. وأوضح أن “في لقائنا مع الوفاء للمقاومة استمعنا منها لنفس مهم وايجابي وهناك رغبة بالتعاون واستعداد للحوار ورئيس الكتلة النائب محمد رعد لم يتحدث أنه مستعد للتنازل عن ترؤس رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحوار والتركيز كان على فكرة الحوار وهذا الاهم”.
وقال موسى: “سعدت بوجود السفير السعودي في اللقاء مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لأن وجود المملكة بأي مكان هو رسالة مهمة، أما غيابه عن بنشعي فسببه أنه كان أبلغني صراحة أنه متوعك بعض الشيء صحياً ولا خلفيات أخرى لغيابه”. وختم: “سنطلع الرئيس بري في منتصف الأسبوع على ما استمعنا إليه بلقاءاتنا مع الكتل وسنطرح بعض الاجابات عليه”.
من جهته، اعتبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب ايهاب حمادة، أن “عودة اللجنة الخماسية هي لتحريك المياه الراكدة في ما يتعلق بالملف الرئاسي”. وأضاف: “من موقعنا نرحب بالمساعدة الخارجية طالما كانت في سياق حفظ لبنان واتفاق اللبنانيين، ولا ينبغي لها أن تلبس أي لبوس له علاقة بالفرض، لأننا لسنا بالموقع الذي يخول أي أحد أن يفرض علينا ذلك، أما إذا كان السعي من أجل لبنان فأهلا وسهلا”. ورأى أن “اللجنة الخماسية في اللقاءات التي حصلت لا تزال مستمعة، ونحن دعمنا ترشيح الوزير سليمان فرنجية لما نراه فيه من معايير ومواصفات وأهلية لان يتسلم هذا الموقع في هذه الظروف، ولطالما دعونا من خلال الرئيس نبيه بري إلى الحوار كي نصل إلى مخرج يكون من خلاله انتخاب رئيس للجمهورية”.
وفي سياق آخر، تتفاعل المواقف السياسية والحزبية من ملف النزوح السوري. وأمس أكد عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل أبو فاعور أن “لدى الحزب التقدمي الاشتراكي تصوراً لإعادة النازحين، سيتم نقاشه مع كل الأطراف”. واعتبر أن “مسألة إعادة النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا مسألة وطنية ومهمة جداً ويجب أن لا تقارب بمنطق التحريض أو التراشق بين بعضنا البعض كلبنانيين، كما يجب أن تكون هناك خطة وطنية واضحة متوافق عليها تهدف إلى تنظيم هذه العودة. والامر شائك وليس في المتناول سريعاً، بل يحتاج إلى خطوات سياسية وخطوات غير سياسية على المستوى الداخلي المحلي، وعلى مستوى غير المحلي، ولكن نحن أيضاً كلقاء ديمقراطي كانت لدينا ورقة تم إعدادها سابقا حول هذا الأمر، يعاد النظر فيها ويعاد تطويرها على خلفية نقاشات نجريها كحزب تقدمي إشتراكي مع عدد من القوى السياسية، ومع رئيس مجلس الوزراء، ومع عدد من المؤسسات التي تعتني بهذا الأمر، وتهتم به وزارة الداخلية والأمن العام، والجيش اللبناني وغيرها من الجهات”.
وأضاف، “سنعيد صياغة هذه الورقة أو هذا الاقتراح ليقدم كأفكار لخطة وطنية، ويمكن تبنيها وطنياً بشكل مشترك من كل القوى السياسية من دون تراشق ومن دون صراعات أو تحميل مسؤوليات لبعضنا البعض إلى حين حصول هذا الأمر”.