كتبت صحيفة النهار تقول: أحيا لبنان امس احد الشعانين لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي في غالبية مناطقه على نحو طبيعي وحتى في بلدات حدودية جنوبية تحدت الاخطار المحدقة بالمواطنين بحيث لم تغب عنها زياحات الشعانين وزينة الأطفال وشموعهم. ولكن ذلك لم يحجب القلق الذي عاد يتنامى حيال معالم التصعيد الميداني خصوصا بعد تخطيه خطوط الميدان التقليدي وقواعد اشتباكه الامر الذي عكسه توغل الغارات ال#إسرائيلية الى عمق #البقاع الشمالي في بعلبك مرة جديدة ومن ثم استهدافها منطقة البقاع الغربي للمرة الأولى . واذا كانت الوقائع الميدانية غالبا ما تقف وراء اتساع الاستهدافات الجوية الإسرائيلية وردود “#حزب الله” عليها بعمليات بعيدة النطاق عن الأهداف الكامنة على خط المواجهة الحدودي ، فان ذلك لا يقلل خطورة وقوف لبنان امام مرحلة شديدة الغموض ومحفوفة بعدم اسقاط أي احتمال من احتمالات التصعيد الواسع الذي في اقل التقديرات قد يوسع حدود الاستنزاف الميداني والدمار اللاحق بأكثر من أربعين بلدة وقرية حدودية جنوبية الى مناطق أخرى جنوبية على ما تخشاه جهات رسمية وسياسية معنية برصد تطورات المجريات الميدانية الجارية . ولا تخفي هذه الجهات اعتقادها بانه اذا كان احتمال انفجار حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” لا يزال في طور الاستبعاد الظرفي لأسباب ودوافع عدة مختلفة ، فان ذلك لا يسقط الخشية من الاتجاه الإسرائيلي الى توسيع رقعة الاستهدافات والاستنزاف بحيث غدت أخيرا منطقة بعلبك بمثابة معظم بلدات الحدود الجنوبية كما يجري رصد الخطوط التي تتسع عبر الغارات الجوية الإسرائيلية جنوبا حيث يرصد المراقبون العسكريون توسيعا منهجيا لشريط الدمار بما يكشف الخطة الإسرائيلية المتبعة راهنا بديلا من حرب شاملة .
في هذا السياق جاءت الغارة التي نفذها الطيران الحربي الاسرائيلي على طريق بلدة الصويري قرب معبر المصنع، في البقاع الغربي، وهي المرّة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل هذه المنطقة علما انه بدا ان الغارة ضلت هدفها الحقيقي اذ اصابت الغارة سيارة يقودها عامل سوري في قطاع يدعى محمود رحب الذي اصيب بالغارة ثم قضى متأثرا بجروحه. وأفادت المعلومات بأن السيارة المستهدَفة كان في داخلها مواد غذائيّة، ويملكها أحد الأشخاص من آل صميلي، الذي يملك سوبرماركت في منطقة المصنع. وكان الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ بعيد منتصف ليل السبت الأحد غارةً على مبنى في حيّ العسيرة في بعلبك قالت وسائل إعلام إسرائيلية انها جاءت ردا على إطلاق “حزب الله” مسيرتين على الجليل الأعلى . وهذه المرة الرابعة التي تشنّ فيها إسرائيل هجمات على بعلبك منذ بدء الحرب في #جنوب لبنان.والمبنى المستهدف مؤلّف من أربعة طبقات وأفادت المعلومات عن إصابة ثلاثة أشخاص من المدنيين . وزعم الجيش الإسرائيلي مهاجمة مجمع تابع ل”حزب الله ” يحتوي على أسلحة في منطقة بعلبك.
وبعد وقت قصير، ردّ “حزب الله” بإطلاق صلية صاروخيّة كبيرة باتّجاه الجليل الأعلى والجولان. وأعلن أنّه “رداً على قصف أحد الأماكن في مدينة بعلبك، استهدف صباح الأحد القاعدة الصاروخية والمدفعية في يوآف وثكنة كيلع (مقرّ قيادة الدفاع الجوي والصاروخي) حيث كانت تتدرّب قوّة من لواء غولاني بعد عودتها من قطاع غزة، وذلك بأكثر من 60 صاروخ كاتيوشا”.
وبعد ظهر امس استهدف “حزب الله” موقع جل العلام ثم رويسات العلم في تلال كفرشوبا ثم قوة إسرائيلية داخل موقع المرج .
ونعى الحزب المقاتلين حسين علي أرسلان من بلدة الطيبة وعلي محمد فقيه من بلدة أنصاريه .
في السياق السياسي، نقلت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي يزور واشنطن وهو يعتبر الأكثر تشدداً بين أعضاء كابينيت الحرب بما يتعلق بإبعاد قوات “حزب الله” عن الحدود، “سيسعى إلى الحصول على دعم أميركي واسع لإسرائيل لتوسيع القتال ضد الحزب لإرغامه على سحب مقاتليه من منطقة الحدود شمالاً”.وذكرت الصحيفة أن غالانت “يحضّ الأميركيين على تصعيد الضغط على طهران، من أجل لجم حزب الله، رغم أن احتمالات أن تخاطر إدارة بايدن بمواجهة مع طهران خلال سنة انتخابات ضئيل جدا”.
ولفتت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الى ان أكثر من 60 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون على طول الحدود الشمالية مع لبنان أُمروا بإخلاء منازلهم في أوّل إخلاءٍ جماعي للمنطقة في تاريخ إسرائيل . وقالت الصحيفة إنّ “الصواريخ المضادة للدبابات التي أطلقت من لبنان، ألحقت أضراراً بعشرات منازل المستوطنين، أما المستوطنون الذين رفضوا الإخلاء فتجنبوا إنارة الأضواء ليلاً حتى لا يصبحوا أهدافاً مرئية”. كما أشارت الصحيفة إلى أنّ “المستوطنات الشمالية أصبحت مهجورة ومحظورة فعلياً، وأيضاً نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية تمنع الدخول إلى المستوطنات التي تقع على بعد ميل أو أكثر من الحدود”.واشارت الصحيفة إلى أنّ المستوطنين لديهم انتقادات للحكومة الإسرائيلية حول أوامر الإخلاء، ويقول بعضهم إنّ الحكومة “أظهرت ضعفاً ومنحت حزب الله نصراً فعلياً”.
المواقف من الداخل
وسط هذه التطورات لوحظ ان عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي لم تتضمن مواقفه المتكررة من الوضع في الجنوب والازمة الرئاسية في ما يبدو انه ترك إعلانها الى مناسبة احياء عيد الفصح في نهاية الأسبوع الحالي . واكتفى امس بالقول : “نحن في لبنان نردّد مزمور الشعانين: “إمنحنا الخلاص والنصر يا ربّ” الخلاص من خطايانا المتزايدة، ولا توبة عليها، فتراكمت حتى أصبحنا نعيش في هيكليّة خطيئة ضدّ الله، وضدّ قدسيّة الذات، وضدّ الناس. نحن نعني الخطيئة الروحيّة، والخطيئة الأخلاقيّة، والخطيئة الإجتماعيّة، والخطيئة السياسيّة التي بلغت بالفساد إلى ذروته”.
اما ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة فتناول الأزمة الرئاسية قائلا : “إعادة تكوين السلطات الدستورية وبناء المؤسسات هما المدخل الضروري لأية عملية إنقاذية. كيف تصل سفينة إلى الميناء الأمين في غياب ربان؟ وكيف تدار دولة بلا رئيس؟ الكل يدعي تسهيل العملية الإنتخابية وينادي بضرورة إتمامها فمن يعرقل إذا؟”. وسأل :”اذا كان جميع النواب مقتنعين بذلك فلم لا يذهبون إلى المجلس النيابي وينتخبون رئيسا بحسب مقتضى الدستور، دون شروط وشروط مقابلة، ودون تفسير لمواد الدستور أو تأويل بحسب المصالح. فنحن لسنا بحاجة إلى أعراف جديدة. طبقوا الدستور ولا تدعوا أحدا يعبث بمصير البلد ويلغي دوره ويقوض أساسات ديمقراطيته. المطلوب ليس شعارات بل إرادة عمل وصفاء نية”.
كما كان لمفتي الجمهورية #الشيخ عبد اللطيف دريان موقف بارز جديد من ازمة الفراغ الرئاسي فقال في كلمة له “طال زمن الشغور الرئاسي، وما زلنا نتوسم خيرا بالجهود والمساعي الخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية، فالتفاؤل ثمرة الإيمان والعزيمة والإرادة التي توصل في النهاية مع العمل الحثيث إلى نهاية انجاز الاستحقاق الرئاسي، فمن غير الجائز أن تبقى دولتنا من دون رئيس لها، ولا يمكن أن يحصل لبنان على ثقة الأشقاء العرب والأصدقاء ودول العالم، إذا لم نعد الاعتبار إلى الدولة ومؤسساتها، فالتسويف والتأخير في انتخاب رئيس لجمهوريتنا هو مشروع انتحار، بل هو الانتحار بعينه، وهذا مرفوض. مرفوض شرعا وقانونا وسياسة وبكل معايير الوطن والوطنية، ويتحمل مسؤوليته كل من لا يقوم بواجبه الوطني والسياسي، ويتقاعس عن القيام بدوره، ويعرقل سعي غيره في اجتراح الحلول للخروج من نفق الأزمات المظلم الذي طال المكث فيه”.