كتبت صحيفة “الجمهورية”: إرتفع منسوب التوقعات حول احتمال توسّع دائرة الحرب مع معاودة اسرائيل قصفها لمناطق في العمق اللبناني حيث استهدفت أمس مجدداً مناطق في غرب بعلبك، ليرد «حزب الله» عليها بقصف قواعد لها في عمق الجولان السوري المحتل ومواقعها في شمال الاراضي الفلسطينية المحتلة من القطاع الشرقس نزولاً حتى القطاع الغربي، في وقت قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مساء امس: «نريد أن نرى نهاية للهجمات عبر الحدود بين «حزب الله» وإسرائيل».
دخلت البلاد شهر الصيام إلاّ عن لهيب الحرب القائمة والمخاوف من تمددها وتوسّعها بعدما ضَم العدو الاسرائيلي الى جبهة الجنوب ساحة البقاع بنفس قواعد الاستهداف المُمنهج وغير الراغب بالتوسّع.
وأكد مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية» انّ المفاوضات حول الحل في غزة والجنوب «قائمة وغير صحيح انها نسفت او تترنّح»، وقال: «لا يزال المفتاح الكبير في غزة ونحن في لبنان لسنا سوى جبهة متصلة نعمل على تحضير ترتيبات لمواكبة الحلول». وكشف المصدر انّ «ملف الجنوب على الطاولة والشغل قائم على الصياغات الجديدة التي أتى بها الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين عطفاً على الاجتماعين اللذين عقدهما في المرتين الاولى والثانية». ووصف المصدر طروحات هوكشتاين الاخيرة بأنها «كانت متناسقة اكثر ويمكن وصفها بأنها توطئة جدية لتطبيق القرار 1701، وهذا كله مبنيّ على إبرام الصفقة في غزة، فجميع يعلم انّ الوضع في غزة يجب ان يتغير حتى يمكن البدء عملياً بتطبيق ما يتم الاتفاق عليه جنوباً».
أمّا رئاسياً فقد وصف المصدر الوضع بأنه في حالة إمساك عن الرئاسة حتى مع استمرار التعاطي الايجابي مع مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني». وسأل: هل أن تكتل الاعتدال هو من سيختار الرئيس؟ بالطبع لا، المبادرة لا تنفع ولا تضر، بمعنى آخر انّ المبادرة غير نافعة اذا بقي التعنت المسيحي قائماً على الشكل ورفض آلية الحوار والتشاور المنطقية ولا تضر كونها تُحدِث نشاطا سياسيا ودينامية في المحاولات لتقريب وجهات النظر»… وختم بالقَول: «الاهتمام كله مشدود حالياً نحو غزة للوصول الى صفقة وقف اطلاق النار والّا ستبقى كل الاحتمالات مفتوحة والامور معلقة».
لقاءات ومواقف
وعلى الجبهة الرئاسية لم يسجل اي تطور بارز امس في انتظار جديد على مستوى حراك سفراء المجموعة الخماسية العربية والدولية او على مستوى مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني»، الذي يستعد لجولة جديدة على الكتل النيابية والسياسية.
وفي هذه الغضون التقى أمس رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية، في دارته في بنشعي، السّفير البابوي في لبنان المطران باولو بورجيا، في حضور الوزير السّابق روني عريجي. وكانت مناسبة لعرض آخر التطوّرات في لبنان والمنطقة، بالإضافة إلى شؤون كنسيّة ووطنيّة.
وفي هذه الاثناء استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى وفداً من «القوات اللبنانية» برئاسة النائب غسان حاصباني، الذي قال: «نتمنى أن نعود إلى الأولويات الوطنية اليوم، إلى انتخاب رئيس جمهورية من دون الاضطرار ومن دون الخروج عن قواعد الدستور، واختلاق قواعد وأعراف جديدة».
الى ذلك، قالت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر، في بيان لها أمس، بعد اجتماعها برئاسة النائب جبران باسيل، «انّ الإستحقاق الرئاسي لا يزال في دائرة الغموض ممّا يؤكد ضرورة حصول التشاور بين الكتل النيابية يُفضي الى الإتفاق على مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، وإلّا فالذهاب الى جلسات مفتوحة ودورات متتالية تؤدي الى فوز من يحصل النسبة المطلوبة من الأصوات».
لا تنازل
وقالت مطلعة على موقف الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية» ان اسرائيل تخطىء اذا كانت تظنّ انّ تصعيدها العسكري على الجبهة الجنوبية او في اتجاه العمق اللبناني سيُجبر لبنان على القبول بإدخال تعديلات على القرار الدولي 1701 وفقاً لمصلحتها، فما يطلبه لبنان ويتمسك به هو تنفيذ هذا القرار على جانبي الحدود فضلاً عن انسحاب اسرائيل من النقاط الـ 13 التي تعتدي عليها من الـ b1 صعودا الى مزارع شبعا التي عليها ان تنسحب منها، ومن تلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري.
وكان ميقاتي قد التقى أمس المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا التي وضعته في صورة الاحاطة الدورية لمجلس الامن في شأن القرار 1701، وأبلغته انها في صدد المغادرة الى نيويورك لمناقشة هذا الملف. وايضاً استقبلها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكان بحث في المستجدات السياسية والميدانية.
ووسط هذه الاجواء استقبل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله وفداً قيادياً من حركة «حماس» برئاسة نائب رئيس الحركة في قطاع غزة الدكتور خليل الحية. وتم خلال اللقاء، بحسب بيان، عرض التطورات الميدانية في قطاع غزة والضفة الغربية وجبهات الإسناد المتعددة.
ومن المقرر ان يتحدّث السيد نصرالله مساء اليوم في امسية قرآنية رمضانية، تقام في مجمع السيدة زينيب في حارة حريك.
الموقف القبرصي
في غضون ذلك، زار وزير خارجية قبرص كونستانتينوس كوبوس لبنان أمس، وجالَ على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون.
وشدّد كوبوس، خلال محادثاته مع ميقاتي على التعاون القائم والمستقبلي بين لبنان وقبرص في المجالات كافة. وتمنّى تكثيف الجهود المشتركة لحل أزمة الهجرة غير الشرعية للنازحين السوريين الى اوروبا عبر قبرص انطلاقاً من السواحل اللبنانية. وعرضَ كوبوس للجهود التي تقوم بها قبرص لتأمين المساعدات لغزة عبر المعبر الانساني البحري، وتمنى أن تنعم منطقة شرق المتوسط بالامن والاستقرار في القريب العاجل.
أمّا ميقاتي فأكد «أن هناك أكثر من قطاع يمكن للبنان وقبرص التعاون في شأنهما تجارياً واقتصادياً وسياحياً وفي مجال الطاقة». وقال: «نحن نتطلّع الى التعاون الوطيد بين البلدين في ما يخص مجالات التنمية، كما يهمّ لبنان أن تكون قبرص داعمة ضمن الاتحاد الاوروبي لطلبه دعم واغاثة النازحين السوريين في بلادهم».
اما بوحبيب فقال بعد لقائه كوبوس: «تحدثنا في ازمة اللاجئين وهذه مسألة يجب حلها مع ضرورة حَث الدول الأخرى على مساعدتنا، ونتوافق حولها مع دول أخرى تعاني نفس الازمة، كاليونان مثلاً. كما أطلعتُ الوزير كوبوس على رؤيتنا تجاه الامن والسلام على حدودنا الجنوبية ومطالبتنا بتطبيق القرار 1701. على ان السلام الكامل مع اسرائيل يأتي بعد السلام مع الفلسطينيين لأنّ لاسرائيل اتفاقيات مع مصر والاردن والمغرب والامارات العربية المتحدة والبحرين لكنها لا تجلب السلام الكامل، لأنه لن يكون هناك سلام كامل قبل السلام مع الفلسطينيين لكن يمكننا ان ننعم بالامن والسلام على حدودنا».
كوبوس قال من جهته: «هذه هي المرة الثالثة التي ألتقي بها الوزير بو حبيب خلال الأشهر القليلة الماضية، وقد اجرينا محادثات حول عدد من المسائل الإقليمية والثنائية والتي تحظى باهتمامنا المشترك وذلك ضمن اطار عمل موجه بناء على علاقة الشعبين الممتازة والعلاقات التاريخية والتواصل المتين بين البلدين». واضاف: «انّ الامن والاستقرار هما عاملان مهمان لمصلحة قبرص ولبنان على حد سواء. ونرحّب بالمحادثات لتسوية سلمية للخلاف على الحدود الجنوبية، ونشجّع كل الأطراف على الانخراط في حوار ديبلوماسي. كما تناولنا الوضع في سوريا وارتباطه بمشكلة اللجوء الذي أصبح مصدر قلق لكلينا ويجب معالجته بطريقة فعّالة عبر معالجة جذور المشكلة، لكن ايضا عبر العمل معاً بشكل اكبر وتعزيز التعاون في هذا المجال لأنّ الوضع يسوء يومياً وعلى الاتحاد الاوروبي ان يكون جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة».
وعلّق كوبوس على الممر الانساني الى غزة، وقال: «اليوم أبحرت من ميناء لارنكا أول سفينة تحمل مساعدات عبر الممر البحري إلى قطاع غزة بحسب ما هو مقرر، نأمل ان نعزّز قدرة المجتمع الدولي على الاستجابة للتخفيف من المأساة الانسانية».
تصعيد خارج الحدود
وعلى الصعيد العسكري، اغار الطيران الحربي المعادي مرة اخرى قبل ظهر امس،على منطقة بعلبك بالبقاع اللبناني، مستهدفاً بالصواريخ مبنى مؤلفاً من 3 طوابق في منطقة «ضهور العيرون» على طريق السفري بين بلدتي سرعين والنبي شيث، بعد بلدة رياق جنوب شرق بعلبك، بالقرب من مؤسسة الموسوي، ما أدى إلى تدميره وسقوط شهيدين وما لا يقلّ عن 10 جرحى… كما نفّذ غارة اخرى ظهراً على مدخل بلدة النبي شيث استهدفت مبنى مؤلفاً من 3 طبقات وسط البلدة قرب مرقد الشهيد السيد عباس الموسوي.
وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، انّ طائرات حربيّة أغارت قبل قليل (أمس) على مقرَّين للقيادة تابعَين لـ«حزب الله« في منطقة بعلبك في عمق لبنان، حيث تمّ تخزين وسائل مهمّة يستخدمها «حزب الله» في مجال تعاظم قدراته بالأسلحة». وأشار في تصريح إلى أنّ «الغارات جاءت ردًّا على عمليّات إطلاق القذائف الصّاروخيّة التي نفّذها «حزب الله» نحو شمال إسرائيل صباح اليوم (أمس)»، وادّعى أنّ «الجيش هاجم في وقت سابق اليوم مبنى عسكريًّا في منطقة الخيام، وبنية للحزب في منطقة بنت جبيل».
وردّت المقاومة صباح امس على الاعتداء الاسرائيلي الذي استهدف منطقة غربي بعلبك ليل امس الاول، فقصفت بعشرات الصواريخ معسكرات التدريب الاسرائيلية في هضبة الجولان السوري المحتل. وأعلنت انها «رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على أهلنا وقرانا ومدننا وآخرها في محيط مدينة بعلبك واستشهاد مواطنين»، قصفت مقر قيادة الدفاع الجوي والصاروخي في «ثكنة كيلع» والقاعدة الصاروخية والمدفعية في «يوآف» ومرابض المدفعية المنتشرة في محيطها بأكثر من مئة صاروخ كاتيوشا.
واكدت وسائل إعلام إسرائيلية إطلاق 100 صاروخ من جنوب لبنان في اتجاه مرتفعات الجولان على دفعتين، فيما تحدثت قناة «الجزيرة» عن «إطلاق أكثر من 30 صاروخا من جنوب لبنان في اتجاه مواقع إسرائيلية في إصبع الجليل والجولان المحتل»، في حين أشارت اذاعة الجيش الاسرائيلي الى سقوط 70 صاروخا في هضبة الجولان أطلقت من لبنان. وقالت: «طائراتنا هاجمت ثلاث منصات أنطلقت منها صواريخ في اتجاه هضبة الجولان صباح اليوم (أمس)».
وأشارت المعلومات الى انفجار صواريخ اعتراضية إسرائيلية في أجواء القرى الحدودية في القطاع الشرقي من جنوب لبنان.
الى ذلك، تواصلَ صباح امس قصف قرى الجنوب الحدودية، واستهدفَ أطراف بلدتي حولا لجهة وادي السلوقي ومركبا. كما سقطت قذيفتان في البساتين في خراج سردا. فيما اغار الطيران الحربي على وادي برغز في قضاء حاصبي، وعلى أطراف بلدة حولا لجهة وادي السلوقي وعلى منزلٍ في مدينة بنت جبيل قبالة مفترق الطيري وعلى مدينة الخيام.
وفي تطوّر لاحق، اعلنت «المقاومة الاسلامية» في العراق مساء امس «استهداف مطار بن غوريون في عمق الكيان الغاصب بواسطة الطيران المسيّر»، وأكدت «استمرارنا في دكّ معاقل الأعداء، استكمالاً للمرحلة الثانية لعمليات مقاومة الاحتلال، ونصرة اهلنا في غزة، وردًا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل».
واغار الطيران الحربي الاسرائيلي عصر امس على اطراف منطقة الناقورة والأطراف الشمالية لبلدة عيتا الشعب وعلى بلدة العديسة، وقصفت المدفعية الاسرائيلية عصراً الضهيرة وعلما الشعب وأطراف رامية والناقورة.
واستهدف رجال المقاومة بصواريخ بركان نقطة الجرداح وجل العلام وموقع حدب يارين وبركة ريشة وثكنة زرعيتـ وتصدّوا لمسيّرة بالأسلحة المناسبة. وكذلك استهدفوا ثكنة برانيت وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا وموقع زبدين في مزارع شبعا المحتلة.
ونعى «حزب الله» شهيدين له سقطا في القصف امس، وهما محمد علي جمال يعقوب («ياسر زغيب») مواليد عام 1988 من مدينة بعلبك، وسادق حسين جعفر («كفاح») مواليد عام 1970 من بلدة جرماش في البقاع.
واعلن الجيش الإسرائيلي مساءً أمس «انّ مدفعيتنا ردت على مصادر إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على زرعيت وشتولا ومواقع أخرى».
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: «قد يعرف نصرالله «دفاعنا الجوي» في الشمال أفضل من القيادة العليا للجيش الإسرائيلي».
ونقلت هذه الوسائل عن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو قوله: «سنهاجم لبنان بقوة كبيرة». فيما توجّه وزير الامن القومي الاسرائيلي ايتمار بن غفير الى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قائلاً: «الجيش مسؤوليتك ويجب بدء الحرب على لبنان الآن». وأضاف: «توقّفوا عن نشر الفيديوهات وابدأوا بالرد والهجوم الآن!».