أعلنت من قاعة طرابلس في مركز الصفدي الثقافي ولادة “اللقاء للحوار الديني الاجتماعي” في احتفال حاشد شارك فيه المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد امام، اعضاء الهيئة التأسيسية للقاء وهم: رئيس الهيئة الوزير السابق محمد الصفدي، رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، المفتي الشيخ الدكتور مالك الشعار، النائب ايلي خوري والدكتور مصطفى الحلوة.
حضر الاحتفال القنصل حسام قبيطر ممثلا سفير إسبانيا خيسوس سانتوس أغوادو، امين سر حركة “فتح” مصطفى ابو حرب ممثلا السفير الفلسطيني اشرف دبور، النواب اللواء اشرف ريفي، جميل عبود، طه ناجي وحيدر ناصر، نائب المجلس الاسلامي الاعلى الوزير والنائب السابق عمر مسقاوي، الوزيران السابقان سمير الجسر ورشيد درباس، رئيس اساقفة ابرشية طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، عن السفارة الاميركية غاي لي وفادي حافظ، نقيب اطباء الاسنان في الشمال ناظم الحفار، ممثل نقيب المحامين سامي الحسن، النائب العام لابرشية طرابلس المارونية الخوراسقف انطوان مخائيل، الشيخ وسام سمروط، الشيخ نزيه خالد، الشيخ غالب الايوبي، منسق منطقة طرابلس في “القوات اللبنانية” فادي محفوض، اضافة الى حشد كبير من الفاعليات السياسية والحزبية والثقافية والدينية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
بداية النشيد الوطني، ثم كلمة لعريف الاحتفال حلوة قال فيها: “عند المفترقات الصعبة، وفي زمن المِحن، التي تعصفُ بالمجتمعات، تنهضُ فئة كي تشهد لزمنها، وخيرُ الشهادات وأجلُّها هي التي تأتي في الأزمنة المصيريّة.
هكذا، بإزاء ما يشهد مجتمعنا اللبناني من أوضاع متردّية، تُشارف حدّ الكارثة، فإنّنا، نحن أعضاءَ الهيئة التأسيسيّة، نعلن على الملأ عدمَ استقالتنا من مجتمعنا ومن وطننا، إنطلاقًا من انتمائنا الوطني الجامع، ومن التزامنا الدينيّ الايمانيّ ومن واجبنا الأخلاقيّ.
من هنا كان “اللقاء للحوار الديني والاجتماعي”، الذي أبصر النور، مع صدور العلم والخبر في 14آب 2023.
لقد كان مقرّرًا أن يتمّ إطلاق “اللقاء” في 25 تشرين الثاني من العام الماضي، ولكن أتت أحداث غزّة والجنوب اللبناني لتدفعنا إلى إرجاء الموعد إلى هذا اليوم، الذي يؤرّخ، بإذن الله، لبداية مسيرة واعدة”.
أضاف: “لقد خضنا، في الهيئة التأسيسيّة، على مدى أشهر متعدّدة، نقاشات معمّقة: تشخيصًا للأزمة التي نكتوي بنارها، واستعراض ما ينبغي القيام به من حراك ومن فعاليّات وأنشطة حواريّة، ناهيك عن آليات العمل والأساليب الناجعة.
لسنا على عجلة من أمرنا، بل سنعمل برويّة وتؤدة، نتنكّب الحكمة والموعظة الحسنة.. كلُّ أولئك لنشر مُناخات من الوعي العام، دينيًّا، وقيميًّا واجتماعيًّا. هي مناخاتٌ تؤسّس للتغيير البنّاء المنشود. وسنجهدُ في تقديم خطاب نوعيّ، حتى لا يغدُوَ “لقاؤنا” مجرّد إضافة كمّية إلى عشرات المنتديات والأُطُر الحواريّة القائمة، مستفيدين من تجاربها، ومُحاذرين الوقوع في النخبويّة”.
وتابع: “لن نزيد أكثر، ففي الكلمة الجامعة، بل الوثيقة التي تتضمّن رؤانا وأهدافنا وتطلّعاتنا، وفي كلمة رئيس الهيئة التأسيسيّة/الإداريّة الأستاذ محمّد الصفدي، وفي مداخلات سائر أعضاء الهيئة التأسيسيّة، ما يُجيب عن مختلف جوانب مسيرتنا”.
الصفدي
وألقى الصفدي كلمة أكد فيها ان “اللقاء يضم مجموعة من ذوي الفكر، تؤمن بالعيش المشترك بين اللبنانيين. وستعمل على ترسيخ القيم الدينية المشتركة بين الشرائح الشبابية، لا سيما طلبة المدارس والجامعات. وسوف يكون التركيزٌ على حوار الحياة، الذي يتناول مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية والتربوية والدينية وغيرها”. وقال: “صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلا بسياد المطران بولس مطر حضرة المقامات الدينية والوزارية والنيابية والسياسية والاجتماعية والفكرية والاعلامية نرحب بكم في هذا اليوم المشهود، الذي نُطْلِقُ فيه “اللقاء” للحوار الديني والاجتماعي”، الذي سيعم حراكه جميع المناطق اللبنانية. وإذا كُنَّا نُطْلِقُهُ من طرابلس، فذلك لما لهذه المدينة من رمزيّة، في تكريس العيش الواحد، على مدى تاريخها القديم والمعاصر”.
أضاف: ” هذا “اللقاء” هو وليد إرادات أعضاء الهيئة التأسيسية، جَمَعَهم الانتماء الوطني والانفتاح الديني والايمان بالعيش الواحد. فعلى مدى عدة أشهر، جَرَت بيننا نقاشات عميقة لمواجهة ما يُعانيه مجتمعنا اللبناني من أوضاع سيئة، بل خطيرة، في مختلف الميادين. لقد استقرَّ الرأي على أنَّ المدخل إلى ذلك لن يكون إلا عن طريق حوار تفاعلي بين أتباع الأديان، لا سيما المسيحيّة والاسلام، مع التركيز على إعلاء شأن القيم الدينية المشتركة. وإذا كان هذا الحوار على المستوى الديني والمستوى الاجتماعي، فذلك من منطلق العلاقة الوثيقة بين المسألة الدينية وبين القضية الاجتماعية، بمختلف مجالاتها وتعبيراتها الاقتصادية والتربوية والثقافية والبيئية وسواها. سوف يكون التوجه إلى الشرائح الشبابية، وفي عدادهم طلاب الجامعات وطلاب المدارس الثانوية ، فنذهب إليهم حيث هُم، في جامعاتهم ومدارسهم، بهدف توعيتهم، دينيا واجتماعيا. فإذا تبين للطرفين ، المسيحي والمسلم، أنّ ما يجمع الديانتين هو أكثر مما يفرقهما، حينها سوف يتقبل كل واحد منهما الآخر، ذلك أنَّ الحقيقة الدينيّة، جوهرها واحد، والقيم التي تدعو إليها هي واحدة”.
وتابع: “وفي إطار توعية أجيالنا، التي تعيش حالة ضياع وقلق وجودي على مستقبلها، لا بُدَّ من السعي إلى تنقية ما عَلِقَ في عقولهم من أفكار مشوهة بعيدة عن قيم مجتمعنا وعن منظومات القيم الدينية الحقة. لنا كبير إيمان بدور “الهيئة التأسيسية” في أداء رسالتها، وهي تتشكّل من سيادة المطران يوسف سويف، وسماحة المفتي د. مالك الشعار وسعادة النائب أيلي خوري، و د. مصطفى الحلوة ومحمد الصفدي. أما الهيئة التنفيذية، فهي تضم كلا من محمد الصفدي والنائب إيلي خوري والدكتور مصطفى الحلوة وبما يخص “مجلس الأمناء” ، الذي هو بالحقيقة مجلس الحوار ، فعلى عاتقه يقع تنفيذ الأهداف التي يسعى اليها “اللقاء”.
وختم: “هذا المجلس يضم حتّى اليوم شخصيات من مختلف مناطق لبنان، لها حضورها الفاعل، في مجتمعنا، وهم سيادة المطران بولس مطر وسماحة المفتي د. مالك الشعار، وسيادة المطران يوسف سويف ، والدكتور سابا زريق، والدكتور مطانيوس الحلبي، والطبيب الدكتور نبيل عقيص. وسوف ينضم اليه لاحقاً ست شخصيات أخرى، ليغدو عدده 12 عضوا. إنّنا، من منطلق إيماننا بأنّ يَدَ الله مع الجماعة، نأمل أن تحقق تباعًا الأهداف والتطلعات التي يضمها برنامج عملنا”.
بورجيا
وتلا مطر رسالة باسم السفير البابوي المطران باولو بورجيا جاء فيها: “يسعدني أن أتلقى الدعوة لإطلاق منتدى الحوار الديني والاجتماعي وأعتذر عن عدم تمكني من المشاركة بسبب التزامات ملحة التي تم التعهد بها من قبل. في جميع الأحوال، أود أن أكون حاضرا من خلال رسالتي هذه بتوجيه تحية ودية إلى مؤسسي هذه المبادرة. وأحيي معالي الوزير محمد الصفدي وسماحة المفتي مالك الشعار، والسيد ايلي خوري وصاحب السيادة المطران صويف، الذي أشكر بوجه خاص على نقل كلماتي إلى الحاضرين. كما أحيي كل من يشرف بحضورهم هذا التجمع. فمن الممكن المبادرة منتدى الحوار الديني والاجتماعي أن تفعل الكثير الضمان وجود رغبة حقيقية ودائمة للسلام في لبنان وفي مناطق الشرق الأوسط ، فتوحد الشعوب الثرية بتراثها التاريخي وثقافتها وأديانها ، وذلك في خدمة التعايش السلمي والتعاون المثمر بين الجميع”.
اضاف: “ان تاريخ لبنان الخاص وخصائص الأديان التي ترسخت فيه، تجعل هذا البلد قادرا على أن يكون رسالة لثقافة تقوم على العيش المشترك ما بين مجتمعات متنوعة ومختلفة. ويشكل المنتدى جزءا من العمل التربوي الإنساني المشترك الذي يساعد الناس على معرفة كيفية قبول بعضهم البعض، ومساعدة بعضهم بعضا من أجل الخير في الاعتقاد بأن التنوع، بعيدا عن كونه مرادف للانقسام ومصدر الصراع، قد يكون فرصة قيمة لإثراء الأفق الثقافي وحياة الفرد. إن الأديان السماوية العظيمة التي ميزت تاريخ إيمان شعوب البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تلعب دورا حاسما في قضية الحوار الاجتماعي والسلام لأنها يجمعها الإيمان المشترك بالله الخالق والأب الذي يعيد لنا هوية الأبناء والأخوات”.
وختم: “أرحب بمبادرة منتدى الحوار الديني والاجتماعي، التي أدعو إلى متابعتها بمثابرة مع التمني أن يساهم هذا العمل في أن تصبح العائلة البشرية مضيافة تُرَجَبُ بجميع أبنائها. وإذ ننظر معا إلى السماء نفسها، نسير بسلام على الأرض نفسها. أشكركم مجددا على دعوتكم، وأتمنى لكم السلام والصفاء في الرب”.
سويف
وكانت كلمة لسويف شدد فيها على ان “الفيحاء ستبقى مدينة الإخاء والسلام، والعلم والعلماء، وفيها تلتقي ” هللويا” الكنائس مع تجويد الصفات الإلهية من أعلى المآذن في خشوعية صلاة نسجد بها معاً للإله الواحد الأحد معطي حياتنا الإنسانية معناها وكمالها وقال:” الشكر للرب الذي يجمعنا في هذا اليوم المبارك، ونحن نطلق من طرابلس ولبنان مبادرة تحت عنوان “اللقاء للحوار الديني والإجتماعي”. لقد تنادينا فالتقينا وتبادلنا الأفكار والهواجس والتطلعات في رؤيا جميلة أساسها لبنان ورسالة لبنان وقيمة لبنان الدينية والثقافية والإنسانية. هذه القيمة التي تحتنا ليس فقط أن تتشبث بها ونتمسك، بل أن نجدد انتشارها في وطننا الحبيب وخارج مساحة هذا الوطن”.
أضاف: “يسرني اللقاء بمعالي الوزير الأستاذ محمد الصفدي وبأخي سماحة المفتي الدكتور مالك الشعار وبسعادة النائب الأستاذ إيلي خوري، لنؤسس معاً ” هذا اللقاء” ونطلق اليوم هذه المبادرة بفرح كبير، تحت نظر الرب وبهدي العناية الإلهية والإرادة الراسخة والرؤيا الوطنية المشتركة. نحيي مجلس الأمناء الذي بدأ يتكوّن والأمانة العامة لهذا اللقاء. نشكر حضوركم الكريم والغالي على قلوبنا، أنتم يا أصحاب السماحة والغبطة والسيادة مع المقامات السياسية والدينية والإجتماعية، لنكمل سوية مسيرة تاريخية ما زالت تؤكد حتى اليوم أن لبنان هو وطن الحوار والعيش الواحد والعمل معاً مسلمين ومسيحيين لترسيخ المواطنة وصون الكرامة الإنسانية. نحن هنا لأننا نؤمن بفعالية اللقاء بين الناس وخلق فسحات حوار الحياة اليومية بين جيل الشباب الذي يحتاج اليوم الى اختبارات عاشها اللبنانيون في أمس ليس ببعيد”.
وتابع: “نحن نؤمن بطرابلس، المُعلنة لهذه السنة عاصمة الثقافة العربية. ففيحاؤنا كانت في الأمس وهي اليوم وستبقى إن شاء الله فيحاء الإخاء والسلام، مدينة العلم والعلماء، حيث تلتقي ” هللويا” الكنائس مع تجويد الصفات الإلهية من أعلى المآذن في خشوعية صلاة نسجد بها معاً للإله الواحد الأحد معطي حياتنا الإنسانية معناها وكمالها. نعم يا طرابلس، فأنت نموذج العيش المشترك، وفيك تتجسد قيم الروح والإنسانية لأجل وطن أيقونة تكتب فيها قصص جميلة عن الإيمان والثقافة والحرية فتحكي عن حقيقة لبنان. فلا تستحقين يا مدينتي أن يقودوك الى مكان غريب عنك. نحن نعلن اليوم هذه المبادرة بروح الأخوة الإنسانية التي تجمع الناس على قيم الأخلاق والضمير الحي والعمل النقي لأجل الخير العام في تفاعل واع بين المؤسسة الدينية والمدنية، والهدف هو مناصرة كل مظلوم ومتألم ومجروح من ظلم الظالمين. نحن نؤمن بالتعددية وهي غنى. فالآخر المختلف ليس تهديداً لنا بل هو طريق للقاء الله ولقاء كل أفراد العائلة الإنسانية. بهذه القراءة نواجه. تفاعل واع بين المؤسسة الدينية والمدنية، والهدف هو مناصرة كل مظلوم ومتألم ومجروح من ظلم الظالمين”.
وقال: “نحن نؤمن بالتعددية وهي غنى. فالآخر المختلف ليس تهديداً لنا بل هو طريق للقاء الله ولقاء كل أفراد العائلة الإنسانية. بهذه القراءة نواجه بجرأة إيديولوجيات تغذي، ويا أسفاه التقوقع والإنغلاق والخوف من الآخر. فلا للخوف من الآخر بل للقائه وحواره دون أحكام مسبقة”.
وأردف: “نلتقيه بحرية أبناء الله فنكتشف عندئذٍ عظم الخالق وجمال الخليقة التي دعينا أن نحافظ عليها فنتصالح مع الله ومعها ومع ذواتنا ونكون بناءً للسلام. معاً نردم الهوة ونبني الجسور بروحانية وجدية وتواضع يقودنا الى الإعتراف أمام الله أننا أخطأنا تجاهه وتجاه بعضنا البعض في يوم عبر، وهو يدعونا لتنقية ذاكرتنا الفردية والجماعية فتشفى ونتحرر لأجل ولادة وطن يتجدد بأبنائه”.
وختم:” نحن نؤمن باللقاء، لأجل الوعي وتنمية الحس النقدي البناء بين الأجيال الطالعة التي من حقها أن تنعم بعيش كريم وتفرح وتفخر بانتمائها الى لبنان الوطن النهائي لجميع أبنائه، جاعلة من المواطنة ثقافة ونهجاً. قدرنا الله أن نسير معاً وأن نفكر معاً وأن نعمل معاً لحفظ لبنان وخير الإنسان والسلام”.
الشعار
بدوره قال الشعار: “الأمم والمجتمعات والأوطان لا تغنيها الحروب ولا حتى المجاعات ولا الزلازل ولا البراكين. قد يؤثر ذلك عليها سلباً، زماناً وتطوراً وتقدماً ومدينة وغير ذلك ولكن الفناء والإبادة لا يكون إلا إذا تم الجهل وتعطل العقل وركن كل فريق إلى منطقته ومذهبه وطائفته وحزبه وغيرها من الأطير الضيقة التي هي أشبه بسجن قد لا تعيق صاحية من الحركة عدواً ورواحاً مجيئاً و وذهاباً ولكنه يغير عقله ويسود قلبه وجعاً. والأمم والمجتمعات والأوطان قد يعتورها الضعف والقوة والمد والجزر والاقبال والإدبار ، بل حتى التكافل والتأكل والحضور والغيبة. وهذه سنن ترتبط بالأسباب وجوداً وعدماً .. ولكنها سُنَن لا تدوم ولو أنها قد تطول … الكارثة أيها السادة والسيدات هي الجهل والأمية وتعطيل جهاز الاستقبال كما الإرسال تارةً في إطار التعامل والتعايش مع الآخرة. ولا أغني بالأمية هنا عدم معرفة القراءة والكتابة وإنما عدم الفهم للسنن وللآخر و عدم استيعاب حركة الحياة تطوراً وتقدماً والتي جعلت من العالم قرية صغيرة يسهل التواصل مع أبنائنا بل مراقبة ومتابعة الأحداث يوماً بيوم وساعة بساعة ولست بصدظ النقد والتجريح ، ولا المدح والثناء ولو أن كلا الأمرين له وجوده وأثره ولكني بصدد لفت النظر أن سرعة التطور التقني والعلمي إن يصينا على ما نحن عليه اليوم قد تخرجنا من المعادلة او من الزمن ذاته والكارثة الأخرى ، هي فقدان الامل والرجاء من النهضة والعودة إلى الذات ، وإلى إعمال العقل والفكر من أجل مقاومة الركود الفكري والترهل الثقافي وهذا كون آخر من الجهل الذي يمثل الكارثة الأولى” .
أضاف: “لاحظوا معي أنني لم اقل كلمة اليأس وإنما ذكرت فقدان الأمل لأنَّ الْيأْسَ ليس صفة تلحق بالعقلاء والحكماء .. وأهل الرأب والنظر، وأعود بعد ذلك إلى الركود الفكري والترهل الذي يصيب الهمم ويفقد البعض حركة العطاء والمتابعة وتحمل المسؤوليات لأقول وبكل جرأة أدبية بأن ذلك ثمرة طبيعية لكل الذين تلفوا عن مصافحة الآخرين وملاقاتهم في اطار الجناس الفكري والثقافي والوطني والإنساني. إن الذي يجمع بين أبناء الوطن كثير وكبير .. وله مساحة واسعة لا تخضع للعدد في مفرداتها ، ولا تحصيها كلمة ولا محاضره ولا تعبر عنها كلمات إنها الإنسانية ابتداء ووحدة المنشأ والمصير ، ثم إنها وحدة الدين في أصوله الإيمانية وقيمه الأخلاقية إنها تنوع الثقافات ووحدة الحضارة إنها المشاعر والعاطفة واللهفة إنها الحاجة المدنية للآخر التي يقول عنها شيخ علم الاجتماع ابن خلدون .بأن الإنسان مدني بطبعه وأن الحياة لا تكتمل ولا تخلو الا مع الآخر و يرحم الله القائل “أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم لا تضج الدنيا وفيها أنتم”.
وتابع: “هذا اللقاء هو ثمرة تبادل آراء وأفكار وهموم إنسانية ووطنية وحوارات فكرية بين رهط من الحكماء وأنعم به من رهط يحمل همّ الوطن والمجتمع والناس لا يرفض الاستسلام للأمر الواقع الأليم فحسب وإنما لنضال الأكثرية الخيرة الطيبة من أبناء وطننا ومجتمعنا والتي يفخر بها لبنان من أكثرية صامته يغلب عندها التأمل عن بعد إلى أكثرية متحركة معطاءة فاعلة عبر الحوار والتلاقي والتكافل وتحقيق القدر الأكبر من التجانس لصناعة مناخ وطني عام يُشكل أو يُمثل قوة ضاغطة لا يسهل تجاوزها ولا تخطيها هذه الأكثرية تمثل بحق أصالة اللبنانيين وسمو فكرهم وسعة ثقافتهم ورفع الأميّة من مجتمعاتهم هذا اللقاء هو نقطة انطلاق جديده تمثل أملاً واعداً مبرمجاً وممنهجاً خطواته مترابطه يمثل عملاً متكاملاً بكل ما تحميل هذه الكلمة من معنى يهدف بالدرجة الأولى لتمتين الوحدة الوطنية التي لا يحفظها ولا يثبتها الا الجناس الفكري التعددي الذي تجمع التنوع في إطار التلاقي والتصافح لا التصارع ثم الوعي الوطني الذي يرفع الحواجز الوهمية وتارة النفسية بين أبناء الوطن دون تخوف أو حذر”.
وأردف: “هذا اللقاء هو مساحة رحبه وواسعه لتحقيق هذا الحلم الوطني الذي يؤكد العيش الواحد أو المشترك فلا مساحة في الاصطلاح والذي يجعل من اللبنانيين عائلة واحده اسمها لبنان. هذا اللقاء يحمل رسالة التقارب والتعارف والتألف ومعرفة الآخر للعيش معه وللاستفاد من خبراته دون حمله على رأينا .. أو إحراجه على مواقف لا يراها تصب في مصلحة الوطن. هذا اللقاء بمثل مساحة وإطاراً واسعاً تتبلور فيه الثوابت والأفكار والمداميك التي تجمعنا معاشر المسلمين والمسيحيين فوحدة المنشأهي الأصل للبشرية كلها ( كلكم لآدم وآدب من تراب ) ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) وثاني هذه الثوابت والأفكار والمداميك هي وحدة الدين في الأصول ، وليس أدل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم “الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد“. وثالث هذه الثوابت والأركان والمداميك هي القيم ومكارم الأخلاق التي تكاد تكون متطابقة أو هي عينها .فالقيم في الرسالات السماوية واحدة وكلها تقوم على المحبة والرحمة والتسامح ونبذ الأحقاد والكراهية والشحناء لأن الحياة لا تحلو ولا يستقيم أمرها الا بها .. واعذار الآخرين وحسن الظن بهم سمة الأقوياء الذين يتقون بأنفسهم ولا ينتظرون خطأ الآخرين لتقوى الحجة عليهم”
وختم:” في الإسلام رحم الله أمرا سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى. وفي إطار التعامل والنظرة إلى الآخرين يقول الله تعالى : ( لا ينهاكم الله عند الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) . وقول الله تعالى (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستنكرون). وحدهم اليهود وليست الرسالة اليهودية او رسالة موسى عليه السلام ، إنما اليهود وحدهم هم الذين كانوا يقولون لبعضهم ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم. وكثير من المسلمين وللاسف لم يفهموا الآية ولا حتى السياق وان هذا من كلام اليهود فيما بينهم السبب أنهم عنصريون وأنهم شعب الله المختار. وأن العالم كله إنما خلق لخدمتهم، بل وإن كل المحرمات عليهم مع الآخرين أما هذا مضمون اللقاء … وهذه أسس الانطلاق … وهذه الأبعاد والغايات والأهداف وهذا دور العقلاء والحكماء وحضارة الأمم لها دستورها الثقافي وقوته في تعدده وتنوعه وتماسكه وهكذا بتنى الأوطان والمجتمعات. فيدنا ممدودة وقلوبنا تسع الآخرين أيا كانوا وعقولنا ثروتنا لا تعد”.
خوري
أما النائب خوري فقال: “كثيرة هي نقاط الالتقاء بين طوائفنا وأدياننا، أولها أن الله واحد لا ثاني له ، أليس هذا المزيج الملون من الأديان في المجتمع اللبناني من خلق الله ؟ أليست التعددية الطائفية، إحدى أركان معظم الحروب التي تنشب في العالم بأسره، إن لم تكن عامودها الأساس؟ إن في رؤيتنا الإلغائية للآخر، شيء من عصيان إرادة الرب في مشيئته هذه طيلة أعوام ودهور مضت، كانت أدياننا حلبة صراع مستمر ، تكبدنا في ردهاتها الكثير من الخسائر البشرية والإنسانية الفادحة، التي كان بإمكاننا تفاديها إن تفاهمنا بالحوار بضمير صاح ومدرك أقول لكم لعل مشيئة الله في هذه الفسيفساء الدينية هي التكافؤ التعاضد والوئام؛ وكل ما هو دون ذلك مدعاة لعصيان الله، وتحد خاسر الوصاياه بحب الآخر ومساعدته. ما لقاؤنا اليوم في منتدى الحوار الديني والاجتماعي، سوى مبادرة صادقة، واضحة وشفافة، لكسر قيود كبلت مجتمعاتنا على مدى طويل. قيود ضربت مفهومي التعايش والإنسجام بعرض الحائط، وانتهكت أركان السلام”.
أضاف: “كثرت التحديات التي خلفتها قلة الحوار ؛ ومع ذلك، فإن التعايش السلمي بين الطوائف والأديان الأكثر سُبل تحقيق السلام والتفاهم المجتمعي فاعلية. لأن الاحترام والتسامح المتبادلين، هما الركيزتين الأساسيتين في تحقيق الانصهار المجتمعي، وفي تأسيس مجتمعات متفاهمة قائمة على الازدهار. إننا نؤمن. إيمانًا مترسخا كالعقيدة، أن جسر التواصل والتفاهم، يُبنى بالتماسك الاجتماعي القائم على الحوار؛ وأن في قلة الحوار والتفاهم، نسهم ببناء جدران تفرقة، تُطيح بحلم بناء بلد حضاري يُحاكي في أساساته الحداثة؛ بلد نموذجي يُحتذى به، ويُصدر للعالم بأسره مفاهيم الثقافة، التماسك والازدهار المستدام”.
وتابع: “رجاؤنا من حوارنا اليوم، أن نخط مسودة عملية تبادل للأراء والمعرفة، بين المكونات الدينية المختلفة بهدف تعزيز التفاهم والتسامح المتبادلين، للتعرف على قيم ومعتقدات بعضنا البعض. كما يهدف لقاؤنا إلى تقليص الفجوة القائمة في وجهات النظر المختلفة، لا سيما والتسويق الحثيث للاحترام المتبادل والتعاون. تجدر الإشارة إلى أن القيم الأخلاقية المشتركة التي من شأنها توحيد المجتمع الطرابلسي خصوصا، واللبناني عموما، هي العامود الفقري لنجاح منتدانا هذا ، بحيث يتم إرساء مفاهيم أساسية لتعزيز السلام عبر الوحدة المجتمعية لتبادل المعرفة والثقافة اللتين من شأنهما شق طريق فهم المرء للآخر. الحوار الديني أكثر الوسائل فاعلية في التغلب على التوترات الناتجة عن سوء التفاهم الديني”.
وقال: “لقاؤنا اليوم، لأن في كل منا غيور على لبنان، بلد الرسالة – بحسب القديس يوحنا بولس الثاني. لذا، فإن كنا فعلا مؤمنين ببلد الرسالة، بلد التعدد، بلد المبادئ والاحترام وبلد الدستور، فلتتشابك أيدينا، لترسخ مبادئ التعايش السلمي بين الأديان في أرضنا الخصبة هذه. ثم، فلتكن مبادرتنا المتواضعة هذه، رسالة سلام من طرابلس الحبيبة إلى لبنان، ومن بلد الرسالة لبنان إلى كافة أقطار العالم”.
وأردف: “يعنينا اليوم التأكيد على هذا المسار التاريخي لطرابلس باعتبارها ملتقى دائماً للحوار الديني والثقافي والاجتماعي وباعتبارها عاصمة للشراكة الوطنية وسنعمل من خلال “اللقاء” كفكرة ومؤسسة ودعوة نبشر بها من أجل الخير العام ومن أجل مواجهة كل أشكال التفرقة والتمييز والفتن ولوأد كل أفكار التقاتل والتناحر، فلا حل إلا باللقاء والحوار والمصارحة والتفاهم، فلا شك بوجود تمايز بيننا ولا شك أننا لسنا نسخاً متطابقة وهذه حقيقة عبر عنها القرآن الكريم عندما قال: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” وإنشاؤنا لهذا اللقاء هو من أجل التعارف بالمعنى الحضاري والإنساني والوطني ونريد له أن يشكل نقطة استنهاض على مستوى المدينة وعلى صعيد الوطن”.
وختم: “نريد لهذا اللقاء ولهذه الشراكة أن يكون لهما ترجمة عملية بتظهير صورة طرابلس الحضارية وتكريس موقعها في المعادلة الوطنية ودورها كحاضنة حوار على مستوى الإقليم، فنأمل استضافة المؤتمرات والمبادرات العربية والإقليمية والدولية لتقديم تجربتنا كنموذج حي للتلاقي المثمر والمؤدي إلى كل ما ينفع الناس، فأهداف الأديان تقوم على صلاح شأن الإنسان في حياته على هذه الأرض وفي الآخرة التي نؤمن بها جميعاً، لهذا ندعو إلى سيادة القيم العليا للأديان فهي كافية السعادة البشرية بدل جنون الموت المنتشر في العالم”.
وثيقة اللقاء
وتلا حلوة وثيقة “اللقاء” وجاء فيها: “المجتمع اللبناني، الذي يُوسَم بالتعددي، لجهة مكوّناته الدينية، لم يكن خارج المجتمعات التعددية في العالم، التي سلكت سبيل الحوار بين أتباع الديانات المختلفة، لاسيما المسيحية والإسلام”.
وعدد “مراحل حوار الثقافات والأديان في لبنان منذ انعقاد المؤتمر الإسلامي المسيحي الأول في بحمدون، في العام 1954مرورا بالعام 1965 و 1977 و 1979 و 1993 و1995 و2001 و2002 مؤكدا ان تلك الحوارات بقيت رهينة مجموعات فكرية نخبوية، ولم يقدر لها أن تنزل ، بمضامينها ونتائجها ، إلى الفئات المجتمعية العمرية الدنيا ، وتفعل فعلها فيها، لذا ومن هذا المنطلق تآزرت إرادات أربع إثر نقاشات مستفيضة ، على مدى أسابيع ، بين معالي الوزير محمد الصفدي وسماحة المفتي د. مالك الشعار، وسيادة المطران يوسف سويف ، وسعادة النائب الياس خوري، وكان أن وطد العزم على إقامة اللقاء للحوار الديني والاجتماعي” ، الذي أبصر النور ، منذ عدة أشهر ، وتمّت شرعنته ، عبر علم وخبر (1043) 2023
وقال: “هذا اللقاء يُشكل إطارًا حواريا تفاعليا بين المسلمين والمسيحيين ، مع إعارة القضية الاجتماعية ، بمختلف مجالاتها ، ما تستحق من اهتمام .ولعل تسمية هذا اللقاء ” تُؤشِّرُ على أن حراكه لن يقتصر على المسألة الدينية فحسب ، بل ثمة مساحة واسعة للمسألة الاجتماعية ، من منطلق العلاقة الجدلية بين المسألتين . فالمسألة الاقتصادية ، في حال اختلالها ، تُمثل البؤرة المفجرة لسائر المشكلات والانحرافات ، التي تعصف بالشرائح المجتمعية الدنيا . ان هذه الوثيقة” تُعادل ” الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “، الصادر عن الأمم المتحدة (1948)، بل تفوقه أهمية. لقد نظر إليها، بما احتوته من مبادئ وقيم ، على أنها تصلح دليلاً للأجيال القادمة، تأخذ بيدهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل ، في جو من إدراك النعمة الإلهية الكبرى ، التي جعلت من الخلق جميعًا إخوة. تأسيسا على ذلك ، لا بُدَّ لنا في “اللقاء” من أن نستلهم الكثير من المبادئ والتوجهات التي حوتها هذه الوثيقة” ، التي تدعو ، فيما تدعو إلى ترسم ثقافة الحوار دريا ، والتعاون المشترك سبيلاً ، والتعارف المتبادل نهجا وطريقا “. ناهيك عن دعوتها إلى نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام ، وتبني قيم العدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية ، كطوق نجاة للجميع .ومما ينبغي التوقف عنده في الوثيقة ” المناداة بإيقاظ الحس الديني الخالص، والحاجة لبعثه مجددًا في نفوس الأجيال الجديدة ، من طريق التربية الصحيحة والتنشئة السليمة والتحلي بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة ، لمواجهة النزعات الفردية والأنانية والتعصب ، بكل أشكاله وتجلياته”.
أضاف: “ثمة مسألة شددت عليها “الوثيقة” ، حول التعليم الديني ، إذ دعت إلى تعاطيه ، كناقل للمنظومة الأخلاقية والقيم ، التي تثري تربية الأجيال الطالعة، في إطار مشروع عابر للطوائف والمذاهب الدينية . فالتعليم الديني ، إن لم يخدم غايات إنسانية اجتماعية ، فهو حكمًا تعليم تحريضي ووسيلة لتغذية الاحتقان الطائفي والمذهبي”.
وتابع: “المبادئ والأهداف التي يتطلع اللقاء” إلى بلورتها وتحقيقها:
أولاً : قيام مجتمع ، يرتكز على الإنصاف والعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان ، وبما يُعزّز من دور الديمقراطية والحوكمة الرشيدة واحترام القانون والحريات العامة .
ثانيا : بناء جسور تفاهم بين أصحاب الآراء المختلفة ، سعيًا لتحويل العلاقات الإنسانية ، القائمة على الجهل والتعصب ، إلى حالة أعمق من الفهم واحترام ما هو مشترك وما يتسم بالخصوصية.
ثالثا : إدارة الاختلاف وتوجيهه ، بطريقة ملائمة ، وتحسين العلاقات والصلات بين الناس على اختلاف معتقداتهم ومشاربهم ، وإفادتهم من بعضهم البعض .
رابعا : تعزيز ثقافة الحوار وأدبياته ، لدى الأجيال الطالعة ، وأبرز ركائزها : الاعتراف بالآخر وقبول الآخر المختلف ، وإسقاط كل الأحكام المسبقة والمنشطة ، وبناء علاقات صحية بين أبناء الشعب الواحد .
خامسا : الحوار لا يستهدف بالضرورة توحيد الرأي والتعبير ، بل هو يعكس مبدأ الوحدة والغنى ، في التنوع ، ويحققه .
سادسا : نشر الوعي الديني والاجتماعي بين الأجيال الطالعة ، بهدف تحصينها وزيادة مناعتها الذاتية ، ضد سائر أشكال التطرف والانحرافات ، التي تفتك بالمجتمع.
سابعا : تفعيل دور منظومات القيم ، التي جاءت بها الأديان التوحيدية، لاسيما المسيحية والإسلام ، بما يحقق السلام والاستقرار المجتمعيين .
ثامنا : الحوار بين أتباع الأديان يهدف إلى التغلب على الاختلافات المتصورة والحقيقية ، وذلك بالتصدي جماعيا للتحديات ، في الكراهية ، والظلم ، والتدهور البيئي إلخ ….
تاسعا : تكريس الحوار ، في شقه الاجتماعي ، أي حوار الحياة ، الذي يتطلع إلى قيام مجتمع عادل ، ويسعى إلى ردم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، ويُخفف من نسبة التفاوت بين هذه الطبقات ، لاسيما على الصعيد الاقتصادي والمعيشي ، ويضمن الحقوق الفردية والعامة.
عاشرا: الحوار، في نهاية المطاف، وسيلة وليس غاية لذاتها ، فهو، عبر مختلف أشكاله ، يهدف إلى قيام وطن الإنسان ، وتعزيز الانتماء المواطني، واطراح سائر الانتماءات الفئوية ، وتحقيق التماسك بين أفراد المجتمع الواحد، وبناء جسور التعاون .
إشارة إلى أن هذه المبادئ والأهداف هي من وحي ما تم إدراجه في النظام الأساسي ” لـ “اللقاء”.
وقال: “في آليات عمل “اللقاء ” وأساليب حراكه:
– تم تخصيص قاعة طرابلس” في مركز الصفدي الثقافي” لإقامة مختلف الأنشطة والفعاليات الحوارية ، التي ينظمها اللقاء للحوار الديني والاجتماعي”.
– صيغة الحوار ستكون لها الغلبة في فعاليات “اللقاء” ، وصولاً إلى توفير مناخ فكري وثقافي، تفيد منه الأجيال الطالعة ، وتعيشه فعل إيمان حقيقيا، فيكون انتشال لها من عتمة الجهل بل عودة إلى حالة الفطرة والعقلانية.
– إطلاق فكر مستنير ، تعيش عليه الناشئة ، بما يُفضي إلى عملية التغيير المنشود ، مع توسل التروي في العمل ، وعدم الدخول في احتكاك مع أحد . فمهمة “اللقاء” رفع مستوى التفكير لدى من يتم التوجه إليهم ، وتصفية ما ترشب في نفوسهم من سلبيات .
– استكمالاً ، التوجه إلى الشرائح الشبابية ، الذين تمت برمجة عقولهم، خلال العقود الثلاثة الأخيرة ، في كلا المجتمعين الإسلامي والمسيحي .
–خَلق جدلية عند الآخر المختلف ، فيتشكل لديه اقتناع راسخ، يفضي إلى تطور بيئة عقلانية وتحديثية، تُسهم في عملية التغيير البناء المأمول .
– التوجه إلى الشبيبة المراهقة المهمشة، التي انجرفت في تعاطي المخدرات، واقتراف مختلف أنواع الموبقات، وما يترتب عن ذلك من مضاعفات مجتمعية جد خطيرة.
زريق
في الختام، ألقى رئيس الهيئة الإدارية لمؤسسة “شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافي” سابا زريق كلمة قال فيها: “أود أولاً، بإسمي وإسم أعضاء مجلس أمناء اللقاء للحوار الديني والإجتماعي، أن أشكر الهيئة التأسيسية، بشخص رئيسها، الصديق معالي الوزير محمد الصفدي، على إختيارنا للإسهام في تنفيذ أهدافه النبيلة. لا يخفى على أحد أن محاولات الحوار في لبنان، التي تجري منذ عقود عديدة، لم تفضِ إلى إيجاد حلول عملية لإشكالية التحاور السليم والهادف؛ فهي إقتصرت على حوارات على مستوى نُخَبٍ معنية متجاهلة الطبقات الأدنى من المجتمع. وهي كانت تأخذ تارةً طابعاً دينياً محضاً وتارة أخرى منحىً إجتماعياً مُسَيَّساً”.
أضاف: “إن “اللقاء” يرمي إلى تجاوز عثرات الماضي ودعوة الجميع إلى الإنخراط في الحوار، راجياً أن يتقارب المتناقضون في ورشة عملٍ جدية، لما في ذلك من خدمةٍ للوطن ولمجتمعه التعددي”.
وختم: “ترعرعت في كنف من قال يوماً: ” أنا المسيحيُ آبى حق طائفتي وفي الطوائف من يبلى بحرمانِ إذا شَكا مسلم اسلمت عاطفتي وإن بكى في الليالي السودِ أبكاني“. هذا هو دور مجلس الأمناء: السعي إلى أن يكون معنى هذين البيتين في قلب و على لسان كل مواطن. والسلام”.