كتبت صحيفة “النهار”: انه أسبوع 14 شباط وإحياء الذكرى الـ19 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 بتفخيخ موكبه بطن ونصف طن من المتفجرات على يد خلية من “حزب الله” دانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان واحدا من أفرادها.
قرابة الثامنة مساء امس وصل الرئيس سعد الحريري الى بيت الوسط في بيروت للمشاركة في ذكرى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ظهر الأربعاء المقبل. وصول الحريري كان ايذاناً بالأسبوع الاستثنائي اذ منذ البارحة بدأ العد العكسي لترقب وصوله باعتبار ان عودته لتقدم المشاركين في احياء ذكرى والده تشكل هذه السنة حدثا اكثر من اعتيادي نظرا الى الاستعدادات الواسعة التي اطلقها “تيار المستقبل” وانصاره، ويتولى تنفيذها في سائر المناطق اللبنانية لحشد كبير عند ضريح الرئيس الحريري ورفاقه في وسط بيروت الأربعاء. والحشد يتجاوز الذكرى الكبيرة بذاتها لمناداة زعيم التيار، الرئيس سعد الحريري وحضه على انهاء قرار تعليق العمل السياسي الذي اتخذه والتزمه قبل عامين. هذا الأسبوع، اقله في الأيام الثلاثة المقبلة الفاصلة عن يوم الذكرى يفترض ان يطغى عليه الحدث الحريري وترقب ما سيكون وما سيتبين من عودة سعد الحريري التي سبقها كم ضخم من التقديرات والتوقعات والتفسيرات والاجتهادات فيما الدقة الموضوعية تقتضي القول ان كل ذلك سيبقى رهن القرار الذي يملكه وحده الحريري وما اذا كان يتجه الى اعلان شيء ما. وفي معلومات “النهار” ان عدد المراجعين والمتصلين من السياسين لحجز مواعيد مع الرئيس الحريري شكل بذاته مؤشرا مهما للغاية حيال الظروف السياسية والشعبية التي تحوط عودته هذه السنة بحيث ستطلق محطة الرابع عشر من شباط الرسائل الداخلية والخارجية في كل الاتجاهات حيال حالة شبه اجماعية تتمسك بعودة الحريري الى الحياة الوطنية والسياسية من أبوابها العريضة .
واما الجانب الاخر من المشهد الداخلي فيبقي الأعصاب والأنظار مشدودة الى الجبهة الجنوبية المشتعلة والتي اكتسب التصعيد الخطير فيها وعبرها في الأيام الأخيرة دلالات مثيرة للقلق الشديد.
اذ انه بعد يومين فقط من تنفيذ اول محاولة اغتيال بمسيرة إسرائيلية في قلب مدينة النبطية منذ حرب تموز 2006، سجلت السبت اول عملية اغتيال واستهداف إسرائيلية مماثلة في بلدة جدرا التي تقع في إقليم الخروب أي عند ساحل الشوف الجنوبي. بذلك تكون الرسائل الحربية الإسرائيلية توغلت أوسع مما يتصل بنطاق المواجهات الميدانية . فـ”حزب الله” كان اعلن للمرة الأولى إطلاق صليات صاروخية كثيفة نحو المواقع الإسرائيلية في هضبة الجولان المحتل فيما ضربت إسرائيل تباعا في النبطية وجدرا. هذا الواقع المحتدم رسم الكثير من علامات الشكوك المتعاظمة عن المفارقة التي جعلت وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان يكرر من بيروت الحديث عن ترجيحه حلاً سياسياً في غزة وان يمضي بعيدا في استفزاز الأكثرية الساحقة من اللبنانيين بان ينصب نفسه ناطقا باسم طهران وبيروت ولو تحدث عن رغبة البلدين بعدم اتساع الحرب. وعلى وقع الغارات الاسرائيلية في العمق اللبناني بدا لبنان بين فكي كماشة من شأنهما تكريس استباحته منصة إقليمية، سواء بتصعيد وتهويل إسرائيلي بالحرب، او بتوظيف واستثمار إيراني تلويحا بورقتي التسوية مع اميركا او التصعيد ضد نتنياهو من بيروت. وهو ما تراءى من كلام عبد اللهيان في بيروت من ان “إيران ولبنان يؤكدان أنّ الحرب ليست الحل ونحن لم نكن نتطلع إلى توسيع نطاقها” مكملا بذلك أطروحته القائلة “نحن نعتبر ان أمن لبنان من أمن ايران والمنطقة”. وشدّد على أنّه “يتعيّن على الجميع محاولة إيجاد حلّ سياسي لإنهاء الهجمات الإسرائيلية وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن”. وإذ اعتبر ان “نتنياهو يسعى إلى أخذ البيت الأبيض رهينة له وعلى البيت الأبيض أن يختار إما أن يبقى رهينة لنتنياهو أو أن يذهب إلى الحل السياسي”، هدد بان “أي خطوة تتخذها إسرائيل نحو هجوم واسع النطاق على لبنان سيكون اليوم الأخير لنتنياهو”.
وعلق الرئيس ميشال سليمان على كلام عبد اللهيان بقوله” بكل صراحة، من الضروري توضيح المقصود من تحذير عبد اللهيان اسرائيل “من اتخاذ اي خطوات نحو حرب شاملة على لبنان قائلاً ان ذلك سيكون اليوم الاخير لنتنياهو؟ فاللبناني آخر همه مصير نتنياهو وكل صهيوني هو نتنياهو. هم اللبناني هو ضحايا هذه الحرب اذا شنت والدمار الذي سيلحق بالبلد”.
اما في الجانب الميداني فمضت إسرائيل في اطلاق التهديدات اذ أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي امس نقل واحدة من أكبر الفرق العسكرية من قطاع غزة إلى مشارف الحدود اللبنانية. وأشارت الى أن رئيس هيئة الأركان قرر نقل الفرقة المدرعة 98 من قطاع غزة إلى الحدود مع لبنان”.
وبعد يومين طبعهما تصعيد واسع تجاوز الحدود المعتادة للمواجهات، أفادت معلومات عن نجاة فرق الإسعاف في جمعية الرسالة والصليب الأحمر اللبناني باعجوبة بعدما إستهدف طيران اسرائيلي تحركاتهم بعدد من القذائف، أثناء مرورهم بمكان غارة استهدفت بلدة شيحين. كذلك استهدفت طائرة مسيّرة اسرائيلية صيدلية عند مدخل بلدة الجبين. كما حلّق الطيران الحربي الإسرائيلي على علوّ منخفض في أجواء البترون وكسروان وإقليم التفاح وطرابلس ونفذ الطيران الحربي غارات وهمية في اجواء منطقتي النبطية واقليم التفاح وعلى علو متوسط.
ونعت “حركة أمل” اثنين من مقاتليها هما حسن علي فروخ ومحمد ربيع المصري “اللذين إستشهدا أثناء قيامهما بواجبهما الوطني والجهادي دفاعا عن لبنان والجنوب”. ومن جانبه أعلن “حزب الله” امس انه استهدف تجهيزات تجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفر شوبا ومزارع شبعا وتجمعًا للجنود الإسرائيليين في مثلث الطيحات والتجهيزات التجسسية في موقع العباد وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا وتجمعًا للجنود الإسرائيليين في جبل نذر.
الراعي وميقاتي والانتقادات
وسط هذه التطورات، تصاعدت الحملة على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عقب تعيين مجلس الوزراء اللواء حسان عودة رئيسا جديدا لأركان الجيش ما عدته جهات مسيحية عدة مخالفة دستورية. وفي عظته امس من مستشفى الكرنتينا الحكومي في اليوم العالمي للمريض جدد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي انتقاده للمخالفات الدستورية وقال” كفى مخالفات للدستور قاتلة للدولة، من أجل مصالح فرديّة أو فئويّة أو حزبيّة أو طائفيّة أو سياسيّة، وكلّها مدانة ومرفوضة. فابدؤوا أوّلًا بانتخاب رئيس للدولة لكي تنتظم كلّ المؤسّسات. وبما أنّه لا توجد سلطة غير الدستور توجب على المجلس النيابي رئيسًا ونوّابًا، انتخاب الرئيس خلال شهرين قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وبما أن الدستور حاليا هو معطّل عمدًا، فإنّا نتوجّه إلى ضميرهم الوطنيّ، رئيسًا وأعضاء، لعلّ وخز الضمير يستحثّهم”.
وفيما لفتت حملة عنيفة شنها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على ميقاتي اصدر المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة ردا لفت فيه الى ان “عددا من السياسيين والصحافيين انبرى الى شن حملة على القرار واتهام رئيس مجلس الوزراء والحكومة بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية والانقلاب على اتفاق الطائف. كما اطلق البعض خياله لسيناريوات مزعومة عن تواصل بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس”. وقال :” لم يستشر الرئيس ميقاتي رئيس مجلس شورى الدولة بشأن مسالة التعيين، ولم يحصل اي تواصل بينهما بشإن هذا الملف او غيره، وبالتالي فان كل ما يقال خلاف ذلك عبارة عن تحليلات وتلفيقات معروفة الاتجاهات . ولقد كان رئيس مجلس الوزراء واضحا في مقاربة هذا الملف لدى عرضه على مجلس الوزراء، حيث شرح الاسباب الموجبة للقرار وضرورته لضمان استقرار مؤسسة الجيش، بعدما امتنع وزير الدفاع عن القيام بواجبه في هذا الملف. واذا كان القرار لا يعجب البعض، فهناك عدة طرق قانونية يمكن سلوكها للطعن به، كما ان الحكومة سوف ترضخ لاي قرار قضائي قد يصدر في هذا الصدد في حال تقديم اي طعن، وهذا ما صرح به رئيس مجلس الوزراء في جلسة التعيين، مجددا تمسكه باتفاق الطائف وما يتضمنه من صلاحيات وروحية يشدد دولته على التمسك بها. إن الحملات الاعلامية الممجوجة التي تشن على رئيس مجلس الوزراء والحكومة في هذا الموضوع تفتقد الى الصدقية والحجة، وهدفها العراضات الاعلامية، بما يثبت ان البعض يفتش عن حيثية مستقلة او ينصّب نفسه وصيّا وقيّما على عمل الوزراء والوزارات وعلى حقوق الطائفة التي ينتمي اليها”.