أجرى البابا فرنسيس اليوم، مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول:” نواصل التعاليم حول الرذائل والفضائل ونتحدث اليوم عن الجشع، أي عن ذلك التعلُّق بالمال الذي يمنع الإنسان من أن يكون سخيًّا. إنها ليست خطيئة تتعلق فقط بالأشخاص الذين لديهم أموال كبيرة، ولكنها خطيئة عرضيّة، غالبا ما لا يكون لديها علاقة برصيد الحساب الجاري. إنها مرض القلب، وليس المحفظة”.
اضاف:” وهنا تنكشف عبثية هذه الرذيلة. إن رباط التملك الذي نبنيه مع الأشياء هو ظاهري فقط، لأننا لسنا أسياد العالم: هذه الأرض التي نحبها، هي في الحقيقة ليست ملكنا، ونحن نتحرك عليها مثل الغرباء والحجاج”.
وقال:”هذه الاعتبارات البسيطة تجعلنا نفهم جنون الجشع، وإنما أيضًا سببه الخفيّ. إنها محاولة لطرد الخوف من الموت: فهو يبحث عن ضمانات تنهار في الواقع في اللحظة التي نمسكها فيها. تذكَّروا مثل ذلك الرجل الأحمق، الذي أَخصَبَت أَرضُه، فبدأ يفكّر حول كيفية توسيع أهرائه لكي يضع فيها الحصاد بأكمله. لقد حسب ذلك الرجل كل شيء، وخطط للمستقبل. ولكنّه لم يأخذ في عين الاعتبار المتغير الأكثر يقينًا في الحياة: الموت. “يا غَبِيّ، – يقول الإنجيل – في هذِهِ اللَّيلَةِ تُستَرَدُّ نَفسُكَ مِنكَ، فلِمَن يكونُ ما أَعدَدتَه؟”. وفي حالات أخرى، يقوم اللصوص بهذه الخدمة لنا. حتى في الأناجيل نجدهم في مقاطع عديدة، وعلى الرغم من أن أفعالهم تخضع للمراقبة، إلا أنها يمكنها أن تصبح تحذيرًا مفيدًا لنا. وهذا ما علّمه يسوع في العظة على الجبل: “لا تَكنِزوا لأَنفُسِكُم كُنوزاً في الأَرض، حَيثُ يُفسِدُ السُّوسُ والصَّدَأ، ويَنقُبُ السَّارِقونَ فيَسرِقون. بلِ اكنِزوا لأَنفُسِكُم كُنوزاً في السَّماء، حيَثُ لا يُفسِدُ السُّوسُ والعُثّ، ولا يَنقُبُ السَّارِقونَ فيَسرِقوا”. وفي حكايات آباء الصحراء أيضًا نجد قصة لص يفاجئ الراهب وهو نائم ويسرق مقتنياته القليلة التي كان يحتفظ بها في قلايته. ولدى استيقاظه، وإذ لم يزعجه ما حدث على الإطلاق، انطلق الراهب في أثر اللص، وما إن وجده، بدلاً من أن يطالبه بالبضائع المسروقة، أعطاه الأشياء القليلة المتبقية قائلاً: “لقد نسيتَ أن تأخذ هذه!”.