كتبت صحيفة “النهار”: لم تبلغ احتمالات “استدراج” إسرائيل لمناخات حرب واسعة على لبنان ولا مرة منذ السابع من تشرين الأول الماضي المستوى البالغ الخطورة الذي انزلقت اليه في الساعات الثماني والأربعين الماضية. سواء في تصعيد مخيف لحرب الاغتيالات التي باتت تشنها إسرائيل يوميا في كل الاتجاهات “الممانعة” ولا سيما في استهداف كوادر قتالية ونظامية وميدانية لـ”حزب الله” في الجنوب، او عبر تكثيف الغارات الجوية الحربية وغارات المسيرات على المناطق الحدودية، او عبر رفع الحرب الإعلامية الى مستوى دق نفير التعبئة الحربية والنفسية الضاغطة، كل هذه المؤشرات والتطورات تعكس بلوغ التصعيد عند الحدود اللبنانية الاسرائيلية مستوى غير مسبوق بجدية تحدياته وخطورته. الغلواء الإعلامية المحتدمة على وقع هذا التصعيد ذهبت الى الزعم باشتراط هدنة يكون بعدها اشتعال الحرب على ما أوردت صحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية من أن “قادة عسكريين إسرائيليين يقترحون هدنة 48 ساعة في شمال إسرائيل بالتنسيق مع واشنطن مشروطة برد حاسم إذا انتهكها حزب الله”. ومع ان هذا “الاقتراح” لم يثبت رسميا من أي جهة إسرائيلية لكنه اتخذ دلالات خطيرة لجهة تسريبه على سبيل جس النبض وتعميم أجواء مفادها ان إسرائيل صارت قاب قوسين او ادنى من دفع الأمور الى ذرواتها على الجبهة الشمالية مع لبنان .
ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن ضباط إسرائيليين كبار قولهم إنه “ينبغي إنشاء معادلة جديدة مقابل حزب الله ، وبحسب المعادلة، يعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيوقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة، لكن أول قذيفة ستسقط في أراضينا، وخاصة إذا أطلِقت باتجاه هدف مدني، ستقود إلى قصف شديد يؤدي إلى تدمير جنوب لبنان، وبضمن ذلك مهاجمة بيوت مشبوهة في القرى الشيعية عند الحدود. والهدوء سيقابل بهدوء، لكن إطلاق النار سيقابل بإطلاق نار غير تناسبي من جانب إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أن “سياسة الجيش الإسرائيلي تجاه حزب الله، في بداية الحرب على غزة، كانت أن إطلاق نار يقابل بإطلاق نار وأن هذه السياسة تغيرت في الأسابيع الأخيرة، بحيث أصبح الجيش الإسرائيلي يشن سلسلة هجمات يومية ضد أهداف عسكرية لحزب الله، من دون انتظار إطلاق نار من جانبه”.
كما يمكن ادراج الهدف إياه في ما نقلته وسائل إعلام عن مصادر إسرائيلية، من إن اجتماعا كان مقررا للحكومة الاسرائيلية تأخر امس لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يجري مشاورات أمنية مع رئيس هيئة الأركان والقادة الأمنيين، ويرجح أن هذه المشاورات تتعلق بعملية استهداف سيارة في جنوب لبنان امس. وافادت وسائل اعلام اسرائيلية بأن عملية الاغتيال في بلدة كفرا الجنوبية أشرف على تنفيذها نتنياهو شخصيا.
كما ان موقع “واللا” الإسرائيلي افاد بدوره ان وزارة الدفاع الإسرائيلية تعمل على خطة لإيواء نحو 100 ألف شخص على الحدود الشمالية قد تضطر الحكومة لإجلائهم في ظل تصعيد محتمل مع “حزب الله”.
التصعيد المتدرج
وغني عن الإشارة ان مجمل الوقائع التي تتابعت منذ السبت عكست تصعيدا إسرائيليا غير مسبوق في حرب الاغتيالات ضد القوى والدول والأذرع المرتبطة بـ”محور الممانعة” والتي تشكل رديفا موازيا في الغليان للحرب الميدانية المتدحرجة في غزة وجنوب لبنان. ذلك ان هجوما جويا إسرائيليا حصل السبت على مبنى سكني في حي المزة في دمشق أدى باعتراف الحرس الثوري الإيراني الى اغتيال خمسة مستشارين عسكريين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الضربة، معلنا ايضا إغتيال قائد إستخبارات فيلق القدس العميد الحاج صادق ونائبه بالغارة.
ولم تمر ساعات قليلة حتى استهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة على طريق بلدة البازورية في جنوب لبنان، وهي مسقط رأس الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، وتسببت بمقتل علي محمد حدرج وهو مسؤول قيادي عن فرع فلسطين في الحزب وقضى معه رفيقه المهندس محمد باقر دياب .
وامس صعدت إسرائيل حرب الاغتيالات فاستهدفت مسيرة اسرائيلية قرابة الاولى والنصف من بعد الظهر سيارة رباعية الدفع عند مفترق كفرا – صربين في قضاء بنت جبيل واطلقت باتجاهها صاروخا موجها، مما ادى الى تدميرها واحتراقها واحتراق سيارة رابيد كانت بقربها. وفيما أشارت “رويترز” الى سقوط قتيلين من “حزب الله” ذكرت مصادر إعلامية أنهما من وحدة حماية كبار الشخصيات والقادة. وأضافت المصادر أن قتيل “حزب الله” في القصف الإسرائيلي على كفرا هو فضل سليمان الذي نعاه “حزب الله” لاحقا فيما تحدثت معلومات عن ان محاولة اغتيال قائد القطاع الأوسط في “حزب الله” في جنوب لبنان فادي سليمان أدت إلى مقتل مرافقه فضل سليمان.
وتبين وفق مراسلي “النهار” ان حصيلة الغارة الإسرائيلية على كفرا كانت قتيلين وتسعة جرحى وبين الجرحى سيدتان عرف منهما سمر جميل السيد شامي من بنت جبيل التي توفيت ليلا متأثرة بجروحها.
في المقابل، وفيما نعى “حزب الله” “المجاهد فضل علي سلمان شعار “عيسى” من بلدة النبطية الفوقا الذي ارتقى شهيدا على طريق القدس” اعلن لاحقا انه “ردا على الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت القرى والمدنيين اللبنانيين واخرها الغارة على بلدة كفرا استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية عصر الأحد مستوطنة أفيفيم بالأسلحة الصاروخية ما أدى الى إصابة احد المنازل وسقوط من كان بداخله بين قتيل وجريح”. وكان الحزب اعلن استهداف موقع رويسة القرن في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وموقع حدب البستان بصاروخ بركان وثكنة برانيت .
الرئيس بري والسفراء
اما في المشهد الداخلي فان مجمل التطورات الحدودية والسياسية كانت محور اللقاء في عين التينة مساء امس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط والوزير السابق غازي العريضي .
وعلمت “النهار” ان بري سيستقبل غدا الثلاثاء في عين التينة سفراء المجموعة الخماسية في بيروت التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر وذلك وسط توقعات بانعقاد ممثلي المجموعة في باريس قبل نهاية الشهر الحالي للبحث في دفع ملف ازمة الرئاسة في لبنان .