الصحافي والكاتب السياسي حسن سلامة
………….
إنتخابات الرئاسة اللبنانية في ” الثلاجة” حتى ألإنفراج ألإقليمي وتطويق المعطلين داخليا؟
……..
لاشيء في لبنان حاليا ولا في المدى المنظور يشير إلى إمكان حصول حلحلة في ملف إنتخابات رئاسة الجمهورية،، من شأنه أن يفضي إلى إنتهاء الفراغ في موقع الرئاسة بعد حوالي السنة و النصف من إنتهاء ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون.
طبعا ،،،من الطبيعي أن تنعكس الحرب الصهيونية على قطاع غزة،، ومعها التصعيد الاميركي في كل المنطقة على الملف الرئاسي، بل وإحداث تعقيدات جديدة غير تلك التي كانت تمنع إنتخاب الرئيس قبل العدوان ألإسرائيلي،، فكل تداعيات هذا العدوان فرض على لبنان ومعه حزب الله مساندة أهالي قطاع غزة ومقاومتهم،، وبالتالي إعطاء الأولية لمواجهة العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وما تعيشه القضية الفلسطينية وكل الشرق الأوسط من مخاطر تدحرج هذا الصراع إلى حرب شاملة ومفتوحة.
كما أن رهان بعض القوى الداخلية على الاميركي وأكثر من عاصمة تدخلت في ملف إنتخاب الرئيس بعد إنسداد أفق الحلحلة والتوافق بين القوى السياسية اللبنانية،، الأساسية وبخاصة التي لديها كتل نيابية متوسطة او كبيرة في مجلس النواب،، وبالتالي تحولت الأطراف الداخلية المرتهنة للامريكي إلى مجرد أداة محاولة إيصال رئيس للجمهورية يتناغم مع الأجندة ألأميركية ومع سعي إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن لإبقاء هيمنة حلفها الأسود على لبنان والمنطقة،،بعد عدوان غزة،، وقبل السابع من تشرين الأول ( أي قبل العدوان الصهيوني)، أن يكون رئيسا يتماشى مع مسار التطبيع مع العدو ألإسرائيلي.
ومعروف أن كل محاولات التوافق على رئيس جديد للجمهورية باءت كلها بالفشل،، نتيجة نكايات بعض الأطراف التي تمرست وراء كليشيهات سياسية،، لاتوصل للإتفاق على الرئيس الجديد،، ولهذا عمدت هذه القوى لترشيح أكثر من اسم الهدف منها تعطيل إلإنتخابات وفي أحسن الأحوال ألإتيان برئيس تحد،، يمثل جهة فريق سياسي واحد ما يعني إدخال البلاد في أزمة أكثر تعقيدا مما هو قائم،، بالتوازي مع عرقلة اي دور لرئيس الجمهورية ومعه ما هو مأمول من ألإنقاذ بعد إلإنتخابات عبر تشكيل حكومة جامعة وإطلاق عجلة الحد الأدنى من الإصلاح،، بما يتيح وقف ألإنهيار ومعالجة سلسلة الملفات المأزومة في كل مؤسسات الدولة وفي كل قضايا البلاد المتأكلة،، بل أن القوى ذاتها أفشلت الدعوات للحوار التي كان اطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري،، مع أنها أخذت دعوته للحوار توجهات كل الأطراف السياسية، عبر تحديد الحوار بإسبوع فقط،، ليصار بعدها الدعوة لجلسات متتالية لمجلس النواب، مهما كانت نتيجة الحوار وبالتالي النزول إلى مجلس النواب لإنتخاب رئيس للجمهورية من ألأسماء الراغبة بالترشح أو تلك المرشحة من كتل نيابية.
وفي المعلومات أن رئيس مجلس النواب نبيه بري،، كان ينوي القيام بتحرك سياسي مع القوى المعنية وكتلها النيابة على خلفية التوافق الذي حصل للتمديد لقائد الجيش العماد ميشال عون،، حيث كان يمكن أن يفتح هذا التمديد إمكانية فتح ولو ثغرة بسيطة تؤسس لتقارب مواقف الكتل والقوى على أليات لعملية ألإنتخاب وإما ألإتفاق على اسم معين أو بضعة أسماء للنزول بها ألى مجلس النواب،، حتى يصار لإنتخاب الرئيس الجديد،، لكن مواقف الكتل نفسها التي كانت وراء التعطيل في مرحلة ما قبل عدوان قطاع غزة أعادت وضع السدود السياسية أمام اي توافق داخلي،،، ولو إقتضى الأمر مساعدة اللجنة الخماسية التي تضم السعودية ومصر وقطر والولايات المتحدة وفرنسا.
لكن هذه القوى التي كانت وراء إقفال الباب أمام اي توافق داخلي،، من خلال رفع سقوفها السياسية التي تعطل اي إنتخاب،، مالم يكن الرئيس الجديد محسوبا عليها بالكامل،، بزعم أنهم يرفضون رئيسا يأت به حزب الله وحلفائه،، ليس فقط سليمان فرنجية،، بل اي مرشح اخر،، رغم أن الثنائي الشيعي والقوى الخلفه له،، تدعم المرشح سليمان فرنجية،، بإعتباره ألافضل للواقع الداخلي وما فيه من إنقسامات عمودية وأفقيه.
وهؤلاء الأطراف الرافضة فرنجية،، لم تطرح اي توجه او مبادرة يمكن أن تفضي لفتح كوة في تعقيدات الملف الرئاسي،، بل كل منها يتمترس وراء مواقف سياسية متصلبة بعضها يخدم أجندات خارجية وبعضها يهدف إلى أحد امرين إما ” أنا او لا أحد”،، وفي احسن الأحوال يريد رئيسا مقيدا بما يرفعه من شروط وأجندات خاصة،، والبعض الثالث يترقب ما قد يحصل من توافق خارجي حول شخص الرئيس لكي يحسم لمن سيصوت في مجلس النواب،، وهذه التوجات الثلاث لديها كتل تزيد عن ٦٥ نائبالإنجاح اسم معين لرئاسة الجمهورية حتى ولو توافق الجميع على أسم مرشح للرئاسة، مع أن من شبه المستحيل إتفاق هؤلاء على مرشح للرئاسة،، وحتى لو أصبح المستحيل واقعا،، فكل هؤلاء ليس لديهم العدد الكافي لتأمين نصاب الجلسة البالغ ٨٦ نائبا،، حتى تعقد جلسة ثانية لمجلس النواب.
في كل الأحوال،، تبقى بعض الأطراف الداخلية تراهن على ضغوط يمكن أن تمارسها اللجنة الخماسية تفرض إنتخاب شخصية تتناغم مع اللجنة والاطراف المراهنة عليها ،، والبعض الثاني ينتظر ما ستؤول إليه إتصالات اللجنة المذكورة،، بينما كل المعلومات تؤشر أن هناك صعوبات كبيرة تحول دون أتفاق اللجنة اولا على شخصية معينة ترضي كل الأطراف،، بالأخص أن القوى الداخلية المعطلة تضع فيتوات على اي شخصية ممكن ان يتفق عليها في اللجنة الخماسية، إذا ماكانت لا تلتقي مع كل أجندات هؤلاء، ولو أن هناك أكثر من أجندة لهذه القوى، مع يعني أن لا أفق لاي رهان على خروج اللجنة الخماسية بتوافق يتلائم مع الواقع الداخلي القائم،، مالم تمارس ضغوطا على جهات معينة او جهة واحدة على الاقل يمكن أن تؤمن التغطية المسيحة للشخص المرشح،، أو تستطيع تأمين النصاب لجلسة إلإنتخاب،، وتحديدا القوات اللبنانية او التيار الوطني الحر.
وما رفع من تعقيدات الملف الرئاسي،، أن كل الجهات مشغولة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولو كل جهة من منظورها السياسي من العدوان،، وبالتالي، فهناك صعوبة كبيرة، بل إستحالة إنتخاب رئيس قبل وقف العدوان على القطاع،، وتبيان ما سيؤول إليه الصراع في الشرق الأوسط،، بدءا من المسارات الممكنة للقضية الفلسطينية،، والوضع اللاحق في قطاع غزة.