كتبت صحيفة “النهار”: لم يكن الاحتدام الواسع في المواجهات الميدانية بين “حزب الله” وإسرائيل عند الحدود الجنوبية امس مفاجئا، اذ سبقته تقديرات وتوقعات متخوفة من انفجار أوسع عقب اغتيال أحد كبار المستشارين لدى الحرس الثوري الإيراني في سوريا رضي موسوي، بضربة صاروخية شنّتها إسرائيل على منزله في منطقة السيدة زينب بالقرب من العاصمة السورية دمشق.
ومع ان تبادل المواجهات لم يخرج الى حدود بعيدة عن خطوط المواجهات المألوفة، الا ان اللافت فيها تمثل في استهدافات “نوعية” متبادلة على جانبي خط المواجهة اذ حصدت قتلى في الجانب اللبناني فيما أوقعت الكثير من الجرحى العسكريين في الجانب الإسرائيلي. وتبدو الساحة الجنوبية بذلك مقبلة على “وداع ” السنة 2023 بستاتيكو النزف الميداني المفتوح بلا أي افق واضح حيال المدى الزمني لوقف دوامة المواجهات بهدنة ترتبط بهدنة يجري العمل عليها بلا امال كبيرة في غزة، او بتسوية لا يبدو ان طريقها مفتوح لاعادة احياء الروح في القرار 1701 المجمد او المعلق تنفيذه حتى اشعار اخر. وبازاء هذا الستاتيكو الميداني في الجنوب يعيش لبنان آخر أيام السنة المشارفة على النهاية في ظل ستاتيكو الأزمات الداخلية التي يختصر انسدادها التام بأزمة الفراغ الرئاسي وسط كلام غير مثبت باي معطيات جدية عن امكان تحريك جهود جديدة لانهاء الشغور الرئاسي المتمادي، وستاتيكو نازف عند الحدود الجنوبية من شأنه ان يبقي فتيل خطر اتساع المواجهة قائما وماثلا في أي وقت في ظل الافتقار الى الضمانات الحاسمة التي يحتاج اليها لبنان للعودة الى معادلة تحكم الأمن الشرعي اللبناني والدولي في الجنوب.
وسط هذه الأجواء الضاغطة سقط عصر امس عدد من الجرحى وتضررت سيارات عدة خلال الغارات الإسرائيلية التي استهدفت الشارع العام المؤدي إلى بلدة القليلة ثم تحدثت معلومات عن سقوط قتلى جراء غارات إسرائيلية على سهل القليلة في القطاع الغربي. وجاء ذلك فيما تحدثت في المقابل وسائل إعلام إسرائيلية عن إصابة 9 جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدبابات أطلق من لبنان. واحتدمت المواجهات بعد استهداف القصف الاسرائيلي تلة المطران ومنطقة حمامص في سردا ووطى الخيام وأطراف بلدة عيترون ومنطقة الطراش في بلدة ميس الجبل. ثم استهدف قصف مدفعي اسرائيلي خراج بلدة راشيا الفخار. ونفذت مسيرة اسرائيلية غارتين متتاليتين على منطقة مفتوحة بين بلدتي جبشيت وشوكين ملقية صاروخا موجها في كل غارة، وقد تردد دوي انفجارهما القوي في ارجاء منطقة النبطية. واستهدف القصف المدفعي الفوسفوري مرتفع بلاط. واصيب مدنيان بعد استهداف مسيرة إسرائيلية سيارتهما في بلدة تولين جنوبا.
واعلن “حزب الله” في بياناته المتعاقبة انه استهدف موقع زبدين وانتشاراً للجنود الإسرائيليين في محيط موقع راميا وغرفة رصد قرب ثكنة الشوميرا وتجمعاً للجنود الإسرائيليين قرب ثكنة دوفيف وقيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت وتجمعاً للجنود الإسرائيليين في موقع الراهب .
واعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بانه تم إطلاق صاروخ دفاع جوي للمرة الثانية من لبنان تجاه طائرة تتبع لسلاح الجو الإسرائيلي. واشار إعلام اسرائيلي الى إصابة إسرائيلي بصاروخ موجّه أُطلق من لبنان تجاه مستوطنة أدميت بالجليل الغربي وايضا سقوط إصابات بعد إطلاق “حزب الله” لصاروخ مضاد للدروع تجاه مستوطنة إفن مناحم بالجليل الغربي . واعلن الإسعاف الإسرائيلي عن 4 إصابات إحداها خطيرة إثر سقوط صاروخ مضاد للدروع قرب الحدود مع لبنان.
لقاء بنشعي
اما في الداخل السياسي فلم يسجل وسط الجمود السياسي سوى اللقاء الذي جمع الحزب التقدمي الاشتراكي و”تيار المردة” اذ زار بنشعي امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط والتقى رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية على رأس وفد ضم عضوي كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائبين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، وأمين السر العام ظافر ناصر.
وكان ابو فاعور مهّد لهذا اللقاء، الاسبوع الماضي، عندما زار النائب طوني فرنجية. واعلن النائب شهيب بعد اللقاء ان الوفد شكر” صاحب هذه الدار على دوره الدائم في حفظ هرمية قيادة الجيش، إن بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون أو بالسعي للحفاظ على رئاسة الأركان والمجلس العسكري وذلك صونا للمؤسسة العسكرية الأم التي حافظت على وجودها وعلى السلم الأهلي على الرغم من الظروف الصعبة والدقيقة، والتي تقوم بدورها كاملا في الدفاع عن لبنان بمواجهة العدو الإسرائيلي”. وأشار الى أن ” إذا كان هناك بعض التباين في المواقف بيننا وبين “تيار المرده”، فهذا لا يلغي الود والإحترام والتقدير والتواصل في ما بيننا تأكيدا على العلاقة التاريخية والوطنية التي تربط المختارة بهذه الدار”.
بدوره، رحب النائب طوني فرنجيه بجنبلاط والوفد المرافق “مؤكدين أن الدار هي دارهم على الرغم من بعض التباينات في وجهات النظر بين المرده والاشتراكي التي لا تمنع التواصل الدائم في ما بيننا، وذلك إنطلاقا من إيماننا بالحوار وبلغة التواصل”.وأضاف: “أكثر ما نلتقي اليوم عليه مع الحزب التقدمي الاشتراكي هو أن لا خروج للبنان من نفقه الأسود من دون التواصل والحوار بين مختلف الأفرقاء، ونأمل ان نشهد بعد انتهاء فترة الاعياد نشاطا على هذا الصعيد”.وأشار إلى أن تيار “المرده” يؤكد حرصه الدائم على مختلف مؤسسات الدولة اللبنانية رغم علامات الاستفهام التي يطرحها حول مبدأ التعيينات في ظل غياب رئيس الجمهورية”.
واستنكر كيف أننا “في كل مرة نقوم بالبحث عن الحلول المجتزأة في حين أن الحل الفعلي هو بالتوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية” وقال: “في ما يتعلق بالتمديد لقائد الجيش العماد عون، رأينا ان البديل عنه هو الذهاب بالبلاد الى المجهول وهذا ما دفعنا الى الموافقة على هذا التمديد. واليوم، نلمس أن هناك حرصا كبيرا من قبل المؤسسة العسكرية ومن قبل الحزب التقدمي الاشتراكي على المجلس العسكري، وذلك حفاظا على انتظام العمل في صفوف الجيش.أضاف: “انطلاقا من هنا، نؤكد اننا مستمرون بالحوار مع كل المعنيين لايجاد الحل الملائم لهذا الموضوع”.
وفي السياق بدا لافتا قيام العماد جوزف عون بزيارة وزير الدفاع موريس سليم في مكتبه في اليرزة في زيارة وصفت بانها للتهنئة بمناسبة عيد الميلاد علما انه اللقاء الأول بينهما بعد التمديد لقائد الجيش . وفي المقابل يعد “التيار الوطني الحر” للطعن بقانون التمديد الذي اقر في مجلس النواب. وأعلن عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيزار ابي خليل أن “الطعن بقانون التمديد قيد التحضير واصبح منجزاً وما حصل في مجلس النواب هو تشريع محاباة”. واضاف ان “مجلس الوزراء لا يتمتع بثقة مجلس النواب وهو ساقط شرعياً ولا يحق له حتى ان يجتمع”.