كتبت صحيفة “النهار”: يبدو ان جلسة مجلس الوزراء التي عقدت امس في السرايا ستكون خاتمة الجلسات الحكومية للسنة الحالية المشارفة على نهايتها بعد اقل من أسبوعين، فيما شكلت الجلسة التشريعية لمجلس النواب الجمعة الماضي، التي كان ابرز مقرراتها التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية، الجلسة الوداعية للسنة. يعني ذلك، في المردود المباشر، ان البلاد عائدة من الباب الرسمي بشقيه الحكومي والنيابي كما في الشق السياسي، الى الغرق في دوامة الجمود السياسي والشلل القاتل والعجز المفضوح عن اختراق الانسداد المتراكم الآخذ في التعاظم في الازمة السياسية – الرئاسية، وهي ام أزمات البلاد منذ بدء الفراغ الرئاسي بما يجعل الاطلالة على آخر أيام السنة ومحاولات استشراف الآتي مع السنة الجديدة شديدة الوطأة لفرط ما واجهت وستواجه البلاد من اثقال وأخطار وتحديات. لذا اعتبرت أوساط ديبلوماسية مطلعة ان الطاقم الرسمي والسياسي اللبناني تعامل بخفة معيبة مع التطور الديبلوماسي السلبي الذي تمثل في صرف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون النظر في اللحظة الأخيرة عن زيارته للبنان عشية عيد الميلاد وقراره الاستعاضة عن لبنان بالأردن في ظل مجموعة أسباب لم تكلف الجهات المعنية نفسها بالسؤال عنها او محاولة احتوائها مكتفية بتبرير واحد هو الوضع المتدهور جنوبا. وقالت انه على رغم الالتباس الذي يحوط بتطورات الجنوب ومواقف الدول منه، فان الغاء زيارة ماكرون شكل مؤشرا تجاوز الجنوب الى واقع صورة لبنان الآخذة في التقهقر دوليا وسط غياب شبه تام لاي مبادرات او جهود داخلية لتحريك ازمة الرئاسة بما يخدم واقع الاستسلام لما يجري في الجنوب حيث الدولة مغيبة تماما ولا يتجاوز حضورها حتى دور الشاهد.
في أي حال شكلت جلسة مجلس الوزراء امس خاتمة مسار إقرار قانون التمديد لمدة سنة لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية اذ وافق الوزراء الـ 19 الذين حضروا الجلسة على مصادقة الحكومة على قانون التمديد على ان يوقع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بصفته رئيسا للحكومة وبالإنابة عن رئيس الجمهورية القانون ليصار الى نشره في الجريدة الرسمية وفق الأصول المرعية.
الضربة الثانية
ومع ذلك لم تنته تداعيات التمديد المتعاقبة منذ تصويت مجلس النواب على قانون التمديد، اذ تلقى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ووزير الدفاع موريس سليم ضربة قاسية جديدة أعقبت ضربة التمديد لقائد الجيش جاءت هذه المرة على يد ديوان المحاسبة الذي اصدر تقريره في مراجعات عدة قدمها اليه وزير الدفاع في ملفات الهبة القطرية للجيش، وصفقات شراء أحذية وعتاد عسكري، متهما فيها قائد الجيش بمخالفات قانونية جسيمة ابرزها تجاوز الحكومة والجهات الوزارية والرقابية في هذه الملفات التي رد عليها وفند حيثياتها قائد الجيش لدى ديوان المحاسبة. وقد اصدر الديوان تقريره مبرئا العماد عون من مجمل الاتهامات التي وجّهت اليه واكد عدم مخالفته للقوانين فيها.
تزامن هذا التطور مع جولة توتر جديدة بين السرايا ووزير الدفاع موريس سليم على خلفية التعيينات العسكرية. وخلال جلسة مجلس الوزراء امس أطلع ميقاتي الوزراء على تفاصيل الكتاب الذي أرسله إلى وزير الدفاع وبعد ان تلا الكتاب، طرح أحد الوزراء أن يحصل اتّصال مباشر بين ميقاتي وسليم. وكان جواب ميقاتي أنّ “رئاسة الحكومة ليست مكسر عصا وفي اللحظة التي حضر فيها الوزير موريس سليم إلى السرايا وعلا صراخه، في هذه اللحظة أعتبر أن التعاطي معه سيكون رسميًّا من خلال الكتب”.
ولم ينف وزير الاعلام زياد مكاري بعد الجلسة هذه الواقعة ولو حاول التخفيف منها اذ قال ” لم يحصل اي خلاف. هناك نقاش يجري بشكل دائم في مجلس الوزراء والكتاب الذي وجهه دولة الرئيس الى وزير الدفاع تم تسريبه الى الاعلام، كما ان جواب الوزير الى الرئيس ميقاتي سرب ايضا، ما حصل كان ضمن الاصول ودولة الرئيس ارسل كتابا الى وزير الدفاع طلب منه فيه معالجة موضوع تعيين رئيس للاركان ولواءين مع هذا التعيين في المجلس العسكري، وكان جواب وزير الدفاع واضحا ولا لبس فيه، باننا سننتظر صدور القرار عن مجلس الوزراء لإقرار القوانين التي صدرت عن مجلس النواب والمتعلقة بالتمديد لرتبتي عماد ولواء، ومن ثم يبنى على الشيء مقتضاه”. وعن حقيقة ما قاله الرئيس ميقاتي بان التواصل رسمي بينه وبين وزير الدفاع، قال المكاري:” نعم لقد قال رئيس الحكومة بان التواصل بينه وبين وزير الدفاع سيكون رسميا ولا مشكلة في هذا الموضوع”.
واصدر وزير الدفاع مساء بيانا جدد فيه “التأكيد انه على استعداده لاقتراح اسماء تملأ الشواغر في مؤسسات وزارة الدفاع الوطني ، كما اكد انه لن يُقدم على اي خطوة من هذا القبيل ما لم تكن توافقية، لانه لن يكون شريكا في تكريس اي انقسام في البلاد حول مؤسسات وزارة الدفاع الوطني كما حصل، ويا للاسف، قبل أيام”.
وفي غضون ذلك زار وفد من الحزب التقدمي اشتراكي ضم النائب وائل ابو فاعور ومستشار رئيس الحزب حسام حرب منزل النائب طوني فرنجية بعد الظهر لبحث ملف رئاسة الأركان واستكمال تعيينات المجلس العسكري . وأشارت معلومات عن اللقاء الى انه تم التوصل الى اتفاق سيقوم على اثره النائب تيمور جنبلاط بزيارة بنشعي حيث سيعلن الاتفاق بين الجانبين على تعيين العميد حسان عودة رئيسا للأركان.
التصعيد جنوباً
الى ذلك لم تتبدل صورة التصعيد المتواصل على الحدود الجنوبية غداة تحرك وزيرة الدفاع الفرنسية كاترين كولونا بين لبنان وإسرائيل لتخفيف التصعيد والالتزام بالقرار 1701 . وقد قصفت المدفعية الاسرائيلية طوال اليوم مناطق حدودية مختلفة بدءا بأطراف الخيام وتلة العويضة والاطراف الشرقية لبلدة بليدا وأطراف حولا ووادي اسطبل. كما قصفت بساتين الزيتون بين ديرميماس وكفركلا ووادي السلوقي. واستهدفت مسيرة بعد الظهر الاطراف الجنوبية -الشرقية لبلدة مارون الراس بعدة صواريخ. كما قصفت مسيرات اطراف بلدة الناقورة وجبل اللبونة ومنطقة عين علما والاطراف بين بلدتي الناقورة وعلما الشعب وسجل قصف مدفعي متقطع على محيط بلدة رميش. كما رصد تحليق مسيرات اسرائيلية بكثافة في أجواء مدينة بعلبك والقرى المجاورة.
في المقابل اعلن ”حزب الله” استهداف موقع المطلة كما اعلن استهدف دبابة ميركافا قرب موقع المالكية مما أدى الى تدميرها ومقتل وجرح من فيها .وافيد بعد الظهرعن إطلاق رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى وتبنت حركة “حماس – لبنان” لاحقا اطلاق هذه الصواريخ . وإذ احصيت ثماني غارات إسرائيلية امس على اللبونة وعيتا الشعب نعى “حزب الله” اربعة من مقاتليه هم محمد حسن جعفر مكي وأحمد حسين الحاج علي ومحمد نعمة سرور وعلي عماد موسى . كما أفادت المعلومات ان مواطنا من بلدة رب ثلاثين قتل في قصف إسرائيلي لاحياء في البلدة.