كتبت صحيفة “النهار”: لم تحمل وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ما يفاجئ أحدا من الذين التقتهم في بيروت او حتى الرأي العام الداخلي في كلامها العلني عن الوضع في الجنوب او الوضع العام المأزوم في لبنان. لكن ذلك لم يقلل خطورة الدلالات التي انطوى عليها رفع منسوب التحذيرات التي اطلقتها المسؤولة الفرنسية و”صعدتها” حتى الذروة حيال خطر”غرق لبنان في حرب لن يشفى منها”، ووصفها للوضع على جانبي الحدود اللبنانية الإسرائيلية بانه خطير جدا. ذلك ان ما أفصحت عنه كولونا في اللقاءات التي أجرتها مع المسؤولين اللبنانيين بدا بمثابة قرع لجرس الإنذار من احتمال انفجار حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” بما شكل اقتناعا بان كولونا كانت تكرر التحذير مما سمعته في إسرائيل قبل وصولها الى بيروت حيال التهديدات الإسرائيلية بإبعاد “حزب الله” بالقوة عن الحدود اذا عجزت المساعي الديبلوماسية عن تحقيق هذا الهدف. وذهبت أوساط سياسية في ظل ذلك الى التساؤل عما اذا كانت زيارة كولونا لإسرائيل قبل لبنان، خلافا لما كان مقررا قبل ارجاء زيارتها لبيروت السبت الماضي بسبب ما برر بانه عطل في الطائرة ، تنطوي على معطيات يراد منها اشعار لبنان الرسمي والسياسي بالجدية القصوى للتهديدات الإسرائيلية واعتبار التحرك الفرنسي الفرصة الأفضل للديبلوماسية لاحتواء ومنع الانزلاق الخطير نحو حرب شاملة، علما ان رفع منسوب التحذيرات لم يقتصر على كولونا، بل ان تقارير صحافية نشرت في الصحافة البريطانية امس أوردت وقائع عن انجاز خطط للجيش الإسرائيلي للقيام بعملية برية في لبنان .
وأكدت المعلومات المتوافرة لـ”النهار” ان وزيرة الخارجية الفرنسية لم تحمل جديدا حيال لبنان يختلف عن مضمون زيارتها السابقة. وكررت مواقف باريس نفسها على مسمع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي. ولم تنقل اي رسالة من المسؤولين الاسرائيليين مع “لمسها” حصول بعض التبدل في سياساتهم ووجهة نظرهم العسكرية حيال قطاع غزة تختلف عن الايام الاولى من هجوم الجيش الاسرائيلي ضد حركة “حماس” والفلسطينيين.
وبالنسبة الى لبنان شددت مرة اخرى على انه من الاسلم لشعبه ومكوناته عدم دخول “حزب الله” في حرب مع اسرائيل. وقدم لها الرئيس بري شرحا مفصلا عن تعامل اسرائيل مع لبنان منذ ولادة القرار 1701 عقب عدوان تموز 2006.
واستفاض بري في تقديم شروحات عن الخروق الاسرائيلية المتتالية للقرار 1701 وعدم التزامها به على مرأى من “اليونيفيل”. وكرر ان لبنان لا يزال يعلن ويؤكد تمسكه بهذا القرار الاممي. ولم يتم التطرق الى اي حديث عن اجراء تعديل عليه من جهة كولانا.
وشكرت كولونا بري على الجهد الذي قام به البرلمان في التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. وتطرق الطرفان الى الى انتخابات الرئاسة المعطلة وضرورة عدم استمرارها على هذا المنوال مع تأكيد الجهتين على ضرورة معاودة الاتصالات في الداخل والخارج لانتخاب رئيس للجمهورية في مطلع العام المقبل.
كولونا
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقدته مساء في قصر الصنوبر شددت كولونا على أن “الوضع في الجنوب خطير”، ولفتت إلى أن “زيارتها تُشدد على أن الحلول تكون من خلال الديبلوماسية”. وقالت: “عدت إلى لبنان لأن هناك خطرًا في استمرار هذه الدوامة، وكل الأطراف لديها مسؤولية لمنع اشتعال المنطقة”. وأكدت أن “مستوى التوتر على جانبي الخط الازرق خطير جدا، وقلت هذا الأمر للمسؤولين الذين التقيتهم”. واضافت أنّها “حذّرت المسؤولين السياسيين من أنّه إذا غرق لبنان في الحرب فهو لن يتعافى والوضع خطير جداً”.
ورأت أن “التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون يعتبر قرارا جيدا، ولكن هذا لا يكفي”، مشددة على أنه “يجب تطبيق القرار 1701 وتفادي التصعيد”.
وقالت: “مررنا رسائل إلى حزب الله بأنّه يجب تطبيق القرار 1701 من الفريقين وهو ما لا يحصل” كاشفة “أنني لم أتكلم مع الحزب خلال زيارتي هذه”. كما لفتت إلى أن “علاقتنا مع حزب الله قائمة، ولكن ما حصل في 7 تشرين الأول نرفضه وفي هذا الإطار نتضامن مع الشعب الاسرائيلي في مكافحة الإرهاب، ولكن في الوقت نفسه نطالب اسرائيل بحماية المدنيين”. واعتبرت أن “على المسؤولين اللبنانيين التحلّي بالمسؤولية، وتدركون ماذا أعني بذلك أعني انتخاب رئيس للجمهورية”.
ورداً على سؤال “النهار” حول فرص وقف إطلاق في المرحلة المقبلة في غزة، وعن الأهداف العسكرية التي بلغتها اسرائيل بعد أكثر من 70 يوماً من الحرب قالت كولونا “نعمل من أجل هدنة انسانية لتتحقق بأسرع وقت انها في مصلحة الجميع لكي تدخل المساعدات الانسانية . العمليات العسكرية مستمرة وكما تعلمون سببها أعمال حماس الارهابية في 7 أكتوبر هناك هدف اسرائيلي مفهوم بالتأكد من عدم تكرار “حماس” أفعالها وفي سير الأعمال العسكرية، طالبنا اسرائيل بالتصرف عسكرياً بطريقة مختلفة عبر عمليات محددة الأهداف بشكل أكبر”.
وزارت كولونا أيضا قائد الجيش العماد جوزف عون ثم استقبلت في قصر الصنوبر قائد قوات “اليونيفيل” في لبنان أرولدو لاثارو الذي وشرح لها خريطة الحدود الجنوبية ومواقع انتشار “اليونيفيل” مع ملخص عن طبيعة ما يحصل على الحدود الجنوبية في ظل حرب غزة. واكد لاثارو للصحافيين قبل لقائه كولونا أن الوضع في جنوب لبنان خطير مع تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل. وقال: “الوضع الحالي كما يعرف الجميع، متوتر. انه صعب وخطير”. وأوضح أن “اليونيفيل تسعى للحفاظ على الوضع القائم وخصوصا لعب دور وساطة بين الطرفين لتجنب اخطاء حسابية او تفسيرات يمكن ان تكون سببا آخر للتصعيد”. وكشف أن “حزب الله” يستخدم أسلحة بعيدة المدى أكثر فيما تنتهك اسرائيل المجال الجوي اللبناني” مضيفًا: “لكن في الأيام الثلاثة الماضية لاحظنا تراجعا لتبادل النيران”. وشدد على “الترابط الوثيق بين الحرب في غزة وتصاعد التوتر في جنوب لبنان حيث أن حزب الله يدعم حركة حماس”.
الرئيس بري والتوافق
من جهة اخرى قال بري امام زواره امس ان من خلاصة جلسة التشريع والتمديد ثبت ان من دون سلوك قطار التوافق لا يتم التوصل الى شيء وانه في الامكان نقل المشهد النيابي الاخير واسقاطه على انتخابات رئاسة الجمهورية شرط توافر ارادة توافق حقيقية بين الكتل النيابية. وعاد الى الوراء “وكيف ان كتلا نيابية رفضت الالتئام والجلوس الى طاولة الحوار لكان وفرنا علينا الكثير بدل تضييع كل هذا الوقت. وان الامور لا تستقيم في نهاية المطاف الا بانتهاج خيار التوافق الذي يؤدي الى انتاج انتخاب رئيس للبلاد وتقوية عضد البلد ومؤسساته”.