أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة، في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة التي قال فيها: “ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات المباركة التي تتحدث عن الصبر وتدعو إليه وترغب فيه، فمنها ما ورد في الصبر على الإساءة والاذى الشخصي الذي يتعرّض له المؤمن في حياته العملية واحتكاكه مع الآخرين أياً كان السبب كما ورد في سورة فصلت قوله تعالى: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، في توجيه تربوي وبناء خلقي للشخصية المؤمنة التي يعد الله سبحانه الصبر على الاذى وتحمّل الاساءة، هنا أحد الكمالات العالية والرفيعة التي ينبغي للمؤمن أن يتخلّق ويتميز بها، وأن لا يكون انفعالياً وسلبياً ويعمل بردة الفعل حينما يواجه مثل هذا الموقف ليكون بدلاً عن ذلك ايجابياً وفاعلاً لأنه حين يُرَدَ الإساءة بالإساءة فقد يكون في هذا التصرف قد أرضى نفسه بالانتقام لها فتصرّف تصرّفاً غرائزياً، وهو بذلك لم يرتكب عملاً عدوانياً حراماً”.
اضاف: “قال تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم)، ولكنه لا يكون قد ساهم في عمل إيجابي بل قد يدفع به إلى سلبية أكبر وعلى الاقل فإنه بذلك لم يحلّ المشكلة التي دفعت المُرتكِب للإساءة وإصلاحها، بينما المطلوب أن يرتقي المؤمن من الحالة الغرائزية والانتقامية لإرضاء النفس وردّ الفعل إلى الحالة الأرقى وهي معالجة السبب الذي دفع المسيء إلى الإساءة التي هي حالة مرضية قد تتكرّر معه في وضع آخر، وردّ الفعل يدفع نحو ردّ فعل آخر وقد لا تنتهي إلا أن يحصل ما لا تحمد عقباه، بينما المطلوب والارقى والاكمل هو معالجة المرض والحالة العدوانية التي يعاني منها المعتدي، وهذا لا يحصل الا أن يتمالك الإنسان نفسه ويصبّر على الأذى.
(وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ). وقال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)”.
وتابع: “فالله تعالى يريد الوصول بنا إلى هذه الدرجة العالية من المراتب الاخلاقية والانسانية وأن تنعكس هذه الاخلاقية في سلوكياتنا التي تستحقها إنسانيتنا التي كرّمنا الله تعالى بها التي يتجلى بها قوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ).ولهذا فإن التعبير القرآني ابتدأ بقوله تعالى (وإن) وكأنه لا يحبذ هذا السبيل، وألحقها بالدفع نحو الصبر وعدم الذهاب نحو ردّ الفعل”.
وأعلن ان “إحدى أوجه التكريم الالهي للإنسان هي بالترقي من المرتبة الغرائزية الحيوانية إلى المرتبة الاخلاقية التي تكون عن فعل اختياري إلى جانب التكريم الالهي التكويني بأن أعطاه العقل الذي يستطيع به التمييز بين الخير والشر (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ). واستحق به أن يكون في الموقع الذي يُفَضّل به على الملائكة وهو موقع الخلافة الإلهية وموقع المسؤولية وهو باختياره طريق الخير والارتقاء في مدارج الخلق وسُلَّم القيم يثبت لنفسه إنسانيته فيكون شاكراً له وتُنَكِّب هذا الطريق ينحدر به لأسفل سافلين ويختار الخلود إلى الأرض. (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).”
وقال: “فالله سبحانه أجاز العقوبة بمثلها دون التجاوز وجزاء سيئة بسيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله، ولهذا السبب مدح الله تعالى في الآية أهلها بهذا المدح البالغ فقال: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، وفي موارد أخرى ارتقى إلى مرتبة أعلى ولم يكتفِ بالصبر على الاذى بل حثَّ على مقابلة الاساءة بالإحسان. قال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)”.
وأكد “انّ في الصبر أيها الاعزة وعدم الانسياق مع المعتدي مخالفةً لهوى النفس التي ترغب بالانتقام وردّ الإساءة التي قد تأخذ بصاحبها إلى المبالغة في الرد الى ردّ الصاع صاعين كما يقال، فيقع هو في الظلم وحتى مع عدم تجاوز الحدّ في ردّ الإساءة بمثلها فهو من حيث التوصيف الأخلاقي مساوٍ للمعتدي في الاستجابة للرغبة الغرائزية للمبتدئ بالإساءة من حيث أن كليهما تحرّك بدافع غرائزي، وان كانا غير متماثلين في تجاوز الحق القانوني لأن صاحب الفعل معتدٍ أما صاحب رد الفعل فقد رد على العدوان. وقد ورد في هذا النوع من الصبر الكثير من الآيات والروايات التي تحثّ عليه وتُرَغِّب به وسيرة الأنبياء وبالأخص رسول الله (ص) وائمة أهل البيت (ع) مليئة بالأمثلة من هذا النوع التي تعاملوا فيها بهذا الخلق العظيم الذي أهَّلهم ليكونوا في هذا الموقع وما كان للنبي (ص) أن يكون في موقع النبوة والرسالة وللأئمة من أهل البيت في موقع الامامة والوصاية إلا لأنهم يتمتعون بهذه المواصفات لأنها مواقع الأمانة على الرسالة لصناعة هذا الإنسان المُتَخلِّق بأخلاق الله تعالى، فللرسالة مهام متعددة لكن أعظمها هي هذه المهمة، مهمة صناعة الإنسان”.
وقال: “الانسان إنما يكون بما يحمله من قيم وأخلاق، ولا يمكن لمن يقوم بهذا الدور الا ان يكون في أعلى مراتبها ففاقد الشيء لا يعطيه، ويأتي الصبر في رأس هذه القائمة كما قال أمير المؤمنين (ع): “ان الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد” ألم تسمع قوله: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا). وهو بهذا يُحدّد أحد أهم المواصفات التي يجب أن يتصف بها أئمة الدين وهو الصبر، وهل هناك أحد في الدنيا كمحمد (ص) في الصبر الذي قال: “ما اوذي نبي كما أوذيت”، وكعلي (ع) الذي قال: (وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى وَفِي الْحَلْقِ شَجًا)”.
وتابع: “هذا الصبر الذي يتعدى القضايا الشخصية إلى المسؤوليات العامة مسؤولية الدين وسلامته وتبليغه وتفسيره وسلامة الأمة والحفاظ عليها وهي مرتبة أعلى تستدعي مواصفات في المرتبة الأعلى على القائم بهذه المسؤوليات العالية أن يتحلى بها إلى جانب العلم والمعرفة التفصيلية بما هو مؤتمن عليه والشجاعة والادارة والاستقامة والامانة والنبل والخلق الكريم لكنه مع ذلك س يضع الصبر في المحل الذي وضعه الله فيه في كتابه، وقد امتحن (ع) فيه كما لم يمتحن أحد الا رسول الله (ص) وأبلوا بلاءً حسنا فكانوا أسوة للمؤمنين وامرنا بالتأسّي بهم. قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)”.
اضاف: “ما كان الله ليأمرنا بالتأسّي برسول الله وآله الطاهرين وخصوصاً لمن يضعون أنفسهم في موقع المسؤولية لهذه الامة الا لأن المسؤولية تستدعي منهم أن يكونوا على قدر ٍعالٍ من الالتزام بمصالحها والحفاظ عليها وتقديمها على كل أمر آخر بما فيها مصالحهم الخاصة، فليس لهم الخيار في الاختيار بين مصالحهم ومصالح انظمتهم فيُقدّمون مصالحهم على مصالحها حين يدور الامر بينهما، بينما تقضي مسؤوليتهم التضحية بها لصالح الامة وإلا عُدّ ذلك خيانة ليس للأمة فحسب بل خيانة لله ولرسوله ولدينه، كل ذلك خوفاً على دنياهم الذي منعهم من الصبر والثبات وهو ما قاله علي (ع) لأبي ذر: “يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ غَضِبْتَ لِلَّهِ فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ وَخِفْتَهُمْ عَلَى دِينِكَ فَاتْرُكْ فِي أَيْدِيهِمْ مَا خَافُوكَ عَلَيْهِ وَاهْرُبْ مِنْهُمْ بِمَا خِفْتَهُمْ عَلَيْهِ فَمَا أَحْوَجَهُمْ إِلَى مَا مَنَعْتَهُمْ وَمَا أَغْنَاكَ عَمَّا مَنَعُوكَ وَسَتَعْلَمُ مَنِ الرَّابِحُ غَداً وَالْأَكْثَرُ حُسَّداً وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ كَانَتَا عَلَى عَبْدٍ رَتْقاً ثُمَّ اتَّقَى اللَّهَ لَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُمَا مَخْرَجاً لَا يُؤْنِسَنَّكَ إِلَّا الْحَقُّ وَلَا يُوحِشَنَّكَ إِلَّا الْبَاطِلُ فَلَوْ قَبِلْتَ دُنْيَاهُمْ لَأَحَبُّوكَ وَلَوْ قَرَضْتَ مِنْهَا لَأَمَّنُوكَ”.
وأشار الى “إن الإيمان لا يكون الا مع الصبر، ولهذا اختار آخرون الطريق الذي وجدوه الاسهل الذي يلبّي طموحاتهم الغرائزية لقصر نظرهم، اختاروه مقدمين له على طريق ذات الشوكة الذي يحتاج الى التضحية وهو لا يمتلكه الا الصابرون، فليست الاستقامة بالأمر الذي يسهل أمام دوافع الغرائز والشهوات وخصوصاً شهوة الملك: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ). إنّ التوصية في هذه الآية بالاستقامة لنا من خلال رسول الله (ص) ليست الا لأنها أمر شاق يحتاج إلى الصبر على ترويض النفس: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا). فهو هنا وإن كان المقصود به الصبر على إنكار الكافرين وتكذيبهم لرسول الله ولكنه على ما فيه من مشقة على النفس ألا انه وصفه بالجميل باعتبار ان عاقبته كذلك وهي الفوز والانتصار”.
وقال: “إذا كان النصر ايها الأخوة مرهون بالصبر فإن هذا يعني ان ما تمرّ به الامة اليوم من مواجهة خطيرة مع اعدائها سيكون تسجيل الانتصار بها أمراً مُحققاً إذا توافرت لدينا فيه الحكمة وحسن التدبير وأولها تفويت الفرصة على العدو الذي يُجنّد كل ما يستطيع من عوامل الفتنة والفرقة، وأن نتوحّد في الموقف خلف المقاومة التي تُسطِّر اليوم على أرض فلسطين العزيزة وشعبها الأبي أسطورة في التضحية والفداء والصبر والاحتساب تولي وجهها إلى الله قائلة: حسبنا الله ونعم الوكيل، مع ما تقتضيه هذه المواجهة من معاناة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً. ولكن المطلوب من العرب والمسلمين أن يكونوا أوفياء لانفسهم والا تُترَك وحيدة في الميدان تخوض معركتهم مع عدوهم جميعاً ، أفلا يرون أن المقاومة في غزة مع قلّة الامكانات وقلة الناصر كيف تقف بكل قوة وشجاعة تواجه هذا العدو ومن وراءه ممن سخّروا حاملات طائراتهم وأسلحتهم وذخائرهم وإعلامهم لمواجهتها وأخافتها، فلم يهنوا ولم يحزنوا ولم تنهار قواهم وإنما واجهوا جبروتهم بكل شجاعة واقتدار، يَصدُق فيهم قول الله سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)”.
اضاف: “لقد وعد الله المؤمنين بالنصر على عدوهم قائلا: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا) أليس في ما يقوم به هذا الشعب الأبي وابطاله الميامين من حجة علينا كأمة تمتلك من الامكانات ما لا يجوز قياسه على ما يمتلكه واستطاع حتى الآن الصمود أمام آلة الحرب وجبروتها مع ما يَنزِل به اطفالاً ونساءً وشيوخ عجّزاً فلا تنكسر لهم إرادة ولا تهن لهم عزيمة”.
وأعلن انه “والله ليحزننا أن نرى التعاطف في أميركا وأوروبا دولاً وشعوباً أكثر حرارة مع الشعب الفلسطيني من أمتنا العربية والاسلامية التي تربطها مع الشعب الفلسطيني روابط القربى والدين وهم يرون كيف يُستباح دمه وأرضه بهذا العدوان الهمجي، فإنه والله لن تقوم لنا يا امة العرب والاسلام قائمة ان لا سمح الله استطاع هذا العدو المجرم أن يصل إلى مراده ويحقق مبتغاه من هزيمة غزة، وستساقون سوق النعاج إلى المذبح والله تعالى محاسبكم على تخليكم عن حقكم في الدفاع عن شرفكم واعراضكم وابنائكم في فلسطين وغزة، فو الله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا. لا تقولوا انهم ورَّطونا وأنفسهم في هذه الحرب فقد قالها البعض للأسف وهل ترك للفلسطينيين من خيار، وهل استطعتم ان تُجبروا العدو على القبول بمبادراتكم بينما تركوا للعدو ان يعمل فيهم اذلالاً وقتلاً وسجناً وأعراضهم في الزنازين، فإلى الله المشتكى.”
وقال: “ومع ذلك فإن وحدة الموقف في القمة العربية الاسلامية كان أمراً إيجابياً لكنه غير كاف ،والمطلوب ليس إلا ممارسة الضغوط الكافية لردع هذا الوحش الكاسر عن الفتك بالفريسة من الأطفال والنساء وإجباره على إدخال المؤن الكافية للإبقاء على حياتهم المهددة في كل لحظة”، مشيرا الى ان “الشعب الفلسطيني أخذ قراره ولن يعود الا بالحصول على مطالبه بالعيش بحرية وكرامة بإذن الله تعالى، لأنه لم يجبن ولم يقبل بالذل وقد رأى الله منه الإخلاص والصبر والتضحية بلا حدود وهي شروط النصر كما قال أمير المؤمنين علي (ع): ” فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر”.
وأعلن الخطيب “اننا كلبنانيين مطالبون اليوم أمام الازمات الداخلية من الفراغ في المؤسسات الدستورية والازمات الاجتماعية والتهديدات الني يطلقها العدو والضغوط الدولية لفرض شروط على لبنان لصالح العدو وغيرها من موضوع النزوح السوري والمشاريع الغربية للمنطقة ولبنان، كل هذه الأخطار وما يمكن أن يقوم به العدو يفرض على القوى السياسية أن تقوم بمسؤولياتها في تحصين الوطن ولم شمله بالتوافق على الحد الأدنى في تفعيل المؤسسات قبل أن تفوت الفرصة.
إنّ المقاومة تقوم بواجبها في الدفاع عن حدود لبنان وسيادته وكرامة شعبه، وتُقدّم مع الجيش اللبناني الشهداء والبيئة التي تحتضنهما في هذا السبيل الذين يستحقون منا كل تقدير واحترام، وعلى القوى السياسية أن تقوم بواجبها دون تلكؤ أو إنكفاء لحماية لبنان سياسياً وامنياً والقيام بما يلزم أمام المحافل الدولية.”